البحث عن الحقيقة أو أصل المشكلة هو هدفنا فيما نكتبه اليوم حتى يسهل على الخبراء وصف العلاج، ولذلك أبدأ بالقول أننا لسنا بصدد اتهام أحد بعينه أو شركة بذاتها، نحن فقط نحاول أن نساعد الأجهزة المسئولة في الدولة على علاج المشكلة.
والحقيقة أن المشكلة التي نقصدها تحولت إلى أزمة بالفعل في الساحل الشمالي وتحديدًا في منطقة خليج سيدي عبدالرحمن الذي يحتضن منتجع "مراسي" السكن السياحي الشهير، حيث ازدادت مساحة "النحر" في الشاطئ المواجه للساحل والقرى المجاورة؛ الدبلوماسيين وستيلا هايتس، بل ظهرت كمية من الصخور أضاعت جمال الشواطئ في هذا الخليج الذي يتغنى به العالم من روعة رماله ومياهه الفيروزية التي كان يعتبرها البعض عن هذا الخليج بمثابة "حمام سباحة"؛ ولذلك اختارها الراحل الدكتور محمد عبدالقادر حاتم في الستينيات ليبني فيها فندق سيدي عبدالرحمن والفيلتين الشهيرتين باسم الزعيم جمال عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر استغلالا لسحر هذا الخليج ومياهه ورماله.
كل الخبراء يعرفون أنه كان هناك حاجز للأمواج ناحية الغرب كان يسمي "رأس جبيصة" وكان جزءًا منه طبيعيًا والآخر صناعيًا، وكانت شركة "إيجوث" المالكة لفنادق الدولة تخطط في بداية هذا القرن لتدعيم هذه الرأس حتى تحافظ على هدوء الأمواج، لكن الدولة بعد ذلك قررت بيع الأرض لإحدى الشركات العربية العقارية وتوقف هذا المشروع.
المهم عندما بدأ مشروع "مراسي" لم يلتفت أحد للحفاظ على طبيعة المكان وأهمية وجود "رأس جبيصة" وبدأ التفكير في بناء "مارينا ضخمة لليخوت"، ولا ضرر في ذلك بالطبع فتلك سياحة عالمية مهمة وروادها من أصحاب الإنفاق العالي.
والمفروض أن بناء المارينا يتطلب دراسة بيئية تسمى تقييم الأثر البيئي للمشروع، ويتطلب موافقات على أعلى مستوى من وزارة البيئة، ووزارة الري من خلال هيئة حماية الشواطئ.
والسؤال الذي يطرح نفسه حتى لا تتوه الحقائق ونغرق في التفاصيل بعدما سمعنا عن أن المشكلة أنه كانت هناك عمليات "تكريك" بالمنطقة أو على شواطئ خليج سيدي عبدالرحمن تسببت في "عكارة" المياه وأن التكريك توقف، وهذا ما حدث بالفعل وبدأ لون المياه يعود إلى طبيعته.
لكن المشكلة الكبرى تبقى قائمة: هل بناء المارينا، وبما فيها من حواجز أسمنتية كان تصميمها بشكل علمي ولا يتسبب في تغيير حركة الأمواج بالمنطقة مما تسبب في زيادة "النحر" في شواطئ المنطقة كلها؟ لست مهندسًا أو فنيًا، ولكن ذلك ما سمعته من كثير من الخبراء، وهل إذا كان التصميم علميًا وعلى أحدث مستوى هل كان الخطأ في التنفيذ؟ ومن المسئول عن مراقبة التنفيذ؟ وهل هناك إمكانية للإصلاح والتعديل؟
إن من تحدثت معهم من الخبراء يؤكدون أن التعديل والإصلاح في التصميم ممكن، وتدعيم "رأس جبيصة" ضروري، المهم أن نراجع التصميم مراجعة علمية، وإذا كان سليمًا فلا مانع من دراسة أي أسباب أخرى، فنحن لا نلقي بالمسئولية على أحد، نحن نبحث فقط عن حل يحافظ على أجمل شواطئ مصر.
وما أريد أن أختتم به كلامي هو أن أقول إن الحمد لله أجهزة الدولة والبيئة وحماية الشواطئ قد تحركوا بالفعل، وإن شاء الله سيصلون إلى حل قبل فوات الأوان أو قبل زيادة النحر في أجمل شواطئ خليج سيدي عبدالرحمن الذي نتباهى بجماله أمام كل الدنيا، فالساحل الشمالي أحد أجمل شواطئ العالم، وعلينا الحفاظ عليه للأجيال المقبلة، إن ما تقوم به الدولة الآن من تنمية وطرق في هذا الساحل يجعلنا جميعًا نشعر بالفخر بما تحققه رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي لتحقيق التنمية على كل شبر من أرض مصر؛ بما يدعم التنمية الاقتصادية ويوفر حياة كريمة للمصريين.