Close ad

تحية لثورة يوليو وقائدها في الذكرى السبعين

24-7-2022 | 12:06

تعرف الثورة علميًا بأنها تعني إحداث تغير جذري لصالح أغلبية الشعب في الثروة والنفوذ؛ لذلك أطلق عليها في البداية حركة الضباط الأحرار، وكان طه حسين أول من أطلق عليها مسمى ثورة، وذلك بعد إصدار قانون الإصلاح الزراعي في 9 سبتمبر 1952؛ أي بعد الثورة بنحو 46 يومًا فقط.
 
وقال طه حسين اليوم أصبحت ثورة؛ لأنها بالإصلاح الزراعي ساهمت بوضوح في إعادة توزيع الثروة لصالح الأغلبية، وهذا يتفق تمامًا مع مقولة أرسطو في كتابه أصول السياسة حيث يقول: (إن الحكم بوجه عام رغم اختلاف الزمان والمكان والمسميات ينقسم في النهاية إلى نوعين: حكم يعمل لمصلحة أغلبية الشعب، وحكم يعمل لمصلحة قلة؛ لأن أصحاب النفوذ والقوى عادة قلة والضعفاء والمظلومين عادة أغلبية)، وهذا ما أشار إليه أبي بكر الصديق في بداية حكمه؛ عندما قال: (الضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه)، ولذلك تعتبر ثورة يوليو من أهم ثورات العالم بلا مبالغة؛ لأنها كما يقول الدكتور جمال حمدان المفكر الإستراتيجي إن جمال عبدالناصر وثورته المصرية قادت عمليات تحرير أراضي وثروات العالم الثالث كله؛ حيث بدأت بطرد الاستعمار الإنجليزي من مصر، ثم ساعدت كل حركات التحرير في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية، ثم قامت بتأميم قناة السويس، ونجحت في تحرير ثرواتها بالدم والكفاح؛ مما مهد الطريق بعد ذلك لجميع دول العالم الثالث في تحرير ثرواتها أسوة بمصر، وهذه حقائق يعترف بها كل قيادات العالم الثالث بلا استثناء، ويذكر الجميع فضل مصر وقيادة ناصر في تحرير الأراضي والثروات، ومن أمثال هؤلاء جيفارا وكاسترو وتشيفينزي ومانديلا وبومدين ونيريري وغيرهم جميعهم يعتبرون ناصر القدوة والملهم الذي ساعدهم على التحرر ويتفق مع هذا الرأي كبار مفكري مصر والعروبة مثل سليمان حزين وحسين مؤنس وميلاد حنا.. وغيرهم.
 
وكانت الدعوة للعروبة والقومية العربية وفلسطين في مقدمة أولويات ثورة يوليو، كما كانت إفريقيا بعدًا أساسيًا لثورة يوليو، وكانت لمصر الريادة في التحرير والتعمير بما مكنها من قيادة إفريقيا وتوطيد العلاقات؛ مما سمح بزيادة حصة مصر من نهر النيل مع إقامة السد العالي.
 
وفي الداخل اهتمت الثورة بالتعليم والتوسع في المجانية؛ حيث زاد عدد الطلاب بنسبة 300% في أقل من ثمانية عشرة عامًا، وانخفضت الأمية من 80% عام 1952 إلى 50% عام 1970، وتطوير الأزهر والتوسع في تعليمه، وإنشاء مدينة البعوث الإسلامية، وأول محطة للقرآن الكريم في العالم، وإنشاء مجمع البحوث الإسلامية.
 
وأقامت الثورة صناعات في كافة المجالات، ونجحت في توفير معظم احتياجاتنا بالمصانع المصرية مع بناء السد العالي، الذي أمن مصر من الفيضانات والجفاف، ويحميها الآن من كثير من آثار سد النهضة، وسمح لنا بتأمين الزراعة مرتين في العام، مع استصلاح نحو 2 مليون فدان جديدة، كل ذلك أدى إلى تضاعف الإنتاج الزراعي مع إنشاء نظام المعاشات والتأمينات الاجتماعية، ونموذج للعدالة البيئية يحتذى به، ونهضة فنية تمثلت في إقامة أكاديمية الفنون والتليفزيون المصري، والاهتمام بكافة مجالات الفن الذي انعكس بدوره على تطور وتقدم الفيلم والأغنية والمسلسل المصري، بجانب إنشاء إستاد القاهرة الدولي أكبر مجمع رياضي في إفريقيا.
 
ونجحت ثورة يوليو في تحقيق ثورة شاملة في كافة المجالات لصالح الشعب، وكانت منارة وقدوة لكل بلدان العالم الثالث، وبالطبع لكل عمل إيجابيات وسلبيات؛ لأننا بشر، وكانت هناك سلبيات يجب أن نتعلم منها وإيجابيات كثيرة مازالت تحمينا؛ مثل السد العالي.
 
وفي مجال السلبيات كان من أبرزها الاعتماد على أهل الثقة بدلًا من أهل الخبرة في مجالات مهمة وخطيرة؛ مما أدى إلى مشكلات وخسائر كبيرة، ثم كان هناك تجاوز في الانحياز للفقراء أدى لظلم القطاع الخاص المصري في التأميم، بالرغم من أن نحو 85% من التأميم كانت لشركات أجنبية؛ مثل قناة السويس وغيرها من شركات أجنبية كانت تسيطر على الاقتصاد المصري، وبعضها يملكه أعداء لنا.
 
وكانت الضرورة والاستقلال يقتضيان تأميم كل هذه الشركات الأجنبية، ولم يكن هناك المبرر نفسه في تأميم القطاع الخاص المصري، هذا بجانب الاقتصار على الحزب الواحد والرأي الواحد، ولذلك من الضروري المراجعة والدراسة والتقييم الموضوعي لأجل مستقبل هذا الوطن، وخاصة مع التغيرات والتطورات العالمية.
 
ولكن يبقى التاريخ والرمز والقدوة، ويجب أن نفخر بثورة يوليو؛ لأن الذي حققها هو الشعب المصري في فترة من أمجد الفترات في تاريخ مصر، وهذا ما يشهد به كل الأحرار في العالم.
 
فتحية لثورة يوليو ورجالها وقائدها وشعبها العظيم.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: