يحقق مبدأ إعلان "الحدائق الجيولوجية - Geoparks" أهدافا مباشرة وغير مباشرة، محلية وعالمية، بمعنى أن هناك فوائد مباشرة قريبة، وايجابيات علي المدى الطويل من تحديد وتخصيص مناطق وإعلانها "حدائق جيولوجية".
الفوائد القريبة هي تحسين البنية التحتية للمناطق الريفية من خلال تطوير السياحة الجيولوجية عبر بناء الطرق، وإنشاء وتحسين أماكن الإقامة، وتزويد المناطق النائية بالكهرباء ومياه الشرب، وتخصيص مساحات مناسبة لبيع المنتجات المحلية، فضلا عن تطوير المتاحف والمراكز الثقافية، والإعلامية، كما تتطور المجتمعات المحلية لتصبح أكثر انخراطًا في تنميتها وحمايتها الذاتية، وبالتالي تستفيد من الإيرادات الناتجة عن الأنشطة المصاحبة، مثل السياحة الجيولوجية، التي هي شكل من النشاط السياحي الرفيع.
أما الإيجابيات، علي المدى الطويل، فتشمل تعزيز التنمية والموارد البشرية، والحفاظ على هوية المجتمعات المحلية وتعزيز دورها الاقليمي، مع مراعاة مصالح جيولوجيتها وثقافتها وجمالياتها وتراثها ورفاهية سكانها، كما تشكل، الحدائق الجيولوجية ومناطق محميات المحيط الحيوي، كمساحة لتعزيز السلام المستدام.
أيضا، يساعد الاتجاه لإنشاء "حدائق جيولوجية دولية" عابرة للحدود، في الإقليم العربي وإفريقيا، على معالجة النزاعات من خلال تمكين المجتمعات المحلية، من مختلف البلدان، للعمل معًا في إدارة مواردها الطبيعية، وقبول وإدارة اختلافاتهم وتنوعهم، مثل المناطق الطبيعية أو الثقافية الأخرى المتماثلة، كما سيؤدي توظيف هذه الحدائق، إلى تعزيز التسامح وثقافة الحوار بين المدن و الدول والتجمعات الإقليمية، من خلال دعم التنوع وتشجيع التبادل الثقافي والفني، وتيسير سبل التعليم وتبادل المعلومات والإبداع، وإنشاء المتاحف للقيام بتنمية سياحة مستدامة صديقة للبيئة.
ولتعريف الحديقة الجيولوجية، هي منطقة موحدة تعنى بتعزيز حماية واستخدام التراث الجيولوجي بطريقة مستدامة، تعزز الرفاهية الاقتصادية للأشخاص المحليون، وهناك حدائق جيولوجية عالمية، وحدائق جيولوجية وطنية.. وطبقا لليونسكو، فهي منطقة ذات تراث جيولوجي له أهمية دولية، تعمل على استخدام الطاقة المتجددة وتوظيف أفضل معايير "السياحة الخضراء"، والترويج لها في الحدائق الجيولوجية.. إذن فهذه الحدائق تحمل مفهوما شاملا للحماية والتعليم والتنمية المستدامة الواعية.
ومن بين أهم المبادرات المعززة للعمل البيئي، "الخدمة التطوعية"، وهي هنا للحدائق الجيولوجية والمحميات الحيوية، والمقترح أن يخصص للمتطوع مقابلًا ماديًا لضمان جدية العمل واستمراريته، ولعل الطلاب في الجامعات هم الأكثر مواءمة مع هذا المقترح، باعتبارهم الأكثر وعيا بما تحتويه تلك الحدائق، وأهمية وطرق رعايتها وتنمية الوعي بدورها وبطبيعتها.
في ألمانيا هناك مبدأ التطوع، ويسمى "الخدمة التطوعية الاتحادية"، وهي فرصة متاحة للأشخاص من مختلف الأعمار، خارج إطار العمل والمدرسة، للمساهمة بالجهود في المجالات الاجتماعية والحيوية والثقافية، وتستمر الخدمة بها 12 شهرا، ويحصل المتطوعون مقابل عملهم على مصروف جيب، وليس على راتب دائم.
وهناك مبادرة أخرى، وهي إعداد منح تدريب للطلبة "تدريب بيئي" في المحميات الحيوية والمتنزهات الطبيعيية، وأن يرشح القائمون على التدريب، عددا من المتقدمين من الجامعات والمدارس لهذه الخدمة، بتمويل من البنوك لفرص محددة للتدريب العملي لهم علي مدار العام، وتمنح المشاركين مصروف جيب خلالها، وهذا يحقق رفع مستوى الوعي لدى الطلاب، وأيضا الحماية المناسبة لتلك الحدائق.
في 2004، اعتمدت اليونسكو 17 حديقة جغرافية دولية، وفي الشأن الوطني، يستعد برنامج "الماب" المصري في نشرته المرتقبة،" Bulletin-MAB " للتعريف بعيده الخمسين، بتقديم " MAB-Arab "، حول الحدائق الجيولوجية بموضوعات بحثية ومرجعية عن" Geoparks، ودور السياحة الجيولوجية فى تنمية المجتمعات المحلية والنهوض بالاقتصاد الوطني.
ومنحت "اليونسكو" أبريل الماضي، 8 حدائق جيولوجية وطنية جديدة لتنضم إلى سلسلة الحدائق الجيولوجية العالمية، شملت حديقتا سيريدو، ومسارات الأخاديد "البرازيل"، وسالباوسيلكا "فنلندا"، وريس "ألمانيا"، وحديقة كيفالونيا-إيثاكا "اليونان"، ومولردال "لكسمبرغ"، وأرض بوزو "رومانيا"، وبلاتوبيرينز "السويد"، ليصبح عددها 177 حديقة في 46 دول.
ماذا عن حاضرة الدنيا وبستان العالم، "مصر"، التي يقول الخبراء، إن بها كنوزًا جيولوجية تعادل ثلثي كنوز الأرض قاطبة.. هناك اتجاها للتنسيق مع "اليونسكو" للإعلان عن أول حديقة جيولوجية في مصر، في أكبر واحاتها المتكاملة في "الفيوم"، التي تكتظ بحفريات ما قبل، وبعد، التاريخ، فضلا عن الآثار من العصر الفرعونى والرومانى والقبطى والإسلامى، والتنوع البيئي الحيوي فائق الندرة، المكتملة بعوامل الجذب الجيولوجي العلمي والسياحي في نطاق "محمية وادى الحيتان" المدرجة ضمن قائمة التراث الطبيعى العالمى باليونيسكو، وشملت اكتشاف، يوضحه المستشار السابق لوزارتي السياحة، والبيئة محمود عبد المنعم القيسونى، بأنه الحلقة المفقودة بين "السحلية الملك" ذات الأرجل منذ ملايين السنين، وبين "الحوت" السابح فى مياه المحيطات اليوم، وهو اكتشاف يعتبره علماء الحفريات كحجر رشيد.
بحيرة قارون تضم أيضا أكبر المقابر الجيولوجية بالقارة الإفريقية، لاحتوائها على رواسب وحفريات بحرية ونهرية وقارية منذ 40 مليون سنة، منها هياكل أسلاف الأفيال وفرس النهر والدرافيل والقروش والقرود والطيور وأضخم غابة متحجرة بمصر، كما اكتُشفت مدينة تعود للعصر الحجرى منذ 5 آلاف سنة قبل الميلاد، مع 30 موقع آثار , معابد وأهرامات ومسلات، وتنوع حياتى من الغزال الأبيض المصرى وثعلب الفنك والثعلب الأحمر والقط البري و١٦ نوعا من الزواحف.. هذه حديقة جيولوجية بامتياز يترقب إعلانها بشغف، في مصر وخارجها، العالم والسائح والدارس.