Close ad

ديكتاتورية الأقلية في الحوار الوطني

12-6-2022 | 16:18

في الرابع من يونيو الحالي؛ أي قبل أسبوع كتبت في هذا المكان مقالًا بعنوان "احذروا فتنة ما قبل الحوار" وتناولت فيه مخاوف انتابتني، بعد متابعتي لأحاديث بعض الشخصيات المعارضة، من أن تتسبب بعض المواقف الحزبية الضيقة في إحداث فتنة، أو الشوشرة على الحوار الوطني، الذي أراده صاحب الدعوة -الرئيس السيسي- أن يكون حوارًا يتسع للجميع، ويضع رؤية شاملة للجمهورية الجديدة، وكان مبعث المخاوف ما رصدته من إشارات ومواقف لدى بعض هذه الشخصيات -تلميحًا أو تصريحًا- يعكس إصرارًا على أن يكون الحوار بين طرفين اثنين لا غير؛ هما النظام وأحزاب المعارضة، وليس هذا فحسب؛ بل تم اختزال أحزاب المعارضة في عدد محدود انتزع لنفسه حق التحاور..

ولم تمر أيام حتى فاجأنا بيان لـ "أحزاب الحركة المدنية" برفض البيان الأول لإدارة الحوار، والذي لم يتضمن سوى تسمية الأمين العام للحوار ومنسقه، بزعم أنه لم تتم استشارتهم، واعتبروا هذه الخطوة إجراءً أحاديًا "مرفوضًا" ثم تمادى البيان في إملاء الشروط على شكل الحوار، وطريقة اختيار أعضاء الأمانة وعددهم، وطريقة توزيع هذا العدد بين الموالاة والمعارضة!!

وحتى نضع الأمور في نصابها والقضية في سياقها، فإنه بادئ ذي بدء من حق أي حزب أوجهة أو شخص أن يعبر عن رفضه أو تأييده، بما أننا في حوار ديمقراطي يستوعب كل الآراء، ويتسع لكل الأفكار والمقترحات، شريطة أن تضيف للمقترحات وتثري المناقشات، وأن تدعم الحوار المنشود في الوصول إلى مبتغاه، وأهدافه القومية العليا التي لا يختلف عليها اثنان.. وهي - بالمفهوم البسيط - تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتوفير مناخ جديد للعمل والتقدم نحو البناء والتطور، يرتكز على ما تحقق من منجزات ومكتسبات خلال السنوات الماضية.

وبما أن لغة الأرقام خير معبر عن الحقيقة، ومجسد للأوزان النسبية للأحزاب في الحياة السياسية، ففي مصر أكثر من 100 حزب سياسي يمثلون مختلف التيارات والأيديولوجيات، ولا تمثل أحزاب الحركة المدنية الرافضة للبيان الأول لإدارة الحوار من هذا العدد سوى 7% على الأكثر، لو اعتبرنا عددها 7 أحزاب، ولو أخذنا في الاعتبار أن هناك بعض الأحزاب جمدت نشاطها بهذه الحركة، ويقال إن العدد الإجمالي لا يتجاوز 5 أحزاب، ومعظمها لا يوجد له تمثيل برلماني في مجلس النواب؛ أي بلا ظهير شعبي يدعمه، إذن إننا أمام أقلية محدودة من المعارضة، وبالتالي لا الوزن النسبي لها ولا عددها المحدود ولا غيابها من التمثيل البرلماني يعطي لها حق الحديث باسم المعارضة، ولا يمنحها قوة انتزاع حق إملاء الشروط في الحوار الوطني، الذي حاز على دعم أغلبية شعبية واسعة، كما قال ضياء رشوان نقيب الصحفيين ومنسق الحوار من الأحزاب والنقابات المهنية وغيرها من القطاعات الأخرى بلغ 95%، ولعل رد فعل أحزاب معارضة وقوى أخرى على بيان الحركة كان واضحًا وحاسمًا برفض هذا البيان، ورفض قيام الحركة المدنية بالحديث باسم المعارضة.

المؤكد أن الحوار الوطني في تلك الظروف والتحديات التي تمر بها مصر والعالم يكتسب أهمية كبيرة، ونجاحه يتوقف على أهمية التعاطي معه والمشاركة فيه بتجرد، بعيدًا عن المصالح الحزبية الضيقة، والمزايدات السياسية الرخيصة.. نعم نريده حوارًا يتسع للجميع ويتعامل مع كل القضايا والمشكلات في المجتمع، وأن تكون مخرجاته مجسدة لآمال وطموحات شعب يتطلع إلى جمهورية جديدة، تحقق له أحلامًا طال انتظارها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة