الدولة المصرية اتجهت نحو مرحلة أكثر تنافسية ونمواً اقتصادياً مستداماً خلال الـ8 سنوات الماضية
إقامة 17 مجمعًا صناعيًا بـ15 محافظة على مستوى الجمهورية بتكلفة استثمارية بلغت نحو 10 مليارات جنيه
شهد القطاع الصناعى فى مصر، قفزات كبرى على مدار السنوات الثمانى الماضية، بفضل رعاية واهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى وجه بتطوير شامل لكل القطاع، على مستوى التشريعات، أو الاستثمارات الجديدة، والتوسعات الأفقية والرأسية فى المدن، والمناطق الصناعية، انعكس ذلك على ارتفاع ملحوظ فى مؤشرات الصادرات لجميع القطاعات الصناعية، فعادت المنتجات المصرية تغزو الأسواق العالمية وتنافس الكبار.
ينظر الرئيس عبد الفتاح السيسى، إلى قطاع الصناعة المصرية بنظرة مختلفة، فلا يراه قاطرة التنمية الاقتصادية للدولة فقط، وإنما يراه أهم دعائم تحقيق رؤيته المتمثلة فى الاستقرار الاجتماعى، عبر توفير فرص عمل وتوظيف الشباب واستغلال طاقاتهم، وتحسين مستوى معيشة المواطن بشكل عام.
وقد وضعت الحكومة إستراتيجية طموحا للتطوير، تضمنت إنشاء مدن ومجمعات صناعية، واستهدفت إقامة 17 مجمعاً صناعياً بـ 15 محافظة على مستوى الجمهورية، بتكلفة استثمارية إجمالية بلغت نحو 10 مليارات جنيه، بإجمالى وحدات صناعية يبلغ عددها 5046 وحدة، توفر العديد من فرص العمل المباشرة، وفى ذلك الإطار، تم الانتهاء من إنشاء وتخصيص 4 مجمعات صناعية بنسبة 100 % وبدأت المصانع العمل بها فعليًا، وهى: المجمع الصناعى بمدينة السادات بالمنوفية، والمجمع الصناعى بمحافظة بورسعيد، والمجمع الصناعى بمدينة بدر بالقاهرة، والمجمع الصناعى بمرغم 1 بالإسكندرية.
أما المدن الصناعية المتخصصة، فمنحها الرئيس دعمًا من نوع خاص، حيث أنشأ عددًا منها فى مختلف محافظات الجمهورية مثل منطقة المدابغ بسور مجرى العيون، ومصانع الغزل والنسيج فى شبرا الخيمة والمحلة ومدينة الأثاث بدمياط، ومدينة الجلود فى الروبيكى، ومدينة الرخام فى السويس وغيرها.
يقول دكتور سيد قاسم، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والتشريع، إن ما بين استعادة الهوية المصرية، واستشراق المكانة الريادية التى تستحقها مصر، تتجه الدولة وفق رؤية استشرافية نحو مرحلة أكثر تنافسية نحو نمو اقتصادى مستدام.
وأشار إلى تبنى القيادة الرشيدة، إستراتيجية توطين الصناعة المصرية فى العديد من الصناعات الريادية ذات القيمة المضافة، حيث قامت مصر بصناعة محور جديد للتنمية الصناعية، من خلال إنشاء مدن صناعية متخصصة، بل هى قلاع صناعية إنتاجية متخصصة منتشرة على مستوى الجمهورية، وذلك لدعم منظومة التكامل الصناعى للمستثمر المحلى، بالإضافة إلى المساهمة فى تشجيع الاستثمارات الأجنبية.
وأكد أنه من خلال رؤية الدولة، لفكرة توطين بعض الصناعات، حسب المواقع الجغرافية، واختيار مواقعها حسب توافر عوامل النجاح فيها من خامات وصناعات تكميلية والعنصر البشرى المدرب، بما يساعد على خفض تكاليف الاستثمار، والإنتاج لهذه الصناعات والعمل على دعمها لإمكانية تملك ميزة تنافسية لمنتجاتها، ومن ثم تحقيق مؤشرات مالية جيدة للمستثمرين .
وأضاف أن هذه القلاع الصناعية المتخصصة، تمكن الاقتصاد المصرى من تحقيق قفزات إيجابية فى إنتاج سلع إستراتيجية، ومن ثم تمكين الدولة من الاستحواذ على ميزة نسبية تمكّنها من المنافسة محلياً وعالميًا، الأمر الذى يؤثر بالإيجاب على مؤشرات الإنتاج، بالإضافة إلى التحكم فى أسعار المنتجات فى السوق المحلى، فضلاً عن الأثر الإيجابى على الميزان التجارى فى حالة غزو الأسواق العالمية والتصدير لهذه الدول.
وأوضح قاسم، أن هناك العديد من أوجه الاستفادة من إنشاء المجمعات الصناعية ﻋﻠﻰ العديد من المستويات اﻻﻗﺘﺼﺎﺩية والاجتماعية والبيئية، لافتاً النظر أنه من أهم تداعيات جائحة كورونا تعطل جميع خطوط سلاسل الإمداد، مما أدى إلى شلل تام فى خطوط الإنتاج على مختلف السلع، مما أدى إلى تكبد العديد من القطاعات خسائر فادحة، لذا أثبتت هذه المرحلة ضرورة توطين بعض الصناعات، وذلك لما تحمله فى طياتها من أثر إيجابى على معدل النمو الاقتصادى وانخفاض معدل البطالة، ومن ثم تنعكس هذه النتائج الإيجابية على الميزان التجارى من خلال تعزيز حجم الصادرات وخفض الواردات، مما يؤثر إيجاباً على قوة العملة المحلية أمام العملة الأجنبية .
وأكد الخبير الاقتصادى أن الهدف من إنشاء مدن صناعية هو تحقيق التكامل الصناعى والاكتفاء الذاتى، الذى يندرج تحت مظلة خطة التكامل الإستراتيجى، فمن أهم القطاعات الصناعية التى تستحق الأولوية هى الصناعات التحويلية، والصناعات المغذية للصناعات الكبرى، حيث توفر الإمدادات للصناعات وتخفض فاتورة الواردات، مما يساعد على خفض تكلفة الإنتاج، بالإضافة إلى توفير الفرصة، للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، للانخراط فى إستراتيجية التكامل الإستراتيجى للقاعدة الاقتصادية.
ويؤكد الخبير الاقتصادى، هانى أبو الفتوح، أن مصر لديها قاعدة صناعية راسخة منذ سنوات طويلة، وتهتم الدولة بقطاع الصناعة لما له من دور رائد فى دفع عجلة التنمية والنمو الاقتصادى، باعتباره من القطاعات التى تتميز بالإنتاجية المرتفعة والنمو المتسارع، والقادرة على تشغيل الأيدى العاملة الكثيفة، كما أن الصناعة لها علاقات متشابكة مع العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية.
وأضاف أن مشروع إنشاء مدن ومجمعات صناعية متخصصة، يأتى فى إطار إستراتيجية متكاملة للدولة، وذلك بإنشاء مجمعات صناعية على مستوى الجمهورية لإيجاد نوع من التكامل الصناعى، ما يتيح الفرصة بين المصانع الكبيرة من ناحية والصغيرة من ناحية أخرى.
وأوضح أبو الفتوح، أن فكرة توطين الصناعة فى المدن الصناعية هى وسيلة فاعلة يمكن من خلالها، تحقيق طفرات فى إنتاج سلع بعينها، وبالتالى امتلاك ميزة نسبية تمكّنها من المنافسة، ما يؤدى إلى دعم فرص جيدة للإنتاج والتصدير.
وأشار إلى أن توطين الصناعة فى مدن متخصصة، يوفر العديد من عوامل النجاح فى المنطقة، التى تتوطن فيها بالاستفادة من خامات وصناعات تكميلية وشبكة طرق العمالة المدربة، وسهولة تصريف الإنتاج، مضيفاً أن كل ذلك يؤدى إلى خفض تكاليف الإنتاج لهذه الصناعات، ورفع معدل الإنتاج فى ظل بيئة عمل ذكية، تتوفر فى المدن الصناعية الجديدة، وبالتالى يزيد من تنافسية المنتجات، وتحقيق مؤشرات مالية جيدة للمستثمرين.
ولفت النظر إلى أن العائد الاقتصادى للمدن الصناعية، يتمحور حول توفير فرص عمل جديدة للشباب، الأمر الذى يسهم فى خفض البطالة، بالإضافة إلى إتاحة وتوفير منتجات جديدة للسوق المحلى، وبالتالى تقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة، ما يؤدى إلى توفير فاتورة الاستيراد.