Close ad

هل تتحول أزمة القمح إلى مجاعة عالمية جديدة؟

4-6-2022 | 14:36
هل تتحول أزمة القمح إلى مجاعة عالمية جديدة؟أزمة الغذاء
ياسين غلاب

تضج وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة بأخبار عن احتمالات وجود مجاعة في العالم وأن هذه المجاعة تشبه كرة الثلج ستتفاقم على المدى المنظور ما لم يتم إيجاد حل سريع لها. فما هي الأسباب التي جعلت هذه الأزمة تثير هلعا وخوفا قد يكون تأثيره أشد من جائحة كورونا؟ وما هي الدول التي ستتعرض أكثر من غيرها لنقص إمدادات الحبوب وربما تتعرض لمجاعة ما لم يتم حل هذه الأزمة؟

موضوعات مقترحة

في الواقع فإن أزمة القمح والحبوب الأخرى ليست وليدة اليوم حيث شهد العالم ارتفاعا في أسعار الحبوب قبل جائحة كورونا ثم عادت للانخفاض مع الجائحة ثم عادت إلى الارتفاع مرة أخرى.

يشير تقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في 2 يونيو 2022 إن أسعار الغذاء العالمية ارتفعت لأعلى مستوى لها في 10 سنوات مدعومة بارتفاع أسعار الحبوب والزيوت النباتية. وأن هذه الأسعار ترتفع على أساس سنوي بنسبة 32.5%.


أسباب ارتفاع أسعار الحبوب ومن بينها القمح
يجري تبادل الاتهامات في الوقت الحالي حول أزمة الغذاء. يقول الغرب إن روسيا هي السبب المباشر في الأزمة لقيامها بالهجوم على أوكرانيا مما منع تصدير الحبوب والزيوت إلى باقي دول العالم، فيما تلقي موسكو بالتهمة على الغرب بسبب فرضه العقوبات عليها. فهل ارتفاع أسعار الحبوب وعلى رأسها القمح بسبب الحرب الروسية الأوكرانية فقط أم أن هناك أسبابا أخرى.

تقرير منظمة الفاو يقول إن هناك أسبابا عديدة وراء الارتفاع المستمر لأسعار الغذاء خلال السنوات العشر الماضية مثل تغيرات المناخ وأزمات الطاقة وأمن الملاحة واضطراب سلاسل الإنتاج والتوريد.
وأشار تقرير الفاو إلى زيادة إنتاج الحبوب العالمية في 2021 إلى مستوى قياسي حيث بلغ 2.8 مليار طن مشيرة إلى أن هذا الإنتاج رغم زيادته يظل أقل من الاستهلاك المتوقع.
وأضاف التقرير إنه من المتوقع أن تنخفض مخزونات الحبوب العالمية في العام 2021/2022 إلا أنها ستظل عند مستوى مريح مما يعني أنه لا توجد أزمة حقيقية في إنتاج الحبوب في العالم.

الحرب الروسية الأوكرانية والقمح
تجدر الإشارة إلى أن إنتاج القمح في العالم والذي يجري التركيز عليه باعتباره السلعة الغذائية الأهم خاصة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا يبلغ 769.5 مليون طن؛ لكن من جهة أخرى فإن حجم تجارة القمح في العالم يبلغ تقريبا حوالي 210 ملايين طن. 

جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد تعقيد أزمة الغذاء خاصة من القمح حيث لم يعد السبب المباشر فيها أزمة سلاسل التوريد الناتجة عن جائحة كورونا ولا اضطرابات المناخ ولا أزمة الطاقة؛ حيث امتدت الأزمة المركبة لتصل إلى المصدر نفسه، فروسيا وأوكرانيا تتصدران بلدان العالم المصدرة للحبوب والمنتجات الزراعية الغذائية الأساسية من قمح وحبوب وأسمدة بنسب تتجاوز ثلث إنتاج العالم، وبتفصيل أكثر أعلنت أوكرانيا أن لديها 20 مليون طن قمح جاهزة للتصدير فيما أعلنت أن روسيا أنه يمكنها تصدير 50 مليون طن قمح؛ أي أن منع تصدير إنتاج موسكو وكييف يعني منع ثلث كمية القمح التي يجري تبادلها تجاريا وفي الغالب تتجه هذه الكميات إلى دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والتي تستورد النسبة الأكبر من وارداتها من هاتين الدولتين.

شهدت أزمة الحرب الروسية الأوكرانية تأزما واستثمارا كبيرًا خاصة للقمح فمن ناحية يريد الغرب أن تضغط دول منطقة الشرق الأوسط وافريقيا على روسيا لتنسحب من أوكرانيا فيما تريد موسكو أن تصدر القمح والحبوب الأخرى في مقابل رفع العقوبات، وزادت حدة الأزمة مع قرب نفاد مخزونات دول الشرق الأوسط وافريقيا في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر كما يقول العديد من الخبراء والمراقبين.

دخلت الأمم المتحدة على خط الأزمة وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش إنه لا يوجد حل لأزمة الغذاء العالمية سوى إعادة الإدماج الفوري لكل من روسيا وأوكرانيا في أسواق الغذاء العالمية ورفع قيود التصدير وسبقه الرئيس الفرنسي ماكرون الذي أعلن عن مبادرة لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر الأمم المتحدة.

من جهته أرجع رئيس اتحاد الحبوب الروسي الهستيريا حول المجاعة القادمة لزيادة أسعار الحبوب واستخدامها كسلاح في الصراع الدائر بين القوى الكبرى وأنه لا يوجد نقص في إنتاج الحبوب في العالم وأن سعر القمح ينبغي أن يكون 300 دولارًا للطن وليس 450 دولارا حسب موقع روسيا اليوم في 30/5/2022.

في لقاء رئيس الاتحاد الأفريقي أمس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعرب ماكي سال عن مخاوفه حيال تداعيات الأزمة الغذائي الناجمة عن أحداث أوكرانيا، على أفريقيا مشيرا إلى أن موسكو لم ترفض تصدير الحبوب الأوكرانية وأن هناك طرقا للتصدير إما عبر ميناء أوديسا بعد إزالة الألغام منه أو من ميناء ماريوبول بعد سيطرة القوات الروسية عليها أو حتى عبر نهر الدانوب أو عبر جمهورية بيلاروسيا.

رئيس الاتحاد الأفريقي عاد وحذر من كارثة إذا فصلت البنوك الروسية عن نظام سويفت العالمي للمعاملات المالية حيث قال "سال" خلال اتصال عبر الفيديو مع الزعماء الأوربيين المجتمعين في بروكسل "إن بلدان الاتحاد الأفريقي قلقة للغاية بشأن الآثار الجانبية للعقوبات على نظام الدفع بواسطة سويفت ضد روسيا، لأن ذلك يعني أن المنتجات (القمح والحبوب) متوافرة لكن لا يمكن الدفع مقابلها" وأشار أيضا "إلى أنه من المرجح أن تؤدي ندرة الأسمدة وارتفاع تكلفتها إلى انخفاض كبير في المحاصيل المحلية بنسبة 20 إلى 50% مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة معربا عن دعمه لمبادرة الأمم المتحدة لحل الوضع.

كيف تؤثر العقوبات الغربية على أزمة الحبوب من الناحية العملية؟
تجرى التبادلات التجارية والمعاملات المالية عبر نظام عالمي يسمى "سويفت" الذي يربط 11 ألف مؤسسة مالية في العالم بما في ذلك حوالي 300 بنك روسي. فرضت الغرب عقوبات على روسيا بعد الحرب ومن بين هذه العقوبات فصل بنوك روسية بقرار من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ما يعني أن عمليات شراء القمح وبيعه لن تتم عبر نظام سويفت.
إذا أرادت روسيا أن تجري تعاملاتها المالية وتبيع الحبوب ومن بينها القمح لدول العالم الأخرى فعليها أن تنفذ هذه المعاملات بالطرق القديمة مثل الفاكس وهو ما يستغرق وقتا طويلا للغاية، أو عبر تبادل رسائل بريد إلكتروني أو رسائل من نوع تليجرام إلا أن كل هذه المعاملات تتطلب تدخلا بشريا ولا تقدم ضمانات أمنية، إضافة إلى المخاطر القانونية.
من جهة ثانية تؤثر العقوبات على الشركات العالمية فتمتنع عن تأمين السفن الروسية الناقلة للحبوب وهذا يحتاج إلى قيام روسيا بالاعتماد على شركات تأمين أخرى.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة