راديو الاهرام

حصيلة ربع قرن من الحرية في هونج كونج

4-7-2022 | 14:10

يوم الجمعة الماضي، الأول من يوليو، صادف مرور 25 عامًا على زوال الاحتلال البريطاني، ورفع العلم الصيني على الساري الرئيسي لمنطقة هونج هونج الإدارية الخاصة، وفقًا لمبدأ دولة واحدة ونظامين، وليصبح سكان الجزيرة أسياد مدينتهم.

في مثل هذه الأيام منذ ربع قرن، أوفدتني جريدة الأهرام الغراء لتغطية لحظة رفع العلم الصيني، إيذانًا بعودة الجزيرة للوطن الأم، وهي المناسبة التي وصفت بـ حدث القرن، ولن أنسى -ما حييت- مظاهر الفرحة، التي عمت هونج كونج وبكين، وقتها.

آخر حاكم بريطاني لـ هونج كونج، كريس باتن، رأيته وهو يجفف دموعه، في أثناء إنزال علم المملكة المتحدة، ويبدو أن مرور ربع قرن على الحدث، والنهضة التالية التي شهدتها الجزيرة، لم تمح مشاعر حزنه الدفين، ليعود بالبوح به من جديد.

قبيل انطلاق الاحتفالات الأخيرة في هونج كونج، قرأت تصريحات منسوبة للسير باتن، أدلى بها لهيئة الإذاعة والتليفزيون اليابانية،NHK، زعم فيها أن الصين تتصرف على نحو "مخزٍ ومخادع"، وأنه كان يأمل في أن يلتزم الحزب الشيوعي الصيني بمنح هونج كونج درجة عالية من الحكم الذاتي، وأن يدافع عن حرياتها.

تصريحات باتن تلقفتها الدوائر المناوئة لنهضة الصين، وذكرتني بمشهد هزلي، رأيته بهونج كونج، في يومي 30 يونيو و1 يوليو عام 1997، عندما ركز –وقتها- الإعلام الغربي، على تجمعات محدودة العدد، تظهر معارضة لعودة الجزيرة للصين، ولأن الأرقام لا تكذب ولا تتجمل، سوف أركز في هذا المقال على سرد بعض الحقائق التي تشير إلى مكاسب منطقة هونج كونج الإدارية الخاصة منذ عودتها للوطن الأم:

على الصعيد الاقتصادي، وحسب بيانات رسمية حديثة، أصدرتها وزارة التجارة الصينية، ارتفع حجم التجارة بين هونج كونج والبر الرئيسي الصيني بأكثر من 6 مرات، بين عامي 1997 وعام 2021، من 50.77 مليار دولار إلى 360.33 مليار دولار، بمتوسط زيادة سنوية 8.5 بالمائة.

في نهاية العام الماضي، 2021، تجاوزت استثمارات هونج كونج في البر الرئيسي 1.4 تريليون دولار أمريكي، وتعمق التعاون الاقتصادي والتجاري منذ عام 1997، واندمجت الجزيرة في التنمية الشاملة للصين، وأصبحت مشاركاً مهماً في التداول المحلي، ومساهماً رئيسياً في الربط بين التداولات المحلية والدولية.

في الوقت نفسه، وعلى مدار الـ 25 عاماً الماضية، عملت وزارة التجارة الصينية مع حكومة المنطقة الإدارية الخاصة بشأن آليات التعاون الاقتصادي والتجاري، وسهلت بناء منطقة خليج قوانجدونج - هونج كونج - ماكاو الكبرى، ودعمت مشاركة هونج كونج في مبادرة "الحزام والطريق"، ومن خلال توقيع اتفاق الشراكة الاقتصادية الأوثق والاتفاقيات ذات الصلة، تم تحرير تجارة السلع بين البر الرئيسي وهونج كونج بالكامل، وتحقق تحرير تجارة الخدمات بشكل أساسي.

صمدت منطقة هونج كونج الإدارية الخاصة الصينية، وهي واحدة من أكثر الاقتصادات حيوية وتنافسية في العالم، في اختبارات اقتصادية عديدة، وعززت مزاياها التقليدية كمركز مالي دولي خلال السنوات الـ 25 الماضية، وتعمل على تعزيز الابتكار العلمي والثقافي، ورفاهية الناس.

تظهر أحدث البيانات أن مؤشر مديري المشتريات في الجزيرة، الذي يقيس أداء القطاع الخاص، والمستمد من مسح شمل 300 شركة، قفز إلى 54.9 نقطة في مايو الماضي من 52.7 نقطة في الشهر السابق، وسجلت أنشطة القطاع الخاص زيادة للشهر الثاني على التوالي، وأقوى وتيرة منذ مارس عام 2011.

يقول جيمي تشيانج هوك-لاي، المدير العام المساعد لإدارة جذب الاستثمار الأجنبي المباشر لحكومة هونج كونج: "عززت بيئة الأعمال الحرة والمفتوحة ومعدلات الضرائب المنخفضة والنظام الضريبي البسيط لهونج كونج، ومكانتنا كمركز مالي دولي، ثقة المستثمرين الدوليين في إدارة أعمالهم هنا".
 
ضاعفت هونج كونج ناتجها المحلي الإجمالي إلى 2.86 تريليون دولار هونج كونج، أي 365 مليار دولار أمريكي، ونمت الاحتياطيات المالية واحتياطيات النقد الأجنبي للمنطقة بشكل كبير، وظل وضعها التقليدي كمركز مالي وتجاري مستقرا وتعزز بشكل مطرد.

أصبح لأكثر من 70 بنكا -من أكبر البنوك الـ 100 في العالم- تمثيل في هونج كونج، بزيادة تقارب 4 مرات، مقارنة بما كان عليه قبل 25 سنة.

تزيد الخطة الخمسية الـ 14 للصين (2021-2025) من دعم هونج كونج، لتصبح مركزا دوليا للابتكار والتكنولوجيا، ومركزا دوليا للخدمات القانونية وتسوية المنازعات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ومركزًا إقليميًا لحقوق الملكية الفكرية، ومركزًا للتبادلات الفنية والثقافية بين الصين وبقية دول العالم.

خلال السنوات الخمس الماضية، استثمرت حكومة هونج كونج 150 مليار دولار هونج كونج، أي 19.1 مليار دولار أمريكي، لتنمية التكنولوجيا المبتكرة، مما ضاعف عدد الشركات الناشئة وموظفيها في هذا المجال.

تدخل هونج كونج مرحلة جديدة من التنمية الشاملة من الصناعات التقليدية مثل التمويل والتجارة إلى الصناعات الناشئة، مثل العلوم والثقافة، وأعطت الحكومة المحلية الأولوية للتخفيف من حدة الفقر ورعاية المسنين، وكان لنصيب الرعاية الطبية والتعليم أكبر حصة من نفقات حكومة هونج كونج لسنوات عديدة.

قدمت الحكومة تعليمًا مجانيًا من مرحلة ما قبل المدرسة إلى المدارس الثانوية، منذ عام 2017، وحظي نظام الرعاية الطبية المطبق في هونج كونج، بأن تصبح الجزيرة واحدة من المناطق التي تتمتع بأفضل نظام للخدمات الطبية والضمان الطبي في العالم.

يقول بول تشان مو-بو، السكرتير المالي لحكومة هونغ كونغ: "يجب أن نستفيد من السياسات الداعمة التي تقدمها الحكومة المركزية في بكين، ونركز على التنمية الاقتصادية وتحسين معيشة السكان، وبعد 25 سنة من عودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم، نشعر أنها تدخل مرحلة جديدة للتنمية نحو الرخاء الذي نتطلع إليه".

على الصعيد السياسي والديمقراطي وحقوق الإنسان، وبموجب النظام الانتخابي الجديد في هونج كونج، أجرت المنطقة الإدارية الخاصة –بنجاح- انتخابات المجلس التشريعي للولاية السابعة والرئيس التنفيذي للولاية السادسة.

يقول الرئيس الصيني شيجين بينج: "إن النظام الانتخابي الجديد أثبت أنه لعب دورًا حاسمًا في تنفيذ مبدأ "الوطنيون يديرون هونج كونج"، وضمان تمتع سكان الجزيرة بوضع يمارسون فيه السيادة على منطقتهم، وتيسير بيئة جيدة تعمل فيها جميع قطاعات المجتمع معًا من أجل التنمية، موضحا: "هذا نظام سياسي وديمقراطي يتماشى مع مبدأ 'دولة واحدة ونظامان' ويتناسب مع واقع هونج كونج واحتياجات التنمية بها، يجب أن نعتز به وندعمه لفترة طويلة مقبلة".

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: