إِذا ما أَرادَ اللَّهُ ذُلَّ قَبيلَةٍ
رَماها بِتَشتيتِ الهَوى وَالتَّخاذُلِ
وَأَوَّلُ عَجزِ القَومِ عَمّا يَنوبُهُم
تَدافُعُهُم عَنهُ طولُ التَّواكُلِ
للشاعر الأموى (عبيد بن أيوب العنبري)
مع نشوب الحرب الروسية - الأوكرانية، وتأزم عمليات الشحن والتصدير والاستيراد وخاصة فى محاصيل الحبوب وعلى قمتها القمح، وما تبعه من ارتفاع فى الأسعار وموجات التضخم على المستوى العالمى كثر الحديث عن (الاكتفاء الذاتى) وخاصة من المحاصيل الإستراتيجية وعلى قمتها فى مصر محصول القمح.. خاصة أنه لا تخلو مائدة فى مصر من رغيف الخبز ومكونه الرئيسي هو القمح..
وتحول السؤال لماذا لا نحقق الاكتفاء الذاتى من القمح؟؟ وبمنتهى البساطة كما قال وزير الزراعة السيد القصير فى الجلسة التحضيرية لمؤتمر ومعرض الأهرام الزراعى الثانى والمقرر عقده فى الفترة من 24 يوليو إلى 26 يوليو القادم.. يمكن أن نحقق الاكتفاء الذاتى من القمح بزراعة جانب كبير من المساحات الصالحة للزراعة بمصر بمحصول القمح، وبذلك سنحقق الاكتفاء الذاتى من القمح..!! واستطرد ومعه الحق أن ذلك ليس صحيحا.. ففاتورة استيراد الخضر والفاكهة وغيرها من المحاصيل التى سنتوقف عن زراعتها لصالح القمح ستصبح باهظة ولا يمكن أن تتحملها الدولة....
وهذا هو الفارق بين تحقيق الاكتفاء الذاتي وبين تحقيق الأمن الغذائى....
ومصر استطاعت وبمقدرة وكفاءة اقتصادية من تحقيق الأمن الغذائى لمواطنيها خلال فترة من أصعب الفترات على مستوى العالم وهى أزمة وباء كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية فلم تتأثر أسعار السلع الغذائية بفروق ضخمة فى الأسعار مثل مختلف دول العالم، ولم نعانِ عجزا في أى سلعة من السلع الغذائية الرئيسية.. ولم نضع قيودًا على سلع بعينها كما وضعت ألمانيا - وهى دولة كبرى - قيودا على استهلاك زيت الطعام.. فهذا هو الأمن الغذائى..
فالإدارة الرشيدة هى التى تحدد كيفية تحقيق أهدافها فى ظل الموارد المتاحة والمحدودة، فالهدف هنا واضح وهو تحقيق الأمن الغذائى ومواردنا من الأرض الصالحة للزراعة والموارد المائية فضلا عن توفير أهم احتياجات المواطنين... فهذه هى المعادلة التى يجب دراستها بعناية قبل أن نطالب بتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح أو من غيره وفى ظل زيادة سكانية مطردة..
الدولة من جانبها قامت بجهود كبيرة فى استصلاح الأراضى فى الدلتا الجديدة وفى غرب المنيا وفى توشكى وفى الـ1.5 مليون فدان وفى سيناء وفى غيرها من المواقع.. نحتاج إلى مزيد من الجهود العملية فى استنباط أصناف ذات معدلات إنتاجية أعلى ومقاومة للآفات وتستهلك كميات مياه أقل وتتوافق مع التغيرات المناخية...
ويبقى التحدى قائمًا طالما ظلت معدلات الزيادة السكانية كما هى..
ولله الأمر من قبل ومن بعد
حفظ الله مصر وحفظ شعبها وجيشها وقائدها.