27 عامًا بالتمام والكمال تمر علينا اليوم الثلاثاء 7 يونيو، على رحيل الشيخ إمام عيسى، الذي اشتهر بلقب "مغني الشعب"، وقدم حالة خاصة بمصاحبة رفيق عمره الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم.
موضوعات مقترحة
تستعيد "بوابة الأهرام" أبرز محطات الشيخ إمام تزامنا مع ذكرى رحيله:
يعدّ الشيخ إمام ظاهرة فنية وثقافية نادرة في التاريخ العربي، فلم يسبق لموسيقي أو مغني أن كرّس حياته وفنه للدفاع عن القضايا، وعمّا يؤمن به إلى الحد الذي فعله الشيخ الظاهرة.
اسمه الحقيقي إمام محمد أحمد عيسى، من مواليد عام 1918، في قرية أبو النمرس بمحافظة الجيزة لأسرةٍ فقيرة.
وكان الشيخ إمام عيسى أول من يعيش لها من الذكور، أصيب في السنة الأولى من عمره بالرمد، وفقد بصره بسبب الجهل، واستعمال الوصفات البلدية في علاج عينيه.
واتجه الشيخ إمام في طفولته لتعلم القرآن الكريم، ثم احترف الإنشاد الديني، وغنى عدداً من الأغنيات السياسية، أشهرها "مصر يامه يا بهية"، و"يا مصر قومي وشدي الحيل"، و"يا فلسطينية والبندقاني رماكم"، و"جيفارا مات"، و"فاليري جيسكار ديستان"، و"رجعوا التلامذه"، و"حاحا"، و"تل الزعتر"، و"يا حبايبنا".
رئيس جمعية "محبي الشيخ إمام"، سيد عنبه، قال في الاحتفال بمئوية ميلاد الشيخ إمام عيسى في معرض القاهرة الدولي للكتاب، "أن هذا الفنان الضرير أدى دوره نحو وطنه بما يفوق كثيراً من المبصرين، وإنه جسد صلابة وعناد الشعب المصري في مواجهة عثرات الزمان، فلم يمنعه فقد البصر من أن يكون مواطناً فاعلاً في الحياة، وأن يتخذ لنفسه أسلوبه الخاص في التلحين والغناء، منطلقاً من أرضيته الدينية الخصبة، حتى أصبح رائداً لما يمكن أن نسميه موسيقى الرأي وغناء الرأي، فقد بدأ الشيخ إمام حياته قارئا، وتعلم المقامات الموسيقية على يد أستاذه الشيخ درويش الحريري، الذي احتضنه ورعاه مدة تقترب من 20 عاماً، ثم تعلم وأجاد العزف على العود، وأبدع من الألحان، عدداً وقيمةً، ما يضعه في مصاف كبار الملحنين، كما أنه أضاف إلى فن التلحين الكاريكاتيري، والتلحين التراثي إضافات واضحة، ناهيك عن أنه تميز بقدرة هائلة على مسرحة الكلمات، وأدائها بشكل يجعلها مجسدة للمعنى تماما".
وتقوم جمعية محبي الشيخ إمام بدور كبيرفي توثيق تراثه، وتهدف الجمعية إلى الحفاظ على التراث الموسيقي للشيخ إمام، كما تهتم به بوصفه قارئًا للقرآن الكريم، وقد قامت الجمعية برقمنة قراءات القرآن التي سجلها، كما تعنى الجمعية بالشيخ إمام بوصفه أيضا دارسًا للمقامات وملحنا وله إنتاج موسيقي رائع، وبوصفه الجزء الثاني للثنائي مع الشاعر أحمد فؤاد نجم.
وقد قدم المخرج شريف المغازي سلسلة حلقات تليفزيونية وثائقية عن مسيرة حياة الشيخ إمام عيسى، منذ بداياته الأولى وحتى نهاية حياته، وقد حققت تلك السلسلة نجاحا كبيرا بعد أن أستطاعت توثيق التراث المنسي لرفيق الفاجومي ومغني الشعب "إمام عيسى"، ونجحت أن تنقل أجواء حياته في "الغورية" حيث عاش هناك في منزل سعد الموجي ولحن وقدم أجمل أغانيه.
الشاعر زين العابدين فؤاد، استعاد الذكريات التي تعود إلى الستينيات من القرن الماضي، وذلك عند مشاركته في الاحتفال بمئوية إمام عيسى، وكشف أسرار لقائه الأول بالشيخ إمام، الذي كان في تلك الفترة يؤدى أغنيات سيد درويش كعضو في كورال أم كلثوم، ولقاءاتهما في منزل سعد الموجي، بالإضافة إلى لقائهما الأول مع أحمد فؤاد نجم، علاوة على علاقته الأولى بالجمهور عندما غنى لأكثر من 5000 طالبا في حفله الأول، وحقق نجاحاً مذهلاً.
حفظ "الشيخ إمام" القرآن الكريم على يد الشيخ عبد القادر ندا رئيس الجمعية الشرعية بابى النمرس وكانت له ذاكرة قوية، وقد كان حلم والده أن يكون ابنه شيخاً له صيت، ولكن الفتى الصغير كان له رأي أخر عندما جذبته نفسه إلى مواسم الأفراح والحج، وسط الحريم ليسمع غناءهن وأهازيجهن فأصبح الشيخ إمام عيسى يمتلك أذنا موسيقية في وقت مبكر من حياته.
وكان الشيخ إمام عيسى من محبي الاستماع للشيخ محمد رفعت، بعد أن تعلق قلبه بصوته، وفى إحدى زياراته لحى الغورية بوسط القاهرة، قابل مجموعة من أهالي قريته بالمصادفة فأقام معهم لفترة وامتهن الإنشاد وتلاوة القرآن الكريم، قبل أن تعلب المصادفة لعبتها الكبرى معه مرة أخرى، وعندما إلتقى بالشيخ درويش الحريري أحد كبار علماء الموسيقى، وخطف الشيخ إمام قلب درويش الحريري من اللحظة الأولى، ليقرر الرجل المخضرم في عالم الموسيقى أن يعلم الشيخ إمام لكي يفتح له الطريق.
سار الشيخ إمام خلف الشيخ الحريري في كل جلسات الإنشاد والطرب، فبدأ إسمه يتردد بشدة وعرفه كبار المطربين والمقرئين مثل الشيخ محمود صبح، والفنان زكريا أحمد.
إلنقى الشيح إمام بزكريا أحمد في منتصف الثلاثينيات عن طريق الشيخ درويش الحريري، وكان ذلك اللقاء نقطة تحول في حياة الشيخ إمام، حيث استعان به الشيخ زكريا في حفظ الألحان الجديدة التي يقدمها لكوكب الشرق، وإستشارته في نقاط الضعف بها، ليتحول الشيخ إمام إلى مستشار لزكريا أحمد، ولكن الشيخ إمام بدأ في تسريب بعض الألحان الخاصة بأم كلثوم قبل أن تغنيها، وهو ما أغضب الشيخ زكريا أحمد ليقرر الاستغناء عنه، وهو ما دفع الشيخ إمام لتعلم العزف على العود بهدف أن يقوم بالتلحين.
المحطة الثانية التي تعد المحطة الفاصلة في حياة إمام عيسى جاءت فى عام 1962 م، عندما التقى الشيخ إمام عيسى بأحمد فؤاد نجم رفيق دربه وصديق أيامه التاريخي، جاءت بداية تعاونهم الفني مع أغاني "أنا أتوب عن حبك أنا؟"، ثم "عشق الصبايا"، و"ساعة العصاري"، وهي الأغاني التي صنعت أول خطواتهم على طريق الشهرة، لتتسع فرقتهم وتضم معهم عازف الإيقاع محمد على، وأصبح الثلاثة يكونون فرقة للتأليف والتلحين والغناء، ولم تقتصر أغاني الشيخ إمام على كلمات الفاجومي فقط، بل قام بالغناء لمجموعة من أبرز شعراء عصره، منهم فؤاد قاعود، وسيد حجاب ونجيب سرور، وتوفيق زياد، ونجيب شهاب الدين، وزين العابدين فؤاد، وآدم فتحى، وفرغلى العربي، وغيرهم.
الشيخ إمام
الشيخ إمام