حبس المتهمين بسرقة سور حديدي بالطريق الدائري بالجيزة | وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي: القضاء على نصف قادة حزب الله في جنوب لبنان | وزير الخارجية العراقي يؤكد أهمية تحقيق التعاون بين الدول العربية ودعم القضية الفلسطينية بالمحاكم الدولية | الرئيس الموريتاني يتسلم رسالة من رئيس المجلس الرئاسي الليبي تتعلق بالعلاقات الثنائية | مانشستر يونايتد يحول تأخره إلى الفوز برباعية على شيفلد | ليفربول يبتعد عن المنافسة على لقب الدورى الانجليزى بعد الخسارة أمام ايفرتون | المتحدث الرئاسي ينشر صور الرئيس السيسي أثناء افتتاح البطولة العربية للفروسية العسكرية بالعاصمة الإدارية | إشادة دولية.. الهلال الأحمر يكشف كواليس زيارة الأمين العام للأمم المتحدة والوفد الأوروبي إلى ميناء رفح | قرار من النيابة ضد بلوجر شهيرة لاتهامها بنشر فيديوهات منافية للآداب العامة على المنصات الاجتماعية | الهلال الأحمر المصري: إسرائيل تعطل إجراءات دخول الشاحنات إلى قطاع غزة |
Close ad

173 عاما على رحيل مؤسس مصر الحديثة.. ماذا قال محمد على باشا على فراش الموت؟

2-8-2022 | 11:41
 عاما على رحيل مؤسس مصر الحديثة ماذا قال محمد على باشا على فراش الموت؟محمد على باشا
هبة سعيد سليمان

أوصى أبنائه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، قائلا:"ليس لكم يا أولادي وطن غير مصر، فإن لم تسلكوا سبيلي وتتبعوا خطواتي فلا عز لكم ولا علا وانأ منكم برئ"..إنه محمد على باشا مؤسس الدولة العلوية ومؤسس مصر الحديثة.

موضوعات مقترحة

ملامحه لا تنبئ بما يخبئه له المستقبل، فهو صبى يتيم متوسط القامة ولكن ذا بنية قوية، وعيون زرقاء ذات نظرات حادة، صغير الفم كبير الأنف متناسب الملامح وله هيبة ووداعة، ثابت الخطوات منتصب القامة جميل الهيئة سريع الحركة، ولد محمد على المسعود إبراهيم آغا قوللى الألباني في 4 مارس 1769 بمدينة "قولة" إحدى موانئ مقدونيا باليونان، والده إبراهيم آغا وأمه زينب، وله سبعة عشر شقيقا توفوا جمعيا صغارا ولم يبقى سواه، توفى والده وهو فى سن الرابعة عشر، ثم لحقت به أمه فتكفل به عمه طوسون، ثم توفى بعد فترة قصيرة فأصبح يتيما ووحيدا، وشكلت هذه الظروف شخصيته فجعلته يتسم بالشجاعة والإقدام وقوة التحمل.

كتب جورجي زيدان في مجلة "الهلال" عام 1893م مقالاً من "مذكرات محمد على" عن طفولته قال فيه: "ولد لأبى سبعة عشر لم يعش منهم سواي، فكان يحبني كثيرا ولا تغفل عينيه عن حراستي كيفما توجهت، ثم توفاه الله فأصبحت يتيما قاصرا وأبدل عزى ذلا، وكثيرا ما كنت أسمع عشرائي يكررون هذه العبارة التي لا أنساها عمري وهى (ماذا عسى يكون مصير هذا الولد التعيس بعد فقد والديه؟)، فكنت إذا سمعتهم يقولون ذلك أتغافل عنه، ولكنني أشعر بإحساس غريب يحركني إلى النهوض من تحت هذا الذل، فكنت أجهد نفسي بكل عمل استطيع معاطاته بهمة غريبة حتى كاد يمر على أحيانا يومان لا أكل ولا أنام إلا شأنا يسيرا".

لم ينل محمد على أي قسط من التعليم؛ بسبب يتمه وفقره، وكان يحزن عندما يرى أصدقائه يذهبون للدراسة وهو لا يستطيع، ولكنه لم يظهر لهم حزنه، بل كان يتجول بين السهول والجبال والبحار، وأصبح زعيما عليهم عند بلوغه سن المراهقة؛ بسبب تفوقه بقوته البدنية وذكائه الفطري، وتعامل معهم بعنف وانتظر منهم تنفيذ تعليماته دون مناقشته، فكان يحدث الصدام مع من يخالفه الرأي فينتهي دائما بشكوى إلى الحاكم، فهو يعتبر ولى أمر محمد على، وزادت المشاكل بشكل مزعج مما دفع الحاكم الى التفكير فى مستقبله وضرورة الاستفادة من طاقته فألحقه بالجندية.

