يحتفل العالم في شهر يوليو باليوم العالمي لالتهاب الكبد وهو 28 يوليو في ذكرى ميلاد العالم الكبير (الدكتور باروك بولمبرج) الحائز على جائزة نوبل، والذي اكتشف فيروس التهاب الكبد(ب) واستحدث اختبارًا لتشخيصه ولقاحًا مضادًا له.
والغرض من هذا الاحتفال هو إذكاء الوعي بالتهاب الكبد الفيروسي، وهو التهاب في الكبد يتسبب في مجموعة من المشاكل الصحية، بما فيها سرطان الكبد، ويُعد اليوم العالمي لالتهاب الكبد، فرصة لتعزيز الجهود الوطنية والدولية المبذولة لمكافحته على النحو الذي جاء في التقرير العالمي لمنظمة الصحة العالمية بشأن التهاب الكبد لعام 2017.
وهناك خمس سلالات رئيسية من فيروس التهاب الكبد وهي A و Bو CوD وE.
وتشكل التهابات الكبد مجتمعة، أكثر أسباب الوفاة شيوعًا، حيث تؤدى إلى وفاة 1،4 مليون شخص سنويًا. والكبد يمثل عضوًا مهمًا جدًا لجسم الإنسان، ويؤدي وظائف حيوية مهمة تشمل تنظيم مستويات السكر في الدم، وتنظيم الأحماض الأمينية، وهي الوحدات البنائية للبروتينات، وينقل الهرمونات والفيتامينات والإنزيمات عبر الجسم، وإنتاج الصفراء، وهي سائل مهم لهضم وامتصاص الدهون في الأمعاء الدقيقة، ويزيل الكبد أيضًا السموم والمواد الضارة من الجسم، ويعتبر الكبد أيضًا مخزنًا للفيتامينات والمعادن، فيخزن كميات كبيرة من الفيتامينات أ، ود، وهـ، وك، وب 12، ومعادن الحديد والنحاس، فإصابه الكبد بالفيروس تؤدي إلى أعراض تصيب أجزاء الجسم كله.
وللوقاية من أمراض الكبد يجب الاهتمام بالنظافة الشخصية، وإنقاص الوزن إلى الوزن الصحي، وتناول وجبات غذائية متوازنة في الكم والنوع، وتجنب الدسم والدهون، والتقليل من الخبز الأبيض والأرز الأبيض والمكرونة والسكريات، وتناول الألياف التي يمكنك الحصول عليها من الفواكه الطازجة والخضراوات والبقول والحبوب الكاملة، والتقليل من كمية اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان، تناول الماء بوفرة، وممارسة الرياضة يوميًا مثل رياضة المشي، وتجنب التعرض للسموم الناتجة عن المنظفات والمبيدات الحشرية والمواد الكيميائية، وتجنب التدخين والكحوليات والمخدرات، والاستخدام العشوائي لمسكنات الألم، والمهدئات، والمنشطات والجرعة الزائدة من دواء الباراسيتامول المسكن للألم، وتجنب الوخز بالإبر الملوثة، وتجنب مشاركة أدوات النظافة الشخصية مع آخرين مثل شفرات الحلاقة وفرشاة الأسنان ومقصات الأظافر، ويجب تناول لقاحات ضد التهاب الكبد الفيروسي.
وبهذه المناسبة لابد من الاحتفال محليًا وعالميًا بالتجربة الرائدة التي قامت بها السلطات المصرية في هذا المجال للقضاء على فيروس (سي) من خلال مبادرة 100 مليون صحة التي تبنتها مصر، وأشادت بها منظمة الصحة العالمية بسبب دورها في القضاء على فيروس سي، وأصبحت تجربة مصر في القضاء على فيروس سي نموذجًا يحتذى به، فقد انطلقت مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي للقضاء على فيروس سي في أكتوبر 2018 من خلال حملة قومية للكشف المبكر عن الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي (سي) والأمراض غير السارية (السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة)، ونجحت الحملة في فحص 70 مليون مواطن مصري، وتقديم خدمة المتابعة والتقييم والعلاج من خلال مراكز العلاج بمختلف المحافظات، كما نجحت المبادرة في تقديم العلاج بالمجان لجميع المصابين خلال 7 أشهر؛ حيث جرى متابعتهم بالتحاليل والعلاج المجاني حتى التأكد من الشفاء التام، وكان إجمالي تكلفة المبادرة للقضاء على فيروس سي والكشف المبكر عن الأمراض غير السارية حوالي 4 مليارات جنيه، من بينهم 2.5 مليار جنيه تكلفة المسح، و1.5 مليار جنيه تكلفة العلاج، كما ساهمت المبادرة في إعفاء الدولة من تحمل تكلفة علاج فيروس سي ومضاعفاته التي تصل سنويًا إلى 64 مليار جنيه من خلال الكشف المبكر عن المرض وعلاجه.
- وهكذا نجحت مبادرة 100 مليون صحة، وأشاد بها العالم أجمع، فنسبة الإصابة بها كانت من أعلى نسب الإصابات عالميًا؛ مما شكل نقطة سوداء في المنظومة الصحية في مصر محليًا وعالميًا، وكان يضرب بمصر المثل في المؤتمرات الدولية التي كنت أحضرها في أوروبا وفي الولايات المتحدة.
إن مصر تعتبر من أكثر الدول عالميًا من حيث نسبة الإصابة بالمرض، وبفضل الخطة المحكمة للقضاء على هذا المرض اللعين والتي بدأت بمبادرة الرئيس السيسي 100 مليون صحة، أصبحت مصر أول دولة على مستوى العالم تصل للهدف الذي وضعته منظمة الصحة العالمية للقضاء على الفيروسات الكبدية بحلول 2030، وقبل المدة المحددة بـ10 سنوات.
وحالياً مصر في طريقها للحصول على الإشهاد الدولى للخلو من الفيروسات الكبدية، بعدما كانت من الدول الأعلى عالميًا في انتشار فيروس سي بين مواطنيها.
* استاذ بكلية طب الأزهر