تحدثت في مقالي السابق عن التطوير الرائع الذي حدث على الطريق الدائري؛ أقدم شرايين العاصمة؛ والذي كاد أن يصاب بسكتة قد تقضي على قيمته تمامًا؛ ولكن الحل الذي تم وضعه؛ وكذلك آلية تنفيذه أتت بنتائج جيدة للغاية، نتائج عوضت صبر الناس على ما عايشوه من زحام كان غير محتمل؛ ولكنه الصبر المغلف بثقة الوصول لنتائج مرضية؛ وكانت لي بعض الملاحظات؛ بشأن جودة إنهاء الأعمال؛ حرصًا على سلامة الناس؛ وحرصًا على تتويج جهود المخلصين ممن شيدوا هذا العمل القيم؛ بما يستحقونه من تقدير وإعزاز.
إلا أنني اليوم أُعرج على منطقة أخرى تشهد تطويرًا لم تشهده من قبل على مر تاريخها؛ منذ نشأتها من عدة عقود، المعادى بقعة لها مكانة عند قاطنيها؛ وكذلك المارون عليها؛ حيث كان الهدوء سمتها الغالبة؛ وكانت الأشجار التي تزين طرقاتها علامة مهمة تتميز بها المعادي؛ لذلك عندما تم التخطيط لامتدادها؛ جاءت فكرة زهراء المعادي؛ كمداد طبيعي للمعادي؛ لتميزها بالأشجار المزهرة بين كل ثناياها.
فهناك أشجار أعمارها تتجاوز العقود الأربعة؛ حتى باتت معلمًا من معالم تلك المدينة الجميلة؛ بالإضافة إلى الهدوء؛ وكان أحد أهم عناصر الجذب للسكان الجُدد، حتى أصبح الناس على قرار التطوير الذي يعم كل جنابات مصر منذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي المسئولية؛ وكانت البداية بمحور حسب الله الكفراوي؛ الذي شق زهراء المعادي عبورًا بالطريق الدائري؛ ليكون شريانًا جديدًا؛ يخفف الزحام عن القاهرة بشكل عام؛ إلا أنه وللأسف نقله بشكل واضح لبداية المحور من المعادى!!
ولكن ليس ذلك الهدف من المقال؛ رغم أهمية ما تم الإشارة إليه؛ فالهدف تسليط الضوء على ما يحدث الآن في زهراء المعادي؛ من إهمال غير مبرر؛ وكذلك غير مفهوم أسبابه، فقد أصبح الناس هناك على تنفيذ محور جديد؛ من طريق الأوتوستراد و حتى نفق القطامية؛ وتلك المسافة قدرت أطوالها تقريبًا في حدود 15 كيلو مترًا أو أكثر قليلاً.
ولأن الناس قد اعتادت على مستوى متميز من أداء الأعمال؛ فقد استهجنوا ما يحدث لهم حاليًا؛ فالتراخي البين هو السمة الغالبة على أداء العمل؛ تراخٍ جعل السكان يتفاجأون بسد الطريق؛ مما حال دون الخروج بسياراتهم من منازلهم؛ دون تنبيه؛ وأحيانا صعوبة العودة لوجود تسيير مفاجئ.
فما سبب كل ذلك؟
أولًا؛ لا يوجد خطة واضحة يعلمها الناس فيصبح تعاملهم مع التطوير مقبولًا ومنطقيًا؛ إلا أن يكون هنا تكسير في جزء من الطريق؛ ولا يستكمل هذا الطريق؛ ونشاهد تكسيرًا في جزء آخر من طريق آخر وهكذا؛ فلا تعرف معيارًا ولا طريقة للأداء يمكن أن تسترشد بها؛ فتصيبك المفاجآت المؤلمة.
وزاد من الألم انقطاع التيار الكهربائي عشرات المرات؛ وفي أوقات يستمر الانقطاع لدقائق؛ فيعود أحيانًا بقدرة أعلى فتحدث خسائر في الأجهزة الكهربائية.
وأحيانًا يحدث كسر في مواسير المياه فتنقطع لساعات ويتكرر الأمر؛ أما الأشد تأثيرًا و غرابة فهو انقطاع الإنترنت لأوقات قد تصل لـ أيام!! في وقت امتحانات لطلاب جميع المراحل الدراسية؛ وكلنا نعلم أهمية الإنترنت الآن!
أكثر من شهرين مروا على بدء العمل في ذلك المحور الجديد؛ وما زال هناك وقت بحسب أداءات الأعمال؛ لأطوال؛ لو تم العمل عليها بالاهتمام المعتاد لتم الانتهاء منه منذ شهر، ولذلك الناس تتعجب لماذا هذا التراخي واللامبالاة في الأداء؛ يصاحبه عدم اكتراث من المسئول عن المتابعة؛ مما جعل الأداء بكل هذا السوء؟!
ولماذا التعامل مع احتياجات الناس من ضرورات أساسية مثل الماء والكهرباء والإنترنت بهذه الرعونة التي تكدر صفو الناس؟ ولماذا يتحول فرح الناس بمحور جديد جاء ليخدمهم؛ إلى تعاسة شديدة للغاية حولت حياتهم لجحيم؟
كلها أسئلة مشروعة للغاية؛ إلا أن السؤال الأهم؛ لماذا تحولت زهراء المعادي إلى صحراء المعادي؟ أين الأشجار وزهورها؛ هل أمست زهراء سابقة؟
وفي الختام أحب أن أنوه أن تلك البقعة المكتظة بالسكان في أمس الاحتياج لأن يكون لها حي منفصل؛ به قسم للشرطة وكذلك وحدة مرور .. إلخ؛ بدلًا من تقسيم السكان على حيي المعادي والبساتين؛ فهل من مجيب؟
،،، والله من وراء القصد
[email protected]