غالبًا ما تحدث زيادة في أسعار بعض الخدمات مع بداية كل عام، وهذه الزيادات المرتقبة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وغيرها من مشكلات عالمية ومحلية.
وقد تبدو هذه الزيادة ضرورية، ولكن الاختلاف حول أسلوب توزيع الأعباء والمسئوليات؛ فمثلا نجد أن معظم الزيادات بوجه عام يدفع ثمنها الفئات محدودة الاستهلاك والدخل، وهذا يختلف عن معظم دول العالم؛ بمعنى لو طبقنا النظام الرأسمالي مثلا؛ فهو بداية لا يحمل الدولة أي أعباء للدعم، في مقابل أنه أيضًا يعطي المواطن كافة حقوقه المادية؛ بمعنى أجور ومرتبات ومعاشات بالسعر العالمي.
وذلك لأن مفهوم الدعم هو الفرق بين السعر المحلي والعالمي للخدمة، فإذا كانت الخدمات تُقدم بالسعر العالمي فيجب أيضًا أن تكون المرتبات والمعاشات بالسعر العالمي، ثم عند تقدير أسعار الخدمات يراعى مبدأ التكافل الاجتماعي، والحد من الاستهلاك الترفي بمعنى المطلوب هو الحد من استهلاك الأغنياء وليس الفقراء.
ولذلك يتم دعم الاستهلاك المحدود من خلال رفع أسعار أصحاب الاستهلاك الترفي الذي يتسم بالإسراف والبذخ ولا تحمل الدولة أي تكاليف؛ في الوقت الذي لجأ فيه بعض عمال العمالة المؤقتة التي تعمل بمكافأة 500 جنيه شهريًا، تعتمد في الشراب والطعام على ماء الطلمبة الملوث الذي له آثار صحية خطيرة!! فهل هؤلاء هم المقصودون بالترشيد.
ثانيًا بالنسبة للكهرباء تقريبًا نفس المشكلة زادت أسعار الشريحة الأولى، ثم عند أكثر من ألف كيلو يتساوى الجميع، وهنا نتساءل لماذا لا نفعل مثل الدول الرأسمالية؟! فمثلا من يتعدى ألفي ك يدفع 20% زيادة على سعر التكلفة، ثم من يتعدى استهلاكه 3 آلاف يدفع 40% زيادة، وتستمر الزيادات مع زيادة الاستهلاك الترفي.
وذلك لأن المطلوب هو ترشيد استخدامات أصحاب حمامات السباحة والقصور التي تضم عشرة تكييفات أو أكثر، هذه مبادئ عامة تسير عليها كل الدول الرأسمالية المقتدر صاحب الاستهلاك الكبير يدفع أكثر لتخفيض سعر الفئات محدودة الاستهلاك والدخل، ثم بعد ذلك يجب رفع الدعم عن الأجانب، ويقدر عددهم بنحو 12 مليون أجنبي ومعظمهم من أصحاب الدخول المرتفعة والاستهلاك الكبير، لماذا لا نربط الدعم ببطاقة الرقم القومي، ونرفع كافة أشكال الدعم عن الأجانب.
وأيضًا يجب رفع الدعم تدريجيًا عن كافة أشكال الاستهلاك التجاري، ويبقى مشكلة بنزين 95 التي أعلن سيادة وزير البترول منذ أكثر من عامين أن سعره بالخارج نحو 2 دولار أي نحو 36 جنيهًا مصريًا، لماذا ندعمه ويباع بنحو تسعة أو عشرة جنيهات، وتأتي السفن الأجنبية للحصول عليه مدعمًا، وكذلك أصحاب السيارات الفارهة؟!
هذه تساؤلات مطروحة وبدائل لتخفيف الضغوط على الطبقات الدنيا والوسطى، وإعادة النظر في توزيع الأعباء ونتذكر حديث رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام: "ابغوني الضُّعفاءَ، فإنَّما تُرزَقونَ وتُنصَرونَ بضُعفائِكُم".
والله الموفق