تنطلق غدًا الأحد الثالث من يوليو 2022 م الموافق للرابع من ذي الحجة 1443 هـ، بمكة المكرمة أعمال ندوة الحج الكبرى التي تنظمها سنويا وزارة الحج والعمرة السعودية بمشاركة علماء وفقهاء وشخصيات عالمية من مختلف دول العالم.
وتحددت موضوعات ندوة هذا العام تحت عنوان "الحج ما بعد الجائحة.. نسك وعناية".. وتعد الندوة، التي تستمر لمدة يومين، منصة عالمية إسلامية، تناقش العديد من القضايا التي تهم العالم الإسلامي في العديد من المجالات، وتفتح باباً للمستقبل عبر تحليلها لأحدث القضايا والتحديات المعاصرة، وتتيح الندوة الفرصة للمشاركين فيها بعرض أبرز الحلول أو المبادرات للرقي بالمجتمعات المسلمة في كل المجالات.
وقد تشرفت بالمشاركة في هذه الندوة لعدة دورات سابقة، وفيها تم استحداث لجنة لتفعيل التوصيات، وهي من أهم آليات متابعة المؤتمرات والندوات العلمية.
وقد تشكلت لجنة لتفعيل توصيات الندوة روعي فيها تمثيل مختلف تخصصات ودول المشاركين، برئاسة المستشار الدكتور خالد القاضي رئيس محكمة الاستئناف – مصر، وعضوية الدكتور أحمد المشرقي نائب رئيس البرلمان العربي، والدكتور محسن الحسني رئيس رابطة العلماء المسلمين بأمريكا الجنوبية، والدكتور محمد ماجد رئيس مجلس حوار الأديان بأمريكا الشمالية، والدكتور مهاجري زيان رئيس الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية، والشيخ بلال بارودي شيخ قراء طرابلس في لبنان، والدكتور زيد بوشعراء أستاذ التعليم العالي بجامعة ابن طفيل بالمغرب، وكذلك الأستاذ عبدالله السريحي الباحث الأكاديمي بدولة الإمارات، مقررا للجنة، وبعد أيام من جلسات عمل مكثفة، صدر تقرير لجنة تفعيل توصيات الندوة.
واقترحت اللجنة في تقريرها إطلاق مبادرة عملية فاعلة لخطة عربية – إسلامية، لنشر ثقافة الوعي بالأنظمة والتعليمات المنظمة للحج، وكذلك الفقه الميسر لمناسك الحج، في جميع البلاد العربية والإسلامية أو جالياتها في الدول الأجنبية، من خلال تكامل جهود الحكومات الوطنية مع المنظمات الدولية والإقليمية، ووسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة والإلكترونية، ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والمساجد والمدارس والجامعات وغيرها، وذلك بهدف تحقيق مقاصد الحج الكبرى والتأكيد على القيم والمبادئ الإنسانية الإسلامية من التسامح والوسطية والتعارف بين جميع شعوب العالم، والتي تكرس فقه التيسير في الحج الذي يتجنب الأخطار، ويتوقى الأضرار في كافة مراحل أداء تلك الفريضة المقدسة، وفقا للمشهور من المذاهب الفقهية المعتبرة، ووفقا لخصوصية كل دولة.
وعددت اللجنة مجموعة من الآليات العملية لتعميم الفائدة المرجوة من توصيات الندوة إلى الآفاق العالمية عملا بقوله تعالى (هدى للعالمين) والتي صدرت من أقدس بقاع الأرض قبلة المسلمين – مكة المكرمة، منها تنسيق وتعاون وزارة الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية مع الجهات ذات الاختصاص وبخاصة مع البعثات الدبلوماسية للمملكة في العواصم العربية والإسلامية، أو التعاون مع المراكز والجمعيات والمؤسسات الإسلامية – ذات الثقة - في دول الاغتراب (غير الإسلامية)؛ وذلك للعمل على حث الدول العربية والإسلامية، أو الجاليات الإسلامية على تنظيم دورات تدريبية لطالبي الحج قبل موسم الحج بفترة مناسبة، وذلك على هدي التجربة الماليزية وغيرها من تجارب الدول الناجحة في هذا الشأن، وكذلك إلزام من يطلب تأشيرة الحج ما يفيد حضوره تلك الدورات معتمدة من الجهات الرسمية وفقا لنظام كل دولة، وإمداد البعثات الدبلوماسية بكتيبات مبسطة لمناسك الحج وآدابه، وأفلام وثائقية، لتسليمها لطالبي الحج مع جوازات سفرهم هدية من حكومة المملكة العربية السعودية، دعما لوشائج الترابط والتآخي بين المسلمين، وتجسيدا لنهج المملكة المحايد والراعي للمسلمين في كل بقاع الأرض، وأضافت الاقتراحات كذلك تشكيل لجان تعليمية تدريبية تعنى بطالبي الحج من الأقليات الإسلامية في دول الاغتراب (غير الإسلامية) وذلك بالتعاون مع المراكز والجمعيات والمؤسسات الإسلامية في دول الاغتراب (غير الإسلامية) ذات الثقة لدى البعثات الدبلوماسية، مع مراعاة خصوصية كل جالية، وأخيرا تنظيم معارض دولية ثقافية عن الحج وأحكامه تتضمن فعاليات نشر المؤلفات وعقد الندوات والحلقات النقاشية، وإعادة عرض بحوث ومحاضرات دورات ندوة الحج الكبرى طوال أحد وأربعين عاما، بهدف ترسيخ ثقافة الفقه الميسر للحج ومقاصده الإنسانية والكونية على المستوى العالمي.
كما أكدت اللجنة ضرورة تطوير آليات عمل وزارة الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية، لنشر ثقافة الوعي بالفقه الميسر لمناسك الحج، وذلك من خلال العمل على إنشاء قناة فضائية وأخرى إلكترونية مرئية ومسموعة باللغات الرسمية المعتمدة عالميا، وتكون تلك القنوات مفتوحة غير مشفرة، ومطعمة بلغة الإشارة وتقنية الأبعاد الثلاثية، وكذلك تطوير التطبيقات الذكية على الهواتف النقالة، لنشر ثقافة الوعي بالفقه الميسر للحج، ويمكن تنظيم مسابقة بين المتخصصين لاختيار أنسب وأفضل تلك التطبيقات، ومدى ملائمتها لثقافة (الأميين) من الشعوب الإسلامية، فضلا عن تحديث صفحات الوزارة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومتابعة الرد على جميع أسئلة واستفسارات روادها حول أحكام الحج وشروطه، وفقا لخطة منهجية محكمة، كما اقترحت اللجنة ربط الباحثين الذين شاركوا في دورات الندوة خلال السنوات الماضية بشبكة ذكية تكفل استمرار تواصلهم مع الوزارة، وذلك للاستفادة من أحدث طروحاتهم العلمية والفقهية والثقافية، وإدماجهم في مجموعة خاصة بذلك، وأخيرا تناوب عقد ندوة الحج الكبرى في السنوات المقبلة بين المدينتين المقدستين (مكة المكرمة والمدينة المنورة) لوجود فترة كافية من الوقت في أيهما قبل بدء موسم الحج.
وجاء في تقرير اللجنة العمل على استحداث وحدة اتصال مركزية بوزارة الحج والعمرة، بهدف التعاون مع المجامع والهيئات الشرعية المعنية في جميع دول العالم لإنشاء وحدات متخصصة لرصد مستجدات الحج والعمرة، ليتسنى بحثها بأناة وبصيرة، بما يكفل أحكاما تحقق مقاصد الشرع الحنيف، والتنسيق بين وزارة الحج والعمرة مع مركز الملك عبد الله لحوار الأديان ومنظمة التعاون الإسلامي والأزهر الشريف ومؤسسات الإفتاء في الدول العربية والإسلامية، لتحقيق أهداف نشر تلك الخطة العربية الإسلامية لفقه تيسير الحج، وكذلك التنسيق بين وزارة الحج والعمرة والرئاسة العامة للمسجد الحرام والمسجد النبوي لإصدار تلك الموسوعة العلمية العالمية المنصوص عليها في التوصيات، لتكون مرجعا شاملا يوثق كل ما يتصل بهما من جوانب عمرانية وحضارية وفقهية وأدبية وفكرية وتاريخية ونحوها.
وأخيرا حثت اللجنة في تقريرها على التنسيق بين وزارة الحج والعمرة ومؤسسات المملكة لمزيد من التوسعة للحرمين الشريفين، بما يكفل زيادة مطردة لأعداد الحجاج، قد تصل لأضعاف الأعداد في السنوات الماضية، وبما ييسر كذلك خدمات الحجاج كافة، على غرار (منشأة الجمرات) وكذلك توسعة المطاف والمسعى، والحرم النبوي الشريف، والتي تعد – وبحق - من أكبر وأعظم إنجازات حكومة المملكة العربية السعودية مؤخرا، لخدمة الحجاج لأداء مناسكهم.
اللهم تقبل أعمالنا واجعلها خالصة لك سبحانك، إنه سميع مجيب الدعاء،،
[email protected]