معظم الهدر يأتى من الأسر بصرف النظر عن مستوى دخل الفرد فى كل بلد
موضوعات مقترحة
الصين الأعلى هدراً للطعام بنحو 91.6 مليون طن سنوياً ثم أمريكا واليابان
ألمانيا تتصدر أوروبا فى الدول الأكثر هدرا للطعام بنحو 6.2 مليون طن سنويا ثم فرنسا وإسبانيا
معدل هدر الغذاء فى أستراليا 102 كيلوجرام للفرد سنويا.. و33 كيلوجراماً للفرد فى روسيا
العديد من الدول سنت قوانين لمكافحة إهدار الطعام حيث ألزمت فرنسا المتاجر بتوقيع عقود تبرع وإسبانيا وإيطاليا تفرضان غرامات
فقدان الطعام أثناء الحصاد يمثل مشكلة لجميع دول العالم
صدق أولا تصدق، إنه فى الوقت الذى يعانى فيه العالم من أزمة غذاء، فإن ما يهدره من طعام ويأخذ طريقه إلى سلال القمامة، يمكنه أن يقضى على أزمة نقص الغذاء، واللافت للأمر فى هذه القضية، أن معظم الإهدار يأتى من الأسر بصرف النظر عن مستوى دخل الفرد فى كل بلد، ويأتى ذلك فى الوقت الذى يعانى فيه أكثر من 690 مليون شخص يعانون من الجوع، إضافة إلى 3 مليارات شخص غير قادرين على تحمل تكاليف نظام غذائى صحى.
ويكشف تقرير مؤشر هدر الأغذية لعام 2021، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أن نحو مليار طن من المواد الغذائية، تعادل 17 % من إجمالى الأغذية الصالحة للاستهلاك الآدمى، ينتهى بها المطاف فى صناديق نفايات الأسر وتجار التجزئة والمطاعم، وغيرها من الخدمات الغذائية، ويعادل وزن هذا الطعام الذى يتم هدره ما يقرب من حمولة 23 مليون شاحنة محملة بالكامل بزنة 40 طنا مليئة بأكملها، وهو ما يكفى للدوران حول الأرض 7 مرات.
يسود فقد وهدر الغذاء جميع النظم الغذائية والزراعية العالمية، والدول المتقدمة والنامية، وعالميا، وحسب تقرير مؤشر هدر الأغذية لعام 2021، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، تعد الصين الأعلى هدر للطعام، حيث تهدر سنويا نحو 91.6 مليون طن من الغذاء سنويًا، بمعدل 64 كيلو جراما لكل فرد، تليها الهند التى تهدر 68.8 مليون طن سنويا بمعدل 50 كيلو جراما لكل فرد، ثم أمريكا 19.3 مليون طن سنويا بمعدل 59 كيلوجراما للفرد، ومن بعدها اليابان التى تهدر 8.1 مليون طن بمعدل 64 كيلوجراما للفرد، وفى أوروبا تتصدر ألمانيا قائمة الدول الأكثر هدرا للطعام، حيث يتم إهدار نحو 6.2 مليون طن سنويا بمعدل 75 كيلوجراما للفرد، ثم فرنسا التى يتم فيها إهدار 5.5 مليون طن سنويا بمعدل 85 كيلو جراما للفرد، ومن بعدها بريطانيا حيث يتم إهدار 5.1 مليون طن سنويا بمعدل 77 كيلوجراما للفرد، ثم إسبانيا حيث يتم هدر 3.6 مليون طن طعام سنويا، بمعدل 77 كيلوجراما للفرد، أما فى أستراليا فيتم إهدار نحو 2.5 مليون طن سنويا، بمعدل 102 كيلوجرام للفرد، وفى روسيا يتم إهدار 4.8 مليون طن سنويا، بمعدل 33 كيلوجراما للفرد سنويا.
قوانين مكافحة هدر الطعام
سن العديد من الدول عدة قوانين لمكافحة إهدار الطعام، حيث ألزمت فرنسا المتاجر بتوقيع عقود للتبرع بالطعام غير المباع، الصالح للاستهلاك إلى المؤسسات الخيرية، أو لاستخدامه فى إطعام الحيوانات أو كسماد زراعى، مع معاقبة المخالفين بالغرامة، بينما أعلنت الحكومة البريطانية خطة لخفض مخلفات الطعام من تجار التجزئة ومصنعى الأغذية، وفى إيطاليا، صدر قانون للحد من مخلفات الطعام، بهدف خفض مليون طن من إجمالى 5 ملايين طن تُهدر كل عام، عبر تسهيل تبرع تجار الأغذية والمزارعين بالطعام للمؤسسات الخيرية وبنوك الطعام، وإيجاد طرق تغليف مبتكرة لزيادة فترة صلاحية المنتجات، وحملة إعلامية للتوعية بالحد من نفايات الطعام، كما أقرت الحكومة الإسبانية مشروع قانون يهدف إلى الحد من هدر الطعام، من خلال فرض غرامات على المطاعم ومحلات السوبر ماركت التى تخزن بقايا الطعام، على غرار تشريعات قائمة فى فرنسا وإيطاليا.
كارثة فى المناسبات
فى مصر، ووفقاً لتقديرات المركز الوطنى للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر، بلغ متوسط حجم هدر الغذاء للفرد الواحد خلال عام 2021 إلى 91 كيلو جراما للفرد الواحد، بإجمالى 9 ملايين و136 ألفًا و941 طنًا من الطعام، وتتزايد نسبة الغذاء المهدر فى المناسبات الخاصة والأعياد والمهرجانات، حيث يتم التخلص من 60 % على الأقل من الأطعمة الصالحة للأكل.
وتقدمت إحدى عضوات مجلس النواب بمشروع قانون، يستهدف الإسهام فى تأسيس برنامج قومى لمكافحة هدر الطعام، والعمل على تشجيع مقدمى خدمات الطعام، على إعادة توزيع ما يصلح منه للاستهلاك الآدمى والتبرع به، دون مقابل لبنوك الطعام ومؤسسات العمل الخيرى المعنية، كما يلزم كل من يقدم خدمات الطعام من مطاعم وباعة تجزئة وغيرها بإبرام اتفاقيات، وشراكات مع بنك أو أكثر من بنوك الطعام المصرح لها بالعمل، لتنظيم تلقيها الطعام الصالح للاستهلاك الآدمي، وإعادة استغلاله بالشكل الأمثل، وينص مشروع القانون على معاقبة كل من يخالف القانون وشارك بطريقة أو أخرى فى هدر الطعام الصالح للاستهلاك الآدمى، بالغرامة، أو إصدار قرار بوقف نشاط مقدم خدمة الطعام وتضاعف العقوبة فى حال العودة.
«نعمة» مبادرة إماراتية
فى دولة الإمارات العربية، التى تبذل جهودا كبيرة من أجل إيجاد حلول مبتكرة وفاعلة لتقليص كميات الطعام، تبلغ قيمة هدر الطعام نحو 10 مليارات درهم سنوياً، ويهدر الفرد الواحد فيها نحو 95 كيلو جراماً من الطعام سنوياً، وفى مارس الماضى جاء إطلاق دولة الإمارات المبادرة الوطنية «نعمة» للحد من فقد الغذاء، وهدره ليشكل إضافة نوعية لملف الأمن الغذائى، كما يعد «بنك الطعام» فى الإمارات الذى تأسس فى 2017 أحد أبرز الجهات التى تتعامل بشكل احترافى مع فائض الطعام الطازج والمعلب بإشراف الجهات المعنية المختصة، إلى جانب القيام بتوزيعه داخل وخارجها، بالتعاون مع شبكة من المؤسسات الإنسانية والخيرية المحلية والدولية.
خطوات إيجابية
فى المملكة العربية السعودية، كشفت وزارة البيئة والمياه والزراعة أن كمية هدر الغذاء فى المملكة تبلغ 4 ملايين و66 ألف طن سنويا، تقدر بـ40 مليار ريال سنويًا، وحسب تقرير مؤشر هدر الأغذية لعام 2021، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يهدر المواطن السعودى 105 كيلوجرامات سنويا، ويقول نائب وزير البيئة، منصور المشيطى، إن السعودية تخطو خطوات متقدمة للمساهمة فى تحقيق الأمن الغذائى، من خلال تحفيز السلوك الإيجابى والاستهلاك الرشيد وتلافى مخاطر الهدر الغذائى.
كما كشف تقرير مؤشر هدر الأغذية لعام 2021، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يبلغ هدر الأسر الكويتية من الأطعمة 397.7 ألف طن، بمتوسط 95 كيلو جراما بالفرد سنويا، ونفس المتوسط يهدره المواطن العمانى والمواطن القطرى، بينما يهدر المواطن البحرينى 132 كيلو جراما، وفى العراق 120 كيلو جراما، ولبنان 105 كيلو جرامات، وليبيا فى 76 كيلو جراما للفرد الواحد سنويا.
الخبز أكثر إهداراً
يتصدر الخبز قائمة الأغذية الأكثر هدرا فى تونس، وفقا لما يقوله مراد بن حسين، مدير عام المعهد الوطنى للاستهلاك، حيث يتم هدر 113 ألف طن منه سنوياً، بمعدل 42 كيلوجراماً لكل أسرة. وتخسر الأسر التونسية ما قيمته 321 دولار، سنوياً من تبذير الخبز، بإجمالى خسائر تبلغ 35 مليون دولار، تتكبدها الدولة التونسية من جراء هدر الخبر. وجاء فى تقرير برنامج الأمم المتحدة البيئى لعام 2021، أن المواطن التونسى يهدر سنويا نحو 91 كيلوجرامًا من الطعام.
كما تتخلص الأسر فى دولة المغرب سنويا، من ملايين الأطنان من الطعام والمواد الغذائية الصالحة للاستهلاك فى صناديق القمامة، سواء تلك الصادرة من المنازل أم المطاعم والفنادق، أم بعد انتهاء الحفلات والمناسبات، ويقول بوعزة الخراطى، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك: نطالب منذ 2016 بقانون لمحاربة هدر الطعام، والأمر ليس مرتبطا فقط بالمواد الغذائية، بل بالطاقة والماء وغيرهما، كما نطالب بضرورة شن حملات لتغيير عادات المواطن الاستهلاكية، مشيرا إلى أن استهلاك المغربى للخبز هو الأعلى فى منطقة شمال إفريقيا، إذ يستهلك الفرد هناك سنويا نحو 1250 رغيف خبر، ثلث هذه الكمية تأخذ طريقها إلى صناديق القمامة.
وللحد من ظاهرة هدر الطعام هناك، ابتكر شاب مغربى تطبيقا على الإنترنت اسمه «هيبميل»، يهدف إلى تمكن المحتاجين من وجبات غذائية دون مقابل، مع الحفاظ فى الآن ذاته على البيئة، التى تتضرر من جراء التخلص من المواد الغذائية بطرق غير معقولة، وتقوم فكرة هذا التطبيق الإلكترونى الجديد على مشاركة صور الطعام المتاح من أجل تقديمه للمحتاجين، وتمكينهم من اختيار الأنسب إليهم، واستلامه بشكل مباشر من قبل صاحب الصورة، بعد الاطلاع على عنوانه والتواصل معه.
وفيما يخص هدر الطعام فى الجزائر، وحسب الأرقام الواردة فى التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2021، يهدر الفرد الجزائرى نحو 91 كيلو جراما من الأكل سنويا، بإجمالى هدر3.9 مليون طن سنويا على مستوى الدولة.
ويؤكد التقرير أن الحد من هدر الأغذية، من شأنه أن يساعد فى تحقيق المزيد من الأمن الغذائى، ويعمل على تضييق الفجوة الاستهلاكية للعديد من السلع، وتوفير ما يكفى من الطعام الصحى والمغذى للتغلب على مشكلات الجوع وسوء التغذية، وبالتالى يقلل الجوع ويوفر الأموال فى أوقات الركود العالمى، كما يحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى.
البصمة الكربونية
يلفت التقرير النظر إلى أنه ما بين 8 % إلى 10 %، من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، ترتبط بالغذاء الذى لا يتم استهلاكه، حيث يمثل نظام الغذاء العالمى نحو 30 % ، من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، وهدر الطعام جزء من هذا، وتقدر البصمة الكربونية لنفايات الطعام بنحو 3.3 مليار طن من مكافئات ثانى أكسيد الكربون التى يتم إطلاقها فى الغلاف الجوى سنويا، حيث يطلق كل جزء من سلسلة الإمداد الغذائى الغازات الدفيئة فى الغلاف الجوى، حيث تُستخدم الطاقة فى زراعة الطعام وتخزينه ومعالجته ونقله وطهوه، بالإضافة إلى ذلك، يسهم الطعام المهمل الذى ينتهى به المطاف فى مكبات النفايات فى هذه الغازات، كما أن إنتاج اللحوم (خاصة لحوم البقر) يطلق كميات هائلة من غاز الميثان بسبب إطلاق الغازات من الأبقار.
إهدار كبير فى مواسم الحصاد
يضيف التقرير أن فقدان الطعام، أثناء الحصاد يمثل مشكلة لجميع دول العالم، وليس فقط الدول منخفضة الدخل، التى قد لا تمتلك التكنولوجيا والموارد لتقليل الخسائر، فقد أشار تقرير منظمة الفاو، إلى أن الدول النامية تعانى من خسائر غذائية أكبر أثناء الإنتاج الزراعى، بينما فى الدول ذات الدخل المتوسط والمرتفع تزداد نفايات الطعام على مستوى البيع بالتجزئة والاستهلاك.
وبشكل عام يتم إهدار 8 % من الأغذية عند الحصاد، و14 % وهى فى طريقها إلى سوق التجزئة (أثناء النقل أو التخزين أو المعالجة)، و7 % على مستوى البيع بالتجزئة والخدمات الغذائية، وما يقرب من 40 % من جميع الأغذية المنتجة لا تصل أبدًا إلى الأفراد الأكثر حاجة.
كما ينعكس هذا الهدر، على فقد كميات كبيرة من المياه المستخدمة فى الزراعة، حيث يبلغ الحجم الإجمالى للمياه المستخدمة كل عام لإنتاج الغذاء المُهدر 250 كم مكعب، كما يمثل هدر نحو 1.4 مليار فدان من الأراضى بما يعادل نحو 28 % من المساحة الزراعية فى العالم. كما لا يتمّ تحويل سوى نسبة منخفضة من الأطعمة المُهدرة إلى سماد دون أية استفادة منها.