راديو الاهرام

أستاذ ميكروبيولوجيا: الثوم والكركم والفلفل والبروكلي تهزم جرثومة المعدة

15-6-2022 | 10:10
أستاذ ميكروبيولوجيا الثوم والكركم والفلفل والبروكلي تهزم جرثومة المعدةجرثومة المعدة
حسن محمد
الأهرام التعاوني نقلاً عن

د.إبراهيم عبد الباقى: الابتعاد عن الأغذية الحامضية والدهنية والمصنعة فى حالة الإصابة بالجرثومة.. والخضروات تثبط نشاط البكتيريا الضارة

موضوعات مقترحة

تجنب الأغذية المتبلة وغزيرة البهارات والمملحة والمدخنة والمحفوظة والملونة صناعيا والإقلال من البيض

إذا ما شعرت بآلام فى البطن مصاحبة أعراض أخرى مثل الغثيان وارتفاع درجة الحرارة، فأنت بنسبة كبيرة مصابًا بجرثومة المعدة. وجرثومة المعدة تحدث نتيجة الإصابة بنوع من البكتيريا الذى يسمى بالبكتيريا الملوية البوابية التى تصيب المعدة، وتعتبر من الأمراض المنتشرة التى من الممكن أن تتسبب فى الإصابة بقرحة المعدة فيما بعد.

أستاذ ميكروبيولوجيا الألبان الأستاذ الدكتور إبراهيم عبد الباقى أبو عيانة، يقول إنه فى مستهل القرن العشرين، رحل الطبيب الإيطالى جوليو بيزوزيرو دون أن يدرى أنه وضع يده على معضلة ستحير علماء الطب والتغذية وترهق ملايين البشر، فلقد سجل نفسه كأول من تَعرّف على الجرثومة فى معدة الكلاب 1892م، ، وخلفه الأستراليان مارشال ووارين حتى نالا جائزة نوبل عام 2005م لاكتشافهما دور بكتيريا جرثومة المعدة فى التهاب المعدة المزمن ومرض القرحة الهضمية.

ويضيف أبو عيانة أن جرثومة المعدة هى بكتريا عصوية ميكروميترية، عرض خليتها نصف ميكروميتر وطولها بين 2- 4 ميكروميتر، طرفية الأهداب (فلاجلات) حلزونية الشكل، تأخذ شكل حرف S، احتياجها للأكسجين شحيح، ولا تتحمل الحموضة المفرطة (رغم أنها تعيش وتتكاثر فى بيت الحموضة وهو المعدة)، لكنها حساسة لتركيز 2% ملح، وتنتعش فى درجة حرارة الجسم (37مئوية)، تحتاج لنسبة رطوبة عالية فى وسط نشاطها كمثيلاتها سالبة صبغ جرام، وجود دم الحصان ضرورى لبيئة نموها وعزلها وتحديدها، مشيرا إلى أن  أن هذه البكتريا تصيب نصف سكان العالم،  حسب دراسة شاملة فى 2019، وتنال نصيب الأسد الدول النامية بسبب ضعف الرعاية الصحية، وانحدار مستوى النظافة الناجم عن تدنى المستوى الاقتصادى والاجتماعي، تخالف ذلك الدول المتقدمة خاصة سويسرا الأقل إصابات بشرية فى العالم، وأن جرثومة المعدة تميز بين الناس على أساس المستوى الاقتصادى والاجتماعى والصحى والغذائي، لكنها لا تميز بين الجنسين فعدلها فى ذلك جلي.

ويضيف أنه كأى ميكروب، فإن جرثومة المعدة تنتقل من البيئة للعائل أو من عائل لأخر، والأخير هو الأكثر شيوعًا، حيث قد تنتقل من فم إلى فم عن طريق أدواته أو طعامه وقد تنتقل من مخلفات مريض لفم شخص سليم أو من محتويات معدية إلى فم شخص سليم. وأنه بعدما تستقر وتطمئن تبدأ فى نشاطها الذى يحفظ لها البقاء والذى جبلها عليه الله وفطرها، فبواسطة شكلها الحلزونى وأهدابها الطرفية تخترق الطبقة المخاطية للمعدة محتمية فيه من حرقة حموضتها ثم تبدأ فى تعديل حموضة المعدل.

وأكد أن جرثومة المعدة ليس بينها وبين الإنسان عداوة أو خصومة، لكنها جند من جنود الله وآية من آياته يتجلى فيها الضعف البشري، فهذه الجرثومة لم تصمم أسلحتها ولم تُحَدّث قدراتها، فكيف لها أن تنتج سمًا خلويا مكونا للفجوة الذى يلتصق بالخلايا الظاهرية ببروتينات الالتصاق ويسبب التجويف، ويحفز هذا السم موت الخلايا المضيفة من خلال تكوين المسام والاستماتة فى أغشية الميتوكوندريا.

بالإضافة إلى إيصال المستضد المرتبط بالسموم الخلوية والمعروف باسم البروتين الورمى، إلى الخلايا الظهارية المعوية ويعطل مسارات الالتهام الذاتي. أظهرت دراسات مختلفة أن المستضدات المرتبطة بالسموم الخلوية تؤثر على شكل خلايا البروتينات البكتيرية، وتعطل نشاط تجميع الخلايا، وتزيد من حركية الخلية، وهى مسئولة عن قرحة المعدة والسرطانات، كما أن عديد السكاريد الدهنى (LPS)، الموجود فى الغشاء الخارجى لجرثومة المعدة يسبب التهابات مزمنة عن طريق تحفيز جهاز المناعة.

أعراض الإصابة

وعن أعراض الإصابة، يقول إن هناك عدة أعراض تشير لإصابة الشخص بجرثومة المعدة تتلخص قى تجشؤ مفرط، وانتفاخ بالبطن، وغثيان، مع الم وحرقة بالمعدة، ضعف الشهية مع ظهور ارتفاع فى الحرارة وصعوبة البلع وظهور دم بالبراز، ولون البشرة الباهت، وفقدان فى الوزن بدون سبب واضح، مصاحب لشعور بالتعب والإجهاد وقد يترافق بمشكلات تنفسية، ومع تقدم الحالة يتقيء المصاب، مع شعور بالشبع وتورم البطن، وتتأكد الإصابة بالتشخيص المعملي.

ووفقًا لمحدثنا الدكتور إبراهيم أبو عيانة، تُعد بكتريا جرثومة المعدة إحدى أسباب هذا النوع من السرطان وليس المسبب الوحيد، فالنشاط المفرط لهذه البكتريا فى وجود نظام غذائى غنى بملح الطعام والسكر والطحين الأبيض وفقير فى الخضروات والفاكهة قد يكون مرتبط بحدوث هذا المرض، مضيفا أن حدوث القرحة الهضمية يرتبط بالإفراط فى تناول المسكنات، ونشاط مفرط لسلالات من بكتريا جرثومة المعدة.

العلاج الدوائي

ويعتمد العلاج الدوائى على استخدام عقار يثبط مضخة البروتون المنتجة للحمض، وغالبيتها مشتقات «البنزيميدازول» قبل تناول الوجبة فتقل الحموضة مما يسمح للبكتريا الحلزونية بالخروج لتجويف المعدة ليسهل التأثير عليها بمجموعة من المضادات الحيوية يحددها الطبيب بناءًا على عدة اعتبارات.

يجب الأخذ فى الاعتبار أن المعدة مكان لتلقى الطعام وخزنه مدة لا تقل عن ساعة، وفقًا للدكتور أبو عيانة، حيث يتم فيها معالجته وتهيئته لمرحله ما بعد المعدة، بذلك فان الطعام يؤثر بالمعدة وما تحويه من كائنات دقيقة، ويتأثر أيضا بوظيفتها ومكوناتها، كما أن محتوى القناة الهضمية من ميكروبات نافعة وضارة يؤثر على اتصال القناة الهضمية بالمخ مما يؤثر على إفراز هرمونات النمو والشهية «جرلين ولبتين)، كما يرتبط بقوة بنشاط وكفاءة الجهاز المناعى بالجسم.

ويشير إلى أن جرثومة المعدة تتسبب فى سوء امتصاص العناصر الغذائية، وبالتالى سوء التغذية، وتزيد من فرص الإصابة بمسببات العدوى، كما أن انخفاض مستوى هرمون جرلين يؤثر على النمو خاصة حال إصابة الأطفال.

مصادر جرثومة المعدة

تُعتبر الأغذية هى المتهم الأول فى نقل بكتريا جرثومة المعدة، ومن الناحية التركيبية، تكثر احتمالية وجود هذه البكتريا فى الأغذية ذات النشاط المائى 0.97 أى عالية الرطوبة مثل الألبان السائلة ومنتجات اللبن والأغذية الرطبة عمومًا، وكذلك الأغذية معتدلة الحموضة، وبالطبع وجودها وثيق الصلة عكسيًا بجودة الغذاء الميكروبية، فكلما زادت الجودة الميكروبية للأغذية قلت فرص وجود هذه البكتريا فيها. تم عزل هذه البكتريا من جميع أنواع الألبان ومن جميع الأغذية اللبنية تقريبًا، كذلك عُزلت من الخضروات والفاكهة الخام، ومن المجازر والجزارين وأدوات الجزارة والحليب، ومن مراكز تجميع الحليب، ومن القطط والكلاب والماشية، حيث تستطيع هذه البكتريا التسلل إلى فتحة الحلمة لداخل الضرع مما يجعل اللبن أحد أهم مصادر الميكروب. كذلك تم رصدها فى لعاب المصابين وترسبات أسنانهم.

الأغذية المثبطة للجرثومة

وعن الأغذية المثبطة لها يقول إن الإجهاد التأكسدى هو عملية فسيولوجية يمر بها كل كائن حي، ويلعب دورًا فى مسببات العديد من الأمراض وعملية الشيخوخة، تُعتبر المعدة مفاعلًا حيويًا وبيئة ممتازة لتفاعلات الأكسدة ولكنها تتعرض باستمرار للأنواع التفاعلية والمواد المسرطنة، ومسببات الأمراض البكتيرية المُبتلعة والمركبات المؤكسدة المرتبطة بهضم الطعام، بعد أن تصل هذه البكتريا إلى خلايا المعدة الظهارية، مما يؤدى إلى استجابات العدوى فى الخلايا المناعية الفطرية للمصاب. لوحظ أن نشاط أنواع الأكسجين التفاعلية زاد وانخفضت المركبات المضادة للأكسدة مثل فيتامين C لدى الأفراد المصابين.

ونظرًا لأن عدوى جرثومة المعدة تؤثر على عملية الإجهاد التأكسدي، يعتقد الدكتور إبراهيم أبو عيانة أن بعض الأطعمة والعناصر الغذائية المضادة للأكسدة، قد تكون فعالة فى تثبيطها.

وأوضح أن هناك عناصر غذائية يجب إدراجها بالنظام الغذائى للتأثير الوقائي، من تلك العناصر الثـــــوم، حيث يحتوى على 33 مادة كبريتية لها أثر مضاد ميكروبى، فى العام 1998م نشر مجموعة من الباحثين الصينيين بحثًا يؤكد قدرته على كبح جماح هذه الجرثومة وتثبيط نموها وإيقاف نشاطها، فتناول الثوم النيئ (فصان متوسطان) مرتان او ثلاث مرات يوميا لمدة لا تقل عن اسبوع يمكن أن يثبط نمو مستعمرات الجرثومة، ويحد من نشاطها. وأيضًا الكركم، الذى يحتوى العديد من البوليفينولات المضادة للأورام والالتهاب والمضادة للميكروبات أيضًا، ثبت من خلال الأبحاث العلمية المنشورة أن تناول 700 مللجرام كركمين ثلاث مرات يوميًا، لمدة 3 أشهر، لُوحظ تلف شديد في DNA لهذه البكتريا مما يؤكد على تثبيطها. والفلفل، لما له من قيمة غذائية عالية من حيث الخصائص المضادة للأكسدة، فهو مصدر غنى بالكاروتينات وبروفيتامين A ، بالإضافة إلى فيتامينات E و C . المكون النشط للفلفل الحار هو مادة الكابسيسين الذى يعطى للفلفل نكهته اللاذعة المميزة، معمليًا وفى عام 1997 أظهر الكابسيسين تثبيطًا فعالًا لنمو جرثومة المعدة.

وأيضًا براعم البروكلي الغنية بمركب سلفورافان ذات التأثير الوقائى على الإصابات التى تسببها أنواع مختلفة من الإجهاد التأكسدي،، كما أن له نشاط مضاد للسرطان، وأن الدراسة أثبتت أن تناول 70 جرام من براعم البروكلى يوميا لمدة أسبوع أثرت ايجابيا ضد جرثومة المعدة لكن الأمر يحتاج لدراسة أعمق وأطول.

وأضاف الدكتور إبراهيم عبدالباقي، أن البروبيوتك أيضًا من تلك العناصر فهى كائنات حية دقيقة توفر عند تناولها بكميات كافية فوائد صحية للشخص الذى تناولها. من خلال تأثيرات ايجابية تتمثل فى أنها قد تكون هناك منافسة مباشرة مع جرثومة المعدة، مما يمنع التصاق الجرثومة على المستقبلات، كما قد تلتصق جرثومة المعدة بشدة بالخلايا الظاهرية.

وأضاف أن بكتريا البروبيوتك هى السائدة فى أمعاء الشخص السليم، بأعداد هائلة فى الوسط، كما يفترض أن قدرات البروبيوتك من أصل بشرى تستعمر سطح الغشاء المخاطى الظاهري، وبالتالى قد تتداخل مع مسببات الأمراض فى الجسم الحي، كما تقلل البروبيوتيك من التأثيرات الجانبية المصاحبة لتناول المضادات الحيوية، وأيضًا لها القدرة على إنتاج مركبات مضادة للميكروبات بجانب المواد الأساسية المنتجة لها مثل حمض اللاكتيك والخليك وبيروكسيد الهيدروجين، وهذه المواد لها صفات مثبطة لجرثومة المعدة، كما أن حمض اللاكتيك، له تأثير مضاد للميكروبات عن طريق خفض درجة الحموضة، ويثبط الإنزيم الذى تستخدمه جرثومة المعدة فى خفض حموضة المعدة. 

وحذر الدكتور إبراهيم عبد الباقى من تناول عدد من الأغذية فى حال الإصابة، مثل الأغذية الحامضية عموما والدهنية والمصنعة مثل اللحوم المصنعة بجميع أنواعها، والأغذية المتبلة وغزيرة البهارات مثل البسطرمة، والشاورما والمخللات والأغذية المملحة مثل الفسيخ، والمدخنة مثل الرنجة والمحفوظة والملونة صناعيا، مع الإقلال من البيض، فضلًا عن عدة مشروبات مثل الشاى الأسود والقهوة والعصائر الحامضية والمعلبة والامتناع تماما عن المياه الغازية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: