حضر العيد وغابت أنماط التواصل الاجتماعي الحقيقية التي كانت تتمثل في زيارات الأهل ودق أبواب الجيران والتجمع مع أفراد الأسرة للاستمتاع بأجواء المناسبة السعيدة، تلك الأجواء التي أضاعتها التكنولوجيا عندما حولت الزيارات لمكالمات هاتفية والتهاني لرسائل إلكترونية جافة لتدفع الشبكة العنكبوتية - الإنترنت - بزمن التواصل الجميل إلى الوراء.
التكنولوجيا متهمة
ورغم فوائد التكنولوجيا وقدرتها على إحداث نقلات نوعية لكل من الفرد والمؤسسات والمجتمعات، إلا أن غالبية الأفراد يستخدمونها بطريقة غير مفيدة متجهين في استخدامهم هذا نحو الجانب السلبي فشأنها شأن كل شيء آخر يحمل وجهان ويتمثل الجانب السلبي للتكنولوجيا فيما يخص استخدامات الأفراد، حيث تطبيقات التواصل الاجتماعي المختلفة أن الغالبية باتوا يعتمدون عليها في التواصل مع بعضهم البعض ليقتصر هذا التواصل على رسالة صوتية أو مكتوبة بدلًا من التواصل الحقيقي الذي تلتقي فيه العيون وتتصافح فيه الأيدي ويلتقي خلاله الأحباب من الأهل والجيران.
الدور التثقيفي غائب
وبالحديث مع خبراء علم الاجتماع أشاروا إلى الدور التثقيفي، حيث نخبة المثقفين الذين عليهم دور متزامن مع كل تطور جديد يظهر في المجتمع وهو التوعية به وبطرق التعامل معه.
الشبكة العنكبوتية
فتقول الدكتورة هالة يسري أستاذ علم الاجتماع بمركز بحوث الصحراء إن أطفالنا وشبابنا وهما أكثر الفئات تأثرًا بالتطور التكنولوجي، وربما الأكثر تعاملًا معه بحاجة إلى توعيه بأساليب استخدام هذه التكنولوجيا بما يعود عليهم بالنفع حتى لا يضيعوا بين دوائر الشبكة العنكبويتة.
التوعية في المدارس والجامعات
وتضيف أن التوعية بالتكنولوجيا الحديثة وتحديدًا طرق الاستخدام الصحيح لمواقع التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا" يجب أن تنتقل إلى المدارس والجامعات والنوادي ومراكز الشباب وصالونات الثقافة وكل تجمع مجتمعي يُمكّن التوعية من الوصول إلى البيت المصري.
حماية جيل المستقبل
وتؤكد أستاذ علم الاجتماع بمركز بحوث الصحراء أن شبابنا الذين هم أطفال الأمس يمارسون اليوم ما نشأوا وتربوا عليه وتلقوه في الماضي؛ لذا فإننا عندما نتوجه إلى التوعية منذ الطفولة بالاستخدام الصحيح للتكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي إنما نزرع لمستقبل أفضل وأكثر أمانًا لشبابنا.
وتضيف - وقد حمل حديثها أجواء زمن التواصل الجميل - كنا نستقبل الأعياد قديمًا بالملابس الجديدة والذهاب إلى الصلاة وتبادل التهاني مع الأصدقاء والجيران والأهل ثم نعود إلى المنزل لتجمع أفراد الأسرة الواحدة مستأنسة ببعضها البعض ونحصل على العيدية فننحني على يد الوالد لنُقبّلها امتنانًا لهذا السلوك الذي يحمل لنا السعادة وتبدأ بعد ذلك الزيارات فكنا نذهب في جماعة لزيارة الأهل وكذلك نستقبل البعض ونجتمع أمام شاشة التلفاز ضحكاتنا أما الآن وفي عصر التكنولوجيا ومع الاستخدام الخاطئ لها فيمكنني القول بأن الشبكة العنكبوتية تزحف بزمن التواصل الجميل إلى اللا عودة.
ضحايا الإنترنت
ويقول الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي إن هناك ضحايا لا تراهم عين القانون وهم شباب اليوم الذين جنت ولا تزال تجني عليهم استخداماتهم الخاطئة لمواقع التواصل الاجتماعي، متفقًا مع أستاذ علم الاجتماع في ضرورة تفعيل الدور التثقيفي لنخبة المثقفين في المجتمع بالاستخدامات الصحيحة للإنترنت وكيف يمكن الاستفادة منه ليصبح إضافة لكل فرد وليس هادمًا لأمور كثيرة أهمها الروابط الاجتماعية.
الروابط الاجتماعية في خطر
ويضيف أستاذ الطب النفسي أن اقتصار تبادل تهنئة الأعياد والمناسبات بين الأفراد على الطرق الإلكترونية يحرم الأفراد من المتعة الحقيقية في التواصل والراحة النفسية التي تعود على النفس البشرية بعد صلة الرحم وشعور الأمن النفسي والسلام الداخلي والرضا الذي يعقبه شعور بالسعادة كل هذه المشاعر يتعرض لها الإنسان عند صلة الرحم وتبادل الزيارات العائلية على أرض الواقع قائلًا: "احذروا الجلوس كثيرًا بصحبة الإنترنت فأنتم تخسرون أوقاتكم وروابطكم الاجتماعية بأهلكم رغم تقارب الأجساد".