د. وفاء على: الدولة رتبت أولوياتها فى هذا الملف مما ساعدها على تحقيق أهدافها
موضوعات مقترحة
د. أحمد زكريا: الرمال السوداء تحتوى على كثير من المعادن النادرة كالذهب
فى إطار المشروعات القومية الكبرى، يحظى ملف الثروة المعدنية، وفى مقدمتها الرمال السوداء باهتمام كبير، حيث تعد مصر من الدول التى لديها احتياطى كبير من الرمال السوداء، وتمت ترجمة هذا الاهتمام عمليا منذ عام 2016، بصدور قرار إنشاء شركة لاستغلال الرمال السوداء، بجانب الاهتمام الكبير بالبحث العلمى فى هذا المجال، حيث تسعى الدولة جاهدة إلى أن تسهم مشروعات الرمال السوداء خلال السنوات المقبلة إلى الناتج القومى بنحو 5 إلى 10 مليارات جنيه.
تضم الرمال السوداء، أهم المصادر الأساسية لكثير من المعادن ذات الأهمية الاقتصادية، مثال اليورانيوم المشع، والزركون ومعادن أخرى تدخل فى صناعة الصواريخ وهياكل الطائرات، والسيارات السيراميك والبويات ومواد الإشعاع النووى، حسبما تقول الدكتورة وفاء على، أستاذ الاقتصاد وخبير أسواق الطاقة، إن الرمال السوداء تحتوى على نحو 41 عنصرا معدنيا، ويتم فصلها فى أماكنها بأجهزة خاصة تتحول بعدها إلى منتجات إستراتيجية.
تؤكد الدكتورة وفاء، أن الثروة المعدنية المصرية جزء مهم وشديد التأثير فى الناتج القومى، وكل الشواهد العالمية تدل على تقدم مصر فى ترتيبها العالمى للرمال السوداء، وقد رتبت مصر أولوياتها فى هذا الملف وهو ما ساعدها على تحقيق أهدافها سريعاً باستقرارها السياسى، وكذلك بنيتها التحتية القوية، وكذلك بنيتها التشريعية، بقانون الثروة المعدنية الجديد ولائحته التنفيذية 145 لسنة 2019، التى مكنت الدولة من الاستفادة الاقتصادية، من مشروعات استغلال الثروات المعدنية وتحقيق التنمية والقيمة المضافة.
اكتشاف جديد
تشير الدكتورة وفاء على، أن آخر مسح قامت به الهيئة النووية المصرية، كشف عن امتلاك مصر 11 موقعا على السواحل الشمالية، بتركيزات مرتفعة بدءا من رشيد حتى العريش، بطول ساحل قدره 400 كيلو متر وقد قامت الدولة بإنشاء الشركة المصرية للرمال السوداء لتعظيم الاستفادة الاقتصادية من مشروع استغلال المعادن الاقتصادية، من الرمال السوداء، مع الالتزام بمعايير السلامة البيئية الصحية المتبعة عالميا، وتحقيق القيمة المضافة، لخلق استثمارات جديدة تعمل على تنمية وتطوير الاقتصاد المصرى وتقدمه.
وتضيف دكتورة وفاء، أن هيئة المواد النووية المصرية والشركة المصرية للرمال السوداء، قد قامتا بتوقيع اتفاقية للاستفادة من الرمال السوداء وإقامة الصناعات التكميلية، والمتطورة القائمة على معالجة هذه المعادن، وهى خطوة ضرورية لاستغلال المقدرات والثروات الطبيعية، كأحد محاور زيادة الدخل القومى، وتوطين الصناعة الوطنية، كذلك سد الفجوة بين ما يتم استيراده واحتياجاتنا توفيرا للنقد الأجنبى، ورفع العبء عن الاحتياطى النقدى.
كما قامت الدولة، بعمل عدة مشروعات قومية فى هذا المنحى بمحافظة كفر الشيخ، ومنها مصنع البرلس للرمال السوداء، وكذلك منطقة بلطيم والمصنع الأول شرق البرلس، كما تمت الاستعانة فيه بخبرة أسترالية لتأهيل المنطقة، التى كانت بركا ومستنقعات وتطلبت جهدا كبيرا على مساحة 80 فدانا.
أما المشروع الثانى، فيقام على مساحة 35 فدانا غرب البرلس، وتمت الاستعانة بخبرة صينية، إلى جانب استثمارات تصل إلى 24 مليون دولار، بالإضافة إلى التعاون مع جهاز الخدمة الوطنية، الذى يقوم بدور مهم فى عمليات التنقيب عن الثروة المعدنية، فيما تم تدريب الكوادر المصرية العاملة فى هذا المجال، باستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية العالمية، لتعظيم الاستفادة من الموارد الاقتصادية المتاحة، والقيمة المضافة وأيضا استغلال الطلب العالمى عليها بتصدير الفائض.
تواصل الدكتورة وفاء قائلة: تم استيراد كراكة هولندية عملاقة، لبدء أعمال التكريك، وهى أول كراكة تعمل بالطاقة الكهربائية تزن 550 طناً، صممت خصيصا لشركة الرمال السوداء، بطاقة إنتاجية تصل إلى 2500 طن، رمال سوداء فى الساعة، وهى جزء مهم فى عملية التكريك، وقد تم شحنها من ميناء روتردام الهولندى، إلى الإسكندرية ثم قطرها لمنطقة بوغاز البرلس، ثم سحبها وتفكيكها إلى مصنع الركاز وتجميعها، وبدأت أعمال التنجيم بها فى العام الماضى، وهى كراكة عائمة تعمل فى البحيرات الصناعية، وتستخدم أيضا فى فصل المعادن.
والرمال السوداء - على حد قول الدكتور أحمد زكريا نوح، بمركز بحوث البترول - عبارة عن رواسب تنتج عن تفتت الصخور النارية، والمتحولة فى هضبة إثيوبيا، وجبال الدرع النوبى، التى تكونت بواسطة فيضانات نهر النيل، خلال العصر الحديث منذ عدة آلاف من السنين، وتم ترسيبها عند مصب النيل بالقرب من رشيد ودمياط، وعلى طول ساحل البحر المتوسط فى 11 موقعا، تمتد من مدينه رفح شرقا، حتى خليج أبو قير غربا، وهى رواسب شاطئية سوداء ثقيلة، تتراكم على بعض الشواطئ بالقرب من مصبات الأنهار الكبيرة، وتتركز هناك بفعل تيارات الشاطئ على الحمولة التى تصبها الأنهار فى البحر، وتتكون من المعادن الثقيلة، خصوصا معدنى الماجنتيت والألمنيت، وتستغل كخامات للحديد. كما تحتوى عادةً نسبة صغيرة من المعادن المشعة كالمونازيت وغيره، وكلها معادن يغلب عليها اللون الداكن.
معادن نادرة
يوضح أن هناك نوعين من الرمال السوداء، بحسب تركيز المعادن الثقيلة، نوعية داكنة اللون غنية بالمعادن الثقيلة (70 - 90%)، ونوعية رمادية تحتوى على نسبة أقل من المعادن الثقيلة، وتستغل هذه الرمال السوداء من أجل استخراج معادن الحديد والمونازيت، وأهم البلاد التى تستغلها الهند والبرازيل ومصر.
ويواصل د. أحمد زكريا قائلا: إن الرمال السوداء، تحتوى على كثير من المعادن النادرة كالذهب ويقدر بنحو نصف جرام فى الطن، الكاسيتريت الألمنيت والروتيل الألمنيت، تستخدم فى إنتاج معدن التيتانيوم لصناعة هياكل الطائرات والصواريخ، ذات الأرتفاعات العالية لمقاومة الظروف الكونية الروتيل هو المادة الاساسية فى صناعة البويات (الأصباغ)، والزركون يستخدم تزجيج السيراميك العالية على امتصاص النيترونات ولذا يستخدم فى المفاعلات النووية، لكبح جماح التدفق النيترونى الهيفنيوم، ويكون مصاحبا للزوكلنيوم، فى مركباته أكاسيد الحديد لإنتاج الحديد الصالح للاختزال المباشر، المونازيت فوسفات للعناصر الأرضية النادرة، وهو غنى بمعدن الثوريا - أكسيد الثوريوم ويستخدم فى المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة، والرمال السوداء(رواسب المراقد)، عبارة عن مجموعة من المعادن الثقيلة، التى يزيد المعدن عندها على 2.7 ويعزى تجمع المعادن الثقيلة، إلى أن لها تركيبا كيميائيا ثابتا ومستقرا تجاه عمليات التجوية الكيميائية، وأنها شديدة الصلابة تجعلها شديدة المقاومة لعمليات التعرية الفيزيائية، فهى تتكون نتيجة للتفكك بسبب عمليات الحت، وتترسب بعد نقلها فى بعض الشواطئ بالقرب من مصبات الأنهار الكبيرة، وتتركز هناك بفعل تيارات الشاطئ، على الحمولة التى تصبها الأنهار فى البحر، وأهم المعادن الثقيلة الموجودة ضمن هذة الرواسب: الذهب، والبلاتين، والمونازيت.
كنز طوله 400 كيلو متر
تؤكد العديد من الدراسات، التى أَجريت على الرمال بمحافظة كفر الشيخ، أنها تحتوى على ما يقرب من 250 مليون طن من الرمال السوداء، ووجود احتياطى آخر يعادل 200 مليار متر مكعب، مما يجعل مصر أكبر احتياطى من الرمال السوداء بالعالم، وعكفت جامعة كفر الشيخ على دراستها العلمية، وأبحاث خاصة بالرمال السوداء، لاستخدام ما يتم فصله من الرمال فى مجال الناتو تكنولوجى، لتطوير الصناعات الإلكترونية، لتكون نقطة تحول فى مجال الصناعة فى مصر.
وبشكل عام، تحتضن الشواطئ المصرية بمساحات شاسعة كنزا اسمه الرمال السوداء، تلك الرمال المتوافرة على سواحل مصر المطلة على البحر المتوسط، من رشيد إلى رفح بطول 400 كيلو متر، وتنتشر بفعل التيارات البحرية والأمواج، فى تلك المناطق، إلى جانب وجودها فى الكثبان الرملية.
ومع الأخذ فى الاعتبار أن هذه الثروة لا تحسب بالكمية، لكن وفقا للوفرة والكثافة، ونسب المواد المشعة الموجودة بالعنصر، تتميز مصر بتركز العنصر فى الحجر الحبيبى، وهو يعنى سهولة الفصل الميكانيكى، غير المكلف ولبيان الأهمية الاقتصادية الاحتياطى الجيولوجى، لرواسب الرمال السوداء يمثل 200 مليار متر مكعب من الرمال الجافة، موزعة ما بين رشيد حتى العريش، لتشغيل مصنع لمدة 150 عاما، بطاقة استهلاك الخام مقدارها 1000 متر مكعب فى الساعة على مدار 24 ساعة.