- الانبعاثات التى تصدر عن مصر لا تتجاوز 0.6% من إجمالى انبعاثات العالم، فإن مصر تعد واحدة من أكثر الدول عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ
- التغيرات المناخية تهدد الأمن الغذائى و cop27 فرصة حقيقية لإنقاذ العالم على أرض شرم الشيخ
على الرغم من أن الانبعاثات التى تصدر عن مصر لا تتجاوز 0.6% من إجمالى انبعاثات العالم، تعد مصر واحدة من أكثر الدول عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ، وهو ما يؤدى إلى إضافة تحدٍ جديد إلى مجموعة التحديات التى تواجهها مصر فى إطار سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقد شرعت الدولة مؤخراً فى اتخاذ العديد من الإجراءات لحماية البيئة وخفض الانبعاثات الكربونية، من خلال تدشين عدة مشروعات بيئية وتنموية ضخمة، بالتزامن مع الاهتمام المتزايد عالمياً بقضايا البيئة والتغيرات المناخية.
وتم وضع استراتيجية شاملة لبرامج التكيف والتخفيف حتى عام 2050 فى كل القطاعات من أهمها: الطاقة والنقل والزراعة والموارد المائية، ويقدر إجمالى تكلفة برامج التخفيف بنحو 211 مليار دولار، بينما يصل إجمالى تكلفة برامج التكيف إلى 113 مليار دولار حتى 2050.
أكد الدكتور مصطفى مدبولى أن تغير المناخ يُعد واحداً من أهم القضايا التى تحظى بالاهتمام لدينا وعلى مستوى العالم، بسبب التهديدات التى تفرضها آثار تغير المناخ على التنمية المستدامة، والتى تؤثر على خطط التنمية والأمن الغذائى وتوافر المياه.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه على الرغم من أن الانبعاثات، التى تصدر عن مصر لا تتجاوز 0.6% من إجمالى انبعاثات العالم، فإن مصر تعد واحدة من أكثر الدول عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ على العديد من القطاعات، مثل: السواحل، والزراعة، والموارد المائية، والصحة والسكان، والبنية الأساسية، وهو ما يؤدى إلى إضافة تحدٍ جديد لمجموعة التحديات التى تواجهها مصر، فى إطار سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ورؤيتها لتحقيق تلك الأهداف بحلول عام 2030، حيث تولى "رؤية مصر 2030" أهميةً لمواجهة الآثار المترتبة على التغيرات المناخية، من خلال وجود نظام بيئى متكامل ومستدام يعزز المرونةَ والقدرةَ على مواجهة المخاطر.
وشدد رئيس الوزراء على أن مصر قد أبدت دائماً الالتزام والجدية على المستوى السياسى تجاه مكافحة تغير المناخ، من خلال الموافقة والتصديق على "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ"، و"بروتوكول كيوتو"، و"اتفاق باريس"، فضلاً عن الحرص على تقديم التقارير والإبلاغات الدورية المطلوبة.
وأضاف أنه على المستوى المؤسسى، فقد تمت إعادة تشكيل "المجلس الوطنى للتغيرات المناخية" فى عام 2019، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وهو المجلس الذى يضم ممثلين من كل الجهات الحكومية والمجتمع المدنى، ويهدف إلى صياغة وتحديث استراتيجية وطنية شاملة لتغير المناخ وربطها باستراتيجية التنمية المستدامة، وتجميع وتركيز جميع الجهود الوطنية المبذولة فى مجال الدراسات والبحوث المتعلقة بتغير المناخ، كما تم اتخاذ العديد من الإجراءات على صعيدى التكيّف مع الآثار السلبية لتغير المناخ والمساهمة فى جهود التخفيف من الانبعاثات.
ضرورة حتمية
وأشارت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، أن تغير المناخ أصبح ضرورة حتمية، وهو ما دفع مصر لإعداد استراتيجيتها الوطنية الأولى للتكيّف مع تغير المناخ والحد من مخاطر الكوارث فى عام 2011، وكذلك استراتيجية التنمية منخفضة الانبعاثات (LEDS) فى عام 2018، ، وهو أيضاً السبب وراء طلب المجلس الوطنى لتغير المناخ (NCCC) وضع أول استراتيجية وطنية شاملة لتغير المناخ (NCCS) لمصر حتى عام 2050 للتصدى للآثار السلبية للتغيرات المناخية .
وأكدت ياسمين فؤاد أن الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ تضع جودة حياة المواطن المصرى كأولوية، وهو ما يتماشى مع الهدف الاستراتيجى الأول ضمن استراتيجية مصر للتنمية المستدامة، وتتشكل رؤية الاستراتيجية بطريقة تضمن حماية المواطنين من تأثيرات تغير المناخ، مع الحفاظ على تنمية الدولة بطريقة مستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية، وتتمثل رؤية الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ فى"التصدى بفاعلية لآثار وتداعيات تغير المناخ بما يساهم فى تحسين جودة الحياة للمواطن المصرى، وتحقيق التنمية المستدامة، والنمو الاقتصادى المستدام، والحفاظ على الموارد الطبيعية والنظم البيئية، مع تعزيز ريادة مصر على الصعيد الدولى فى مجال تغير المناخ".
وأوضحت الوزيرة أن الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ ستسهل عملية تخطيط وإدارة تغير المناخ على مستويات مختلفة بطريقة تدعم تحقيق الأهداف الاقتصادية والتنموية المرغوبة للدولة باتباع نهج منخفض الانبعاثات، مشيرةً إلى أن رؤية مصر 2030 تعتبر المظلة الاستراتيجية للتنمية فى الدولة، حيث تدمج الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ جميع الأهداف الرئيسية والفرعية المتعلقة بتغير المناخ الموجودة بها.
وأضافت ياسمين فؤاد أنه تم إعداد الاستراتيجية بناءً على نهج تشاورى مع جميع الجهات المعنية، بالإضافة إلى الاستفادة من خبرات الدول السابقة واستراتيجيات مختلفة لدول ذات ظروف مشابهة لمصر، وقد نتجت الأهداف الاستراتيجية بشكل أساسى بناء على المادتين 45 و 46 من الدستور المصرى، كما تمت مراعاة الارتباط بالأهداف الواردة فى رؤية مصر2030، وقد جاءت أهداف الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ لتعالج نقاط الضعف والتهديدات، وتبنى على الفرص التى ظهرت فى تحليل نقاط القوة والضعف للمشهد الحالى لتغير المناخ فى مصر، مشيرة إلى أنه تم بناء الأهداف أيضاً على خطط واستراتيجيات التنمية فى القطاعات المختلفة، كما تم أخذ أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والتزامات المعاهدات الدولية المرتبطة بتغير المناخ فى الاعتبار.
الأكثر تضرراً
وأوضح السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، أن قطاع الزراعة متهم بتأثيره فى الانبعاثات الكربونية بنسبة عالية، وهذا غير صحيح فهو قطاع يستخدم فى التخفيف من الانبعاثات.
وأضاف القصير أن العالم حالياً يفكر فى إطلاق منصة لتجارة الكربون، وسيكون قطاع الزراعة من أهم القطاعات فيها.
وتابع: "القطاع الزراعى الأكثر عرضة للتأثر بالتغيرات المناخية، وقطاع الزراعة فى مصر وعالمياً سيتأثر فى حجم إنتاجية بعض المحاصيل، ويمكن للبعض الآخر أن يتأثر، كما أن زيادة معدلات استهلاك المياه للمحاصيل نتيجة زيادة معدلات البخر".
وشدد على أن: "التغيرات المناخية تؤدى إلى تدهور الأراضى والجفاف وزيادة معدلات التصحر، وستؤدى إلى التأثير على ملوحة التربة وانتشار بعض الأمراض والأوبئة العابرة للحدود".
وأشار وزير الزراعة إلى أنه تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات التى يمكنها مواجهة الأمر، منها استنباط أصناف تتناسب مع الظروف المناخية، وإطلاق نظام تحسين كفاءة استخدام المياه والتحول لنظام الرى الحديث، وتعزيز التوسع فى منظومة الإنذار المبكر، بالإضافة إلى تحفيز التمويل المبتكر للتخفيف من التغيرات المناخية.
إجراءات واقعية
وأشارت رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولى، أنه فى ضوء ما تحقق فى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، الذى بجلاسجو والاتفاقيات الدولية الأخرى، فإن مصر تعمل على دفع جهود العمل المناخى خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ فى شرم الشيخ، فى دورته السابعة والعشرين، والدفع نحو تحفيز التمويل المبتكر لتعزيز الالتزامات بجهود التكيّف، والتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية، وتحويل التعهدات إلى إجراءات واقعية.
وأكدت المشاط،على أهمية هذه المؤسسات فى دفع العمل المناخى وتحفيز الاستثمارات الخضراء، وخلق شراكات ناجحة بين القطاعين الحكومى والخاص، موضحة أن التقارير الدولية تشير إلى أن تمويل المناخ خلال عامى 2019 و2020 بلغ نحو 632 مليار دولار على مستوى العالم، بينما تبلغ الاحتياجات نحو 4 تريليونات دولار، لذا يتطلب الانتقال العادل إلى العمل المناخى وتقليل الانبعاثات الضارة، حشد التمويلات وتعزيز العمل المشترك بين جميع الأطراف من الحكومات والقطاع الخاص، والمجتمع المدنى والمؤسسات الدولية، وكذلك المنظمات غير الهادفة للربح والأذرع التنموية للشركات الخاصة.
نمط الاستهلاك
وقال الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى، إن التغيرات المناخية من المخاطر التى تواجه العالم، والتى ستتسبب فى استمرار ارتفاع درجات الحرارة فى المستقبل، ومن ثم سيكون لها تأثير كبير فى ندرة المياه فى المستقبل.
وأكد وزير الرى، أن ارتفاع درجة الحرارة يزيد من استهلاك المياه ويضع جميع دول العالم تحت ضغط كبير بسبب نقص المياه.
ولفت إلى أن إفريقيا تأثرت بسبب ارتفاع درجة الحرارة؛ مما أسفر عن حدوث هجرة مباشرة داخلية وخارجية فى بعض الدول الإفريقية بسبب نقص الماء، مشدداً على ضرورة تأسيس بنية تحتية ضخمة، مع تغيير نمط استهلاك الماء، كما أن الزيادة السكانية لها عامل كبير فى نقص المياه وتسبب الضغوط على الدول.
وأضاف أن من بين التحديات التى تواجه مصر هى كيفية التعامل مع التغيرات المناخية، التى أثرت فى العديد من المناطق المعرضة للخطر فى مصر بسبب التغيرات المناخية، موضحاً أن 74% من خسائر التغيرات المناخية تتمثل فى المياه، ومؤكداً أن مصر لديها بنية تحتية تستطيع مواجهة هذه التغيرات، فيما اعتبر تمركز سكان مصر فى منطقة واحدة من المشكلات التى تواجه البلاد حالياً.
وأشار إلى أن احتياجات مصر من المياه تقدر بـ 114 مليار متر مكعب، مؤكداً أن مصر نجحت فى تخفيض استهلاك المياه فى الزراعة من 85 مليار متر مكعب إلى 75 مليار متر مكعب.
ونوه بأنّ التحديات التى تواجه مصر هى: درجات الحرارة شديدة الارتفاع أو الانخفاض التى تؤثر تأثيراً مباشراً فى الزراعة، وهناك أيضاً الزيادة السكانية، وقلة الموارد المتجددة، إذ لا يوجد إلا مياه نهر النيل، مشيراً إلى أن عرض المشكلة هو الطريق لحلها.
أكثر الدول
وأكد الدكتور حسن أبو النجا، مدير المنصة المعرفية للتغيرات المناخية بجامعة الدول العربية والبنك الدولى، أن مصر واحدة من أكثر الدول التى تعانى من الفيضانات والجفاف، خصوصاً منطقة الدلتا، مشيراً إلى تأثر المحاصيل الزراعية نتيجة ارتفاع نسبة الملوحة؛ مما يؤثر على مفهوم الأمن الغذائى.
وأوضح، أن مخاطر التغيرات المناخية تتمثل فى انخفاض المعدل المطرى وتغير زمان ومكان سقوطها، لافتاً إلى أن مصر من الدول التى تأثرت بالتغيرات المناخية على سبيل المثال ما حدث فى 2010 من تأثير الفيضانات التى تسببت فى تضرر أكثر من 4 آلاف منزل.
ونوه مدير المنصة المعرفية، إلى ضرورة إنشاء مركز للتغيرات المناخية يكون تابعاً لمجلس الوزراء، ويكون تشكيله من نخبة الجامعات ومنظمات المجتمع المدنى، مؤكداً أن المركز لم يعمل على مصر فقط، بل على المنطقة العربية والإفريقية، لأن مصر مواردها المائية تاتى من الخارج، أى أن تأثر الحالة المناخية فى أى دولة يؤثر علينا بشكل أو بآخر.
وطالب أبو النجا، بضرورة توعية المواطنين بمخاطر التغيرات المناخية، وأن يتم دمج هذه المخاطر ضمن الكتب الدراسية.
تهديد مباشر
وأشار إلى أن تأثر المياه نتيجة التغيرات المناخية ينتج عنها تهديد مباشر، مثل ما حدث فى دولة تشاد، الذى شهدت انضمام أعداد كبيرة لمنظمات إرهابية بعد جفاف البحيرات، نتيجة قلة الفرص الاقتصادية المتمثلة فى الزراعة والصناعة.
غرق الأماكن
أما الدكتور أسامة سلام الخبير فى المياه فى هيئة المياه والبيئة فى أبو ظبى فيرى أن التغيرات المناخية سوف تؤثر على مناطق شمال الدلتا؛ نتيجة ارتفاع مياه البحر، وهناك احتمال قائم لغرﻕ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﻤﻨﺨﻔﻀﺔ فى ﺸﻤﺎل ﺍﻟﺩﻟﺘﺎ ﻭﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﺴﺎﺤﻠﻴﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ، محذراً من تدخل مياه البحر على مناطق الخزان الجوفى للمياه؛ ولذلك هيئة حماية الشواطئ تقوم بأعمال حماية هناك.
ومن أهم الآثار التى ستنتج عن التغيرات المناخية هى انخفاض معدل الإنتاجية الزراعية، مع زيادة احتياجات الأراضى الصحراوية المستصلحة حديثاً من المياه.