قلنا - ومازلنا نكرر- إن المعارضة الوطنية، هي التي تعارض من على أرض الوطن، مستهدفة الإصلاح والتنمية، لا الاستقواء والتحريض. وهذا هو الفرق الواضح والكبير بين المعارضة الوطنية، التي تتحدث باسم الشارع المصري، والأخرى التي تدعي زيفًا أنها كذلك، وتستقوي بالخارج بهدف زعزعة الاستقرار الداخلي وتقليب الشعوب، وتنفيذ المخططات المعدة مسبقًا.
منذ دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الحوار الوطني، من على مائدة إفطار الأسرة المصرية في رمضان الماضي، استشعرت الأحزاب الوطنية المصرية، أهمية المشاركة في هذا الحوار الوطني، باعتباره نقطة التقاء مهمة، لا بد وأن تحدث، وتؤتي ثمارها المنشودة.
وعليه، فقد شهدت البلاد حراكًا غير مسبوق على كافه المستويات، من الأحزاب السياسية إلى النقابات المهنية والعمالية، إلى المجتمع المدني عمومًا، في محاولات للدفع إلى الأمام، وتحديد عناوين عريضة لمحاور الحوار، الذي حددت القيادة السياسية بأنه سيكون بلا تمييز، وتحت مظلة: "أن مصر تتسع للجميع".
في اعتقادي أن هذا الحوار الوطني، يمثل حدثًا كبيرًا ومهمًا، كنتاج طبيعي لثورة 30 يونيو المجيدة، وأن هذا الحدث يجب أن يكون عنصر استثمار، لدى جميع الأطراف معًا، سواء الدولة المصرية أو الأحزاب والقوى السياسية المصرية.
هناك اتفاق عام منذ البداية، على أن من تلوثت إيديهم بدماء المصريين أو قاموا بأعمال معادية ضد جيشهم الوطني، ومن حرضوا على الدولة المصرية واستقرارها هم خارج هذا الحوار. وواهم كل من يعتقد أن الشعب المصري لن يدرك ذلك، ولم يستطع بفطنته أن يفرق بين الحقائق والأكاذيب.
على مدى الأسابيع الماضية، كان لي شرف المشاركة في واحدة من التجارب المهمة، وهي عضوية لجنة الحوار الوطني التي شكلها حزب الوفد كواحد من أهم الأحزاب السياسية المصرية وأقدمها على الإطلاق.
وللحقيقة، فقد تشرفت بتولي منصب سكرتير عام لجنة الحوار بحزب الوفد بين نخبة من السياسيين والخبراء المتخصصين في مختلف المجالات. وعقدنا جلسات استماع مطولة حول مستقبل مصر، وتطلعات شعبها العظيم.
ولا أنكر سعادتي الشخصية، بمشاركة كم كبير من الشخصيات العامة، ومن أبناء مصر المخلصين في مختلف المحافظات في تقديم أوراق ناضجة، وطرح أفكار تستحق عناء الحوار والبحث والدرس.
وأسعدني ما قرأته وتداولته، بعض الدوائر عما تحويه عدة أوراق أعدتها الأحزاب السياسية المصرية، التي أرى أن مشاركتها وتفاعلها مع هذا الحوار، تمثل ظاهرة صحية في المقام الأول، ومن حق هذه الأحزاب أن تختلف مع بعض من سياسات الدولة أو بعض الإجراءات الحكومية، وهذا هو واجب المعارضة الوطنية النزيهة التي تعمل تحت مظلة الدولة الوطنية المصرية.
وللحقيقة إنه مع بزوغ الأمل، الذي فجرته ثورة 30 يونيو المجيدة، وهذا التحول الكبير الذي شهده الواقع المصري متمثلًا في مشروعات عملاقة، فإننا في أشد الحاجة إلى الحوار وتوفير مناخ محفز ومشجع، وأن يكون هناك مشروع وطني ينطلق من المبادئ والقواعد التي أرستها ثوره 30 يونيو، معبرًا عن الجمهورية الجديدة، ومستكشفًا لكل المبدعين، ومفجرًا لكل الطاقات وفي كافه المجالات.
المطلوب من الدولة والمعارضة الوطنية العمل سويًا، من أجل هذا المشروع، الذي هو صورة للمستقبل، وتحرك موضوعي لصياغة مشروع وطني لبناء مصر الحديثة.
وعليه فإننا كلنا مطالبون بأن نخرج برؤية واضحة من هذه الحوار، الذي سيبدأ خلال أيام، حول قضايا الوطن وأولويات التنفيذ.
مصر لن تتقدم إلا بأفكار أبنائها المخلصين..
[email protected]