تتخذ العلاقة بين الزوجة والحماة شكلاً خاطئاً دائمًا، ويبدو أن الصراع بينهما هو مسلسل درامي لن تنتهي حلقاته مهما اختلف الزمن وتعاقبت الأيام، فالحماة لا تستسلم للزوجة التي خطفت ابنها وانتزعته من حضنها وجذبته إليها، بينما زوجة الابن تدافع عن حقها في زوجها ورفضها التدخل في تفاصيل حياتها، قضية اجتماعية قديمة ولكنها متواصلة.. فما أسباب توتر هذه العلاقة دائما ؟
موضوعات مقترحة
تجارب واقعية
في البداية تحكى نور عثمان 35 عاما، مدرسة، قائلة : تزوجت منذ 6 سنوات ومنذ اليوم الأول لزواجى كانت حماتى شديدة للغاية في معاملتها وقاسية في تصرفاتها معى، فرغم أن لها شقة منفصلة في بيت العائلة إلا أنها كانت تجبرنى أن أمكث عندها في شقتها طول اليوم، لأقوم لها بالأعمال المنزلية، واستقبال الضيوف، والعديد من الأعمال الشاقة الأخرى، وكانت تتعمد مضايقتى بكل الطرق لأن مستوى عائلتي أعلى بكثيرمن مستوى عائلة زوجى مادياً واجتماعياً، وكانت تستغل فرصة غياب زوجى في العمل وتقوم بافتعال المشاكل بيننا وتنتظر إلى أن يعود وتبكى وتدعى أننى قمت بتوجيه السباب والشتائم لها في غيابه، وتطلب منه أن ياخذ حقها، فكان يضربنى أمامها لكى يرضيها، وكنت أشتكى دائما لوالدتى من سوء معاملتها لى، وكانت أمى تحاول تهدئتى وتقول لى : اصبري من أجل أولادك، ولكنى أصررت علي ترك منزل العائلة وأخذت شقة في مدينة أخرى غير مدينتنا، ومن يومها وحياتنا مستقرة والحمد لله.
وتؤكد ياسمين حسن 30 عاما وتعمل مهندسة أن الحموات لسن كلهن سيئات، وأن علاقتها مع حماتها ليست علاقة ضد بل علاقة أم بابنتها تقدم لها النصح وتمنحها من خبرتها ما يمكن أن يعينها في تربية أطفالها، فهى كانت تحبنى حبا شديدا وتعاملنى مثل أمي تماما بل وكانت تحرص أن تغمرنى بحنانها خاصة بعد أن توفيت والدتى وأنا عندى 5 سنوات، فهى سيدة حنونة ومعطاءة وتجبر الجميع علي الالتفاف حولها ونبث إليها همومنا فلا تبخل علينا بالنصح الجميل والرأي السديد والحكمة الشديدة فكانت ملاك يمشي علي الارض، لذلك كان موت حماتى يوما عصيبا على كل الأسرة وحتى الاطفال حزنوا عليها وافتقدوا روحها ولعبها وضحكاتها معهم، رحمها الله.
وتضيف بسمة عبد الدايم 37عاما ربة منزل : حماتى لها خمسة أبناء، ثلاث فتيات، وولدين، وتولت تربيتهما بعد وفاة زوجها منذ صغرهما فى المرحلة الابتدائية، وكانت تقوم بدور الاب والام معا مما جعلها شخصية حازمة ومتسلطة جدا، وبعد زواج أولادها جميعا، شعرت بالوحدة الشديدة، وقررت أن كلا من زوجى وشقيقه يجب أن ينجبا أطفالاً كثيرين ، وكانت تهددنى أنا وسلفتى في حالة رفضنا الإنجاب بأنها سوف تقوم بتزويجهم، وبالفعل خطبت لشقيق زوجى فتاة من معارفها، وكانت تردد دائما "نحن صعايدة ونحب العزوة واللمة" وبالفعل اضطررنا إلى إنجاب 4 أطفال رغم أن ظروفنا المادية عادية ولا نستطيع توفير مستوى مادى مناسب لهم جميعا، حتى ننال رضاها.
وتعلق الدكتورة رشا الجندى مدرس الصحة النفسية - جامعة بنى سويف على العلاقة بين الحماة وزوجة الابن قائلة : فى البداية عندما نريد الشروع فى الزواج يجب أن نحسن النوايا وان تعامل والدة الزوج الفتاة مثل ابنتها وان تتعامل الفتاة مع والدة الزوج انها والدتها، ولا تقف الام دوما فى صف ابنها لمجرد انه ابنها وتبررله تصرفاته الخاطئة، ودعونا نعترف بأنه لا يوجد إنسان ملاك وعلينا أن نتقبل بعضنا البعض، وإذا نظرت الحماة إلى مميزات زوجة ابنها وتغاضت عن عيوبها ستسير الحياة، وهذا المبدأ يصلح لجميع العلاقات الإنسانية صداقة او قرابة او زواجا، والمشكلة أننا نتوقف أمام عيوب الشخص ونركز عليها ولا نرى غيرها ونعند معها فتقوم الدنيا وتنهار العلاقات، فأنا دائما مقتنعة بمقولة لأجل عين تكرم ألف عين فإذا كان الشخص الذى يهمنى علاقتى به على سبيل المثال عصبي لا يتقبل الرأى الآخر، يجب على ألا أتناقش معه وهذه الطريقة تصلح للمتزوجين وسيكولوجية الإنسان علميا كلما كبرالشخص فى السن أصبح تغييره صعب، القصة كلها تدور فى النفس النقية والسلام النفسي ووفقا لعلم النفس المعرفى يجب أن تتكاتف مؤسسات المجتمع كلها من الدراما والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس،على فكرة يسهل تطبيقها فأنا لدى أصدقاء وأقارب ينتهجون هذا النهج والدنيا تسير بسلام
تضيف قائلة :عموما عندما نتحدث عن الارتباط يجب أن تكون شخصيتا الزوج والزوجة بغض النظر عن الأهل شبه بعض فى مبادئ الحياة الأساسية مثل بر الوالدين، يجب أن يهتم الطرفان بطريقة معاملة الطرف الآخر لوالديه، فإذا كان لا يعاملهما بطريقة حسنة، فهو سيتعامل مع أهلها فى يوم من الأيام وباختصار تختار الشخص الذى اذا زعل منك لن يضرك او يهينك او يخونك فإذا كان الزوج والزوجة شبه بعض فى المبادئ الأساسية فستنجح علاقتهما اما الطباع كأن يكون عصبيا فهذا كلام تافه فمن المعروف أن سنة اولى زواج تكثر فيها الخلافات بعد ذلك تهدأ الأمور، والحماة تعتبرمن كبار السن لها احترامها وتقديرها، اعطفى عليها طبطبي عليها وهنا اتحدث عن الحموات الطبيعيات الاسوياء، فيجب أن يتمتع من يقبل على الزواج بالاستعداد النفسي مثل الاستعداد المادى لذا نعترض على زواج الفتيات الصغيرات فى السن لانها لا تكون مستوعبة نفسيا وعقليا مسئولية الزواج وعدم الانتباه للهفوات والأخطاء، فمن الطبيعى حدوث مناوشات حتى يكتشف كل طرف طبيعة الطرف الآخر ويتعود على طباعه وهنا أكررانه اذا كان الزوج والزوجة متفقين فى المبادئ الأساسية سيتفقون سويا فى حالة وجود خلافات بين الحماة وزوجة الابن او الحماة وزوج البنت فى البداية سيتعب الطرفان مع بعضهما وقد تتعب الزوجة مع حماتها لكن ليس خسارة فى الزوج، فالفتاة التى ترى تدخل حماتها فى حياتها شيئاً غيرمقبول قد تراه أخرى محرومة من والدتها نعمة من الله، المشكلة هو إساءة تصرف الزوجين عند حدوث خلافات مع الحموات لذا يجب أن يتميز الزوج بالنضج واذا لم يستطيع الزوجان معالجة الأمر عليهما اللجوء إلى شخص حكيم ذى ثقة لاستشارته وآخر شىء يمكن التفكير فيه هو الانفصال.
ويقول الدكتور محمد أنور حجاب أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس : العلاقة بين الحماة وزوجة الابن من العلاقات الإنسانية الشائكة، والتي كثيرا ما تشوبها الخلافات والمعارك الحياتية، نتيجة الكثير من الأسباب، فأحيانا يكون السبب تسلط الحماة، أو عدم تقبل الزوجة لتدخل الحماة في حياتها الزوجية وفي علاقتها بزوجها، حتى وإن كان ذلك من منطلق النصيحة فقط، أو أن من أهم أسباب العداء الدائم بين الحماة وزوجة الابن،يرجع إلي أن الأم تكون متعلقة بشدة بابنها طوال فترة عزوبيته وما أن يتزوج ويستقل بحياته بعيدا عنها يتولد إحساس لدي الأم بأن الزوجة خطفت ابنها واستولت عليه لنفسها، وتتساوي في ذلك الأم المثقفة والمتعلمة والأمية، فالبشر جميعهم ينقسمون في علاقاته الاجتماعية الى قسمين أسوياء ومرضي، فالاسوياء يستطيعون التعامل مع الاشخاص بصورة طبيعية مليئة بالود والحب والثقة، أما المرضي فلهم أسبابهم النفسية ويعتبرون في علم النفس "منحرفيين سلوكيا " فهو ليس مريضا عقليا، ولكنه شخص طبيعى ولكن لديه بعض العيوب في شخصيته يظهرها مع الاشخاص الذين يسببون له نوعا من العدائية، إن المشاكل بين الحماة وزوجة الابن تبدأ عندما يعتقد أحد الطرفين أنه دخل حرباً ولابد أن ينتصر فيها مهما بلغت التضحيات حتى ولو كان الضحية هو الابن أو الزوج، والعلاقة بين الزوجة وبين الحماة تحتاج إلى الكثير من المهارة والذكاء لتنجح الحياة الزوجية ولتستمر على بر الأمان، وإذا حدث خلاف بينك وبين حماتك لا تجعلي الأمر يتطور إلى أن يجد زوجك نفسه فى موقف حرج بالمفاضلة بين زوجته وأمه، وأيهما ينصف وإلى أي جانب ينحاز.
فأمه مهما كان الأمر ومهما قست عليكى فهي دائما على حق من وجهة نظره ويتمنى أن تكون كذلك بالنسبة لك، ويجب عليكى أنك يوما ما ستصبحين أما وحماة، لذا عاملي حماتك كما تريدين من زوجة ابنك أن تعاملك فيما بعد، واعلمي أن الأم واحدة لا تعوض ولا بديل لها، فارضي بقراراتها وطريقة تعاملها كي ترضى على زوجك، وتسعدان بحياتكما معا، وساعديه علي أن يكون بارا بأهله، واعلمي أن زوجك لن يدخل الجنة إلا برضا أمه عليه.