Close ad

إدمان «السوشيال ميديا».. وقتل الوقت !

30-7-2022 | 17:07

تحولت العلاقة بين الأجهزة الحديثة "المحمول - اللاب توب - التابلت - الكمبيوتر" وشريحة ليست بالقليلة من المصريين، وخاصة الشباب منهم، إلى ما يشبه الإدمان، فتجد الشاب من هؤلاء يقضى معظم وقته قابعا خلف الكيبورد، ما بين اللعب وما بين "الهبد" على مواقع التواصل الاجتماعى، ولو تم عمل إحصائية سنجد أن المصريين من بين أكثر شعوب الدنيا تفاعلا على مواقع التواصل الاجتماعى ما بين "الشير واللايك" ونشر الشائعات والأكاذيب ومشاركة الأخبار المفبركة بوعى تارة، وفى معظم الأوقات بدون وعى أو تدقيق.

أضف إلى ذلك السلوكيات العجيبة التى يقوم بها البعض، حيث تجد وأنت "ماشى" فى طريقك فى أمان الله من يجنح ناحيتك بسيارته أو من يخبطك من الخلف، وعندما تمعن النظر إليه تجده يتصفح شاشة المحمول، وكأنه يتلقى رسالة من الرئيس بوتين، يخبره فيها بقرب انتهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، وتجد شابا آخر يصحو من سباته العميق على صوت إشعار على "الواتس آب"، وكأنه كان ينتظر رسالة من وزير التعليم يخبره فيها بأنه الأول على الثانوية العامة.

لقد تحول البعض منا إلى كائنات غريبة ومريبة، بسبب إدمان الجلوس على أجهزة المحمول وخلف شاشات العالم الافتراضى، وأصبح التواصل الاجتماعى بين أفراد الأسرة وهم فى نفس المنزل أو الشقة الواحدة، عبر السوشيال ميديا، مما إدى إلى غياب الدفء والألفة والابتسامة و"اللمة" الحلوة وتجاذب أطراف الحديث بين الأباء والأبناء، وحتى بين الأزواج، ولكى يتحدث الأب إلى ابنه أو ابنته يحتاج إلى معجزة إلهية، وعليه أن يخبره قبلها بنصف ساعة على الأقل حتى ينتهى من المباراة التى يلعبها، أو ينهى حديثه عبر "الإسكايب" مع صديقه من دولة "الواق واق".

مئات الآلاف من الساعات يقضيها المصريون كل يوم من مختلف الفئات والأعمار خلف شاشات المحمول والتابلت وعلى الكيبورد، بلا جدوى أو طائل سوى "الهبد" على مواقع التواصل الاجتماعى، فيما يفيد وفيما لا يفيد، ولو تم قضاء هذا الوقت الضائع الذى يذهب هباء منثورا فى العمل والإنتاج، لأصبحنا فى مكان أفضل.

العلاقة بين الإنسان والآلة، والمقصود بالآلة هنا "المحمول والتابلت" تحتاج إلى إعادة صياغة وتحتاج إلى دراسات كثيرة، حتى تتحول إلى علاقة طبيعية، بعد أن وصلت إلى حالة إدمان عند البعض، وتحولت إلى باب خلفى لكل المشكلات الأسرية، وباتت بمثابة السكين الذى يقطع أواصر الرحمة بين الأهل، حيث تجد أفراد الأسرة الواحدة يعيشون فى مكان واحد وقلوبهم شتى، واهتماماتهم مختلفة والتواصل بينهم بات شبه مستحيل، بسبب غرق البعض منا فى بحر "السوشيال ميديا"، التى يجد فيها الكل ما يتمناه ويبحث عنه، فمن يهتم بالفضائح والأخبار الشاذة يجدها أمامه فى فيمتو ثانية، والكاره للدولة المصرية وللإنجازات التى تشهدها فى مختلف المجالات يبحث عنها على قنوات الفتنة والتحريض والعنف، وهكذا.

ومما يزيد الطين بلة، أن إدمان الجلوس خلف الكيبورد أصاب الكثير من شبابنا بأمراض مزمنة، منها على سبيل المثال لا الحصر "جفاف العين وضعف البصر - آلام الظهر والكتفين - السمنة، وغيرها.

إننا نحتاج، وقبل أى شيء، إلى توعية النشء بخطورة إدمان الأجهزة الحديثة، ويجب أن تقوم أجهزة الدولة، وخاصة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ووزارتى التربية والتعليم والشباب، بتوعية النشء بخطورة إدمان الأجهزة الحديثة، وأن هذه الأجهزة بأنواعها المختلفة سلاح ذو حدين، وأن الإفراط فى أى شيء ليس مستحبا.

وأقترح أن تقوم الدولة بإنتاج برامج لتوعية النشء بخطورة إدمان الجلوس على هذه الأجهزة حفاظا على صحتهم ومستقبلهم، كما أتمنى أن يتم تدريس مادة بالصف الأول من المرحلة الابتدائية تعلم الأطفال منذ نعومة أظافرهم، كيف يتعاملون بشكل صحى وسليم مع التكنولوجيا الحديثة بأجهزتها المختلفة، وتعقيداتها المتلاحقة، بحيث تنشأ علاقة صحية بين النشء وهذه الأجهزة.

وتبقى كلمة أوجهها للشباب، كما أنصح بها أولادى، عليك عزيزى الشاب بتقسيم وقتك ما بين المذاكرة واللعب ومتابعة السوشيال ميديا، لا تحرم نفسك من أى "حاجة بتحبها"، ولكن بحدود، يعنى "كفاية" جدا اللعب لمدة ساعة أو ساعتين فى اليوم ولكن على فترات، ولكن أياك أن تجلس على المحمول طوال الليل.

وعلى الأسرة أن يكون لها دور فى هذا، بحيث يترك كل فرد من أفراد الأسرة المحمول أثناء تناول الطعام، وأيضا لمدة ساعة أو ساعتين على الأقل يوميا، يتم خلالها تجاذب أطراف الحديث بينهم ومناقشة الأمور العائلية وغيرها، بعد أن غابت لغة الحوار وسادت ألفاظ ومصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان منها على سبيل المثال لا الحصر "كراش - إكس - الفريند زون - سترونج إندبنت ومان - الفمنيست"، إلخ.

كما نحتاج أن يقوم مركز البحوث الاجتماعية والجنائية، بدراسة هذه الظاهرة الخطيرة والبحث عن أفضل الطرق كى نأخذ بيد النشء، حتى لا يقعوا فريسة لهذه الأجهزة، والبحث على علاقة صحية وسليمة لإنقاذ الشباب الذين هم مستقبل مصر.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة