- مصر تضع الأمن الغذائى ضمن أولويات متطلبات التنمية المستدامة
موضوعات مقترحة
- استعداد مصر لأزمة الغذاء العالمية جاء من إجراءات استباقية عاجلة اتخذها "السيسى"
- مبادرة "مستقبل مصر" خطوة لحماية مصر من الأزمات العالمية الراهنة
- برنامج الإصلاح الاقتصادى ساعد مصر فى التعامل المرن، وجعلها أكثر قدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية، وتخفيف حدتها
يُعد قطاع الزراعة أحد القطاعات الاستراتيجية الهامة، حيث إنه يعتبر من أهم دعائم الاقتصاد القومى، فهو يساهم بنسبة 15% من الناتج المحلى الإجمالى للعام الحالى، كما أنه يستوعب نحو 25% من إجمالى القوى العاملة فى مصر، ولقد تزايدت أهميته على المستوى المحلى والدولى إثر جائحة كورونا، وفى ظل تداعيات الأزمة القائمة بين روسيا وأوكرانيا، وذلك نظراً لدوره فى توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، حيث يواجه الاقتصاد المصرى تحديات ضخمة فى ظل المستجدات العالمية، والتى استطاعت مصر مواجهتها بوضع آليات محددة برؤية واضحة لمستقبل الاقتصاد المصرى فى ظل هذه التحديات، حيث إن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأ فى عام 2016 واستمر 3 سنوات بالتعاون مع صندوق النقد، ساعد مصر كثيراً فى التعامل المرن مع الصدمات الداخلية والخارجية، وجعلها أكثر قدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية، وتخفيف حدتها.
تحديات جسيمة
وقد كشف تقرير لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس الشيوخ برئاسة دكتور هانى سرى الدين حول خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالی 2022 / 2023 ، عن أنها تعد خطة استثنائية مدتها عام واحد، آخذة فى الاعتبار ظروف الأزمة الراهنة وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مشيراً إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية، والتى انعكست آثارها على دول العالم قد خلقت عديداً من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة فى النواحى الاقتصادية بالنسبة لارتفاع أسعار الطاقة، وتوقف سلاسل الإمداد الغذائى كونها أكبر منتج للطاقة والقمح، فضلاً عن كونها شريكاً أساسياً فى التجارة العالمية تصديراً واستيراداً، مما ينذر بحدوث أزمة غذاء تضرب أغلب دول العالم ومن بينها مصر، لذا فقد تبنت مصر عدداً من الركائز والتوجهات الاستراتيجية التى قامت على محور بناء الإنسان المصرى، وذلك من خلال الإصرار على الاستمرار فى مشروعات حياة كريمة، التى تهدف إلى تحسين جودة حياة المواطن لتحقيق التنمية الريفية المتكاملة، وتنفيذ عدد من مبادرات القيادة السياسية، واعتماد خطة طموحة للإصلاح الهيكلى لعدد من القطاعات الهامة التى من بينها قطاع الزراعة.
مخزون استراتيجى
كما كشف عن أن التحديات غير المسبوقة وغير المواتية، أثرت على الاقتصاد الكلى والاستثمار والتضخم وأسعار السلع والخدمات، ولذلك وضعت مصر ضمن أولوياتها الأمن الاقتصادى الشامل والأمن الغذائى كأحد أهم متطلبات التنمية المستدامة، فكانت هناك العديد من الإجراءات الاستباقية والعاجلة، التى ساعدت على التصدى حتى الآن للصدمات الخارجية.. والتى منها: ضمان مخزون استراتيجى قوى من السلع الأساسية والاستراتيجية، مثل القمح والسكر والزيت والحبوب بمختلف أنواعها، حتى لا تقل فى الأسواق، أو يحدث نقص فى مستويات إمدادها، لذلك لم تحدث أى أزمة فى المنتجات الغذائية خلال الفترة الماضية، نتيجة الوفرة فى الأسواق ونجاح الحكومة المصرية فى التعامل مع الموقف، حيث أعلنت الحكومة أن هناك 14 دولة على مستوى العالم يمكن استيراد القمح من خلالها، بديلاً عن روسيا وأوكرانيا حال استمرار الأزمة، حيث تعمل الدولة على تنويع مصادر التوريد، وبخاصة أنها تتعامل مع أكثر من 15 دولة موردة للقمح تضم (رومانيا، وفرنسا، وكازاخستان، وكندا، وأستراليا، والولايات المتحدة الأمريكية، وبلغاريا، والمجر، والأرجنتين، وباراجواى) وقد بادرت مصر بالفعل فى طرح المناقصات تحوطاً لنقص المعروض من روسيا وأوكرانيا، فضلاً عن تأمين المخزون الاستراتيجى من القمح بما يكفى ستة شهور على الأقل.
