د. هاني البرهامي: «سخا 95 ومصر 3 وجيزة 171 وسدس 14» أصناف حققت طفرات في إنتاجية القمح .. وتحذيرات من «المجهولة»
موضوعات مقترحة
عهدى بسيوني: إقبال المزارعين على تسليم القمح .. إحساس بالمسئولية ومُساهمة فى تحقيق الأمن الغذائي
د. شريف فياض: "الصوامع المعدنية" ضمانة لحفظ الأقماح لأطول فترة ممكنة وحمايتها من التلف
زهير ساري: اتباع الأساليب الحديثة فى الزراعة والرى والحصاد ضرورة لحل مشكلات فاقد "القمح"
هشام معاد: المزارعون حريصون على تقليل "فاقد" القمح فى الحصاد والنقل والتسليم
ضرورة رصف وتعقيم الشون لاستقبال "القمح" وحماية المحصول من "العوامل الجوية" و"القوارض"
"المزارعون": الحصاد بـ"الكومباين" يوفر الوقت والجهد والمال ويقلل نسب فاقد القمح
وكيل زراعة "الغربية": توريد 6 آلاف طن قمح يوميًا للشون والصوامع والمطاحن الحكومية
رغم أن الزيادة الملحوظة بمعدلات إنتاج محصول القمح، والإقبال الكبير من المزارعين على تسليم المحصول فى الشون والمطاحن والصوامع الحكومية، إلا أن نسبة الهدر والفاقد السنوى يجب تقليصها والقضاء عليها بشكل نهائي، خصوصًا وأن الأرقام تؤكد أن المحروسة تفقد قرابة مليون طن قمح سنويًا بسبب سوء عمليات التخزين والنقل ومخلفات الخبز، ويأتى ذلك فى ظل أن المواطن المصرى يستهلك سنويًا من 220 : 230 كجم من القمح فى حين تنخفض تلك النسبة فى أوروبا وأمريكا إلى 90 كجم.
كل ذلك يؤكد الحاجة إلى تغيير النمط الغذائى للمصريين، فضلًا عن أن التوسع فى إنشاء «الصوامع المعدنية»، أصبح ضرورة ملحة فى الوقت الراهن، لاستيعاب محصول القمح، ليس فقط خلال الموسم الحالى ولكن على مدار السنوات القادمة، والتى من المتوقع زيادة مساحة زراعة القمح خلالها بما يتجاوز الـ 3.6 مليون فدان المعلن عنها حاليًا، خاصة وأن التخزين فى الشون الترابية أو الخرسانية يحمل العديد من المشكلات والمخاطر على المحصول.
تلك الإجراءات من شأنها تقليل الفجوة فى احتياجاتنا من القمح، وتحقيق الاكتفاء الذاتى مع نجاح الدولة المتحقق فى زيادة معدلات الإنتاج، ومساعيها الجاهدة للتوسع أفقيًا فى زراعات القمح وزيادة معدلات إنتاجه من خلال أصناف تقاوى جديدة حققت بالفعل طفرة إنتاجية، وبات ضروريًا السعى للحفاظ على الإنتاج من القمح، فى وقت يخشى فيه العالم تداعيات أزمة غذائية، اضطرت العديد من الدول إلى وقف صادراتها من المحصول خوفًا من المجهول.
«الأهرام التعاوني» تستمر فى متابعة موسم توريد القمح وسط توقعات بارتفاع معدلات الإنتاج إلى ما يزيد على 10 ملايين طن، تستهدف منها الحكومة تسليم 5.5 مليون طن للشون والصوامع والمطاحن الحكومية، كما ترصد جهود المزارعين فى التقليل من فاقد القمح عند الحصاد، وتوصيات المتخصصين بأهمية التوسع فى إنشاء «الصوامع المعدنية» لاستيعاب الكميات المنتجة من المحصول على مدار السنوات القادمة.
وقال الدكتور هانى البرهامى رئيس بحوث متفرغ بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية، إنه خلال موسم الحصاد الحالي، جاء الصنف (سخا 95) فى مقدمة الأصناف عالية الإنتاجية والتى حققت طفرة غير مسبوقة فى إنتاج القمح تجاوزت 30 و32 إردبا للفدان فى بعض المناطق، فهو من ضمن الأصناف الأربعة الأعلى فى الإنتاجية والتى تحمل جينات مقاومة للأصداء وهى (سخا 95 ومصر 3 وجيزة 171 وسدس 14)، وعلى الرغم من اعتدال الجو، ومناسبة درجات الحرارة لزراعات القمح مما ترتب عليه أيضًا زيادة فى معدلات الإنتاج، مضيفا أن السياسة الصنفية المعتمدة والمخططة من قبل مركز البحوث الزراعية وبمعرفة خبراء القمح، نجحت فى منع زراعة الأصناف (جميزة 11 وسدس 12) فى محافظات الوجه البحرى نظرًا لزيادة فرص الإصابة بالأصداء، وهناك مساحات ضيقة جدًا لم يلتزم أصحابها بالسياسة الصنفية للصنفين المذكورين وعند زراعتهم أصيبوا بأمراض الأصداء مما أدى إلى إنتاجية لا تتجاوز 7 أرادب للفدان.
إقبال ملحوظ على التوريد فى الغربية
أما الدكتور خالد أبو شادي، وكيل وزارة الزراعة بالغربية، فأكد انتظام أعمال توريد القمح بالمحافظة، حيث يتم توريد متوسط 5 إلى 6 آلاف طن قمح يوميًا إلى الشون والصوامع والمطاحن الحكومية، وسط إقبال كبير من المزارعين على تسليم المحصول، مضيفا أن إجمالى مساحة القمح المزروعة بالمحافظة بلغ 137 ألفا و83 فدانا، وبلغ متوسط إنتاجية الفدان من 18 إلى 22 إردبا، وأبرز الأصناف المزروعة (سخا 95 ومصر 3 وجيزة 171) وهى أصناف عالية الإنتاجية ومقاومة للأمراض.
وعلى صعيد متصل، أكد عهدى بسيوني، عضو مجلس إدارة الاتحاد التعاونى الزراعى المركزي، وسكرتير الجمعية التعاونية المركزية فى الغربية، أن أعمال تسليم محصول القمح مستمرة فى المحافظة دون أى مشكلات، وهناك إقبال ملحوظ من المزارعين على تسليم المحصول للشون والصوامع والمطاحن الحكومية، منوها بأن شونة «دمرو» بالغربية استقبلت حتى الآن 4 آلاف و65 طن خلال 12 يوم، كما استقبل مطحن «سلندرات المحلة» (الفاخر) 10 آلاف طن، واستقبلت شونة «سنمود» 6 آلاف طن، ويجرى العمل فى باقى الشون والمطاحن على مستوى المحافظة، ومنها «صومعة طنطا» التابعة للشركة المصرية للصوامع والتخزين، ومطاحن وسط وغرب الدلتا.
وأشار إلى أن متوسط الإنتاجية بلغ 15 إردبًا لفدان القمح، ومن أشهر الأصناف المزروعة (سخا 95 ومصر 1 ومصر 2)، ويتم التوريد لمراكز التجميع المحددة وصرف المستحقات فورًا بواقع 885 جنيهًا للإردب.
معدلات إنتاج مرتفعة فى البحيرة
أما زهير ساري، رئيس مجلس إدارة الجمعية المركزية للإصلاح الزراعى فى البحيرة، فلفت إلى أن إنتاجية محصول القمح خلال موسم الحصاد الحالى مرتفعة، وبلغ متوسط إنتاج الفدان 15 إردبًا، بينما حققت بعض الزراعات طفرات إنتاجية تخطت 22 و24 إردب للفدان فى الأراضى عالية الخصوبة، لافتا إلى أن حل مشكلة الفاقد فى زراعات القمح تمكن فى إتباع الأساليب الحديثة فى الزراعات والحصاد، والتركيز على استخدام الميكنة الزراعية فى حصاد القمح، مما يوفر الوقت والجهد والتكاليف على المزارعين، كما يخفض أيضًا حجم الفاقد من المحصول، وهى إجراءات يمكن تطبيقها بسهولة فى المساحات الواسعة من زراعات القمح، كما يمكن تطبيق فكرة الزراعات المجمعة فى مختلف المحاصيل لحل مشكلات تفتت الحيازات.
وفى السياق نفسه، قال هشام معاد، رئيس الجمعية المركزية للإصلاح الزراعى بمحافظة الإسماعيلية، وعضو مجلس إدارة الاتحاد التعاونى الزراعى المركزي، إن متوسط إنتاجية فدان القمح يتراوح ما بين 15 إلى 18 إردبا للفدان، وتعتبر الإنتاجية بشكل عام أفضل مكن العام الماضي، موضحا أن هناك إقبالا كبيرا من المزارعين فى الإسماعيلية، على توريد المحصول إلى الشون والمطاحن والصوامع الحكومية، فالقمح محصول غير قابل للتخزين، وبالتالى ليس هناك أى إمكانية للتخزين إلا للاستهلاك المنزلى والشخصي، مضيفا أن المزارعين يقاومون مشكلات الفاقد فى محصول القمح، من خلال استخدام الميكنة الزراعية «الكومباين»، كما يتم استخدام الشكائر المخيطة «مشمّع» أسفل أجران القمح للحفاظ على المحصول ومنع فاقد التفريط. ولفت معاد، إلى أن إقبال المزارعين على تسيلم محصول القمح، يعكس الوعى لديهم بأهمية دورهم فى تحقيق الأمن الغذائي.
تقليل فاقد القمح
وأكد الدكتور شريف فياض، أستاذ الاقتصاد الزراعي، أن خفض معدلات الفاقد فى محصول القمح يتطلب على وجه السرعة التوسع فى إنشاء الصوامع المعدنية، حيث إن السعة التخزينية للصوامع الموجودة حاليًا 3.5 مليون طن، بينما تسعى الحكومة لاستلام ما يزيد عن 5.5 إلى 6 ملايين طن من المزارعين، فالصوامع المعدنية مجهزة وتتضمن تكنولوجيات تهوية وحفظ للأقماح من التسوّس والتلف، محذرا من أن عدم كفاية الطاقة الاستيعابية للصوامع الموجودة حاليًا لكميات القمح الموردة، سيجعل الشون الترابية ملجأ لتخزين الأقماح، وهو ما يتطلب تطهيرها وتعفيرها بشكل جيد لتكون مناسبة لاستقبال وتخزين الأقماح، ولابد أيضًا من تغطيتها لمنع وصول الأتربة والأمطار لمحصول القمح.
وأشار أستاذ الاقتصاد الزراعي، إلى وجود تخوّف عالمى حاليًا من أزمة غذاء، وهو ما يعنى أن الاهتمام بالتوسع فى زراعات القمح محليًا سيكون مستمر ومُلح على مدار السنوات القادمة ومن ثم حفظها وتخزينها، مما يجعل التوسع إنشاء الصوب المعدنية أمرا ضروريا وغاية فى الأهمية لحفظ الأقماح أطول فترة ممكنة، منوها بأن إنتاجية محصول القمح خلال الموسم الحالي، شهدت طفرة كبيرة، حيث ارتفع المتوسط العام للإنتاج من 18 إلى 19.5 إردب للفدان، كما زادت المساحة المنزرعة بالمحصول إلى 3.6 مليون فدان، وساهم فى ذلك الإعلان عن أسعار استلام المحصول قبل موسم الزراعة، وتوفير أنواع جديدة من التقاوى عالية الإنتاجية.
وأضاف أنه فى ظل الإجراءات التى تتخذها العديد من الدول، بشأن وقف تصدير القمح والذى تجاوز سعره العالمى 400 دولار للطن، وبعض محاصيل الأعلاف، على خلفية الآثار الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية، لابد من التوسع أكثر فى زراعات القمح محليًا لتلبية احتياجات المواطنين من رغيف الخبز، دون التأثير على زراعات البرسيم التى تعد عامل رئيسى التغذية الحيوانية، وكذلك زراعات الفول البلدى والعدس حيث يتم استهلاكهما بكميات كبيرة فى السوق المحلي، وتضطر الدولة إلى استيراد نسب العجز فى هذه المحاصيل من الخارج، ولحل هذه المشكلة لابد من التفكير فى نقل زراعات الفواكه وبعض محاصيل الخضر من الأراضى القديمة «الوادي» إلى الأراضى الصحراوية الصالحة للزراعة، مع تقديم حوافز للمزارعين.
توصيات البحوث العلمية
وعلى مدار السنوات الماضية، خلصت العديد من الأبحاث العلمية وجهود قطاع الإرشاد الزراعى إلى العديد من التوصيات اللازمة للعمل على زيادة إنتاج زراعات القمح ومنها، التوسع فى زراعة الأصناف عالية الإنتاجية لمحصول القمح بجميع الأقاليم بديل للأصناف منخفضة الإنتاجية، مع تطبيق الخريطة الصنفية المقترحة من قبل المتخصصين، وزيادة المساحات المزروعة من المحصول فى المحافظات ذات الإنتاجية الفدانية العالية، والعمل المتواصل على تحسين إنتاجية محصول القمح، من خلال إتباع الأساليب التكنولوجية المختلفة فى استنباط أصناف عالية الإنتاجية والزراعة والحصاد، وهو الأمر الذى يترتب عليه زيادة إنتاج القمح بشكل عام فى مصر، ووضع الآليات اللازمة لتشجيع وتحفيز المزارعين على إتباع الخريطة الصنفية المقترحة وزراعة الأصناف الموصى بها، من خلال مجموعة من الإجراءات، منها دعم أسعار الأصناف الموصى بها بكل منطقة وتقديمها بأسعار أقل من الأصناف الأخرى غير الموصى بها، أو بتوفير مستلزمات الإنتاج الأخرى كالأسمدة الكيماوية والمبيدات بأسعار وكميات مناسبة للمزارعين الملتزمين بزراعة الأصناف المقترحة، بالإضافة إلى تقديم حوافز مادية، منها رفع سعر استلام المحصول عند الحصاد، وهو ما تم تطبيقه خلال الموسم الحالى بالفعل.
تطبيق السياسة الزراعية
ويتأثر إنتاج محصول القمح، بالعديد من المتغيرات الإنتاجية أهمها المساحة المزروعة بالقمح ومتوسط إنتاجية الفدان من الأصناف المزروعة، ومدى إتباع السياسة الزراعية، والتى تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى الزراعي، من خلال زيادة الإنتاج الزراعى برفع الإنتاجية الفدانية من جهة، والتوسع فى المساحة المزروعة من جهه أخري، بالإضافة إلى دعم الميزان التجارى الزراعى المصري، للحد من الواردات الزراعية وزيادة الصادرات منها. ويستلزم الأمر، تنمية قطاع الإنتاج الزراعى بتطوير أساليب الإنتاج الزراعي، وتعزيز قدراته بهدف الاعتماد على الذات فى توفير أكبر قدر ممكن من المحاصيل الزراعية بصفة عامة وبمحصول القمح بصفة خاصة، لمواجهة الطلب المتزايد على الاستهلاك، كما تأمل سياسات إنتاج القمح فى مصر إلى استخدام آليات السياسة الاقتصادية الزراعية لتشجيع المزارعين على زراعة محصول القمح، والتوسع فى مساحته على مستوى الجمهورية، ونظرًا لصعوبة التوسع الأفقى لمحصول القمح بسبب التنافس بين المحاصيل الزراعية الشتوية على المساحة المنزرعة المحدودة من جهة ومن جهة أخرى ارتفاع ربحية المحاصيل المنافسة له، وبصفة خاصة محصول البرسيم، وبالتالى يجب التوجه إلى زيادة الإنتاج عن طريق التوسع الرأسى كوسيلة فعالة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتتنوع أساليب التنمية الرأسية للمحاصيل الزراعية، وأبرزها استنباط أصناف محسنة ذات التقاوى عالية الإنتاج والتى ساهمت إلى حد كبير فى زيادة الإنتاجية الفدانية، لتصل إلى نحو 3 أطنان فى بعض المحافظات، كما أن إنتاجية بعض الأصناف زادت عن 3.5 طن للفدان، ومن ثم تتضح أهمية دراسة أبرز العوامل التكنولوجية الزراعية الممثلة فى الأصناف المحسنة فى تعظيم إنتاج محصول القمح فى مصر، للعمل على حل المشكلة الرئيسية التى تتمثل فى تزايد الفجوة القمحية بالرغم من التزايد فى الإنتاج الكلى لمحصول القمح، ولكن هذه الزيادة لا تفى بالاحتياجات الاستهلاكية نتيجة لتزايد عدد السكان من جهة، ولصعوبة التوسع الأفقى من جهة أخرى.
تحذير من الأصناف غير المسجلة
وعلى الرغم من النجاح المتحقق، فى إنتاجية القمح من الأصناف المسجلة والمعتمدة من قبل مركز البحوث الزراعية ومعهد بحوث المحاصيل الحقلية، لا يزال هناك من يروج لأصناف مجهولة المصدر، وسريعة الإصابة بالأصداء ومنخفضة فى الإنتاجية، ويبيعها بأسعار باهظة للمزارعين بل يتم توصيلها عبر الطلب تليفونيًا لضمان توزيع أكبر كمية ممكنة، ويتخطى سعر الكيلو منها 60 و70 جنيهًا، ومن هذه الأصناف المجهولة وغير المسجلة ما يطلق عليه (القمح الفرعوني، وقمح البجعة، وقمح الملكة، وتوشكى 1، وتوشكى 2، وتوشكى 3)، وهى أصناف مجهولة يتم تضليل المزارعين بها بإدعاءات غير حقيقية بقدرتها على تحقيق إنتاجيات عالية.