الذكاء الاصطناعي والأنظمة الإلكترونية دائما في حالة تطور وتحديث مستمر، وأحيانا تظهر لهذه التطورات سلبيات عديدة من شأنها تهديد مصالح الأفراد والمؤسسات، كما أنه يوجد العديد من الثغرات في الأجهزة والأنظمة التكنولوجية والتي تُسبب مشاكل كبيرة، حيث ظهرت ملابس تم تصميمها لتضليل كاميرات المراقبة بحيث يظهر الشخص مرتدي هذه الملابس في تصوير الكاميرات مخفيا تماما أو يظهر كأنه سيارة، وكل ذلك نتيجة التطور والتقدم الذي يحدث بصورة مستمرة واستغلال الثغرات الموجودة في الأجهزة الإلكترونية.. ولذلك نعرض كل ما يخص هذه الملابس وكيف تمت صناعتها وأسعارها وآلية عملها في سطور التحقيق التالي وسبل التحذير منها في التحقيق التالي.
موضوعات مقترحة
السفر عبر الضوء
في البداية يقول محمود فرج، خبير أمن المعلومات: إن هذه الملابس تم ابتكارها عن طريق الاعتماد على الضوء وخصائصه العديدة، حيث إن الضوء هو أحد العناصر الأساسية الموجودة والذي يحظى بمميزات كثيرة منها أنه عندما ينعكس من جسم معين فإنه ينعكس محملا بخصائص الجسم الذي سقط عليه ومن هنا جاءت فكرة التصوير للحسن بن الهيثم لاختراع الكاميرا، وهي نفس فكرة العين في الرؤية حيث نرى الضوء المنعكس من الأجسام إلى أعيننا، ومع تطور تكنولوجيا الضوء بدأت تتطور الكاميرات حيث كانت الصورة عبارة عن أبيض وأسود، والآن أصبحت ألوانا نتيجة خصائص الضوء وأن الضوء عندما يسقط على شيء ملون بلون معين فإنه يرتد بنفس اللون بترددات مختلفة، ولذلك تم تطوير الكاميرات لاستقبال ترددات الضوء المختلفة حيث تم تزويد الكاميرات بسينسور يستطيع التعرف على كافة الألوان.
ويضيف فرج قائلا: الضوء من العناصر المهمة جدًا والتي تتطور بشكل مستمر وذلك لأهميتها وخصائصها الفريدة، وهناك أبحاث يتم إجراؤها تقول إن الضوء يمكن أن يحمل أشياء ويتنقل بها، فالفوتون يستطيع حمل جسم ونقله، وأيضا نظرا لأن الضوء هو أسرع شيء موجود في الكون فإن هناك محاولات لاستخدامه في نقل البيانات ونقل الأشياء وبالفعل هناك أبحاث تتم في هذا الشأن، ولكن لم يتم الإفصاح عنها بعد، واستخدام الضوء في هذا الأمر من شأنه أن يقوم بنقل الكائنات والأشياء من خلال سرعة الضوء والسفر للمريخ والكواكب المجاورة في أوقات قياسية غير مسبوقة.
البدلة السحرية
ويؤكد فرج: بعض الباحثين في جامعة كيو عام 2003 استغلوا أن الضوء هو العامل الرئيسي في عملية التصوير من خلال عملية الانعكاس وقاموا بابتكار بدلة تستطيع إخفاء مرتديها عن الكاميرات فقط مع إمكانية رؤية الشخص بالعين المجردة، ويحدث ذلك من خلال طريقة تصميم هذه البدلة من بلورات الزجاج الصغيرة جدا والمرتبة بشكل متناسق، فالضوء يستطيع المرور عبر الزجاج والتحرك خلاله بشكل شبه طبيعي، وتتم عملية خداع الكاميرات من خلال أن الضوء الموجود خلف الشخص مرتدي البدلة يتخلل البدلة المصنوعة من البلورات ويمر من خلاله وينعكس هذا الضوء ويرتد إلى الكاميرات، وبالتالي تظهر الصورة في الكاميرا أنه ضوء عادي لأن الضوء الذي وصل إلى الكاميرا هو الضوء الموجود خلف الشخص مرتدي الملابس، ومن هنا أطلقوا عليها البدلة السحرية أو بدلة الإخفاء لأنها تخفي مرتديها عن الكاميرات.
