نمضي في هذه الحياة ولدينا العديد من القواعد ثم نكتشف مع الوقت أن لكل قاعدة استثناء ثم يأتي الاستنثاء لنعلم أنه ليس هناك قاعدة ثابتة ولا استثناء ثابت في هذه الحياة! حينما نتعمق في الحياة نكتشف أن الحقيقة أغرب دائمًا من الخيال!
نعيش زمن العالم الافتراضي الذي أصبحت الحياة به أيضًا افتراضية، فالجميع يجلس أمام شاشات الموبايل ويبدأ بالحكم على الواقع من خلال العالم الافتراضي، ليبدأ الشخص بمراقبة حياة البعض ويحكم على حياتهم من خلال الصور فيبدأ الشعور بالحقد والغيرة تجاه البعض ومن ثم تتغير القلوب ومن ثم ينقم على حياته! ولا يعلم أنها مجرد صور لا تمت للواقع بصلة!
فحينما اقتربت من حياة البعض ممن يقومون بترويج حياتهم الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، جعلني أكتب هذا المقال ليعلم الجميع بعض الحقائق عن حياة السوشيال ميديا المزيفة لدى البعض، فأول قصة أنقلها للجميع ألا يحكم البعض على صداقة البعض من خلال الصور والكلام، فكنت أشاهد صورًا لبعض الأصدقاء الذين يقومون بمدح بعضهما البعض طيلة الوقت يقومون بالتقاط الصور لبعضهما البعض يمتزجها بعض كلمات المدح والحب وأراهم دائمًا مع بعضهما البعض، كنت دائمًا أرى أن الصداقة ليست مجرد كلمات مدح أو صور تجمعهما بل مواقف خير دليل على مدى الصدق، وبالفعل حينما جاءت إحداهن لتروي لي أن صديقتها تحقد عليها وأنها لا تُحبها فما كان لي إلا أن أتوجه لها بسؤال ماذا عن كلمات الحب والصور التي تجمعكما فأخبرتني أنه مجرد شو؟! لكن الحقيقة أنهما لا يُحبان بعضهما البعض وتشعر كل واحدة منهما أن الأخرى تحقد عليها ولا تتمنى لها الخير! علمت حينها أن ليست كثرة اللايكات والكومنتات دليلا على حب الشخص للآخر، بل أحيانا يكون أكثرهم حبًا وإعجابًا به أقلهم تعبيرًا!
قصة أخرى عن العلاقة بين أي اثنين مرتبطين، أشاهد أيضًا بعض المرتبطين يقومون بمغازلة بعضهما البعض على الملأ وصور من يشاهدها برؤية سطحية يشعر أنه حب أفلاطوني، ولكن من يتعمق يجد أن الحب الحقيقي ليس بحاجة لإظهاره للجميع ويشعر به الكل إلا المرتبطون داخل الصورة!؟ فالحب الحقيقي ليس مجرد صورة أو كلمات غزل، بل مواقف وأفعال يشعر خلالها المرتبطون بالأمان والاحتواء، وليس بحاجة لإظهار ذلك الحب للجميع! فشاهدت بعض المرتبطين يغازل كلاهما الآخر ويعبران عن حبهما أمام الجميع مما جعل كل من شاهدهما يتمنى أن يكون مكانهما، وحينما اقتربت من البعض علمت أيضًا أنه مجرد شو، ولكن الحقيقة عكس ذلك فإحداهن تريد أن تظهر للجميع أنها سعيدة وهي في الحقيقة غير ذلك، والأخرى أرسلت لي صورًا بضرب زوجها لها ضربًا مبرحًا وترغب بالطلاق!
كما أن التعمق في الحياة جعلني أتخلى عن السطحية في الحكم على الأمور بل التعمق لمعرفة الحقيقة، فحقيقة ما يكنه لك من أمامك تستطيع أن تشعر به! هل يكن لك الخير أم الشر؟! هل يحقد عليك أم يتمنى لك الخير؟! ومن ثم المواقف والأفعال خلال طريق الحياة تؤكد لك ذلك، فإن أردت معرفة إنسان أعرفه في وقت الغضب وفي الخلاف وعندما تختلف المصالح! فالغضب يُفصح عن حقيقة ما يكنه لك الشخص، وفي الخلاف يظهر معدن الشخص وتختفي الأقنعة ويذهب التمثيل، وعندما تختلف المصالح يظهر من يقف بجانبك ومن يتخلى عنك عندما يشعر أن هذا الخلاف يؤثر على مصلحته ولو بطريقة غير مباشرة!
أما عن حياة العالم الافتراضي فقد ضربت مثالين على الحقيقة المزيفة الأغرب من الخيال التي جعلتني لا أكتفي بالمظاهر أو الظاهر! ولا أؤمن بالكلام بل بالأفعال، فالجميع قد يتكلم بطريقة تشعرك براحة، ولكن ليس الكل يجيد الأفعال ويستطيع الوفاء بالوعود، فلا داعي لأن ينقم البعض على حياته لمجرد متابعته لحياة الآخرين فما خفي كان أعظم، فلا أحد يروج لأحزانه ولا أحد يروج لخيبات الأمل ولجروحه وخذلانه؛ بل ستعرف حقيقة حياة من أمامك وحقيقة ما عاشه وما مر به عندما تسمع منه عن حياته، أو حينما يأتي أجله سيتحدث أقرب الناس له عما مر به من خيبات أمل وصعاب أخفاها عن الجميع ولم يظهر إلا الجزء الإيجابي في حياته! فالأهم أن تكون سعيدا بحق، حتى لو شعر الجميع أنك حزين وليس العكس!