منذ أقدم العصور وهى تقف شامخة تذود عن الوطن ضد المحتل القادم من الناحية الغربية، وعلى مر التاريخ كانت واحة الخارجة بمحافظة الوادى الجديد لؤلؤة تتألق بامتداد الصحراء الغربية المصرية وعلى طول الطريق بالصحراء الكبرى حتى جبال المغرب على المحيط الأطلسي. مؤخرًا أعلنت الحكومة أنها ستكون أول مدينة صديقة للبيئة والمناخ، وقديمًا عرفت باسم «الواحة العظمى»، حيث كانت تشغل منخفضا كبير فى الصحراء وعاصمتها «هيبس» والتى اشتق اسمها من كلمة هبت ومعناها المحراث.
موضوعات مقترحة
تاريخ «الخارجة» حافل بمزيد من التفاصيل، حيث عاش بها إنسان عصور ما قبل التاريخ منذ حوالى 5000 سنه ق.م، وترك آثاره فى ربوع الواحات منها جبل الطير بالخارجة ودرب الغبارى بطريق «الخارجة - الداخلة»، وفى العوينات جنوب الواحات، وفى العصور الفرعونية كانت تمثل أهمية قصوى لكونها خط الدفاع الأول عن مصر القديمة لتعرضها لهجمات النوبيين من الجنوب والليبيين من الغرب. وكان المصريون القدماء يهتمون بهدوء المنطقة واستقرارها، وتظهر آثارهم فى عدة مناطق بالخارجة والداخلة وعندما غزا قمبيز الفارسى مصر عام 525 ق.م، وأهان معبودها الإله آمون، تلقى عقابه بأن اختفى جيشه المكون من 50000 مقاتل فى بحر الرمال العظيم. وخلفه جاء الملك دارا الأول فحاول إرضاء المصريين حتى يتمركز حكمه ويرضى عنه كهنة آمون فبدأ فى ترميم ونقش بعض المعابد ومنها معبد هيبس، وكان للبطالمة دورهم الكبير فى ازدهار الزراعية بالواحات واستغلال اقتصادياتها وتظهر آثارهم على طول درب الواحات بطريق باريس.
وعندما بدأ اضطهاد الرومان لأقباط مصر هرب للواحات كثير من الأقباط الفارين بدينهم وعقيدتهم، وعاشوا فيها بزراعة الأراضى حاصدين لخيراتها، وتعد جبانة البجوات شمال الخارجة أبرز دليل لهذا العهد. وجاء دور الرومان الذين استغلوا الواحات فشقوا القنوات واستغلوها فى الزراعات الكبيرة وازدهرت التجارة على طريق درب الأربعين الموصل بين مصر والسودان عبر الواحات، وكان شريانا للتجارة، وتظهر معابدهم على طول هذا الدرب وأهمها معبد الغويطة وعند الزيان معبد دوش. طوال فترة الملكية فى مصر، كانت الوادى الجديد تسمى محافظة الجنوب، وظلت على هذا الاسم، حتى قامت ثورة 1952، وأعلن الزعيم جمال عبد الناصر عن اسمها الجديد عام 1958 والبدء فى إنشاء واد مواز لوادى النيل يخترق الصحراء الغربية لتعميرها وزراعتها على مياه العيون والآبار بهدف تخفيف التكدس السكانى فى وادى النيل.
وتمتاز واحة الخارجة عاصمة المحافظة بمناخها الجاف أغلب فترات العام، وبجوها المشمس الدافئ مما يؤهلها لكى تكون مشتى عالمى صحي، لما تحويه من عديد من الآبار والعيون الكبريتية الباردة والساخنة، ولذلك اختارتها وزارة البيئة لتكون أول مدينة صديقة للبيئة والمناخ، فى إطار الاحتفال باليوم البيئة العالمى والذى يأتى هذا العام تحت شعار «لا نملك إلا أرض واحدة».
