Close ad

"يخوت" سيدي عبدالرحمن..

17-7-2022 | 15:09

على مدى العامين الماضيين، تعرض خلالها الساحل الشمالي الغربي عند خليج "سيدي عبدالرحمن"، إلى كثير من الجدل طرح وعدة تساؤلات تركزت حول مخاوف من تغيير لطبيعة المكان الهادئة، ووصول النحر إلى ساحل الخليج، وتولدت المخاوف وتصاعدت أثناء إنشاء مرسى ونادٍ لليخوت تقيمه إحدى الشركات الإماراتية، بعد قيامها بإنشاء مشروعها "مراسي" على الساحل شديد الخصوصية هناك.
 
بدأ الغيورون على حماية الساحل وطبيعته الخلابة، مؤخرًا، في توصيل رسائل تناولتها رؤى ومقالات الخبراء والمتخصصين عبر الإعلام ووسائل التواصل، وتناولها الجيولوجي صلاح حافظ رئيس جهاز شئون البيئة الأسبق، وكذلك الخبير المصرفي هشام عز العرب، وأيضًا السفير محمد مرسي، وآخرون، منهم من شاهد أعمال الإنشاءات للمرسى، وأبدى مخاوفه مما شاهده، ومنهم من نبه إلى ضرورة أخذ الحيطة قبل أن تتغير ملامح الساحل المتميز ويفقد خصوصيته فائقة الندرة بسبب "يخوت سيدي عبدالرحمن"، يخوت الشركة..
 
من المؤكد أن الشركة لم تبدأ في العمل وتنفيذ مشروعها، إلا بعد أن حصلت على كافة الموافقات والتراخيص الرسمية من الجهات المختصة في الحكومة، خاصة أن لديها من الخبرات التنموية والإنشائية الكثير، حيث تنفذ حاليًا حوالي 90 مشروعًا متنوعًا في مختلف الدول والمناطق، باعتبارها معنية بالتطوير العقاري، والمشروع يستهدف تقديم خدمات متكاملة لتزويد اليخوت بالوقود والمياه والكهرباء، ليصبح مركزًا إقليميًا لسياحة اليخوت في البحر المتوسط، ويستهدف لتحويل الساحل الشمالي إلى منطقة جذب على مدار العام.
 
ونتساءل: هل تتواءم مثل هذه المشروعات مع طبيعة الساحل الهادئة الخلابة، فالمشروع يتمدد ما بين البر والبحر، فضلا عن دخوله في نطاقات وحدود بحرية، إضافة إلى الطبيعة الخاصة للموانئ، وحركة دخول وخروج اليخوت، فضلا عن محطات التزود بالوقود والطاقة، وما يصاحبها من الأعمال الميكانيكية ومستلزماتها من زيوت المحركات، والحركة الملاحية بشكل عام، والتي تستقطب أحجامًا متعددة لليخوت السياحية "كروز- cruise" واليخوت الرياضية.
 
وبالرغم من الاحتياطيات الإنشائية لتلافي الآثار السلبية المتوقعة، فإن هناك استحقاقات للطبيعة الساحلية وللبيئة الاستثنائية السائدة على ساحل سيدي عبدالرحمن، وهو ما يثير المخاوف مستقبلًا من تغيير طبيعة المنطقة ومجالها الحيوي، ونظرًا لأن طبيعة المشروع العملاق – مساحته 1.16 مليون متر مربع – تتماس، بل تتعارض مع خصوصية الساحل وطبيعته الساحرة، فقد حدث نحر شديد على الشواطئ المجاورة للمراسي شرقًا بدأت العام الماضي فور بدء بناء المارينا، وظهرت بشدة هذا العام، وأصابت الشواطئ المجاورة، وامتدت عبر عدة قرى وتقترب الآن من العلمين الجديدة، كما يشرح السفير محمد مرسي، ويكشف أنه بعد تعدد شكاوى القرى شرقي مراسي تدخل المسئولون، وعقدت عدة اجتماعات خلال العام الماضي مع الأطراف المعنية انتهت بإجبار الشركة التي قامت بحل مؤقت بوضع شكائر أو أجولة مليئة بالرمال لمحاولة وقف النحر.
 
الرأي الحاسم والدراسة المتخصصة يقدمها الجيولوجي صلاح حافظ، موضحًا أنه بعد أن حصلت قرية "مراسي" على موافقات مشروطة بإنشاء مارينا يخوت من الجهات الإدارية المختصة، وهي اللجنة العليا لحماية الشواطئ بوزارة الري والموارد المائية وعضوية وزير البيئة ورئيس هيئة حماية الشواطئ وشخصيات متخصصة، استمرت مفاوضات إعطاء هذه الموافقة عدة سنوات والتقدم بدراسات كثيرة، وذلك لحساسية هذه المنطقة بيئيا؛ كونها خليجًا رمليًا قابلًا للنحر أبتته الدراسات المتخصصة المدعمة بالنماذج الهندسية للوضع، بعد، وخلال فترة الإنشاء، وتتعرض الدراسة لعدد من الاحتياطيات الإنشائية لتلافي الآثار السلبية المتوقعة والتعهد بمراقبة هذه التغيرات في المناطق المحيطة في فترة الإنشاء وعند التشغيل لأخذ المعايير اللازمة لتصحيح أي آثار سلبية قد تنتج من إنشاء هذا المشروع.
 
وبعد القيام بأعمال الإنشاء خلال فترة الشتاء، وجدنا أن هناك نحرًا شديدًا على شاطئ ستيلا سيدي عبدالرحمن، وشاطئ الدبلوماسيين المجاور، وظهرت الصخور في كل مكان، وتقدم البحر داخل الشاطئ بمسافات تتراوح بين عدة أمتار وما يزيد على عشرات الأمتار، تقدمنا بشكاوى بحدوث نحر شديد.
 
نطالب إيقاف المشروع حاليًا بالمخالفة للرسومات التي تمت الموافقة عليها، والتنبيه على الشركة بسرعة وضع خطة عاجلة لحماية المناطق شرق المشروع، والتي تعرضت للنحر من خلال حلول سريعة وعاجلة بالتغذية بالرمال من ناتج التكريك بين الحاجز والممر المائي، وقالت هيئة حماية الشواطئ بوزارة الري، إن النحر نتج عن هذا المشروع، ما يستوجب وقف الأعمال فورًا، ومراقبة التغير في خط الشاطئ تاريخيًا في الفترة الأخيرة ويحدد اللازم عمله لوقف التدهور الحالي والمتوقع.
نعلم أن التشريعات والقوانين تجرم تدمير البيئة والشواطئ، فقد تسبب المشروع في منع حركة الأمواج والرمال المتجهة طبيعيًا من الغرب للشرق، منذ آلاف السنين، وكانت تغذي هذه الشواطئ بشكل طبيعي بالرمال وتعوض ما يلتهمه البحر منها كل عام.
 
أحد الملاك تساءل عن المخطط العلمي والهندسي الذي تمت الموافقة عليه لإنشاء المارينا بقرية مراسي وبدهشة يقول: نظرًا لأن المتعارف عليه علميًا لإنشاء مارينا بهذا الحجم الكبير لا يمكن إقامته على خليج، ولكن تحتاج إلى بحر مفتوح للدخول على مساحات في البحر لتنفيذها.
ليس هناك تعارض بين متطلبات التنمية والاستثمار، لكن الاستثمار لابد ألا يتعارض مع التنمية المستدامة التي هي حق الأجيال المقبلة، ولكي يحسم الأمر.
 
لماذا لانستعين بخبرات نقابة المهندسين من خلال النقيب المهندس طارق النبراوي ليقدم الرأي الهندسي والعلمي والبيئي، الذي لا يغفل متطلبات الاستثمار دون التعرض للمجال الحيوي والطبيعي والبيئي للساحل، بل سيحفظ حق الأجيال المقبلة والزمان والمكان في بيئة حيوية مستدامة.
 
[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: