يغتنم كل مسلم مقتدر فرصة عيد الأضحى المبارك للتقرب إلى الله بذبح أضحية، كونها من شعائر الله التي يجب تعظيمها، فضلا عن ثوابها الكبير؛ والأضحية إحدى الشعائر الإسلامية التي يتقرب بها المسلم إلى الله عز وجل، لقوله تعالى: "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ"؛ فما هو فضل وثواب الأضحية والذبح في عيد الأضحى؛ وما هي طريقة تقسيمها؟
فضل وثواب الأضحية "فصل لربك وانحر"
يقول الشيخ علي مصطفى واعظ بالأزهر، إن الأضحية في عيد الأضحى المبارك؛ هي سنة مؤكدة عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ وهذا رأي جمهور العلماء واستدلوا بقول الله تعالى على مشروعية الأضحية في القرآن الكريم لقوله تعالى "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" سورة الكوثر؛ وكما قالوا إن صلاة العيد سنة فطالما عطف عليها النحر فهنا يصبح النحر أيضًا سنة وقالوا سنيته من هذا الدليل.
الأضحية سنة مؤكدة
ويتابع أن أفضل شيء في يوم العيد هي إراقة دم الأضحية وهو أفضل ما يقدمه الإنسان المقيم في بلده وليس حاجًا في مكة؛ وكان رأي الحنفية أن أمر الأضحية واجب؛ أي دون الفرض ويقصد بالواجب أنه أمر أقل من الفرض بشيء بسيط أي تكون بين السنة المؤكدة لعظمها عند الله تعالى؛ ولكن من يمتلك سعة من الرزق والمال ولم يضحِ في العيد فكأنه خرج عن ملة الإسلام لأن الأضحية في عيد الأضحى من شعائر الدين الإسلامي؛ التي بدأها سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ عندما فداه الله سبحانه وتعالى بكبش من الجنة.
والأضحية هي سنة عن أبينا إبراهيم عليه السلام؛ ومن تركها دون عذر شرعي فهو يعتبر شحًا وبخلًا في التجارة مع الله؛ لأنه ربما الأقارب والفقراء ينتظرون مثل هذا الوقت في تناول اللحم بوفرة وبكثرة ونوع من الفرح في هذا الوقت؛ كما أوصى نبينا الكريم أن أيام عيد الأضحى هي أيام أكل وشرب وذكر لله سبحانه وتعالى؛ وهي احتواء واحترام للأسرة فيما بينه؛ وتراحم وتآخٍ بين الناس.
ولذلك يجب حسن اختيار الأضحية لأنها تقرب إلى الله؛ لذلك لابد من التقرب إلى الله بأفضل ما يجد وتكون سليمة خالية من العيوب والأمراض الظاهرة؛ وليست عرجاء ولا عوراء ولا مقطوعة الذنب واللية بالنسبة للخرفان والشياة؛ ويقصد أن تكون كاملة؛ والواجب على الإنسان هي الأضحية ويجب اختيارها من مربي يطعمها طعامًا جيدًا لأنها تنعكس على صحة الإنسان.
ويشترط في الذبيحة والشياة أن تكون من سنة إلى 6 أشهر كحد أدني وبالنسبة للأبقار والجاموس أن تكون حد أدني عامين والإبل تكون بحد أدني خمس سنوات بحيث يكون اللحم وفيرًا ولحمًا جيدًا لأنه قربى إلى الله.
كيفية تقسيم أضحية عيد الأضحى
يقول الشيخ علي مصطفى: إن التقسيم للأضحية ليس شرطا أن تقسم إلى ثلاثة أثلاث لتوزيعها بالتساوي للمقربين والمحتاجين ولأهل البيت، هذا ليس شرطا لأنه إذا وجد الشخص أن أهل البيت يحتاجين وعددهم كبير فمن الممكن توجيه الأضحية كلها لهم؛ والعكس إذا كان الأقرباء كثير أو محتاجين أو إذا كانت الأسرة نفسها كبيرة؛ فإذا كان المضحي عنده أولاد وأحفاد فيمكن أن تذهب جميعها لأهل البيت لأن الهدف منها هي الأضحية ورفث وإراقة الدم؛ ولا يوجد تقسيم بعينه للأضحية، فهي تتم بحسب تقسيم كل شخص بحسب مدى احتياج من حوله.
فضل وثواب الذبح للأضحية في عيد الأضحى
وفي نفس السياق يقول، إن فضل وثواب الأضحية؛ هي أن الذبيحة تأتي يوم القيامة بشعرها وأظلافها وجسدها يوم القيامة تحاج عن صاحبها يوم القيامة وتدفع عنه ؛ أي أنها تأتي في ميزان العبد يوم القيامة ؛ وان أفضل مايحدث للمسلم يوم القيامة هو أراقه دم الذبيحة في سبيل الله وهذا يأتي في ميزان العبد يوم القيامة وعن من يعوله من عائلته كما فعل سيدنا محمد في ذبح الكبش الثاني عندما قال هذا عن محمد وعن أل محمد وعن من لم يضحِ عن أمة محمد.
وعن سيدنا محمد أنه قام بالتضحية بكبشين أقرنين أملحين موجوءين أي يكون أكمل في اللحم وسمين للذبيحة ؛ وقال في ذبح الكبش الأول اللهم هذا عن أمه محمد وعن ال محمد ؛ وذبح الكبش الثاني وقال فيه هذا عن من لم يضحي من أمه محمد صلى الله عليه وسلم وهذا يستدل به عن سنه الأضحية .
ذبح الأضحية بنفسك
يقول الدكتور عاطف دياب واعظ بالأزهر , تعد الأضحية سنة مؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وهي مشروعة بالكتاب والسنة القولية والفعلية والإجماع.
أيضا في السنة المحمدية ما يثب مشروعية الأضحية، إذ ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي، وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه فمن ذلك عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا) متفق عليه. وأجمع المسلمون على مشروعية الأُضْحِيَّة.
ولا بد أن تقدم الأضحية من الأنعام وإن اختلف الفقهاء في النوع الأفضل منها، لكن أرجح القول ما ساقته المالكية إن الغنم (الضأن) يأتي في المقدمة ثم الإبل ثم البقر.
فضل الأضحية وثوابها
يتابع , تتعدد فضائل الأضحية وإن كان يأتي في المقدمة أنها من شعائر الله تعالى، وأن الذبح لله تعالى والتقَرُّبَ إليه بالقَرابينِ من أعظَمِ العباداتِ وأجَلِّ الطاعاتِ.
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما.
متى ينتهي وقت الأضحية وأفضل موعد للذبح
يؤكد دياب، فمن الصحيح ما روى الترمذي وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عمَلًا أحَبَّ إلى اللهِ - عزَّ وجلَّ - مِنْ هراقةِ دَمٍ، وإنَّهُ ليَأْتِي يَوْمَ القِيامَةِ بِقُرُونِها وأظْلافِها وأشْعارِها، وإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِن اللهِ - عزَّ وجلَّ - بِمَكانٍ قَبْلَ أنْ يَقَعَ على الأرْضِ، فَطِيبُوا بِها نَفْسًا".
وفي حديث آخر أخرجه الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة "قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه، وقولي: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين".
وثواب الأضحية كبير إذ يغفر الله عند أول قطرة من دمها كل ذنب، استشهادا بما رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن زيد بن أرقم قال: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذِهِ الْأَضَاحِيُّ؟ قَالَ: سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ، قَالُوا: مَا لَنَا مِنْهَا؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَالصُّوفُ؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعْرَةٍ مِنَ الصُّوفِ حَسَنَةٌ".
شروط الذبح
يتابع , من الشروط الضرورية في ذبح الأضحية أن يكون رأس الحيوان مرفوعا لأعلى وليس متدليا لأسفل، والعينان لامعتان، ولا يوجد بهما أي اصفرار أو احمرار، وأن تكون خالية من الدموع والإفرازات، وأنف الأضحية غير مصابة بالرشح أو الإفرازات، وفم ولسان الأضحية خاليا من الالتهابات والإفرازات، والصوف أو الشعر ناعم الملمس، نظيفا، متكاملا وغير ناحل، وقويا عند محاولة نزعه باليد.
أنواع الأضاحي وأعمارها
وفي نفس السياق يضيف دياب , من شروط ذبح الأضحية أيضا أن يكون الجلد خاليا من الجروح والبقع أو التشققات، مع عدم وجود أي تقرحات أو تقيحات أو دمامل أو تورمات، و الخصيتين سليمتين إسفنجية الملمس، و القوائم ممتلئة وغير نحيفة، بل مستقيمة وقوية، وخالية من مظاهر وعلامات الانتفاخ والإسهال عند مؤخرتها.
شروط توزيع الأضحية
يشير أيضا , يجوز للمضحي أن ينتفع بكل أضحيته أو بجزء ولكن الحكمة من الأضحية هي التوسيع على البؤساء والفقراء والمحرومين وأولي القربى المعوزين، والتوسعة على أهل بيت المضحي كذلك، فعلى حسب السنة يأخذ المضحي الثلث لنفسه ولأهل بيته، ويهدي الثّلث منها لمن يشاء من الجيران وذوي القربى، ويتصدق بالثّلث المتبقي منها للفقراء والمساكين.
وللمضحِّي المتطوع الأكل من أضحيته أو الانتفاع بها لحمًا وأحشاءً وجِلدًا كلها أو بعضها، أو التصدق بها كلها أو بعضها، أو إهداؤها كلها أو بعضها، إلا أنه لا يجوز إعطاء الجِلد أجرةً للجزار، وكذلك لا يجوز بيعه.. والأفضل في الأضحية أن تقسم إلى ثلاثة: ثلث له ولأهل بيته، وثلث للأقارب، وثلث للفقراء. والله سبحانه وتعالى أعلم".
كيف تقسم الأضحية
ويشير أنه يستحب أن تقسم الأضحية إلى 3 أثلاث؛ يأكل ثلثها، ويهدي ثلثها، ويتصدق بثلثها، فلو أكل أكثر من الثلث فلا حرج عليه وإن تصدق بأكثر من الثلث فلا حرج؛ لأن تقسيمها على الاستحباب لا على الوجوب؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: "الضحايا والهدايا؛ ثلث لك، وثلث لأهلك، وثلث للمساكين".
ويواصل "أما ما يقسم من الأضحية فهو اللحم، لأنه المقصود الأعظم، وهو الذي يعود نفعه على الفقراء والمحتاجين، وأما أحشاؤها من كبد وغيره فإنه يستحب تقسيمه، وإن لم يقسمه فلا حرج في ذلك، والرأس لا تقسم بل تكون لصاحب الأضحية، ولا يبيعها الجزار أجرة له من المتطوع بها".
كيفية توزيع الأضحية
يؤكد, أنه يمكن توزيع لحوم الأضحية على مدار السنة، على الرغم من أنه يُفضل التعجيل في توزيعها؛ فقال الله تعالى في كتابه العزيز: “فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ” ولكن إذا لم تفعل هذا فهو جائز.
طريقة ذبح الأضحية
يقول دياب , يفضل تصويم الحيوان قبل الذبح لمدة 12 ساعة؛ من أجل تحسين نوعية اللحم وتقديم الماء الشرب للحيوان لتسهيل عملية السلخ ؛ وتجهيز السكين الخاص بالذبح بأن يكون حاداً ويده مثبتة جيداً ؛ مع عدم إجهاد الخروف قبل الذبح وعدم جر الحيوان على الأرض إلى مكان الذبح؛ ولا يتم شحذ السكين أمام الحيوان ويتم الذبح بمجرد السيطرة عليه ؛ عند ذبح الحيوان يوضع الخروف على الجانب الأيسر متجهاً نحو القبلة ؛ مع عدم تقييد الخروف أثناء وبعد الذبح.
مع تمرير السكين على الرقبة أسفل الرأس أفقياً وقطع الأوردة الحلقوم والمريء والوجدين، وذلك مع التسمية فذكر اسم الله عند الذبح تكسب الذابح والمذبوح سكينة وطمأنينة.
ثم يترك الدم ينزف ولا يتم فصل الرأس وقطع الأعصاب إلا بعد أن ينزف تماماً وتخرج روحه كليةً.
وبعدها يبدأ السلخ بعد الذبح مباشرة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته".
الشيخ علي مصطفى