راديو الاهرام

عالم مسلم رئيسًا للهند

21-6-2022 | 12:41

بعيدًا عن التعصب والطائفية شهدت الهند فترات تآخٍ بين المسلمين وبقية الطوائف الدينية، ويشهد التاريخ على ثراء هذه الحقبة في العصور الوسطى وما قبل الاحتلال الإنجليزي للهند، وعرف العالم ثقافات الهند بعد دخول المسلمين العرب إليها.
 
وأهم ما نقلوه إلى العالم الأعداد العشرية من علوم الهند، ولأول مرة تم إحصاء الأعداد برموز عشرة، ويستمد كل رمز قيمته من مكانه في العدد، وكانت أفضل طريقة عبقرية في إجراء العمليات الحسابية بشكل يسير، ومن العرب انتقلت إلى الغرب، وصارت نظام الحساب المستخدم حتى الآن.
 
وأتاحت حركة التجارة العربية إلى بلاد الهند في تفاعل الحضارتين الإسلامية والهندية، وكلما ينظر المشاهد إلى ماضي سكان شبه القارة الهندية، تصيبه الحسرة والألم على واقع مشتعل بالطائفية، قد يؤدي إلى مزيد من الدماء والانقسامات.
 
وتفاعل الحضارتين أسهما في تطور كثير من العلوم كالفيزياء والكيمياء والطب، وأعاد بالفضل الكبير على البشرية في تأسيس معارف على نظم علمية ومنهجية، لم يكن العالم يدركها، ولم ينتج هذا التفاعل الحضاري خسارة، إنما على العكس تمامًا كانت مرحلة ازدهار ثقافي وتجاري.
 
وفي مقدمة عصرنا الحديث لم تؤثر الطائفية على انهيار اللحمة الاجتماعية الهندية، وكان حينها العالم ولا يزال يحتفي بريادة وثقافة الشاعر والفيلسوف محمد إقبال، ولقبوه بطراز العظمة، وهو وليد تفاعل حضاري راقٍ، وتلقى إقبال تعليمه في جامعة كامبريدج البريطانية، وأثرت كتبه في الفكر الإسلامي، منها "تجديد الفكر الديني في الإسلام".
 
وفي عام 2002 فاز العالم المسلم أبوالكلام زين العابدين بمنصب رئيس الدولة في الانتخابات، وسجل عالم الصواريخ والفضاء والسلاح النووي فوزًا ساحقًا، وتوافقت عليه جميع الأحزاب الهندية باستثناء الكتلة الشيوعية، وبرغم أن منصب الرئاسة في الهند يعتبر رمزيًا، غير أن له دلالته في مدى تأثير علماء المسلمين على الحياة الهندية.
 
وتميزت بدايات تعارف الهنود بالمسلمين بحسن الاستقبال، فقد رحب أغلب الهنود بالتجار المسلمين وبفتوحات الدولة الإسلامية، وخلصهم حكم المسلمين من حكم الطبقية، التي ظلت تحكمهم بالحديد والنار.
 
وجاء الاحتلال الإنجليزي، وتدهورت أوضاع المسلمين في الهند بشكل كبير، واستطاعوا تغيير البنية الاجتماعية للمسلمين، وأحدثوا انقسامات بين مسلمي الهند والطوائف الدينية الأخرى، ومكنوا الهندوس والسيخ من تولي المناصب الحكومية على حساب المسلمين، ليشعلوا نار الطائفية.
 
وفي القرن الحادي عشر حتى القرن الثامن الميلادي ترك الحكام المسلمون بالهند أثرًا ثقافيًا ضخمًا في العمارة وفي التراث الفكري الهندي، والتراجم الأدبية شاهدة على حجم هذا الثراء والحياة السلمية.
 
والمثال على ذلك فترة الاستقرار أثناء حكم الملك المسلم المغولي "بابر"، وساوى بين المسلمين والهندوس، ويصف المؤرخون حضارة المغول الإسلامية في الهند بأنها من أفضل الحضارات الهندية ازدهارًا.
 
Email:[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: