د. عبد الرءوف الجوهرى: مراكز تجميع الألبان قفزة نحو الاكتفاء الذاتى.. و90% من ماشية الفلاحين منخفضة الإنتاج والعالية بالمزارع
موضوعات مقترحة
التربية السليمة والتحصين تحمي الرؤوس من أي تهديدات وبائية
العلم هو الركيزة الأساسية للنهوض الحقيقى بأى قطاع، خاصة فيما يتعلق بالأمن الغذائى وتعظيم قطاعات الإنتاج الحيوانى والسمكى والداجنى والزراعى بشكل عام.
وعبر سنوات دخلت مصر العديد من السلالات المستوردة، لكن لم يتم الاستفادة منها فى تنمية الماشية المحلية وزيادة إنتاجها.
«الأهرام التعاوني» انتقلت إلى منطقة الخطاطبة التابعة لمدينة السادات، والتقت بالدكتور عبد الرءوف الجوهري، أحد خبراء الإنتاج الحيوانى فى مصر والحاصل على الدكتوراه فى السلالات وفلسفة العلوم الزراعية وعضو مجلس كليتى زراعة الزقازيق والطب البيطرى جامعة القاهرة، وأيضاً العضو المنتدب السابق لمشروع الصالحية الزراعى الحكومى ومستشار عدد من المشروعات العربية والدولية العملاقة.. فكان هذا الحوار..
كيف ترون الإنتاج الحيوانى فى مصر؟
ينقسم الإنتاج الحيوانى فى مصر لشقين كبيرين هما ماشية الألبان أو المرباه للتسمين، وفى قطاع الألبان لدينا عجز حوالى 5 ملايين طن سنويا كما أننا من أقل دول العالم فى نصيب الفرد من البروتين الحيوانى وخلال السنوات الأخيرة نحاول النهوض بالثروة الحيوانية بدعم قوى من الرئيس السيسى مع أن الثروة الحيوانية الموجودة بالفعل لإنتاج الألبان فى المزارع من أبقار مستوردة لا تمثل سوى 10% من إنتاج مصر.
وماذا عن الـ 90 % الباقية؟
الثروة الحيوانية التى تمتلكها مصر 90 % منها لدى الفلاحين من أبقار محلية منخفضة الإنتاج جداً ثم تجد من يقول :» نريد النهوض بالثروة الحيوانية خاصة فى مجال الألبان».
وما ردكم على هذا الرأى؟
هذا الهدف الهام لن يتحقق بمجرد الكلام بل يتطلب إنشاء مزارع حديثة جيدة على أحدث طرق الإنتاج العالمى. ويحتاج أن يكون لدينا سلالات عالية الإنتاج ذات تاريخ موثق ومعروف وليس أى رأس ماشية فهناك ما يسمى بالإنتاج الاقتصادى المربح.
ولماذا لم يتحقق ذلك؟
هذا يتطلب شراء ماشية مستوردة من أوروبا وأمريكا جيدة الإنتاجية موثوق من مصدرها ونهتم بها وننميها وننشرها فى المزارع ولدى المربين فى مصر.
هل يمكن استيرادها وتوزيعها مباشرة على الفلاحين؟
هذه الحيوانات المستوردة عالية الإنتاج يجب أن لا يتعامل معها أى إنسان بلا تدريب أو خبرة كافية، فهى تأتى لمصر خالية من الأمراض والمضادات والأدوية ولذا يجب أن تكون السيطرة عليها جيده جدا.
ما معنى السيطرة عليها؟
السيطرة عليها تكون بداية من نظم التربية السليمة المنضبطة الملائمه لها وأساليب وكميات ومكونات التغذية العلمية لتوفر للحيوان أعلى درجات توافر احتياجاته الغذائية.
وماذا عن الأدوية والتحصينات؟
هذا أهم جزء فى ملف السيطرة وهو السيطرة على التحصين ومعناه أن يعلم المربى أن هذه الحيوانات القادمة من أوروبا تحديداً لم تشهد معالجة دوائيه فى الخارج ولذا يجب حمايتها من ما يوجد لدينا من أمراض مثل الحمى القلاعية التى توطنت فى مصر فيجب تحصينها فور وصولها.
ويلزم لذلك أن تكون هناك حواجز جيدة فى المحاجر ثم المزارع عندنا حتى يمكن السيطرة على الحيوانات وتحصينها.
وماذا عن التحصينات المحلية؟
شخصياً لا اعتماد على التحصينات المحلية لأنها غير جيدة بل نعتمد على التحصين المستورد لحماية هذه الحيوانات التى تشترى بمبالغ مرتفعة.
لكن الجميع يقول أن التحصينات المحلية المنتجة من العترات المعزولة أفضل؟
قرأنا أن أفضل التحصينات هى المحليه القادمة من عترتنا المحلية فى الحقل إلا أن المشكلة فى التداول. وأهم شيء هو تقديم برنامج غذائى سليم لهذه الحيوانات الجيدة حتى يمكن أن يعطى إنتاج فوق تسعه طن لبن فى أول موسم ثم 10 طن فى الموسم الثانى ويصل الى 12 طن لبن للحيوان الواحد فى العام الثالث ورزقك الاهتمام بالحيوان يجب ان يكون جيدا وان تقوم بالخلط العلمى لمكونات الاعلاف.
وهل يمكن بهذه السلالات تطوير السلالات المصرية؟
إذا أردنا أن ننهض بإنتاج مصر من الألبان واللحوم فيمكن تهجينها بالسلالات المستورده البراون والهولشتاين والسيمنتال التى يمكن خلطها مع الحيوانات البلديه فيمكن ان تعطينا جيل هجين جيد تنهض به فى مستوى الإنتاج. وحالياً يقوم الفلاحين بهذا الأمر وأصبح عندهم وعيا بأهمية عملية التهجين للوصول لمعدلات إنتاج أعلى.
ما العدد النموذجى لبدء مشروع إنتاج ألبان مجزٍ؟
هذا المشروع كى يحقق ربحية للمستثمر يُمَكنه من الربح والإستثمار يحتاج لتكاليف مرتفعة. وبعيداً عن النظريات وبشكل عملى فقد أشرفت على إقامة عشرات مشاريع تسمين الماشية أو إنتاج الألبان ويفضل عند البدء بهذه المشاريع ألا يقل عدد رؤوس الماشية المنتجة للبن عن 50 رأسا وكلما بدأ المشروع كبيراً كانت اقتصادياته أكثر ربحية ويحقق عائداً مجزياً للمربى أو المستثمر.
لكن البعض يرى أنه يمكن البدء بعدد رؤوس قليل وزيادتها بعد ذلك تدريجياً؟
ممكن، لكننى أتحدث عن الجدوى الإقتصادية فالمزارع كبيرة التعداد أو المنخفضة تحتاج لمبانى تقريباً واحدة كما أننا نحتاج عمالة كثيرة ومدربه وتجهيزات ومحالب وخزانات وأجهزة وأماكن للتربية والحلب وشراء لأعلاف كلما زادت كميتها قل السعر وقلت أسعار النقل والمصاريف والأدوية والكهرباء والإشراف البيطرى وعشرات الأشياء فمصاريف الإنارة على سبيل المثال إذا كانت 1000 جنيه على عنبر به 5 رؤوس فتكلفة الكهرباء للرأس 200 جنيه أما إذا كان بنفس العنبر 50 رأسا فستكون تكلفة الكهرباء لرأس الماشية 20 جنيها فقط وهكذا يمكن القياس على كل بنود وفروع المشروع.
لكن من أين يأتى المربى بتلك المبالغ الضخمة؟
لقد فتحت مبادرات الرئيس السيسى لدعم مشروعات الأمن الغذائى بقروض بفائدة 5% باب خير لإقبال المستثمرين على الدخول بهذه المشاريع ذات التكلفة المرتفعة بقوه سواء التسمين أو إنتاج الألبان.
وهذا التيسير سيحفز المربى والمستثمر على التطوير لمكان التربية والحلب وزيادة رؤوس الماشية ورعايتها بالشكل الأمثل دوائياً وغذائياً لكننى أطالب بالمزيد من الدعم والتسهيلات فى الإجراءات.
أى تسهيلات غير القروض تقصد؟
يجب على الدولة التيسير على المربين وحل مشكلاتهم لأنهم يوفرون جزءا من الأمن الغذائى للمواطنين سواء كانت ألبانا أو لحما أو مصنعات حيوانيه من نواتج الحيوان كالجلود والسباخ البلدى وخلافه.
بمعنى أدق يجب الإهتمام بشكل كبير بالمربى الصغير الذى يملك 90% من إجمالى رؤوس الماشية التسمين أو الحلابة ومساعدته على التطوير وتيسير الإجراءات له.
وما الذى تطالب به؟
مشكلات إيصال اللبن للمصانع كانت اهم مشكلات منتج الألبان فالمربون كانوا فى فترات سابقة يلقونه على الأرض أمام المصانع حين ترفض إستلامه منهم أو تطرح عليهم سعر مجحف.
وما الوضع حالياً؟
تم مؤخراً وضع معادلة سعرية بالتعاون مع جمعية منتجى الألبان لكن السعر أيضاً يحتاج لتعديل لصالح المربى خاصة الصغير الذى يتكبد الكثير فى التغذية والنقل والرعاية.
وهنا أشكر الرئيس السيسى على مبادرة إنشاء مواقع تجميع للألبان التى حلت المشكلة الأعظم فى جانب مشكلة تداول الألبان لكن الأمر يحتاج المزيد من الإجراءات والتيسيرات.
مثل ماذا؟
يجب توفير السلالات المميزة فى إنتاج اللحوم والألبان كالسيمنتال والهوليشتاين والبراون فهى تعطى أضعاف إنتاجية الأبقار المصرية.
وأين سيذهب كل هذا الإنتاج؟
مصر تتحمل إنشاء مزارع جديدة لكن يجب أن تكون على أحدث النظم العالمية وعلى الجانب المقابل نحتاج مصانع لإستيعاب هذا الإنتاج الكبير ولا يدمر المربى ويحميه من تعسف بعض المصانع، فاللبن منتج تقل قيمته إذا لم تستلمه الشركات بشكل يومى ويضطر المنتج لبيعه للمحلات ومعامل التصنيع للجبن وخلافه بسعر أقل إن لم تستلمه الشركات.
وما مميزات السلالات الأجنبية من الماشية؟
السلالات كثيرة وتتفاوت فى إنتاجيتها للحليب وأبرزها الهولشتاين وهى من السلالات الأكثر إنتاجية للحليب عبر العالم وتتميز بحجمها الكبير ولونها الأبيض مع تواجد بقع سوداء وإنتاجيتها الكبيرة. أما الأبقار المنتجة للّحوم يوجد العديد من أنواع الأبقار التى تنتج اللحوم منها الأنجوس وهناك الأبقار مزدوجة الغرض مثال السيمينتال.