طفرة حقيقية يشهدها القطاع الزراعى فى مصر على مدار الـ 8 سنوات الماضية، وتحديدًا منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة شئون البلاد فى 2014، بعد أن تبنى عددًا من المشروعات القومية والزراعية فى العديد من المناطق الجديدة، بهدف تحقيق الأمن الغذائى فى مصر، وتوفير السلع الإستراتيجية والغذائية للمصريين، باعتبار أن الزيادة فى إنتاجية المحاصيل ضمانة حقيقية لتحقيق الاستقرار الاقتصادى فى أى بلد، وتوفير فرص العمل لأبنائها، ودعم فاتورة تصدير السلع إلى أسواق العالم.. وقد ظهرت المؤشرات الأولية لهذه الرؤية فى مصر، بعد أن حققت زيادة كبيرة فى ملف الصادرات، ونجحت فى إضافة مساحات جديدة للرقعة الزراعية اقتربت من الضعف.
موضوعات مقترحة
القطاع الزراعى هو أحد الأعمدة الأساسية لاقتصاد أى دولة.. ومن هنا كان توجه الدولة السنوات الماضية هو دعم هذا القطاع الكبير، وزيادة حجم الاستثمار به، خاصة وأن الزراعة ليست قطاعًا معنيًا بإنتاج المحاصيل الزراعية، بل هو يضم ملف التصنيع الزراعى أحد الركائز الأساسية لدعم الصناعة فى مصر، والتوسع فى إنشاء المناطق اللوجيستية لتعبئة وتغليف المنتجات، وهو أيضًا قطاع يوفر الآلاف من فرص العمل لأبناء مصر، ويدعم القطاع الخاص لزيادة حجم الاستثمار خاصة فى المناطق الجديدة، كما يشمل مشروعات الثروة السمكية والحيوانية والداجنة، لتوفير البروتين للمستهلك فى مصر، وزيادة إنتاجية مصر من مشتقات الألبان والبيض والدواجن والأسماك، القطاع الزراعى أيضًا فرصة لدعم صناعة التقاوى وفتح أسواق بين مصر ودول العالم، التى تساهم فى دعم العلاقات الاقتصادية والإستراتيجية بين مصر ودول العالم.
ومن هذا المنطلق كان تبنى الرئيس عبد الفتاح السيسى إستراتيجية واضحة ومحددة لدعم القطاع الزراعى فى مصر لما يمثله هذا الملف الهام فى دعم الاقتصاد الوطنى للبلاد، وقد تبنى الرئيس إستراتيجية لإحياء وتشغيل مشروع توشكى العملاق ونجحت الدولة المصرية فى زراعة مساحات كبيرة بالمشروع، وتبنت الدولة خطة لزيادة الرقعة الزراعية فى مصر فأعلنت عن زراعة مشروع عملاق بمنطقة الدلتا الجديدة المستهدف زيادة المساحة به إلى 2.2 مليون فدان خلال السنوات المقبلة، كما نفذت الدولة مشروعًا عملاقًا للصوب الزراعية يستهدف 100 فدان صوب زراعية وقد افتتحت الدولة المصرية المرحلة الأولى والثانية بمنطقتى العاشر من رمضان، وقاعدة محمد نجيب، تبنت الدولة أيضًا مشروعًا تنمويًا جديدًا فى منطقة سيناء اقترب من الـ 500 ألف فدان زراعي، ضمن مخططاتها للتوسع فى إنشاء مجتمعات عمرانية زراعية متكاملة.
السنوات الثمانية الماضية كانت شاهدة حقيقة على تحقيق طفرة زراعية عملاقة فى مصر.. تنشر «الأهرام التعاوني» تفاصيلها فى هذا الملف وفقًا لبيانات رسمية صادرة من وزارة الزراعة، حيث كانت سنوات الخير شاهدة على تنفيذ حوالى 320 مشروعاً زراعياً تكلفتهم بلغت أكثر من 42 مليار جنيه فى مجالات دعم التنمية الزراعية وصغار المزارعين وفى مجالات ضمان الزراعة المستدامة ومكافحة التصحر والحد من آثار التغيرات المناخية، مقسمة إلى 3 مليون فدان فى مناطق شمال ووسط سيناء، وجنوب الوادى وتوشكى، وأراضى مشروع تنمية الريف المصرى الجديد، والوادى الجديد وجنوب الوادي، ومشروع الدلتا الجديدة، وعلى سبيل المثال جاء افتتاح مشروع توشكى الخير بجنوب الوادى والذى يستهدف زراعة مليون فدان، وقد أعلنت الدولة المصرية بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى عن نجاح موسم حصاد القمح بالمشروع هذا العام.
مشروعات زراعية قومية
فى الوقت نفسه أطلقت الدولة المصرية مشروع الدلتا الجديدة فى قلب منطقة الضبعة، وهو أضخم مشروع استصلاح فى المنطقة تصل التكلفة المبدئية إلى 300 مليار جنية ومشروعات التوسع الأفقى الأخرى جميعها تستهدف إضافة أكثر من 25 % للرقعة الزراعية الإجمالية، كما تم استزراع مساحة 350 ألف فدان فى مشروع مستقبل مصر نواة الدلتا الجديدة، إضافة إلى أن المشروع يضم مشروع «مستقبل مصر»، أكبر مشروع زراعى تشرف عليه القوات الجوية ويضم العديد من المستثمرين بهذا القطاع الكبير، كما يحتوى على منطقة لوجيستية ومن المقرر أن يضم أماكن تصنيع زراعى ومنطقة للصوامع.
برنامج قومى للتقاوي
تبنت الحكومة المصرية تزامنًا مع إستراتيجية للنهوض بالقطاع الزراعي، خطة جديدة للتوسع فى توفير التقاوى المعتمدة للمحاصيل الإستراتيجية من خلال استنباط أصناف وهجن من المحاصيل قصيرة العمر عالية الإنتاجية ومبكرة النضج ومقاومة للإجهادات الحيوية والبيئية والموفره للمياه للمحاصيل الاستراتيجية، مثل القمح والذرة والأرز والقطن والفول البلدى وإعداد ونشر الخريطة الصنفية التى تناسب ظروف مناطق الزراعة من ناحية طبيعة التربة والظروف المناخية والاحتياجات المائية وزيادة نسبة التغطية من التقاوى المعتمدة للمحاصيل الاستراتيجية القمح والذرة، وكذلك تفعيل البرنامج الوطنى لإنتاج تقاوى محاصيل الخضر من خلال استنباط وتسجيل عدد 26 من الهجن والأصناف الجديدة لمحاصيل الخضر للتداول التجارى فى السوق المصرى لعدد 10 محاصيل الطماطم، والباذنجان، والفلفل، والكنتالوب والبطيخ والبسلة واللوبيا والفاصوليا والخيار والكوسة، مما يؤدى الى تقليل فاتوة الاستيراد وخفض تكلفة التقاوى فضلاً عن التعاون مع شركات إنتاج التقاوى بالدول الأجنبية للشراكة فى إنتاج تقاوى الأصناف المتميزة من هجن محاصيل الخضر فى مصر.
أطلقت الدولة خلال الفترة الأخيرة مشروع عملاق لاستزراع النخيل، وقد نجحت فى تحقيق تقدم كبير فى هذا الملف، خاصة وأن تنفيذه كان بتوجيهات مباشرة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث نجحت فى تنفيذ المبادرة الرئاسية لزراعة 2.5 مليون نخلة من الاصناف الفاخرة.
كما نجحت مصر مؤخرًا فى تحقيق الاكتفاء الذاتى فى الدواجن والألبان والأسماك و7 محاصيل رئيسية.
طفرة بالصادرات
ملف الصادرات الزراعية المصرية كانت أحد أهم الملفات التى حققت فيه الحكومة تقدمًا كبيرًا وطفرة غير مسبوقة تجاوزت 5.6 مليون طن لأهم الأسواق العالمية ومصر الأولى عالمياً فى تصدير الموالح والفراولة المجمدة، حيث يتم تصدير أكثر من 350 منتجا زراعيا إلى ما يزيد عن 150 دولة حول العالم، كما بدأت تبنى برنامجًا قوميًا لمراجعة إجراءات تصدير واستيراد الحاصلات داخل المنافذ الحدودية والمواني، وإحكام الرقابة على الصادرات الزراعية وتطبيق اشتراطات الصحة النباتية طبقاً للقواعد والمعايير الدولية واتباع أنظمة حديثة فى التتبع والاعتمادات لكل المناطق والمزارع والكيانات التصديرية منها المحطات الزراعية ومراكز التعبئة والمفارش، كما نجحت مصر فى إطلاق المبادرة القومية لتطوير وتحديث منظومة الرى فى مليون فدان فى الأراضى الجديدة وفى مساحة حوالى 3.7 مليون فدان فى الأراضى القديمة من خلال برنامج تمويلى قومى على 10 سنوات وبدون فائدة، كما تم تحديث نظم الرى فى حوالى 400 ألف فدان فى الأراضى الجديدة المخالفة من أصل حوالى 500 ألف فدان التى تتابع الوزارة تحديثها.
وباعتبار أن القصب أحد أهم المحاصيل الإستراتيجية التى تدخل فى العديد من الصناعات والمنتجات الغذائية كالسكر والخل والأعلاف والعسل وغيرها، فقد نجحت الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة الزراعة فى تدشين المشروع القومى لتطوير قصب السكر من خلال زراعة القصب بالشتل من خلال البدء فى إنشاء محطتى كوم أمبو ووادى الصعايدة بطاقة إنتاجية حوالى 200 مليون شتلة سنوياً.
النهوض بالثروة الحيوانية
فى الوقت نفسه تبنت الحكومة المشروع القومى لتطوير وتأهيل مراكز تجميع الألبان، ونجحت فى استهداف تطوير 826 مركز تجميع ألبان وإدراجها ضمن مبادرة البنك المركزى للقروض الميسرة لتحسين جودة الألبان وتأهيلها للتصدير، حيث تم تطوير 212 مركز منها 46 مركز ضمن المرحلة الاولى لحياة كريمة، كما بلغت استثمارات فى الثروة الداجنة 100 مليار جنيه وانتاج 1٫4مليار طائر سنوياً و14 مليار بيضة وتحقيق الإكتفاء الذاتى وفائض للتصدير. والنجاح فى صدور قرار المنظمة العالمية للصحة الحيوانية لعدد 30 منشأة فى مجال الانتاج الداجنى والانشطة المرتبطة بها باعتبارها منشأت خالية من أنفلونزا الطيور مما يساهم فى فتح أسواق جديدة للتصدير وتوفير الدعم اللوجستيى والفنى والمالى لصغار مربى الدواجن ورفع كفاءة مزارعهم وتحويلها من نظام التربية المفتوح الى النظام المغلق، وتخصيص عدد 9 مناطق فى 4 محافظات باجمالى مساحة 19 ألف فدان للاستثمار الداجني، وزيادة الطاقة الانتاجية للقاحات البيطرية من 120 مليون إلى 2 مليار جرعة سنوياً والسيطرة على الأمراض والأوبئة، والمشاركة فى إنتاج اللقاح الجديد المضاد لفيروس كورونا بالاشتراك مع وزارة التعليم العالى والبحث وهيئة الخدمات الطبية بالقوات المسلحة.
التحول الرقمى بالقطاع الزراعي، أحد أهم القطاعات التى ساهمت فى النهوض بالمنظومة الزراعية، وتحقيق زيادة فى إنتاجية المحاصيل أسوة بما هو معمول به فى جميع دول العالم، وقد حققت مصر فى هذا الصدد طفرة فى مجال التحول الرقمى وتطبيقات الذكاء الاصطناعى والانتهاء من اطلاق كارت الفلاح فى جميع محافظات مصر وتسجيل 5.7 مليون حائز على المنظومة.
طفرة فى البحوث التطبيقية
مصر حققت أيضًا طفرة كبيرة فى مجال البحوث التطبيقية والتوسع فى النشر العلمى (نشر أكثر من 2000 بحث دولى فى مجالات استنباط اًصناف وسلالات وهجن نباتية محسنة عالية الإنتاجية، وتحسين الثروة الحيوانية والسمكية وبحوث التخفيف من آثار تغير المناخ وغيرها، كما تم اقرار مجموعة هامة من القوانين المنظمة للاداء من أمثلة قانون انشاء الجهاز القومى لتطوير البحيرات وتنمية الثروة السمكية وقانون الزراعة العضوية وقانون الزراعة التعاقدية وقانون محطة الزهراء للخيول العربية الأصيلة، وتنمية العلاقات مع أفريقيا من خلال التوسع فى انشاء المزارع الأفريقية النموذجية المشتركة إنشاء 9 مزارع وجارى إنشاء 4 مزارع جديدة بالقارة السمراء، كما تم إنشاء مركزين للتميز فى مجال الثروة السمكية والمصايد ومجال سلامة وصحة الغذاء بالتعاون مع مفوضية الاتحاد الافريقي.
آراء
خبراء ومختصون أشادوا بالطفرة الزراعية الكبيرة التى تم تحقيقها فى مصر، الدكتور أحمد جلال عميد كلية الزراعة بجامعة عين شمس، أكد أن القيادة السياسية بدأت مبكرًا فى تنمية القطاع الزراعى لتوفير الأمن الغذائى بعد أن عانى القطاع الزراعى قبل فترة 2014 من تحديات عديدة، وقد تأتى أهمية التنمية الزراعية تماشيًا مع التغيرات المناخية التى أثرت فى جميع دول العالم على القطاع الزراعي، إضافة إلى التغيرات الاقتصادية العالمية التى تتطلب هذا التوسع الزراعى العملاق.
الدكتور نعيم مصيلحى قائد الفريق البحثى للمشروعات الزراعية القومية، أكد أن الرئيس عبد الفتاح السيسى تبنى خطة إستراتيجية لإعادة إحياء المشروعات القومية التى سبق وأن توقفت، على رأسها مشروع توشكى العملاق أحد أهم ركائز التنمية فى منطقة الجنوب.
الدكتور سعد نصار مستشار وزير الزراعة، أكد أن برنامج النهوض بالقمح فى مصر من أهم البرامج الزراعية التى وجه بها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وقد نجحت الحكومة المصرية فى العمل بعدة محاور فى هذا الملف، منها تبنى الحكومة المصرية المشروع القومى للصوامع بطاقة تصل لنحو 5 ملايين طن، استنباط أصناف جديدة تحقق إنتاجية، وغير شرهة للمياه، زيادة المساحات المنزرعة من القمح بعدد من المناطق، طفرة حقيقية تستحق التقدير.