لا يكاد يمر يوم إلا وتقع حوادث تسفر عن قتلى وجرحى بسبب إطلاق نار في كل المنشآت تقريبا؛ والتي لا تستثني حتى الجامعات والمدارس، بل حتى قي مواقع الجيش الأمريكي نفسه؛ حيث يصاب 329 شخصا يوميا بطلق ناري، يموت منهم حوالي 123 شخصا، وسنويا يقتل 46 ألف قتيل بينهم ألف قتيل على يد رجال الشرطة فيما يقتل من الشرطة أكثر من 611 شخصا على يد مدنيين.
موضوعات مقترحة
ولكي نفهم هذا الهوس الغريب بالسلاح والتهور في استخدامه ينبغي أن نعرف مجموعة من الإحصائيات حول فوضى السلاح وانتشاره غير المعقول بين أفراد الشعب الأمريكي وفقا لتقرير نشرته مجلة نيوإنجلاند للطب.
الولايات المتحدة أكبر دولة مصنعة للسلاح في العالم حيث تصدر خارجيا وتستهلك محليا ما يزيد عن 250 مليار دولار؛ سواء كانت بيع أسلحة أو ذخيرة.
هذا الإنتاج الكبير المستغل في التصدير والاستيراد هو الذي يقف وراء زيادة اقتناء الأمريكيين من السلاح حيث يصل عدد المدنيين الأمريكيين الذين يملكون السلاح بـ 72 مليون شخص لديهم أكثر من 360 مليون قطعة سلاح، أي بمعدل 5 قطع للفرد الواحد. تجدر الإشارة إلى أن المعدل كان 4 قطع سلاح في الفترة من 2000 إلى 2009.
ووفقا للتقرير فقد اشترى الأمريكيون في سنة 2021 فقط حوالي 20 مليون قطعة سلاح، وبحسبة بسيطة، كما يقول التقرير؛ فإن الشعب الأمريكي يملك 42% من قطع السلاح الموجودة لدى المدنيين في العالم رغم أن نسبة سكان أمريكا هي 4%.
وأشار التقرير إن العدد الضخم الذي يقتل سنويا والذي يصل إلى 45 ألف قتيل بطلق ناري، يقتل 24000 شخص منهم أنفسهم في ما يسمى بحالات الانتحار بينما يقتل 14400 قتلا متعمدًا.
وللغرابة فقد رصد التقرير أن عدد القتلى تحت سن العشرين جراء إطلاق النار بلغ 4300 مواطن مقارنة بـ 3900 سنويا بحوادث سير في حين يموت 1800 فقط بسبب السرطان.
هذا الانتشار المرعب للسلاح له أسباب كثيرة أخرى خلاف الإنتاج الضخم منها الأساس القانوني حيث ينص الدستور على أنه لا يجوز انتهاك حق الناس في تنظيم الميليشيات واقتناء الأسلحة وحملها كون ذلك ضرورة لأمن الدولة الحرة.
ويسمح القانون الأمريكي لمن هم في عمر الـ 18 و19 و20 عاما بشراء المسدسات والبنادق العادية لكن يمنعهم من شراء الكحول والدخان.
بعض المحللين والمراقبين يضيفون مثل سليمان مراد وهو أستاذ جامعي مقيم في الولايات المتحدة أبعاد أخرى مثل البعد السيكولوجي وهو هنا الخوف الذي يغذيه إجمالا العنصرية حيث قال إن دراسات أجريت أظهرت أن 67% من الذين يشترون السلاح يقولون إنه للحماية الشخصية وأنهم يخافون من العنف والجريمة ولا يشعرون بالأمان.
ويضيف سليمان مراد أن هناك بعد اجتماعي يعكسه نفوذ هائل للوبي السلاح وهذا البعد له تأثير ضخم على صناع القرار في واشنطن وفي معظم الولايات عبر الرشاوي التي تدفعها هذه الشركات إلى السياسيين وكذلك النفوذ الكبير للجمعية الوطنية الأمريكية للبندقية NRA والتي تضم حوالي 5 ملايين عضو.