أراد الحاكم أن يزوجه من إحدى السيدات الثريات من قرية "نصرتلى" باليونان، وهى "أمينة" ابنة على آغا شاهر الذي توفى تاركا ثروة طائلة ورثتها ابنته، وتم الزواج وانتقل محمد على للإقامة مع زوجته بنصرتلى وعمل بتجارة التبغ مع صديق فرنسي، وأصبح ينتقل من مدينة لأخرى لإدارة تجارته التي أدرت عليه الكثير من الأموال، واستمر بالعمل بالتجارة 11 عاما أكسبته الخبرة، وأنجب بنتان توحيدة وزينب وثلاثة أولاد هم: إبراهيم وإسماعيل وطوسون.

أصدر السلطان العثماني فرمانًا بتجهيز الجيش من جميع أنحاء الإمبراطورية العثمانية للدفاع عن مصر بعد دخول الفرنسيين واحتلال نابليون لها عام 1798م، فوقع الاختيار على محمد على ليكون نائبا لقائد فرقة الألبانية "ارناؤوط"، وانضم للجيش العثماني، وصل مصر عام 1800م، وكان يبلغ من العمر ثلاثين عاما، وقامت معركة أبى قير بين القوات العثمانية بالاشتراك مع القوات الانجليزية من جهة وبين القوات الفرنسية من جهة أخرى، وقاتل محمد على بشجاعة وجرأة وإقدام أدهش كبار القادة العثمانيين لمهارته القتالية، شارك بالعديد من المعارك خلال عامين منذ وصوله لمصر حتى أصبح في عام 1803 قائدا لأقوى فرقة محاربة في مصر "الفرقة الألبانية" وتحت قيادته ٤ آلاف مقاتل ينفذون أوامره.

وأصبح لدية هدف، وهو الوصول لحكم مصر، وأخذ بالتخطيط لتنفيذ هذا الهدف والتخلص من كل العقبات التي تظهر أمامه، وفى عام 1802م كان الوالي العثماني على مصر هو "خسرو باشا"، وأيقن انه يواجه عدو شرس وهو محمد على، بالرغم من أنه يملك السلطة والشرعية كان محمد على يملك القوة والدهاء، وبالفعل انتصر محمد على بذكائه وسقط خسرو باشا وطُرد من القاهرة، ولم يسارع محمد على بتولي عرش مصر بل دفع بطاهر باشا واليا على مصر، ولكنه كان يتميز بالظلم والجبروت فتم التخلص منه، وتولى أحمد باشا ولاية مصر ضد رغبة محمد على الذي تحالف مع المماليك، وحدثت فوضى فى البلاد بصراعات بين المماليك والعثمانيين، وتم عزل احمد باشا، وقام محمد على بتعين خورشيد باشا حيث كثرت الفوضى والظلم فى البلاد، وكل هذا بتخطيط من محمد على لتولى حكم مصر ولكن بطريقة شرعية وهى اختيار الشعب والزعامات الشعبية له، وبالفعل تم ما أراد.

أجمع العلماء في مصر بزعامة عمر مكرم فى يوم 13 مايو 1805 بعزل الوالي المستبد خورشيد باشا وتعيين محمد على وليا على مصر بدلا منه وقاموا بتقليده الولاية.

أصبح محمد على واليا على عرش مصر بإرادة شعبها وعلمائها، وقام بالعديد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاهتمام بالتعليم والجيش والبحرية وكان له الأثر الطيب في حكم مصر والاهتمام بها.

نشرت مجلة "الهلال" في عددها الصادر أول مايو عام 1893م مقالة تحت عنوان "محمد على باشا مؤسس العائلة الخديوية" وصفت فيه محمد على بما يلي: "كان محمد على متوسط القامة، عالي الجبهة أصلعها، بارز القوس الحاجبى، صغير الفم، كبير الأنف، متناسب الملامح مع هيبة ووداعة، أبيض اللحية كثيفها مع استدارة واسعة، جميل اليدين، منتصب القامة، جميل الهيئة، ثابت الخطوات منتظمها، سريع الحركة، إذا مشى جعل يدية متصالبتين وراء ظهره غالبا، وعلى الخصوص إذا مشى فى داره متفكرا فى أمر، وقلما يتفاخر باللباس، فكان لباسه غالبا على زى المماليك، وعلى رأسه الطربوش الجهادي، ثم أبدله بالعمامة فزادته هيبة ووقار، وأبدل اللباس العسكري بلباس واسع بسيط لا يمتاز به عن بعض أتباعه، وكان يكره التفاخر بالحاشية، فلم يكن على بابه إلا رجل واحد يخفره، وإذا استوى في مجلسه لا يتقلد السلاح وإنما يجلس وفى يده حفنه السعوط والمسبحة يتلاهى بها، وكان يحب ألعاب البليار والداما، ولا يأنف من مجالسة صغار الضباط".

ونشرت جريدة "الأهرام" ملفاً كاملاً عنه في عددها رقم 23043 الصادر يوم السبت 19 نوفمبر 1949 وهو عدد خاص لمناسبة الاحتفال بالذكرى المئوية لوفاته، وأفردت لها 24 صفحة، ويعتبر سجلا تاريخيا يضم حقائق تاريخية عنه وعن الأسرة العلوية وما يخصه من أعمال قام بها، فكتبت فى أول العدد ما قيل عنه بلسان الآخرين:

ـ ولد هذا الرجل للمجد والعظمة وخلق للقيادة والإدارة. "شارلس مرى"

ـ يمتاز بالصراحة والإخلاص ولذلك تبرم من المنافقين. "كلوت بك"

ـ يعد الباشا حقيقة رجلا عجيبا فى الامبراطورية العثمانية فهو يمتاز بعبقرية فائقة وحكمة بالغة وهو دائب فى ابتكار المشروعات للنهوض ببلاده. "بواييه 1834"

ـ رجل طيب القلب بطبيعته، كان يعطف دائما على من حوله وإذا غضب رسم حدودا لآثار غضبه. "بواييه 1825"

وفى الصفحة الثالثة من العدد كتب عنه الدكتور جاك تاجر "محمد على الرجل ونفسيته، الحاكم وسياسته"

كان شديداً في تربية أبنائه وأحفاده، فكتب عن ذلك الأستاذ إبراهيم المويلحي في الصفحة الرابعة من العدد: "تربية أنجاله".

وقد أشادت "الأهرام" في الصفحة الثامنة من العدد بأعماله التي قام بها بمقالات منها "أحد عباقرة الصناعة في مصر"، "منشأته المعمارية" و"مدينة القلعة وقلعة المقطم".

وفى الصفحة الحادية عشر كتبت "كيف تبوأ عرش مصر".

خرج محمد على في آخر رحلة بحرية له فى21 مارس 1848م، وعاد منها إلى الإسكندرية إثر مرض ألم به وساءت حالته الصحية، ولم يعد قادراً على القيام بواجبات الحكم واضطر إلى اعتزال الولاية وتسليمها إلى ابنه إبراهيم، وانعزل فى قصر رأس التين تارة وفى قصر شبرا تارة أخرى بعد الكفاح والجهاد والانتصارات والهزائم حتى أصبحت إمبراطوريته تشمل مصر والجزيرة العربية والشام والسودان وقبرص وأجزاء من اليونان وتركيا، فقد فيها أبنائه منهم طوسون بعد حرب الحجاز، وإسماعيل أثناء فتح السودان، ثم توفى ابنه إبراهيم أقرب أبنائه لقلبه وتولى الحكم حفيده عباس الأول، كما توفت ابنته الكبرى توحيدة وكذلك زوجته أمينه هانم، وبقى له من الأولاد محمد سعيد باشا، ومحمد عبد الحليم باشا، ومحمد على باشا الصغير، ونازلي وزينب.

وتوفى فى الساعة الثانية عشر من ظهر يوم 2 أغسطس 1849م بقصر رأس التين بالإسكندرية، وحُمل الجثمان على إحدى البواخر من الإسكندرية إلى ترعة المحمودية وشُيع في موكب مهيب سار في شوارع العاصمة وميادينها حتى بلغ قلعة الجبل، واستقبله حفيده عباس باشا الأول ودُفن بجامع محمد على بالقلعة عند سفح المقطم بالقاهرة، ووصف "الأهرام" في عدده الخاص حالة البلاد، حيث نُكست الأعلام وارتدت البلاد ثياب الحداد وجاءت الوفود المُعزية من وزراء وقناصل وأعيان ووجهاء لتوديع محمد على الكبير.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: