3 يوليو 2013 كان – وما زال – يوما من أيام مصر .. فيه حبس ملايين المصريين أنفاسهم في كل ميادين وشوارع وحواري وأزقة مصر انتظارا لقرار وطني يستعيد به المصريون وطنهم الذي اختطفه مكتب إرشاد الجماعة وقرر مصادرته لحساب التنظيم لمئات السنوات القادمة!
مرت ساعات هذا اليوم بطيئة وثقيلة وكأن عقارب الساعة توقفت عن الدوران.. ومشاعر جموع الشعب المصري تتأرجح بين اليأس والرجاء.. بين الخوف من تمام ضياع الوطن، وبين الرغبة والأمل في استرداده من جديد حتى شق صمت انتظار الميادين كلام الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك عندما قال (تعطيل العمل بالدستور .. إلي آخر ما جاء في البيان من قرارات)
في هذه اللحظات ضجت ميادين مصر وشوارعها بالهتافات معلنة نجاح ثورتها في استرداد الوطن، وكان على الشعب والجيش والشرطة إدراك أن معركة استرداد الوطن لم تنته.. بل بدأت منذ إعلان هذا القرار، وأن هناك تضحيات كبيرة لا بد منها سوف يقدمها رجال جيشنا وشرطتنا البواسل، والشعب المصري في ملحمة وطنية رائعة يعرف قدرها وقيمتها من يعرفون معني الوطن وقيمته..
وبمناسبة 3 يوليو.. هذا اليوم المشهود.. هل هناك علاقة بين الإنجاز، والحوار الوطني، والهبد كما جاء في العنوان؟
أقول: نعم بكل تأكيد توجد علاقة واضحة.. علاقة طردية يلحظها كل شخص فاهم وواعي ومراقب ومتابع لكل ما يجري على أرض الوطن..
منذ أن بدأت مسيرة بناء الجمهورية الجديدة، وكل يوم.. بل كل ساعة نشهد بأم أعيننا إنجازا - كبيرا كان أو صغيرا - يتحقق، ومع كل إنجاز تدور ماكينة الهبد والتشكيك، وكلما كان الإنجاز عظيما كان الهبد كثيرا، والفرق بين الهبد والنقد كبير!
فبينما النقد الموضوعي ينطلق نحو البحث والإشارة إلى إيجابيات وسلبيات الإنجاز من أرضية وطنية تستهدف الوصول إلى درجات متقدمة من الكمال، ينطلق الهبد نحو التشكيك والتضليل، وإشاعة حالة من اليأس بين الشعب بأن كل ما يجري هو لحساب الأغنياء وأصحاب الجاه والسلطان.. بل ذهب الهبد إلى أبعد من ذلك!
هبدوا بعنف عن جدوى العاصمة الإدارية، وعن أنها مدينة للأغنياء، وعن أنها ملاذ للسلطة بعيدا عن غضب الناس من الحكومة، هبدوا بشدة عن جدوى بناء المدن الجديدة في كل محافظات مصر بعد أن كانوا يشتكون مر الشكوى من الزحام والاختناق، وليه الحكومة سايبة الناس محشورة في علب سردين ؟
هبدوا في بناء آلاف الوحدات السكنية لتحويل حياة سكان العشوائيات الخطرة إلى حياة آمنة مطمئنة بعيدة عن خطر الموت بعد أن كانوا يصفون سكان العشوائيات بأنهم مراكز للتطرف والإجرام وزنا المحارم وتجارة المخدرات وبؤر للإدمان!
هبدوا في مشروعات الطرق والمحاور والكباري وقالوا: "هو احنا هناكل طرق وكباري.. كان أولى الفلوس دي الناس تاخدها تأكل وتشرب بيها" ، وكانوا من قبل يهبدون في الشوارع المزدحمة والطرق التي تقف فيها وسائل النقل بالساعات!
أول أمس في ذكرى يوم القرار تم افتتاح أكبر محطة تبادلية لوسائل النقل الحديث في الشرق الأوسط وإفريقيا لتسهيل انتقال الناس، وتسهيل الحركة بصورة حضارية، كما أنها بنية تحتية أساسية للاستثمار ولرجال الصناعة والتجارة، وربط مفاصل الوطن!
محطة عدلي منصور إنجاز حضاري يفخر به كل مصري يدرك معنى هذه المشروعات، ومع ذلك كان الهبد مع أول صورة حية من المشهد.. قطار كهربائي للأغنياء، وهو مين اللي هيركب ده؟ آه.. طبعا ده علشان العاصمة الإدارية.. إحنا عاوزين ناكل ونركب توكتوك.. وغيره من كل أصناف الهبد الذي يعبر عن التفاهة والسطحية واستهداف أي إنجاز!
أما علاقة الحوار الوطني بالإنجاز.. أتمني أن ينتج عن هذا الحوار إنجاز يحقق تماسكا وطنيا وإدراكا حقيقيا للأخطار التي تمر بها الدولة المصرية، وأن يكون المتحاورون علي قدر المسئولية الوطنية، وأن تكون لديهم رؤية بانورامية بعلاقة الوطن بما يجري حولنا في المنطقة وما يجري في العالم من تطورات وتحالفات ومصالح، وإنا لمنتظرون!
وحسنا فعل الرئيس عبدالفتاح السيسي عندما حسم الجدل حول مشاركة أهل الشر في الحوار، وغلق الطريق أمام كل من كانوا يحاولون النفاذ للحوار من تحت عقب الباب.. ليتوقف الهبد الذي كان يشير إلى أن هناك ضوءًا أخضر لمشاركتهم، وأن هناك ضغوطا من الخارج استجابت لها القيادة السياسية!
ويبقى هتاف "يسقط حكم المرشد" هتافا عبقريا لا يجب أن يغيب عنا ونحن نتذكر ثورة 30 يونيو ومشهد 3 يوليو، وتبقى كلمات الفنان محمود البزاوي في الاختيار 3 "مطلعش إخوان يا مكاوي".. كلمات ذات معنى ومغزى!