وأشارت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة إلى أن الوادى الجديد يتمتع بطبيعة خلابة يمكن استثمارها كسياحة بيئية مختلفة عن سياحة البحار والشعاب المرجانية، فيمكن دخول القطاع الخاص والاستثمار فى هذا المكان من خلال بناء فنادق باستخدام مواد طبيعية من المكان وقيام سياحة من نوع مختلف تعتمد على الكثبان الرملية والإستمتاع بالهدوء والإسترخاء بعيداً عن صخب المدن والوسائل التكنولوجية كالموبايل والتليفزيون ويمكن الاستثمار وخاصة الطاقة الشمسية التى يمكن أستخدامها فى استصلاح الأراضى وتوفير المياه من الآبار، ففكرة ربط الطاقة بالمياه والغذاء تساهم فى التصدى لآثار تغير المناخ.
وأوضحت وزيرة البيئة العوامل التى على أساسها تم اختيار مدينة الخارجة مدينة خضراء وصديقة للبيئة منها استخدام المواد الطبيعية فى عمليات البناء ساهمت فى عدم وجود تلوث بالمدينة إضافة إلى أن عمليات التنمية والمشروعات داخل المحافظة تقوم على الحفاظ على البيئة وعدم وجود أيه مصادر للتلوث الصناعى لعدم وجود مصانع سوى تعليب التمر وارتفاع متوسط نصيب الفرد من المساحات الخضراء 9.5 نخله/ فرد ومن المحاصيل الحقلية 520 م2 / فرد ومن الأشجار المنتجة 18 م2 / فرد كما يبلغ نصيب الفرد فى الأرض 500 م2 / فرد وتعتمد المدينة على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة (الطاقة الشمسية - الغاز الطبيعي) والموفرة للطاقة فى الجهات الحكومية وإنارة الشوارع ودور العبادة وفى استخراج المياه من آبار الرى والمنازل، كما لا تتعدى نسب الضوضاء فى المدينة على مدار اليوم الحدود المسموح بها فى اللائحة التنفيذية لقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994.
وتابعت وزيرة البيئة بأن مدينة الخارجة تحتوى على كافة خدمات الصرف الصحى ومعالجتة، كما أن هناك تشجيع للأنشطة الزراعية المستدامة والمنتجات البيئية مثل عيش الغراب والحرير وهناك أيضاً توجه للتخلص من إستخدام الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام كما يوجد محطات لرصد نوعية الهواء تابعة لمديرية الشئون الصحية ومعامل حديثة لمراقبة نوعية المياه تابعة لوزارة الموارد المائية والرى وأجهزة رصد الضوضاء تابعة لإدارة شئون البيئة بالمحافظة تتوافق نتائجهم مع الحدود المسموح بها والمذكورة فى القوانين والتشريعات البيئية
وقالت إن المشروعات المقامة بالوادى الجديد صديقة للبيئة ولا تضر بالمنظومة التى قامت عليها المحافظة، ومنها مصنع المخلفات الصلبة والصوب الزراعية الذى يعد نموذج للتخلص الآمن من المخلفات العضوية، حيث يتم فرز المخلفات الصلبة واستخراج المخلفات العضوية منها، ثم تبدأ عملية تغذية الدود عليها لاستخراج السماد العضوى ثم تجفيف الديدان وتحويلها إلى إضافات أعلاف أو بروتين لإنتاج الأعلاف البديلة بالإضافة إلى قيام بعض الزراعات الاقتصادية مثل المورينجا والجوجوبا والزعتر فى الصوب الزراعية الملحقة.
وأيضًا إعلان المدينة خالية من البلاستيك وإنتاج الحقائب والأكياس، وتصنيع أزياء وملابس صديقة للبيئة من خام القطن والكتان والخيش، والتى تخلو من البلاستيك والبوليستر ومن أى مواد كيمائية ضارة كالأصباغ، وتقلل الانبعاثات الغازية الضارة.
كما أطلقت وزيرة البيئة ومحافظ الإقليم محمد الزملوط، حملة تشجير بمشاركة طلبة جامعة الوادى الجديد لزراعة ١٠٠٠ شجرة مثمرة لزيادة الرقعة الخضراء والتقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري، خاصة فى الوقت الذى يسعى العالم أجمع للتصدى إلى التغيرات المناخية، وفق خطط وطنية تعمل مصر على استعرضها خلال مؤتمر المناخ cop27 الذى تستضيفه شرم الشيخ نوفمبر القادم.