راديو الاهرام

المستحيل الذي تحقق في البترول

2-7-2022 | 17:01

إذا كان تقليديًا وما هو متعارف عليه في أن علم السياسية يُختزل في «فن الممكن»، فإن ثمة ما يمكن أن نقوله إن ما حدث في مصر خلال السنوات الأخيرة هو العمل على تحقيق «فن المستحيل»، وهو ما بدا لافتًا وبلغة الأرقام على كافة الأصعدة، لاسيما ذلك التحول الهائل في قطاعات الدولة على اختلافها، بيد أن تلك السياسة اللا تقليدية كانت تحتاج إلى جهدٍ مُضنٍ وقدرات هائلة لتحقيق تلك المُنجزات خلال تلك السنوات القليلة والتي لا تكاد تساوي صوابع اليدين. 
 
وبرؤية إستراتيجية ثاقبة، كانت الدولة المصرية في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، تعمل على كافة المحاور، في إطار تغيير وجه البلاد وتحقيق معدلات نمو مرتفعة، والخروج من ضائقة اقتصادية كادت تهوي بالبلاد بعد أحداث كبيرة شهدتها مصر عقب 25 من يناير لعام 2011 واستمرت حتى 2014، أثرت قطعًا على كافة القطاعات، وكان لا بد من وضع إستراتيجية صعبة في فحواها وكافة مضامينها، لكن العزيمة على تحقيقها كانت متوافرة ومن رأس الدولة؛ ممثلة في قيادتها السياسية، واعتمد في تحقيقها على رجال ثُقات قادرين على تحقيق تلك الرؤية التي تبدو، في واقع أمرها، مستحيلة، وكان من بين أولئك الذين تمتعوا بتلك الثقة وحازوا على ثقة القيادة السياسية المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية. 
 
قُبيل نحو 7 سنوات، تولى المهندس طارق الملا، حقيبة وزارة لطالما كانت محل رهان كبير في أن تكون قاطرة للتنمية الاقتصادية في مصر، لاسيما في ظل التحولات العالمية الهائلة، وأهمية ذلك القطاع في تغيير موازين القوى، ليس محليًا وإنما إقليميًا ودوليًا، ولربما لم نكن على دراية بتلك العُقدة الدولية التي نعاني منها الآن ممثلة في الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أضحى ملف البترول والغاز، لاعبًا رئيسًا فيها، إلا أن ما حققته الدولة المصرية ووزارة البترول والثروة المعدنية في هذا الملف الكبير خلال تلك السنوات، جعل مصر من بين الرهانات الدولية في سد العجز الأوروبي من الغاز، بعد أجواء تلك الحرب وتبعاتها، بيد أن الحُلم المصري بأن تكون مصر مركزًا إقليميًا للطاقة بأنواعها، تحول إلى حقيقة، وأضحت مركز ثقل إقليمي في هذا الإطار. 
 
وبات السؤال الجلي في هذا الأمر، ماذا لو كانت مصر على ما كانت عليه في السابق، ولم تسابق الزمن لتحقيق تلك الطفرة الهائلة التي حققتها بسواعد أبنائها وبرؤية قائدها وتنفيذ المسئول عن إدارة هذا الملف الكبير وهو المهندس طارق الملا؟ بطبيعة الأمر كنا سنواجه أزمة ضارية، لاسيما في ضوء تلك المتغيرات وما سبقتها من أزمة وباء عالمية هزت أرجاء الدول الكبرى، لكن ما شهدته مصر من معدلات نمو في مواردها من الغاز الطبيعى، والتطوير غير المسبوق لمصافي تكرير البترول وصناعات القيمة المضافة والبنية الأساسية واستدامة تأمين إمدادات الوقود، وكذلك النقلة النوعية في أداء شركات القطاع العام البترولى وفي مجال التعدين والتحول الرقمي ومواكبة التغير المناخي، تجعلنا نعزز من استمرارية هذا الدور، وندفع قدمًا نحو الإشادة لهذا الرجل الذي يرفع شعار الهدوء في عمله والأفعال دون الأقوال أو استمرارية الظهور الإعلامي دون تقديم أي شيء، لكنه خلال السنوات السبع التي تولى فيها حقيبة الوزارة جعل الجميع يسعون خلفه لتحقيق تواصل معه ولمعرفة كيفية تحقيق تلك النجاحات.
 
طموح المهندس طارق الملا، لا يتوقف بل دائمًا يسعى لتحقيق ما هو أفضل، دون توقف عند عتبة تحقيق إنجاز ما، بل طامح إلى تحقيق المزيد والمزيد، وطامع في أن تكون مصر ذات ثقل دولي مؤثر عبر هذا القطاع، فتطوير الأداء داخل قطاع البترول والإصلاحات الشاملة التى نفذتها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، مكنت القطاع من مواجهة تحديات غير مسبوقة يمر بها العالم والتي لولا التعامل مع آثارها، وفق سيناريوهات مُعدة مُسبقًا، لكانت النتائج فوق كل تصور، لكن تلك السيناريوهات أضحى إعدادها ممكنًا في ضوء عمليات الإصلاح المستمرة والتحديث والتطوير الدائم وفق إستراتيجية الوزارة في عهد «الملا».
 
ولعل شهادة المؤسسات الدولية المعنية بهذا القطاع، والإشادات التي أظهرتها تقاريرها، تدفعنا للتأكيد على أن تلك الإنجازات لم تكن مجرد أرقام لا تعكس واقعًا، بل إنه واقع نعيشه وتعتز بما حققته الدولة المصرية في هذا القطاع الحيوي، والمؤشرات المالية والاقتصادية لقطاع البترول، عكست تلك النجاحات، فقد ارتفعت صادرات القطاع لتصل إلى نحو 13 مليار دولار عن عام 2021 مقابل 7 مليارات دولار خلال عام 2020، بزيادة هائلة بلغت نحو 3ر84%، بينما شملت الزيادة في الصادرات، ارتفاعًا في قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي والغاز المسال، بصورة قياسية وغير مسبوقة، خلال عام 2021 بنسبة بلغت نحو 770%، حيث تمت إعادة تشغيل مصنع إسالة الغاز بدمياط واستئناف تصدير الغاز المسال بعد توقف دام 8 سنوات، وتشغيل مصنع إسالة وتصدير الغاز بإدكو، كما تم تصدير غاز طبيعي ومسال خلال الفترة من يناير حتى نهاية إبريل 2022 بقيمة 9ر3 مليار دولار تعادل 63 مليار جنيه بسبب زيادة الأسعار العالمية.
 
ولعل نجاح قطاع البترول في عهد المهندس طارق الملا، في التحول من عجز في الميزان التجاري البترولي إلى تحقيق فائض، يؤكد جدارة الرجل في أداء مهمته باستحقاق يجعلنا نرفع القُبعة له، حيث حقق القطاع، لأول مرة منذ سنوات طويلة، فائضًا في الميزان التجاري عن عام 2018/2019 بلغ حوالي 9ر9 مليار جنيه، كما بلغ الفائض في الميزان التجاري البترولي خلال عام 2021 ما يعادل حوالي 4ر46 مليار جنيه، بل إن الخزانة العامة للدولة آل إليها من قطاع البترول عن عام 2020/2021 حوالي 33 مليار جنيه بالمقارنة بعجز بلغ حوالي 4ر77 مليار جنيه عام 2016/2017.
 
الإنجازات الداخلية جعلت من رؤوس الأموال الأجنبية تطير ناحية الدولة المصرية للتوسع في الاستثمارات في قطاع البترول المصري، بل فتح شهية العديد من الشركات العالمية لضخ مزيد من الاستثمارات التي بلغت في القطاع حتى نهاية أبريل 2022 حوالي 2ر1 تريليون جنيه منها 778 مليار جنيه مشروعات بدأ تشغيلها و119 مليار جنيه مشروعات جار دراستها و292 مشروعًا جار تنفيذها منها 6 مشروعات تكرير بقيمة حوالي 131 مليار جنيه جار تنفيذها لزيادة الطاقة الإنتاجية من المشتقات البترولية، ومن ثم تقليل الاستيراد.
 
بل خلال السنوات الماضية، تم طرح 10 مزايدات عالمية خلال تلك الفترة للبحث عن البترول والغاز في المناطق البرية والبحرية في كل من البحرين المتوسط والأحمر والدلتا والصحراوين الغربية والشرقية وخليج السويس وصعيد مصر، وقد أسفرت 9 مزايدات منها عن ترسية 39 منطقة للبحث عن البترول والغاز، باستثمارات حدها الأدنى حوالى 2ر2 مليار دولار ومنح توقيع 6 ر272 مليون دولار، وتوقيع 108 اتفاقيات بترولية جديدة مع الشركات العالمية باستثمارات حدها الأدنى حوالى 22 مليار دولار ومنح توقيع قدرها حوالى 3ر1 مليار دولار لحفر 409 آبار استكشافية كحد أدنى، كما تم توقيع 112 عقد تنمية لاكتشافات بترولية جديدة بالبحر المتوسط والصحراء الغربية والشرقية، بإجمالى منح تنمية تقدر بـ 2ر53 مليون دولار، وتحقيق 401 اكتشاف بترولي جديد (281 زيت خام، 120 غازًا) بمناطق الصحراوين الغربية والشرقية والبحر المتوسط وسيناء والدلتا وخليج السويس، وأضافت هذه الاكتشافات احتياطيات بترولية قدرها حوالى 503 ملايين برميل زيت ومتكثفات، وحوالى 9ر39 تريليون قدم 3 غاز طبيعي.
 
كما نجح قطاع البترول في تحويل معدل نمو قطاع الغاز خلال الأعوام السابقة من سالب 11% إلى موجب 25% عام 2018/2019، مما مكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي للبلاد من الغاز واستئناف التصدير، كما بلغ معدل نمو قطاع التكرير حوالي 25% عام 2019/2020، يأتي ذلك في الوقت الذي أطلقت فيه الوزارة ونفذت أكبر خطة تطوير شاملة لشركات القطاع العام البترولى وشملت تنفيذ مشروعات جديدة وتطوير الوحدات القائمة والتوسعات والإحلال والتجديد للأصول وتعزيز أنظمة السلامة ودعم التحول الرقمي وتدريب الكوادر، وتم إنفاق استثمارات غير مسبوقة لتطوير هذه الشركات بلغت 52 مليار جنيه خلال الفترة من يونيو 2014 حتى يونيو عام 2021، كما اعتمد المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية أكبر موازنة استثمارية للقطاع العام اعتبارًا من العام 2022/2023 بقيمة وصلت إلى 30 مليار جنيه.
 
ولم تكتف وزارة البترول في عهد المهندس طارق الملا بأن تكون شريكًا فاعلًا في رفع معدلات النمو من ناحية، وتعظيم الموازنة العامة للدولة من ناحية أخرى، بل كانت شريكًا مهمًا، كذلك في دعم مبادرات الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومشروعات الدولة المصرية القومية، ولا سيما في القلب منها المشروع القومي لتطوير الريف المصري «حياة كريمة»، حيث تساهم الوزارة في تنفيذ المشروع عبر مشروعات توصيل الغاز الطبيعى لقرى المبادرة وتوفير هذه الخدمة الحضارية لأهالي هذه القرى، بديلًا عن أعباء استخدام وتداول أسطوانات البوتاجاز؛ حيث من المخطط تنفيذ مشروعات توصيل الغاز الطبيعي للقرى والنجوع وتنفيذ شبكات الغاز الطبيعي بهذه القرى والتنسيق الجاري لمد الشبكات بعد الانتهاء من استكمال شبكات الصرف الصحي بالقرى التي لم يدخلها الغاز الطبيعي، حيث من المستهدف تنفيذ البنية التحتية لشبكات الغاز لحوالي 1451 قرية كمرحلة أولى، وحتى نهاية أبريل المنصرم، تم توصيل الغاز الطبيعي إلى 101 قرية، وجار مد شبكات الغاز الطبيعي إلى 203 قرى  أخرى، بخلاف 1147 قرية مدرجة لتنفيذ الصرف الصحي الحكومي لتوصيلها لاحقًا بالغاز.
 
الكلام عما تحقيق كثير ولا يمكن اختزاله في بضع كلمات عبر مقال عابر، بل إن الأمر يتجاوز ذلك بكثير، لكننا وددنا أن نضع بين أيدي قرائنا إطلالة خفيفة، عن كم ما تحقق وحجم الجهد الذي بُذل خلال تلك السنوات، لنضع بين أيديهم وجبة دسمة عن واقع ما نعيشه في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وما يسعى لتحقيقه دائمًا المهندس طارق الملا، الذي يواصل الليل بالنهار ليكون قطاع البترول في مقدمة القطاعات والقطاع الداعم الأول للدولة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الملا في مجلس النواب

الظرف السياسي الصحي فقط هو من يسمح بالنقاشات، يتمتع بأدوات الحديث ويسمح بالخلافات، بل ربما يصل الأمر للاتهامات، ما يعكس مناخًًا ديمقراطيًا سديدًا يهدف

ملفات على طاولة " الملا"

عدد من الملفات كانت على طاولة وزير البترول المهندس طارق الملا، منذ نحو 4 سنوات، تم إرجاء النظر فيها، لظروف استجدت على الوزارة، لاسيما بعد الاكتشافات المذهلة

حينما يتفوق الوعي

من بين ما كانت تربوا إليه الدولة المصرية خلال السنوات الغابرة قبيل أحداث 25 يناير وما بعدها بسنوات ليست بالقصيرة، هو تحقيق مفاهيم من شأنها وضع أسس لتحقيق التنمية على أسس علمية وصحيحة.

هل تنجح "البترول" في رفع الغبار عن الثروة المعدنية؟

لم يكن نجاح قطاع البترول خلال السنوات الخمس الأخيرة وليد الصدفة؛ فالإنجازات التي تحققت على أرض الواقع ساهمت فيها عوامل عدة عنوانها العمل من أجل الإنتاج.