قريبًا قد نرى أحلام "أرض النفاق" ليوسف السباعي رؤيا العين، وافترض السباعي في بداية وقائعها محلا لبيع حبوب الأخلاق، عسى أن يجد وسيلة لاستقامة سلوك الناس، غير أن الواقع جعل حلمه حقيقة، ويجري حاليًا تجارب علمية لتنفيذ واقع الكاتب الأفتراضي، وبرغم هذا سوف يظل التحكم في الأخلاقيات إشكالية تبحث عن حل.
وتقوم التجارب تحت شعار أخلاقي كبير، تهدف إلى تغيير سلوكيات المجتمع للأفضل، وذلك عبر عمليات تعديل جيني طفيف أو بتصميم أجنة بمواصفات محددة، ونجحت تجربة الباحث "داني راينبرج" بجامعة بنسلفانيا في تعديل جينات أحد أنواع النمل، واستطاع أن يفقد النمل حاسته للشم، وأسفرت التجربة عن اضطراب في سلوك النمل.
وصار النمل بعد التجربة يرفض الزواج، ويتجول بمفرده بعيدًا عن مجموعته، وأكدت تجربة داني أهمية حاسة الشم لدى الحشرات، وأخضع باحثون من فريق البحث التجربة على الإنسان.
وبمزيد من الإصرار قدم المعهد الوطني العام للعلوم الطبية منحة قدرها 1.9 مليون دولار للباحث "بو إلوارد" لإجراء نفس التجارب على فصيل ما للأسماك، واستخدم فيها ما يسمى بـ "المقص الجيني" لحذف مستقبلات داخل الجينات.
وأعرب الباحث إلوارد عن أمله في التوسع في تلك التجارب على الحمض النووي والتحكم الهرموني في الخلية البشرية، ويطمح الباحثون العاكفون على هذه التجارب في تنقيح الشفرة الجينية وولادة أجيال أكثر نضجًا.
ومن جهة أخرى يحذر بعض العلماء من المضي في تصميم أجنة، لأنه ينتج عنها أجنة مريضة، وضربوا مثالًا على ذلك أن إضافة جين معين للفئران جعلها تمارس بشكل جيد المتاهات، لكن هذا الجين أثار لديها حساسية الألم بشدة.
ويدق ناقوس الخطر عالم الأخلاقيات الحيوية "رونالدجرين" من الاستمرار في تجارب تصميم الأجنة، وقال: هذا قد يكون مصحوبًا بأخطاء خطيرة ومشكلات صحية.
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد كل هذه التجارب: ما هي الطريقة المثلى لتهذيب المجتمعات البشرية؟ الإجابة المباشرة في اللجوء إلى تعاليم الدين، فقد أرسل المولى سبحانه وتعالى جميع الرسل والأنبياء لعبادة الله الواحد الأحد، ولتهذيب أخلاقيات المجتمع - كما جاء في الحديث الشريف -: "إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ".
ويمكن أن يعلق شخص ما بقوله: إن موضوع المناقشة هنا يدور حول التجارب العلمية، وليس متعلقًا بالحوار عن الروح والغيب، وأسأله: لماذا لا يخبرنا العلم عن ماهية الروح وإمكانية التحكم فيها؟ ومع ذلك فإن هذا لا يعني التقليل من شأن العلم.
وأوضحت الحقائق التاريخية والتجارب العلمية أن تغيير إرادة الإنسان لا تتحقق إلا بواسطة الالتزام بأخلاقيات العقائد السماوية.
Email: [email protected]