ويضيف فرج: بعد التطور الذي شهدناه في الآونة الأخيرة في الذكاء الاصطناعي والذي أصبح يستخدم في حياتنا اليومية بشكل كبير، وبدأت الروبوتات والأنظمة تُستخدم في الحياة العملية وبالتالي أصبحت الأنظمة هي التي تترجم ما يحدث من خلال الذكاء الاصطناعي، فمثلا إذا وضعنا جسما معينا أمام الكاميرا وكان جسم إنسانا فسوف يظهر في الشاشة أنه إنسان، وكذلك إذا وضعنا سيارة سيقوم بنقل صورتها وتحليل لوحات الأرقام بدقة من خلال الأنظمة الحديثة "الرادار الذكي" فهذه الأنظمة تعمل بشكل أوتوماتيكي دون تدخل بشري، وما حدث في فكرة البدلة التي تحول مرتديها إلى سيارة هو تصميم ملابس وتغطيتها بصور لوحات أرقام السيارات التي تعمل على تشغيل أنظمة القراءة الآلية وتحدث عملية الخداع فالكاميرا ترى شكل إنسان بلوحة سيارة فتعمل أنظمة القراءة الآلية وتظهر صورة الشخص مرتدي هذه الملابس في الكاميرا كما لو كان سيارة.
خداع الكاميرات
ويضيف فرج: هناك عدة أنواع من هذه الملابس منها ما يمتص الضوء وعندما تمتص الضوء فإن ما يتم انعكاسه للكاميرا هي لوحات السيارات، وبالتالي يظهر مرتديها وكأنه سيارة، وأيضا هناك نوع آخر من الملابس يقوم بتشتيت الضوء ولا يسمح بمرور الضوء للكاميرا بشكل كامل فيمكن أن يؤدي ذلك لإخفاء مرتديها، فدمج هذه الملابس مع بعض الملابس المغطاة بالصور والتي تمتص الضوء تؤدي إلى انعكاس صورة السيارة فقط للكاميرا وتحدث عملية خداع للكاميرا.
اختراق الأنظمة الإلكترونية
وتابع فرج حديثه عن التطورات التكنولوجية قائلا: بعد كل هذه التطورات في علم الضوء والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بدأ توظيف الذكاء الاصطناعي في العديد من الأشياء والتي منها اكتشاف الأشياء المتحركة والتعرف عليها وتحديد هويتها والتي تستخدم بشكل أكبر في كاميرات المراقبة والرادارات لاكتشاف السيارات المخالفة وأرقامها وتسجيل مخالفتها، فما يحدث هنا هو تعليم هذه الآلة أن آلية عملها مختص بالسيارات فقط فتقوم أوتوماتيكيا بالتعامل مع السيارات فقط دون الأشخاص، ولكن كما سبق وأوضحنا أن التطور الذي حدث في التكنولوجيا وظهور الهاكرز المحترفون أصبح بإمكانهم اختراق هذه الأنظمة والتلاعب في خصائصها وآلية عملها فمثلا يقوم بإعطاء أوامر للرادارات أو الكاميرات بأن الإنسان الذي يتحرك في الطريق هو سيارة والعكس من خلال التلاعب في الأساسيات الخاصة بالكاميرات فتتم عملية خداع الكاميرات بأن ترى البشر سيارات.
وحول إمكانية انتشار هذه الملابس يقول فرج: من الممكن أن تنتشر هذه الملابس وذلك لأن مكوناتها متاحة بشكل كبير جدًا وهي مكونات بسيطة، وفي حالة انتشار هذه الملابس سوف تواجه أنظمة الذكاء الاصطناعي مشاكل كبيرة جدا ولن تتمكن من التعرف على الأشخاص، وسوف يتم استخدامها من قبل بعض الأشخاص في أعمال النصب والاحتيال والسرقة، ولن تتمكن كاميرات المراقبة من رصدهم ولا التعرف عليهم، كما يمكن مواجهة هذه الأساليب من خلال تطوير الذكاء الاصطناعي بجعله يتمكن من التعرف على هذه الأشياء التي تكون في حالة تطور مستمر، وأتوقع أن تتم السيطرة عليها من خلال تغذية الآلات بالمستجدات والثغرات التي تطرأ على التكنولوجيا لتتمكن من التعرف عليها.
الكاميرات الذكية
وعلى جانب آخر يقول نبيل بهاء الدين خبير أمن المعلومات: إن هذه الكاميرات يتم تضليلها عن طريق ثغرة موجودة فيها، وهذه الثغرة تكمن في أن الكاميرات التي تراقب في الشارع هي كاميرات مخالفات مرورية للسيارات فهذه الكاميرات تراقب السيارات على بُعد كبير والأشخاص على بُعد قريب، وبناء على هذا الأمر قامت "كيت روس" باختراع ملابس عليها أرقام لوحات السيارات فعندما يقترب مرتدو الملابس من الكاميرا تعتقد أنه سيارة وليس شخصا لأنها كاميرا ذكية تعمل بالكمبيوتر، فتقوم بالتقاط الرقم ولاتهتم بالشخص لأنها تعتقد أن الذي أمامها سيارة، وهذه الأنظمة قامت "كيت" بكشفها لأنها تعمل في مجال البرمجة وعرضته في معرض تكنولوجي في 2019 في ولاية لاس فيجاس الأمريكية، وهذه الملابس كانت تٌباع في فترة من الفترات بأسعار من 30 إلى 50 دولار قبل أن يتم كشف ومحاولة تفادي الثغرات الموجودة والاعتماد على العنصر البشري بدلا من نظام تعلم الآلة "Machine Learning"، وتمت بها سرقات كثيرة لسيارات وأشخاص وكان هناك تهديدات كبير جدا للأشخاص والمؤسسات.
ويضيف نبيل: الهدف من هذه الملابس كان كشف ثغرة تم اكتشافها في الكاميرات وهي أن الكاميرات التي تعتمد على المراقبة وهي كاميرات المرور الموجودة على الكباري وأعمدة الإنارة والتي تستطيع مراقبة الأشخاص القريبين منها والسيارات البعيدة، بحيث إنها تلتقط من السيارات الأرقام والأشخاص تحدد ملامح الوجه، ولذلك بمجرد أن يعبر شخص بهذه الملابس المغطاة برقم سيارة وباركود فالكاميرا تنخدع بأن الذي أمامها سيارة وليس شخصا مرتديا ملابس عليها لوحة سيارة، وتتجاهل كونه كائنا حيا ولا تركز على الوجه وتلتقط فقط الرقم كأنه سيارة.
العناصر البشرية
وشدد نبيل: على أنه يمكن تفادي الثغرة من خلال توسيع نطاق الكاميرات بحيث يتم زيادة دقتها وتزويد البعد البؤري لها بحيث إنها تستطيع أن تعمل بنظام Machine Learning وتفرق بين الكائن الحي والسيارة، وليس الاعتماد فقط على فكرة التغذية المعلوماتية، وكذلك الاعتماد بشكل أكبر على العنصر البشري في عمليات المراقبة بدلا من الاعتماد الكلي على نظام الآلة والكمبيوتر لأنه يمكن خداعه.
واختتم حديثه قائلا: الأمن السيبراني أو فكرة كيف نحمي أنفسنا من الاختراقات والهجمات التي تحدث هي أننا لن نتمكن من معرفة الثغرة إلا بعد مهاجمتنا فيتم عمل محاكاة للثغرة وهو النظام الذي يتبعه العديد من المؤسسات الكبرى مثل فيسبوك وبعض البنوك فيعلنون أن أي شخص سيتمكن من اختراق أنظمتهم الأمنية سوف يتم تعيينه في الشركة فهذه هي الفكرة التي يتم من خلالها اكتشاف عيوب الأنظمة وتفادي الثغرات.