يضع الرئيس عبدالفتاح السيسي - منذ توليه قيادة مصر عام 2014 بعد ظروف صعبة مرت بها البلاد - الأسرة المصرية نصب عينيه، ليقينه التام أن استقرارها من موجبات الأمن القومي، وقد قام بالعديد من الإنجازات لتخفيف العبء عن كاهل الأسرة.
ومع بدايات العام الجاري، وجه الرئيس رسالة بالغة الدقة للأسرة المصرية، بضرورة تعديل قوانين الأحوال الشخصية لتلائم التداعيات الاجتماعية والاقتصادية الجديدة، بما يحقق التوازن والتكامل لأطراف الأسرة، مع إعطاء الأولوية لحق الطفل في حياة آمنة إذا طرأ أي خلاف ونزاع تمر به الأسرة. وهنا تبادر لذهني بعض الحلول التي تستهدف الحد من النزاع عند الخلاف، إلى جانب بعض الحلول التي قد تتبناها الدولة لتعليم وتثقيف الأطفال بمعنى الأسرة وواجباتها من خلال "ملحق تعليمي" بسيط على مدى سنوات التعليم.
ما أقصده ليس تلقين الطفل مجرد موضوعات عن الحب والأسرة يتضمنها منهج العربي أو الدين على سبيل المثال، ولكن ما أعنيه هو كتيب خاص يعلم الطفل والطالب كيفية تأسيس أسرة سعيدة، وليتعلموا منه الهدف من تأسيس الأسرة، حتى وإن كانت حياتهم صعبة نوعًا ما، فالعلاقات الإنسانية بين الناس عامة، وداخل الأسرة خاصة لا تسير سوى بالاحترام المتبادل، وكذلك التربية هي الجوهر وطوق النجاة لصلاح المجتمع.
ما ذكرته سلفًا يعد أحد المحاور التي تنادي بها مبادرة "معًا لحماية الأسرة المصرية" التي عقدت أولى فعالياتها بالتعاون مع مؤسسة الأهرام متمثلة في "بوابة الأهرام"، وأوصت بأهمية تشريع قانون لـ"حق الكد والسعاية" عبر ضوابط يسيرة سهلة التطبيق تحد من التنمر من أي من الزوج أو الزوجة، واهتداء بقدوتنا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام إذا ما خير بين أمرين اختار أيسرهما.
وبالرغم من مناداتنا أيضًا بضرورة تعديل وثيقة الزواج، وأن تتضمن التزامات واضحة للزوج تجاه زوجته التزاما وليس اختيارًا استنادًا لواجبات الزوج/الأب في الشريعة الإسلامية، إلا أن "حق الكد والسعاية"، الذي كان لب الحلقة النقاشية في "الأهرام" يتطلب سن قانون واضح بيِّن لتنظيم حق الأرملة/ الزوجة من الزوج، وكذلك الحد من أن تكون الأم /الأخت/الابنة - التي في الأصل زوجة -سائلة أو محرومة خاصة أن الممارسة العملية لنص قانون المتعة لايطبق وفقا لنص القانون، فنرى أن العرف القضائي يضع حدًا أقصى لمستحقات الزوجة بما يخالف نص القانون الصريح، فلم تأخذ الأم /الابنة / الأخت - التي هي زوجة - يوما حقها متكاملًا، وهي التي تشكل أكثر من ثلث المجتمع.
الأمر كما تطرحه المبادرة ليس مزيدًا من القوانين لمصلحة المرأة، وإنما مزيدًا من الحلول لحماية دعائم الأسرة التي بصلاحها يستقر المجتمع.
كيف لنا ونحن في الربع الأول من الألفية الثالثة ولا زلنا نواجه حروبا لتحقيق عدالة أسرية من خلال مخلوق اسمه "القانون" الذي سنه أجدادنا منذ ٧٠٠٠ سنة قبل الميلاد، حيث نجحوا في الحد من النزاع واللجوء للإجراءات القانونية بتشريعات ناسبت زمانهم فنجحوا في صياغة عقد زواج، أشبه بأن يكون تسوية مالية، ليصل في العصر البطلمي إلى أبلغ صورة، ذلك العصر الذي استند إلى القانون المصري طوال فترة هذا العصر من ٣١٥ق.م -٦٠ق.م ولم يطرأ عليه تغيير أو تعديل، فسن تسمية قيمة المهر وما على الزوج من أسوة وإعاشة للزوجة خلال فترة الزواج شهريًا أو سنويًا..
وورد نصًا "إذا طلقتك كرهًا لك أو زواجي من أخرى سأعطيك النفقة والتزم بالمتأخر والمستحق لك في ذمتي من المؤن والكسوة بغير حاجة إلى إجراءات قانونية وسأرسلها لك في أي مكان تقيمين فيه".. وكان العقد / الوثيقة يتم بتوقيع 16 شاهدًا، كما ورد في هذه الوثيقة تفصيلاً المتاع مُقيمًا بالفضة.
الأمر ليس بدعة ومن المؤكد أن ما وصل إليه المصري القديم من تشريعات قانونية ليس بدعة، وإنما من وحي سماوي على لسان الأنبياء والرسل، فمع اختلاف بعض الأحكام التشريعية التي تناسب زمنهم وأحوالهم التي تتغير حسب الزمان والمكان وتطور المجتمعات، فما تردد في الثقافات المختلفة القديمة عند معظم الأمم صدق ذكرها في بعض الرسالات والكتب السماوية، فالمدد النصير هو المدد الرباني على لسان الأنبياء والرسل وهذه هي الحقائق، الأمر الذي يؤكد وحدة أصل البشر.. أنتم بني آدم، وآدم من تراب وجميعًا تلقوا رسالات سماوية تحمل مضامين متشابهة، فجاءت هذه الحضارات فأعادت إنتاجها كل ثقافة يشبه بما يميزها.. (...وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ).. (...وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).. (...فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ).