بمناسبة حلول سنة ١٤٤٤ الهجرية علينا نتذكر أن من دروس الهجرة حسن اختيار الصاحب فشاهدنا كيف كانت صداقة الرسول عليه الصلاة والسلام بأبي بكر الصديق وكأن علاقتهما رسمت لما كيف يكون الصاحب وعلى من يطلق لقب صاحب.
فاليوم البعض يسيء في اختيار الصاحب والتسرع في إطلاق لقب صاحب على اي شخص بدون تمعن، أو الدخول معهم في معاملات ومواقف والتعرض لخلافات، فخير اختبار لمعدن الصديق أو الحبيب المواقف والأفعال والخلافات، فهناك مقولة تقول: " الصديق وقت الضيق"!
فما خانك الأمين ولكنك ائتمنت الخائن، فمن دروس الهجرة النبوية حسن اختيار الصاحب، فالصاحب ساحب، وإما أن يكون ساحب لطريق الخير والحق وإما طريق الباطل والشر، فـ 90 % من فساد بعض الشباب سببه أصدقاء السوء! فالله سبحانه وتعالى أمرنا ونصحنا في مُحكم كتابه أن نختار الصحبة الجيدة فقال تعالى: كونوا مع الصادقين، فالصديق من الصدق، حتى في وقت الشدة والأزمات لن ينفعك إلا الصاحب الذي يشد من أزرك ويعينك على تقلبات الحياة .
الصديق الذي يذكرك دومًا بالله، وليس الذي يبعدك عن الله ويقربك من الدنيا الفانية!،وأي صديق لم تجمعكم به محبة الله فهي حتمًا ستنقلب إلى عداوة، عملًا بقوله تعالى الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين، فكم من علاقات انتهت بسبب أمور الدنيا؟!
كم من علاقة صداقة انقلبت لعداوة بسبب الدنيا، فكلما اقتربوا الأصدقاء من بعضهما البعض فتبدأ المقارنة ومن ثم الغيرة ثم الحقد ثم العداوة، فأي علاقة من أجل الدنيا ستنتهي عاجلًا أم آجلًا! فالأصدقاء الصالحين يعينوا بعض على الحياة ليس في قلوبهما حقداً لبعضهما، فالعلاقات المريحة النضيفة هي التي تدوم، الملتزم كلٍ منهما بمنهج الله ويخشى الله، بل تزداد صلابة مع كل موقف، فالصالحين يعينوك على الصلاح والفاسدين سيفسدونك!
وأمرنا الله بالإعراض عن الجاهلين والإعراض عن من تولى عن ذكر الله ولم يرد إلا الحياة الدنيا لأن هؤلاء لن يجلبوا لك إلا الطاقة السلبية ومع الوقت ستتأثر بصحبتهم إلى أن تصبح مثلهم، ويجب أن يُفرق الجميع ما بين من يُطلق عليهم صاحب وما بين العلاقات العامة أي العلاقات التي فرضتها عليك الحياة كعلاقات العمل وما شابهها .
فالعلاقات يجب أن تكون مُريحة تجد فيها التقدير والاحترام ومطلوب في كل علاقاتك المعاملة الحسنة والراحة النفسية ،أما اختيار الصاحب فيجب التمعن في الاختيار فسيدنا عمر رضي الله عنه قال: "عليك بإخوان الصدق، تعش في أكنافهم، فإنهم زينة في الرخاء، وعدة في البلاء".
فكن مع من يجانسك لا من يجالسك، فهناك من يضلك ويغرقك في المعاصي ويسحبك للدنيا كما أخبرنا عن ذلك المشهد الله سبحانه وتعالى يوم القيامة: "ليتني لم اتخذ فلانًا خليلاً لقد أضلني عن الذكر "، فكم من أصدقاء دمروا حياة بعضهم البعض وضاع مستقبلهم بسبب الصحبة السوء!
فالصحاب ليس بأخذ صور مع بعضهما البعض وليس أيضًا تقضية وقت والخروج مع بعضهما البعض، بل الصحاب مواقف وأفعال، التأثير الإيجابي في حياة بعضهما البعض، وضرب لنا سيدنا أبي بكر الصديق أروع مثال للصاحب الصادق الأمين وكيف كان بجانب سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وكيف يُلقي الصحاب الآمان والطمأنية في قلوب بعضهما البعض، فالبيئة الصالحة خير من الوحدة، لكن إذا كان المجتمع فاسداً، أو منحرفاً، فالوحدة خير من الجليس السوء. وبمناسبة حلول السنة الهجرية كل عام وشعب مصر والشعور العربية الإسلامية بخير وسلام وأمان.