Close ad

المنتدى الوطني.. عقد من التحديات والفرص‬

19-6-2022 | 10:54

لا توجد حلول حاسمة لدى الحكومات.. الحلول والمبادرات والتطبيقات هناك علي الأرض؛ حيث يتواجد البشر وتعمل مؤسسات المجتمع المدني..

وإذا كان هذا المفهوم يتجسد فى كثير من القطاعات، إلا أنه أكثر وضوحا وحضورا في المجال البيئي، الذي تتشعب أنشطته وتتداخل روافده تفاعلا مع حركة الحياة، وظواهر التغير المناخي والكوارث الجامحة وعوامل الطقس والتنوع البيولوجى والاحتباس الحراري، كلها موجات من التفاعلات الكونية تنبع من الطبيعة، وإذا غاب دور الوعى العام والشراكة المجتمعية بتلك الظواهر، فإن الإنجاز الرسمي أو الحكومى فى الشأن البيئي، العالمى أو المحلي، يظل غير مكتمل الأركان.‬

في الهند، قال رجل أعمال متخصص في الحلول الرقمية: "الناس هنا ينجحون حيث فشلت الحكومة، إنَّ الهند تنمو فى الليل عندما تنام الحكومة".‬

لكننا هنا نمتلك الإرادة والوعي بمدى مخاطر التغير المناخي، وأهمية التنوع البيولوجى، والنظم الإيكولوجية وحماية الطبيعة، وندرك مدى أهمية هذا الملف للحياة والمستقبل، والدليل أن مصر استعدت وتفاعلت مع الطبيعة مبكرا، فقد أصدرت إستراتيجية التنمية المستدامة وخطة العمل الوطنية للتنوع البيولوجي 2016/2030، وقبلها أنشأت أول قانون للبيئة على مستوى الدول العربية والإفريقية فى بداية عام 1994، كما حددت 30 منطقة محمية طبيعية تغطي مساحة 149 ألف كيلومتر ما يقرب من 14.7% من مساحة مصر، ومؤخرًا أطلقت الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050.‬

واذا كنا في الماضي نواجه تحديات حول تراجع دور المجتمع المدنى، وتواضع حضوره في جهود حماية التنوع البيولوجي، والتغيرات المناخية وقضايا الوعي البيئي بشكل عام، فإن مؤسسات هذا المجتمع شرعت في لملمة نفسها وباتت شريكًا حاضرًا يتفاعل مع التحديات ومواجهة المشكلات بحلول وبدائل، خاصة أن عدد ما يعرف ب "سجناء تدهور الطبيعة" في العالم بلغ  1.3 مليار شخص، بالإضافة إلى الاستعداد لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ بشرم الشيخ "‬‪ ‬‫"‬‪COP-27‬ نوفمبر المقبل.‬

وشهد الخميس الماضي فعالية جديدة متجددة عن البيئة ومناخها واستدامتها، عبر فعاليات الأسبوع الوطني الثامن للتنمية المستدامة، متواكبًا مع مرور 10 سنوات على انطلاق المنتدى المصرى للتنمية المستدامة، نظم في إطار  يوم البيئة العالمي، بحضور الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، وعدد من خبراء البيئة وعلمائها ومسئوليها في مختلف المناطق والمحافظات المصرية، وكان لافتا إصرار أحد رموز المجتمع المدني الدكتور سمير عليش من مؤسسي المجتمع المدني، مع الراحلة رائدة التنمية عزيزة حسين، وإصراره علي الحضور والمشاركة.‬

بدأت الفعاليات بلمسة بيئية ذكية، فقد حرص رئيس المنتدى الدكتور عماد الدين عدلي علي عقد المنتدى في قاعة يغمرها ضوء الشمس على ضفاف النيل للتقليل من استهلاك الطاقة الكهربائية، ليترجم الشعارات إلى واقع.‬

من بين أهم محاور المنتدى استحوذت قضيتان على اهتمام الخبراء، الاولي، أهمية دور التطبيقات الذكية والتكنولوجيا المتقدمة لرصد التغير في المناخ، عبر شبكات الإنذار المبكر للظواهر الجوية "‬‪ Early Wariness System ‬‫"  لمعرفة ورصد التغيرات المناخية، والتبكير بالتفاعل مع الكوارث الطبيعية الجامحة، وتأثيرها علي إدارة المياه، والتكيف مع ندرة المياه، للمحاصيل الزراعية الجديدة، حيث لابديل عن التقنيات فائقة التقدم، والاهتمام بدور الجامعات والبحث العلمي، وهو ما قام به المنتدى بعمليات الدمج بين المنصات الإقليمية التي انشأها بالمحافظات "27 منصة مجتمعية"، مع الجامعات الإقليمية في كافة المحافظات، حيث التعليم لابد أن يكون من أجل التنمية المستدامة، ومن أجل التغيرات المناخية.‬
‫أيضًا إنشاء قاعدة بيانات لجمع بيانات القطاع الزراعي تلقائيا، وتخزينها على قاعدة بيانات، يتم نشرها من خلال التكنولوجيا الرقمية مثل صفحات التواصل الاجتماعي والانترنت، والرسائل النصية القصيرة‬‪.‬
‫ ‬
‫والقضية الثانية، هي هيكلية ومصادر التمويل ومساهمات القطاع الخاص في الشأن المناخي والبيئي، والاهتمام بتمكين صغار المستثمرين وكبارهم والمواطنين والكيانات الأهلية والرسمية من خلال توفير الموارد اللازمة لتعزيز إنتاج الطاقات الجديدة والمتجددة، والبديلة والهيدروجين، وضرورة تخصيص صندوق اخضر لتمويل المشروعات الخضراء.‬

وإذا كنا نفتش عن مجالات غير نمطية لتوسيع دائرة تمويل مشروعات المناخ بإدخال القطاع الخاص شريكا فاعلا، فإننا لابد وأن نبدأ بتطوير البنية التشريعية وقوانين البيئة بما يسمح بإدماج هذا القطاع وخفض حجم المخاطر لزيادة مشاركته وفتح آفاق جديدة نحو استثماره في المشروعات البيئية، ولابد من إتاحة الفرص لبناء تحالفات لرواد المناخ عبر التواصل بين الجهات الحكومية وغير الحكومية، والربط بين القطاعين العام والخاص، وكذلك الربط بين الشركات والمؤسسات داخل القطاع الخاص، لوضع أسس واضحة وقوية لعمليات تمويل برامج التخفيف والتكيف.‬

ويظل هناك تساؤل سرمدي ساطع لا يجد إجابة شافية، فبالرغم من أن مصر تعد من أغنى دول العالم بالطاقة الشمسية، وهو ما يؤكده إصدار "الأطلس الشمسي"، حيث متوسط عدد ساعات سطوع الشمس بها يتراوح بين 9 - 11 ساعة، والمتوسط السنوي للإشعاع الشمسي الكلي ما بين 3300 ــ 4000 ساعة، ورغم اكتشاف علمائها للطاقة الشمسية واستخداماتها في الثلاثينيات، إلا أن هذه الطاقة لم تنتشر في مصر، باستثناء المشروعات الرسمية، فمازالت أسطح المنازل والمباني خالية تنتظر من يستثمر الطاقة الشمسية لتسهم في تقليل انبعاثات الطاقة الكهربائية، وحتي تنتشر الخلايا الشمسية والألواح الزجاجية المولدة للطاقة فوق المنازل، كما يحدث في مدن عالمية تملك أقل من 10% من شمس مصر، لا نملك إلا دعاء سيدنا موسى عليه السلام: "رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ".‬‪.‬

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة