فيلم وثائقي أمريكي تتشابه وقائعه مع طرق الدجالين والمشعوذين في وطننا العربي - وذلك من خلال الاعتداء على مريديهم من النساء الراغبين في الإنجاب - ولكن الفيلم يفضح احتيال طبيب مشهور عبر إجرائه سلسلة من عمليات التلقيح الصناعي، ويفتح كذلك ملفًا كبيرًا من الفساد لبعض الأطباء والمراكز الطبية على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، ويكشف الفيلم بدوره عن وثائق تؤكد تورط أكثر من 44 طبيبًا أمريكيًا في حقن مرضاهم السيدات بحيوانات منوية خاصة بهم.
والفيلم الوثائقي بعنوان "أبانا"، ويظهر بالمستندات انتساب 94 طفلًا أمريكيًا لأب واحد، وهو طبيب الخصوبة الأمريكي "دونالد كلاين" من ولاية إنديانا، والفيلم عرضته منصة نتفلكس، وأثار غضب الأوساط الطبية والسياسية في واشنطن، وعلقت عليه بعبارة "الصادم والمرعب".
ويعرض الفيلم الوثائقي قصة دكتور الخصوبة "كلاين" وارتكابه جريمة في حق مهنة الطب والإنسانية، ويخدع حوالي 30 امرأة من مرضاه خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ويستبدل الحيوانات المنوية لأزواجهن بالحيوانات المنوية الخاصة به.
وتكشف جريمته الطفلة الأمريكية بعد ملاحظتها عدم التطابق في الشكل بينها وبين أشقائها، ذوي الشعر والعيون السوداء، وحين بلغ سنها 34 عامًا أجرت اختبارًا لحمضها النووي، وأظهرت النتيجة صحة حدسها، وأنها لا تنتمي لزوج أمها، وأخبرتها والدتها بأسماء الأمهات اللائي تزامنَّ معها عند الطبيب "كلاين"، ومن ثم أكدت اختبارات مشاركتها مع الأخوة المحتملين في الحمض النووي غير المعروف، والذي فيما بعد تم انتسابه إلى الدكتور "كلاين".
وهذا ما توصلت إليه تحقيقات النائب العائم الأمريكي في عام 2016، وتم تغريمه بـ 500 دولار والتنازل عن رخصة الطبيب، وحبسه لمدة عام مع وقف التنفيذ، ولم يرض الحكم الضحايا من الأبناء والأمهات، وطالب الرأي العام الأمريكي بتعديل العقوبات لتكون أكثر ردعًا لجناة يفسدون الحياة الاجتماعية.
وهؤلاء الأطباء ارتكبوا جريمة الخيانة في حق أماناتهم العلمية والمهنية، وضربوا جذور الثقة بين المريض والطبيب، برغم أن القانون الأمريكي يسمح باستبدال الحيوانات المنوية للزوج بأخرى، ولكن بموافقة الزوجة المريضة مسبقًا، وهو ما ترفضه الشرائع السماوية.
ولم تقتصر تلك الجرائم على الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما بلغت كثيرًا من دول العالم الأول المتقدم، والذي أصبح رائدًا فيها، وخاصة في إنجلترا وألمانيا وهولندا، ووصلت إلى كندا وجنوب إفريقيا، وتأتي ثاني أشهر عملية احتيال في التلقيح الصناعي جريمة الدكتور الهولندي "جان كاربات"، وأثبتت فيها التحقيقات استخدامه الحيوانات المنوية الخاصة به في إنجاب 56 طفلًا على الأقل.
وباتت عمليات التلقيح الصناعي أملًا يراود ملايين الأزواج الحالمين بالإنجاب، وتواجه في نفس الوقت انتقادات عديدة من جانب القانونيين وجهات التشريع عالميًا، لما تسجله من إجراءات؛ سواء بالخطأ أو بالعمد في زراعة جنين لامرأة في رحم امرأة أخرى، ولن يُكتشف إلا من خلال اختبارات الحمض النووي بعد الولادة.
وتمكنت المراكز الإنجابية من جني أرباح طائلة جراء هذا الحلم، غير أن الدراسات تؤكد أن نسب نجاح عمليات التخصيب ضئيلة جدًا.
Email:[email protected]