ضمن جهودها الحثيثة للحفاظ على البيئة، وتعظيم قيمة مواردها الطبيعية، واستعدادًا لمؤتمر الأطراف السابع والعشرين، COP27، المزمع إطلاقه نوفمبر القادم بمدينة شرم الشيخ، أعلنت مصر في مايو الماضي استراتيجيتها الوطنية لتغير المناخ، "مصر 2050".
يركز الهدف الرئيسي على "تحقيق نمو اقتصادي منخفض الانبعاثات في مختلف القطاعات"، بينما تتمحور الأهداف الفرعية حول "تحول مجال الطاقة عن طريق زيادة حصة جميع مصادر الطاقة المتجددة والبديلة في مزيج الطاقة"، علاوة على تعظيم إجراءات كفاءة الطاقة وخفض انبعاثات الوقود. بقدر المرونة وسرعة الاستجابة للمتغيرات تتحقق الأهداف.
عمليًا، لا بديل عن السير في طريق التوأم السيامي -الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة- للحد من تغير المناخ وعدم تخطي الاحترار العالمي حاجز 1,5 درجة مئوية بحلول عام 2050، بحسب مستهدفات مؤتمري باريس 2015، وجلاسجو 2021.
من حيث الاستثمارات العالمية، تشير الإحصاءات إلى تقدم ملموس في نمو القدرات المتجددة المضافة خلال السنوات السبع الماضية فاقت معه نظيرتها التقليدية والنووية مجتمعتين، منحت معه تكنولوجيات المستقبل بارقة أمل، صعد على إثره منحنى توقعات مبيعات السيارات الكهربائية في الخطط المستقبلية، واحتلت تقنيات تخزين الطاقة مكانة أفضل، وتصدرت رقمنة تقنيات الذكاء الاصطناعي الواجهة، مع اعتماد سبل مستدامة لاستخدام الموارد المعدنية، إلى جانب الاستثمار في الاقتصاد الدائري (آلية اقتصادية تهدف للقضاء على الهدر والاستخدام المستمر للموارد)، وتخصيص 20% من إجمالي فرص العمل العالمية؛ 58 مليونًا، للطاقة المتجددة.
بنهاية 2020 تصدرت أوروبا، وأمريكا، والصين استثمارات الطاقة المتجددة، في حين شاركت القارة الإفريقية في العقدين الأخيرين بنسبة 2% من إجمالي القدرات المتجددة المركبة، مما يجعلها قارة فرص مستقبل الاستثمار، ليس في الطاقة وحسب، بل وفي كافة المجالات.
عالميًا، توحي المؤشرات بالشك في عدم تجاوز درجة حرارة الأرض 1,5 درجة مئوية، فاستمرار نفث غاز ثاني أكسيد الكربون بمتوسط 1,3% سنويًا كما وقع في الفترة من 2014 – 2019، يعني تجاوز درجة حرارة الأرض حاجز درجتين مئويتين.
أيضًا، خَلَفَ إعلان المفوضية الأوروبية منح مشروعات الغاز الطبيعي والطاقة النووية صفة مشروعات مستدامة خيبة أمل وصدمة لدي المؤسسات والمنظمات المعنية بالمناخ. كم غيرت الحرب الروسية الأوكرانية أوروبا !!.
أضف إلى ذلك تكاتف جهود الصين والهند لإرجاء مهلة التخلص من الفحم.
بحسب وتيرة الإجراءات الجادة تتحدد النتائج؛ العمل عبر محاور تشمل التقنيات البازغة؛ مثل الهيدروجين الأخضر وتخزين الطاقة والسيارات الكهربائية، يحد من التغيرات السلبية ويرفع مستوى تنافسية تلك التقنيات تجاريًا، جنبًا إلى جنب مع تطوير وسائل احتجاز الكربون الناجم عن استخدام الغاز الطبيعي والبترول، ووضع سياسات تربط بين البعد الاجتماعي للطبقات الاجتماعية الدنيا وخطط التخلص التدريجي من دعم الوقود الأحفوري.
تقدر إجمالي تكاليف تحول الطاقة حتى العام 2030 بنحو 130 تريليون دولار، بمتوسط 4,4 تريليون دولار سنويًا، تعادل 5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي البالغ 85 تريليون دولار تقريبًا. ولا يخفى على أحد ضخامة التحديات وما تحتاجه من تطوير لآليات تمويل مبتكرة يمكن معها فتح المجال أمام نحو 50 مليون فرصة عمل جديدة حتى عام 2030.
في تعقيبه على المشهد، علق السيد فرانشيسكو لا كاميرا، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، أيرينا، في كلمة له، قائلاً (لم يعد لدينا وقت. الطريق يضيق. علينا خفض 45% من انبعاثات عام 2010 بحلول عام 2030).
قد يكون الهدف صعب المنال، لكن التمسك بالأمل والعمل كتفًا إلى كتف كفيل بتحقيقه، حتى وإن راوحت أرجوحة الحياة بين اليأس والرجاء.
[email protected]