التفاؤل سنة نبوية وصفة إيجابية للنفس السوية، يترك أثره على تصرفات الإنسان ومواقفه، وينم عن سلامة النفس والهمة العالية، والأمل يحفز المرء على العمل وهو تعبير صادق عن الرؤية الطيبة والقلب النقي.
التفاؤل سلوك نفسي حث عليه النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" وصفة من الصفات النبيلة والخصال الحميدة التي حبا الله بها نبيه الكريم ورسوله العظيم، إذ كان "صلى الله عليه وسلم" متفائلًا في كل أموره وأحواله، في حلِّه وترحاله، في حربه وسلمه، في جوعه وعطشه.
نعم إنه التفاؤل، ذلك السلوك الذي يصنع به الإنسان مجده، ويرفع به رأسه، فهو نور وقتما تشتد الظلمات، ومخرج وقت اشتداد الأزمات، ومتنفس وقت ضيق الكربات، وبه تُحل أعتى المشكلات، فعندما يتفاءل الإنسان ويتعلق برب الأرض والسماوات؛ يجعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن هم وأزمة فرجًا.
وكان رسول الله "صلى الله عليه وسلم" في أشد المواقف يغرس في نفوس أصحابه التفاؤل والأمل وعدم اليأس واليقين بالله، وعلمهم أن المحن والابتلاءات ليست إلا سحابة صيف ستزول وتمضي بفضل الله ورحمته.
فالإنسان صاحب الأمل يستطيع أن يرسم مستقبلًا إيجابيًا، والأمل سمة بارزة لأصحاب الهمم العالية، ومن يمتلك الأمل فهو يستمتع بفقه العطاء الذي يجلب السعادة لصاحبه في الدنيا والآخرة.
أما المتشائم فهو صاحب اليأس والنظرة الانهزامية، يعيش بصفة مستمرة حبيسًا في آلام الماضي، وصوره ومواقفه السلبية، ولا يستطيع الهروب منها.
الابتلاءات والشدائد في حياتنا ما هي إلا اختبارات؛ فهي سنة من السنن الإلهية، وتختلف درجة استقبالها وتقبلها من شخص إلى آخر حسب قوة إيمانه.
والأمل علامة من علامات الإيمان فالمؤمن الحق لا يتشاءم، ورسولنا الكريم يعلمنا ويحثنا على التفاؤل؛ وظهر ذلك في أحاديث كثيرة، ومنها: (إن قامتِ الساعةُ و في يدِ أحدِكم فسيلةً، فإن استطاعَ أن لا تقومَ حتى يغرِسَها فليغرِسْها).
فإن الذي يزرع شجرة يحتاج إلى أشهر وسنوات حتى يجني ثمرها؛ فهو لا يضمن أن ينتفع بها، ولكن سينتفع بها الآخرون.
إن الذين يمتلكون الأمل يمتلكون كل شيء جميل، حتى إذا مرت بنا الشدائد وأغرقتنا الأحزان فلابد أن نرى الأشياء الجميلة في الحياة، وحتمًا هناك أشياء جميلة تضيء أيامنا في الظلام الحالك، فلا تخشى من الظلام، فإنه يعني أن هناك ضوءًا يسطع من مكان قريب منك، إن اللهَ يقضي بالقضاءِ فمن رضي فله الرضا ومن سَخِط فله السُّخْطُ.
تعلم من أخطاء الماضي مهما كانت، فالتوبة حالة من النقد الذاتي والمراجعة النفسية، وباب من أبواب الأمل، فالغالبية يعتبر التوبة هي الإقلاع عن أخطاء الماضي، ولكنها فلسفة عدم اليأس.
فتعلم أيها الإنسان من المواقف والشدائد، وتأكد أن الله سيغفر لك، ولا تبكِ إذا ذهبت الشمس، فدموعك ستحجب عنك رؤية النجوم المتلألئة في أفق السماء.
* استشاري علم النفس والإرشاد الأسري والتربية الخاصة