مستقبل مصر
ولفت التقرير إلى مشكلة ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية خلال الفترة المقبلة، كاشفاً أن الحكومة المصرية استعدت لأزمة القمح العالمية برفع سعر شرائه من المزارعين محلياً لتشجيعهم على الزراعة، واتخاذ سياسات تهدف إلى تقليص فاتورة الاستيراد ورفع نسبة الاكتفاء الذاتى منه، وذلك بالتوسع فى الزراعات التى يتم الاعتماد بصفة أساسية على استيرادها كالقمح والذرة والفول وزيوت الطعام، مشيراً: وجدير بالذكر افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسى فى 21 من شهر مايو الماضى لمشروع مستقبل مصر، الخاص بتوفير منتجات زراعية ذات جودة عالية بأسعار مناسبة للمواطنين، وتصدير الفائض مما يساهم فى خفض فاتورة الاستيراد وتوفير النقد الأجنبى، كما أن هذه الخطوة المصرية الجديدة هامة لحماية مصر من الأزمات العالمية الراهنة، وهى تداعيات حرب روسيا وأوكرانيا والتغيرات المناخية ووباء كورونا، والتى تسببت فى اضطراب شحن الحبوب خاصة القمح الذى تعد مصر من أكبر مستورديه.
مستهدفات هامة
وقد ألقى التقرير الضوء على أهم مستهدفات التنمية الزراعية فى عام الخطة بالنسبة لقطاع الزراعة، متمثلة فى زيادة استثمارات قطاع الزراعة والرى لتصل إلى 82.9 مليار جنيه عام 2022 / 2023 مقابل 62.9 مليار جنيه بخطة عام 2021 / 2022، وبنسبة نمو تناهز 31.8% ، كما بينت الخطة زيادة الإنتاج الزراعى من1.2 تريليون جنيه متوقع عام 2021 / 2022 إلى 1.37 تريليون جنيه بخطة عام 2022 / 2023 بالأسعار الجارية، وزيادة الناتج المحلى الزراعى، وتحسين الإنتاجية الزراعية لتتجاوز المساحة المحصولية 19 مليون فدان بنهاية عام 2022 / 2023 بالمقارنة بمساحة 17.5 مليون فدان عام 2020 .
وذكر التقرير أنه من المتوقع زيادة الإنتاجية بنسبة تتراوح بين 15% و 20%، برفع كفاءة استخدام وحدتى الأرض والمياه من خلال تنفيذ مجموعة برامج وآليات وعمل.
توصيات متعددة
وقد أوصت لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ برئاسة النائب عبد السلام الجبلى، بشأن خطة الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 2022 / 2023 وفق رؤية مصر 2030 ، بعدة توصيات هامة منها:-
فيما يخص مجال الزراعة، وجهت اللجنة بالتوسع فى مناطق الاستصلاح الزراعى فى الأراضى الجديدة، وتجهيزها وإعداد البنية الأساسية بها، وذلك فى ضوء الموارد المائية المتاحة، والتوسع فى مشروعات الاستزراع الزراعى نحو سد الفجوة الغذائية، كما أوصت بزيادة الطاقة الاستيعابية لسوق العمل الزراعى، وتنمية الصادرات المصرية من الحاصلات الزراعية، وفتح منافذ جديدة للمنتجات المصرية فى إطار الالتزام التام بمعايير الجودة، وتوافقها مع المواصفات القياسية والمعايير العالمية، وتحقيق زيادة فى الاستثمارات الموجهة لأنشطة الزراعة بما يتناسب مع مستهدفات التوسع الأفقى والرأسى خلال عام الخطة.
ونوهت اللجنة بضرورة الاهتمام بصناعة الأسمدة الزراعية، ومراعاة إحكام الرقابة بشأن توزيعها، واستهداف توفير الغذاء من خلال زيادة الإنتاج المحلى مع استدامة الموارد المتاحة، وطرح منتجات عالية الجودة توفر السلامة الصحية، وتكوين مخزون استراتيجى مناسب، وتأمين مصادر الاستيراد، مع إتاحة المنتجات بأسعار مناسبة، وإقامة مجتمعات زراعية جديدة ومتكاملة، وتدعيم القدرة التنافسية للمنتجات والمحاصيل الزراعية فى الأسواق المحلية والدولية، وكذلك دعم القطاع الزراعى بزيادة الاستثمارات الموجهة إليه، والتوسع فى زراعة التقاوى عالية الجودة كبديل عن الاستيراد، وتوفيرها قبل موسم الزراعة للمزارعين وللمشروعات القومية، وتقليل الفاقد فى المحاصيل الزراعية، وتطوير منظومة الإرشاد الزراعى ونقل التكنولوجيا الزراعية، والعمل على تحسين خواص التربة وحمايتها من التدهور، ومنع التعدى على الأراضى الزراعية، والتوسع فى مجالات تطبيق نظام الزراعات التعاقدية.
وفى شأن الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية دعت اللجنة لضرورة الاهتمام بزيادة الإنتاج المحلى من اللحوم الحمراء، لرفع نسبة الاكتفاء الذاتى والحد من الاستيراد، والتوسع فى إنشاء وتطوير مراكز تجميع الألبان، والعمل على تنمية الإنتاج السمكى فى مصر، والتوسع فى إنشاء واستكمال تطويرالمفرخات البحرية اللازمة لعمليات الاستزراع السمكى البحرى لتحسين الإنتاجية، تفعيل تطبيق المشروعات القومية مثل المشروع القومى لإحياء البتلو، والتوسع فى إقامة مصانع الأعلاف، توفير الخدمات اللوجستية والفنية والتمويلية لصغار مربى الدواجن.
وفيما يخص قطاع الموارد المائية والرى أوصت اللجنة بالتركيز على التوسع فى تنفيذ مشروعات التحول إلى نظم الرى الحديث، واستكمال المشروع القومى لتبطين وتأهيل الترع والمصارف وتطوير المساقى والمراوى، واستكمال وإعادة تأهيل البنية القومية لمنظومة المياه ومحطات الرى والصرف، والتوسع فى تنمية المياه الجوفية والحفاظ عليها وتطوير سبل استغلالها، وحسن استغلال مياه الأمطار فى الرى، استكمال أعمال حماية مجرى نهر النيل وتأهيل وتطوير المنشآت القائمة على المجارى المائية، ورفع كفاءة محطات الصرف والرى، واستكمال أعمال إحلال وتجديد شبكات الصرف المغطى، والتوسع فى مشروعات تخزين مياه الأمطار والسيول وزيادة طاقتها الاستيعابية، وكذلك مشروعات تحلية مياه البحر.
وفى النهاية أكد التقريرعلى أهمية تفعيل البرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية الذى تم تدشينه فى إبريل 2021، والذى يركز على تنمية ثلاثة قطاعات ذات أولوية منها القطاع الزراعى، وذلك من خلال تنمية القدرات الإنتاجية لرفع نسب الاكتفاء الذاتى من الحاصلات الزراعية الأساسية، والحفاظ على الأمن المائى المصرى.