Close ad

إيناس عبدالدايم.. وصبحي.. وجائزة أوبرا "ميتروبوليتان"

7-6-2022 | 12:10

يقول شاعر الشباب أحمد رامي في ترجمته الرائعة لـ"رباعيات الخيام":
هبُّـوا امـلأوا كأس الطِّـلَى قبل أنْ.. تُفْعِـمَ كَأس العُمْـر كَـفْ القَــدَرْ!
 
     وتحقيقًا لتفعيل وترجمة هذه المعاني السامية لهذا البيت  المضفور من جدائل لغة الشعر الفلسفي الرصينة؛ فإن مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني بالتضافر مع الأجهزة السيادية في الدولة ــ وبخاصة الأجهزة المعنية بتوثيق الأعمال التي تخدم المجتمع لزيادة ثقافته المعرفية والارتقاء بذائقته الجمالية ــ  تعمل على الاهتمام بتكريم المبدعين البارزين في مجالات الإبداع كافة؛ وبخاصة هؤلاء الذين مازالوا على قيد الحياة ويعيشون بين ظهرانينا؛ وقبل أن يمضي بهم  قطار العمر إلى محطة الوصول القَدَريَّة الأخيرة.
 
      وجُلْ اهتمامي اليوم بهذه الجائزة الكبرى التي تأتي لتكريم مبدعين مائزين في مصرنا المحروسة من المؤسسة العالمية الأمريكية دار " أوبرا متروبوليتان " ؛  الدار التي تم تأسيسها في أكتوبر 1883 في برودواي، وقد أتى عليها حريق عام 1892 ثم تم ترميمها وبقيت تستخدم حتى عام 1966 ــ  والشيء بالشيء يُذكر "للتوثيق والتاريخ" ؛ فقد احترقت دار الأوبرا الخديوية أو دار الأوبرا الملكية  في العاصمة المصرية/القاهرة ؛ وكان افتتاحها في 1 نوفمبر 1869 وشابها حريق هائل في 28 أكتوبر 1971، وكانت تعد أول دار أوبرا في أفريقيا والشرق الأوسط ــ في حين تم تدشين دار أوبرا ميتروبوليتان الجديدة يوم 16 سبتمبر 1966 وتتسع قاعتها إلى 4000 متفرج، ويعد ستارها المنسوج من الحرير أكبر ستار في العالم.
 
     وقد فازت بجائزة "ميتروبوليتان" الفنانة القديرة "إيناس عبدالدايم" وزيرة الثقافة المصرية في حكومتي د.شريف إسماعيل ود.مصطفى مدبولي، ورئيس دار الأوبرا المصرية حتى 2018، والمعروف أنها عازفة "فلوت" عالمية؛ بدأت دراستها في كونسرفاتوار القاهرة؛ وبعد حصولها على البكالوريوس، سافرت في منحة دراسية إلى فرنسا؛ فحصلت على الماجستير ثم الدكتوراه في آلة الفلوت من المدرسة العليا للموسيقى بباريس. 
 
وخلال فترة دراستها حصلت على الدبلوم العالي في آلة الفلوت؛ والدبلوم العالي في الأداء لآلة الفلوت، والدبلوم العالي لموسيقى الحجرة بالإجماع وإشادة لجنة التحكيم، ثم الدبلوم العالي للعزف المنفرد في موسيقى الحجرة، ثم الدكتوراه في آلة الفلوت من المدرسة العليا للموسيقى بباريس بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف.
 
     وتتلخص جائزة التكريم للفنانة العالمية د.إيناس عبدالدايم في البث المباشر عبر الأقمار الصناعية للأوبرا العالمية "أوبرا توراندوت" التي تتحدث عن مقومات الحُب الحقيقي الذي لايُمكن أن يُشترى بالمال أو السلطة والنفوذ؛ ولكنه لا يخضع إلا للنبضات المخلصة النابعة من صميم القلب والوجدان.   
 
       وتم مؤخرا تقديم الجائزة نفسها إلى الفنان المخرج والممثل المسرحي "محمد صبحي"؛ وذلك بإهدائه البث المباشر ــ عبر الأقمار الصناعية ــ لأوبرا "هاملت" تحت رعاية وزيرة الثقافة د.إيناس عبدالدايم ؛ ويأتي هذا التكريم تقديرًا لدوره البارز فى الثقافة والفن؛ ولأنه كان أول من قدم شخصية “هاملت” برؤية إخراجية جديدة ومترجمة للغة العربية؛ وكان ذلك في بداياته الفنيَّة في سبعينيات القرن الماضي، ونالت في حينها الإعجاب عالميًا. والمعروف أن أوبرا "هاملت" مأخوذة من مسرحية شكسبير الشهيرة؛ وتتحدث في مجملها عن المتربصين بالخيانة في البلاط المَلَكِيْ للاستيلاء على الحُكم والسلطة والنفوذ.. والحُب المُحرَّم؛ وفي المحاولات المستمرة  لقتل "هاملت" برغم أنه هو الوريث الشرعي للعرش.. ولكنها أفعال الخيانة الموجودة في كل زمانٍ ومكان، لم تكن مسرحية "هاملت " لـ"شكسبير؛ مجرد قصة جميلة فقط؛ حيث كان الحوار بين أصحابها مرآة تعكس أسئلة وجودية وفلسفية حول العديد من القضايا مثل : ماهية الموت،هل هو رقاد وصمت كما كان يتمنى "هاملت" بعد اكتشافه خيانة (أمه) مع (عمًّه) والاستيلاء على (الأم) و(الحًكم)؛ أم هو رقادٌ امتلأ بالأحلام المزعجة والمشاعر الصعبة ؟!
 
     ويأتي اهتمامي بالاحتفاء بهذا التكريم الراقي لمبدعي مصر من أجل رصد  وتوثيق مدى التأثير الإيجابي لهذا التكريم العالمي على مسيرة المبدعين الحقيقيين؛ والعمل على شحذ هِمَمْ الشباب من أجل التطلع إلى مواكبة  مسيرة الفنون في دول العالم؛ والوقوف على آخر المستجدات في عوالمهم الفنية والأدبية والمسرحية؛ وليكونوا دائمًا في طليعة من يُشار إليهم بالبنان وسط خريطة العالم المتقدم.    
 
     إن تكريم المبدعين يُعد واجبًا وطنيًا في المقام الأول؛ وهذا ماتحرص عليه الدولة المصرية تجاه استحقاق الكثيرين له؛ إيمانا منها بأنه يعطي النفس البشرية الدفعة الروحية اللازمة للاستمرارية  لمن يصلون لذروة العطاء الإنساني؛ كي يزيدوا من إبداعاتهم  الآنية والمستقبلية؛ بل يكون له أكبر الأثر في إحساسهم بمدى أهمية وجودهم داخل نسيج المجتمع؛ ويمثل دافعًا قويًا للمزيد من تمسكهم بالرغبة في " حُب الحياة "؛ والشعور الدائم بأنهم أساس الحضارة والتقدم والرفاهية؛ ولعلنا نذكر مقولة أحد الحكماء في هذا الصدد : 

"إن كلمة مديح لي في حياتي.. خير لي من ألف كتاب يُكتب بعد موتي"!
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رئيس قسم الإنتاج الإبداعي الأسبق بأكاديمية الفنون وعضو اتحاد كتاب مصر

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: