عطفًا على ما سبق؛ نجد أن الشغف هو أهم عناصر الجذب؛ ومن ثم يأتي التواصل ثم التفاعل؛ في عالم اليوم؛ هناك بعض المشاهدات التي توجب التوقف عندها؛ لتقييمها؛ ثم التعامل معها بما ينبغي؛ لأن تجاهلها من شأنه تكبيدنا خسائر لا ناقة لنا بها.
أول المشاهد؛ تجاهل فئة كبيرة من الناس لمتابعة القنوات التليفزيونية؛ الشريحة الأكبر من تلك الفئة خاصة بالشباب؛ فلم يعد ذلك الجهاز الساحر الذي دخل حياتنا منذ عدة عقود؛ بنفس عناصر الجذب.
رغم ما شاهدناه من تنوع فريد في عدد القنوات، وكذلك في المواد الإعلامية؛ ومع ذلك لا تستطع القنوات المصرية على وجه الخصوص استقطاب الجمهور المستهدف؛ مما جعله يذهب لوسائل إعلامية أخرى.
منها قنوات خارجية، ومنها قنوات يتم بثها عبر اليوتيوب؛ تقدم مضمونًا يمكن تسميته بالغريب؛ فلا رقيب يمكن الرجوع إليه؛ والرقيب هنا المقصود به الضمير المهني؛ فما يُقدم أحيانًا يكون صادمًا؛ لأن الهدف من البث تجاري بحت؛ وغير معني بما يؤثره في عقول ونفوس المشاهدين.
وذلك يعني أننا أمام تكوين صور ذهنية؛ لا نعلم على إطلاق مضامينها ولا ما تهدف إلى ترسيخه؛ ومن ثم نحن أمام حالة جاهدت فى أن أبحث عن مسمى لها؛ ورأيت أن أسميها النقطة العمياء الذهنية؛ وهي أقرب للنقطة العمياء التي نواجهها عند قيادة سيارتنا.
فقائد السيارة في الغالب؛ رغم حرصه الشديد على متابعة الطريق من أمامه ومن خلفه؛ عند مشاهدة مرآة منتصف السيارة؛ إلا أن هناك نقطة جانبية قد تُفقده الأجواء متابعتها؛ تلك النقطة تجتهد شركات كثيرة فى بناء مرآة جانبية تسعى للقضاء عليها؛ فتنعدم.
نحن الآن أمام نفس النقطة؛ لا نعرف ما استقر في وعي هؤلاء المتابعين؛ ومن ثم لا يمكن تقييم ذلك الوعي؛ ولا إلى ما يؤدي!
ولأننا لا نعلم ما يشاهده الناس ولا يوجد لدينا بيان معلوم للوسائل التي يتابعونها ولا مضامينها؛ فيمكن القول بكل يقين أننا أمام وضع يصل لدرجة مخيفة من الخطورة؛ وأقرب بالمثل الآتي.
إذا لم تتم متابعة الأبناء بالشكل اللازم؛ فيجب أن نتوقع دخولهم في مسالك غير آمنة؛ من شأنها إصابتهم بما يكدر صفو الأسرة؛ وهذا احتمال نسبته كبيرة؛ والعكس أيضًا سليم تمامًا؛ متابعتهم من شأنها حمايتهم حفاظًا عليهم وعلى مستقبلهم؛ وبالتبعية حماية مستقبل الوطن.
وهذا يدعونا بداية للالتفات الكامل لما يُدبر لشبابنا؛ من خلال استقطابهم؛ ومحاولة إعادة تشكيل وعيهم؛ ولا أكون مبالغًا إن قلت إن ما يحدث لهم الآن أشبه بعملية غسيل للعقل؛ حتى يُعاد ضبطه من جديد؛ بما يتوافق مع رؤى البعض؛ ولا ننكر أن من بين هؤلاء البعض من حسُنت نيته؛ ومنهم من ساءت نيته كما ساء مطلبه.
ويلي الالتفات؛ البحث عما يتابعه الناس؛ لمعرفة أوجه الجذب؛ وكذلك لمعرفة كيفية التعامل معه؛ والأهم الوقوف على ما يستهوي الناس؛ لنضعه نصب أعيننا؛ حتى نتمكن من مواجهته بشكل منضبط.
أما دون ذلك؛ فكأننا نحرث في النهر؛ لتكون النتيجة بذل جهود مضنية؛ بلا عائد يمكن الاستفادة منه، فهل نستمر في حرث النهر؟
وللحديث بقية نستكمله في مقالنا القادم إن شاء الله.
،،،، والله من وراء القصد
[email protected]