يقولون: بلغ من العمر عتيًا، ولا سبيل أمامه سوى الانزواء حفاظًا على ما بقي من العمر، وقالوا: كلما تقدم بنا العمر نردد في أنفسنا الوقت يجري بنا بسرعة، وكلها عبارات تؤدي إلى الإحساس بالحسرة.
وخيّب باحثون ظن هؤلاء المتشدقين من خلال تجاربهم، واكتشفوا فرضية مهمة أننا نستطيع تغيير إدراكنا بالزمن، وذلك بواسطة الحفاظ على حيوية نشاط الدماغ، ويحدث هذا عبر تعلم مهارات وأفكار جديدة وبصفة مستمرة، وثانيا تنشط الدماغ مع استكشاف أماكن جديدة، والحرص على بناء علاقات اجتماعية طيبة.
ولماذا نذهب بعيدا؟ فقد عشنا وتجولنا مع حياة الأنبياء، وشاهدنا أعمارهم تتقدم وعطائهم يزيد، وكان أولهم أبوالأبنياء إبراهيم عليه السلام، يرفع قواعد البيت وهو شيخا وفي صحبته أبنه الشاب أسماعيل، وتأتي حكمة الخالق وتمنحه معجزة في العطاء، وقد أشتعل منه الرأس شيبا.
وهذا نبينا نوح عليه السلام يصنع ويقود سفينة النجاة وعمره يقارب الألف عام، ويحمل سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأتم السلام عبء الرسالة في الأربعين من عمره، ويغزو الغزوة تلو الأخرى وسنه يشارف الستين عامًا.
ومن الجانب الآخر أفادت نتائج أبحاث علماء النفس أن الشعور بالتفاؤل لدى كبار السن يرتفع حين يتولون وظيفة يستمتعون بها، ونفس الإحساس يملأ قلوبهم أثناء العلاقة الزوجية السوية وبرفقة الأصدقاء الأوفياء.
وأوصي "جوزيف كوفلين" مؤلف كتاب "اقتصاد طول العمر" بالحفاظ على العمال المسنين لسنوات أطول في مناصبهم، طالما لديهم قدرات صحية ونفسية جيدة، ورصد بالأرقام أن هذا الأجراء يعزز مكاسب الاقتصاد، وقد بلغ حجم الاقتصاد ثمانية تريليونات دولار في عام 2015، ويمثل ذلك حاصل حجم النشاط الاقتصادي المتعلق باحتياجات المواطنين الأمريكيين، الذين يتجاوز أعمارهم الخمسين عاما.
ولاحظ فريق ثان من علماء النفس أن سمات الشخصية تتطور بتقدم السن، ولذا نناشد المسنين بعدم الانزعاج، فإنكم سوف تصبحون أكثر ثقة، وستكسبون قوة إرادة وقدرة على التكيف أفضل، وبهذا تصلون إلى مرحلة الثبات والاستقرار.
ويجزم أغلب باحثي علم النفس أن الشخصية قابلة للتغيير، بينما كان الأعتقاد السائد ثبات سمات الشخصية عقب مرور مرحلتي الطفولة والمراهقة، وهو بدوره يفسر علة قدرة الشخصية على التكيف والتطور.
ونتيجة تراجع معدلات الخصوبة في أوروبا واليابان تحذر مراكز الأبحاث من إهمال أهمية الاستفادة من عمل الشريحة العمرية، وتمثل النسبة الأكثر عددا داخل مجتمعاتهم والبالغة 65 عاما، وتنادي بضرورة مشاركتهم في عجلة الإنتاج.
Email: [email protected]