د. مدحت أيوب: من حق كل دولة اتخاذ إجراءاتها للحفاظ على الأمن الغذائى
موضوعات مقترحة
وضع الاستثمار الزراعى والحيوانى على أجندة استراتيجية الأمن الغذائى ضرورة هامة
نحتاج لنشر الثقافة التعاونية لتحقيق التقدم والإنجاز فى العمل
يعد الدكتور مدحت أيوب أحد أهم رواد الحركة التعاونية المصرية.. له فكر ورؤية حول كل القضايا التى تهم الشأن المصرى والحركة التعاونية المصرية.. قضى عمره محبا للعمل الأكاديمى والعمل التعاونى.. تقلد العديد من المناصب آخرها مدير عام الاتحاد العام للتعاونيات لسنوات طويلة عاصر خلالها كل المشكلات والتحديات التى تواجه الحركة التعاونية المصرية وكان له رؤى حول هذه المشكلات وطرق حلها وللتعرف على أفكاره كان هذا الحوار مع مدير عام الاتحاد العام للتعاونيات...
ما تقييمك لأداء الحركة التعاونية المصرية؟
أولا يجب توضيح الوضع القائم بالفعل والمناخ الذى تعمل به الحركة التعاونية المصرية، فعندما وضع الاتحاد العام للتعاونيات استراتيجية 2030 اتضح بها مشكلات القطاعات التعاونية الخمسة وحلول هذه المشكلات التى ستمكن التعاونيات من تحقيق اهداف الإستراتيجية، ولذلك توخت الاستراتيجية وجود مجلس أعلى للتعاون يضم قيادات الحركة التعاونية، ورؤساء الاتحادات المركزية ورئيس الاتحاد العام للتعاونيات والوزراء الممثلين للجهات الادارية للقطاعات التعاونية، وبالفعل صدر قرار من رئيس الوزراء بإنشاء المجلس الاعلى للتعاونيات، وللأسف منذ صدور القرار لم يتم تفعيله حتى هذه اللحظة بمعنى أن الآلية التى كان عن طريقها سوف تعرض مشكلات التعاونيات على الجهات الحكومية وتتخذ بشأنها قرارات لحلها لم تتم، ورغم هذا التعاونيات بقدرتها الذاتية وبرغم المشكلات التى تواجهها استطاعت تحقيق قدر كبير من الأهداف التى وضعتها لنفسها صحيح انها لم تمكن من المشاركة فى المشروعات القومية لكنها فى حدود الدور التقليدى المنوط بها أنجزت على مستوى كل اتحاد.
كيف ترى إنجازات الاتحادات التعاونية؟
نبدأ مثلا بالتعاونيات الإنتاجية حجم اعمالها يدور حول 19 مليار جنيه الاساسى فيها جمعيات نقل الركاب ونقل البضائع والانشاء والتعمير لكن القطاع الحرفى ضعف نتيجة الإغراق الموجود فى السوق من السلع الصينية دون مراعاة لتنافسيتها للانتاج المصرى لان الانتاج الحرفى يعتمد على الجودة والخامة الممتازة لكن الانناج الصينى خاماته رديئة وسعره رخيص والناس تقبل علية وبالتالى نالت من القطاع الحرفى المصرى ورغم ذلك يظل للقطاع الحرفى مساحته التى اهملت فى الفترة الاخيرة الا وهى الصناعات التقليدية التى تميز كل دولة والتى يقبل عليها السائح وهى الصناعات التراثية.
أما بالنسبة لتعاونيات الإسكان كان لابد أن يعول عليها فى الإسكان الاجتماعى، لأن الدولة وحدها مهما كانت لا يمكنها ان تواجه وحدها الزيادة السكانية وعدد المساكن المطلوب لمواجهتها عندنا معدل تكوين الأسر الجديدة فى مصر حوالى 800 الف فى السنة بمعنى أننى أحتاج 800 ألف وحدة سكنية جديدة غير المساكن الأخرى، وصحيح أن الدولة قدمت مبادرات كثيرة، ولكن التعاونيات الإسكانية كان لها دور متميز فى هذا الشأن والقانون أتاح لها الحصول على أراضٍ من الدولة بتخفيض 25 %، ويمكن ان يصل الى 50 %، ورغم عدم تفعيل هذا الأمر فى التعاونيات الاسكانية فإن حجم الانجاز بها كبير ووصل حجم الأعمال إلى 39 مليار فى السنة، وكان من الممكن أن يكون أكبر إذا حلت هذه المشكلة لأنها تخفف من أعباء الدولة، وعن كاهل الموازنة العامة.
وعلى مستوى قطاع الثروة المائية رغم المشكلات الموجودة الا انها الى الان هى المنتج الرئيسى من الاسماك فى مصر انتاجها يصل الى 96 % من إجمالى الإنتاج السمكى فى مصر ومعظمه من الاستزراع السمكى، لأن التعاونيات هى أصلا إمكانياتها محدودة لو أمكن دعمها أو مساندتها كان من الممكن أن تدخل فى منطقة الصيد فى المنطقة الاقتصادية الخالصة، وهى منطقة لم تستثمر جيدا فى صيد الأسماك إذا دخلنا فى الإنتاج منها سوف نحل مشكلة كبيرة فيما يتعلق بالبروتين الحيوانى بصفة عامة، لأن مصر ليس لديها مراعى طبيعية حتى تستطيع تنمية الثروة الحيوانية، وهى الآن تزاحم الإنسان فى الإنتاج الزراعى، فالحل بالنسبة لنا هو استثمار الشواطئ الكثيرة وخاصة المناطق الاقتصادية الخالصة سواء فى البحر الأحمر او المتوسط؛ مما يتيح لنا أن نكون من أكبر منتجى الأسماك ورغم ذلك استطاعت تعاونيات الثروة المائية ان تصل إلى قرابة انتاج 2 مليون طن سنويا من الأسماك.
وعلى مستوى قطاع التعاونيات الاستهلاكية والمنوط بها مهمة كبيرة جدا ألا وهى إحداث التوازن فى الأسعار داخل السوق والتخفيف عن الناس، وقد تأثرت الجمعيات التعاونية الاستهلاكية وخاصة الطلابية فى المدارس بجائحة كورونا والتى أغلق معظمها ولكن مع هذا استطاع فى المحافظات وفى المراكز عمل دور فى التوازن فى الأسعار وقامت العديد من الجمعيات التعاونية الاستهلاكية أخيرا بتنظيم العديد من المعارض السلعية فى محافظات الجمهورية تحت شعار اهلا رمضان مشاركة منها فى رفع العبء عن كاهل المستهلك المصرى.
أين الاتحادات التعاونية من المشاركة فى المبادرات الوطنية؟
دعا الاتحاد العام للتعاونيات، الاتحادات للمشاركة فى مبادرة حياة كريمة وتقديم رؤية كل منها حول كيفية المشاركة وطلبنا من مجلس الوزراء توجيهنا إلى المجالات التى من الممكن المشاركة فيها والقرى التى لها أولوية فى المبادرة حتى تشارك بها التعاونيات سواء بتواجد جمعيات استهلاكية او بتشكيل جمعيات انتاجية للحرفيين بها وتسويق منتجاتهم، وكانت هناك استجابة كبيرة من الاتحادات، حتى ان الاتحاد التعاونى الاستهلاكى فوض الجمعيات الزراعية فى القرى التى لا يوجد بها جمعية استهلاكية للقيام بنشاطه فى توفير السلع الغذائية ولكن للأسف لم نتلق ردًّا من مجلس الوزراء حتى الآن ولذلك نقول إن النظرة للقطاع التعاونى لا تتناسب مع الدور الذى تقوم به التعاونيات.
ما أهم المشكلات التى تعوق أداء التعاونيات الزراعية خاصة أن العالم يعانى من أزمة توافر المحاصيل الزراعية؟
التعاون الزراعى له مطلب هام جدا ولابد من النظر إليه لأن مشكلات الزراعة كبيرة حيث ان الفلاح يزرع بالحافز عندما يجد محصول يعود علية بعائد جيد وأكبر يتجه الى زراعته لكن هذا الوضع لابد ان يوضع فى اطار استراتيجية الحكومة فمثلا الحكومة تريد رفع نسبة الانتاج المحلى فى المحاصيل الاستراتيجية المطلب، والتعاونيون الزراعيون يريدون من الحكومة الإعلان عن أسعار التوريد قبل موسم الزراعة حتى يكون لدى الفلاح حافز للاقبال على زراعة هذا المحصول وهذا لم يتم هناك مطلب اخر الا وهو الزراعة التعاقدية كجهة سوف تشترى المحصول فى الاخر تعاقد معى على شرائه وساعدنى فى تمويل عملية الزراعة وهو ما يترتب عليه ان المشترى سيأخذ بأسعار جيدة وفى نفس الوقت تحقق الهدف الاستراتيجى عندما حدثت المشكلة الاخيرة اضطرت الحكومة الى عمل حافز للمزارعين ولكن جاء ذلك بعد الزراعة بكثير لو اعلنت من الاول عن سعر مجزى للفلاح كان زادت الرقعة الزراعية من القمح ولو اعلنت عن سعر مجزى للتوريد كان الفلاح سيورد لهيئة السلع التموينية والتعاونيات وهى جهاز منظم يدخل فى شغل مخطط لوتم الاستعانة به مثلا فى قطاع الزراعة وتكليفة بزراعة مليون فدان قمح سوف تلتزم بذلك وكذلك فى كل القطاعات.
وماذا تطلعات التعاونيات لتذليل العقبات التى تواجه القطاع وتمكين الاتحادات من اداء دورها؟
نحن فى استراتيجية الحركة التعاونية 2030 وضعنا مشكلات الحركة التعاونية وأوجه الحلول وأملنا خيرا فى وجود المجلس الاعلى للتعاونيات ولكن للاسف لم ينعقد حتى حينة ونأمل ان يتم تفعيله خلال الفترة المقبلة حتى ولو جلسة تمهيدية حتى تتمكن التعاونيات من حل مشكلاتها وإلحاقها بالمشروعات القومية مثل المليون ونصف فدان والصوب الزراعية والبتلو خاصة ان التعاونيات كقطاع منظم تتميز بالالتزام ونحن نحتاج الى زيادة الانتاج الغذائى من السلع الاساسية بحيث يغطى نسبة كبيرة من احتياجاتنا والانتاج من البروتين الداجنى والسمكى من الممكن ان يغطى احتياجاتنا ولكن اللحوم الحمراء لن تستطيع زيادة الانتاج الا اذا لجأنا الى الاستثمار فى الخارج.
كيف ترى امكانية الاستثمار الزراعى والحيوانى فى الخارج؟
هذا توجه استراتيجى لدول كثيرة ولابد لنا من التفكير الجاد فى هذا الاتجاه وهذا كان احد اهداف الاتحاد التعاونى الافريقى الا وهو فتح فرصة لتواجد التعاونيات مع الدول الافريقية لزراعة المحاصيل التى تحتاجها البلد ووزارة الزراعة متبنية هذا التوجه ولها مراكز بحثية فى حوالى 16 دولة افريقية لكن انا أتكلم عن زراعة مساحات كبيرة سواء عن طريق تأجير طويل المدى او بالشراكة مع الطرف الآخر خاصة السودان وخاصة ان كل الدول الافريقية تحتاج الى التنمية الزراعية ومصر تمتلك الخبرة فى هذا المجال وهذا توجه استراتيجى اساسى فى قضية الامن الغذائى.
ما تقييمك للإجراءات التى اتخذتها مصر منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية؟
من حق الدولة المصرية اتخاذ الإجراءات التى تمكنها من التعامل مع الازمة ومن حق كل دولة أخذ إجراءات تحوطية للحفاظ على الأمن الغذائى لمواطنيها والحد من الممارسات التى يمكن ان تؤثر سلبا على الوضع الغذائى والحد من التضخم وتعظيم دور الانتاج المحلى ولكن لابد ان نستفيد من هذه الازمة من خلال تعظيم قدراتنا الذاتية ووضع سياسة زراعية تعطى الاولوية الى المحاصيل الاستراتيجية وتعزيز التعاون العربى والإفريقى لتوفير مصدر قريب لتوفير احتياجاتنا الغذائية من خلال الاستثمار فى الخارج سواء الزراعى او الانتاج الحيوانى وطبعا ذلك سيعزز من مكانة مصر فى القارة الافريقية وما زال حتى الان التواجد المصرى فى افريقيا محدودا ونأمل ان يكون للاتحاد التعاونى الافريقى دور فى هذه الاستراتيجية.
العمل التعاونى عمل جماعى ومؤسسى ولكننا نرى العكس فالعمل التعاونى يعتمد على الفرد.. ما تعقيبك؟
هذا فى الثقافة السياسية المصرية عندما يتقدم شخص لترأس جمعية نترك له القيادة ولا نتعاون معه وهو من الممكن ان يخطا وهذا الخطا تتحمله المؤسسة لكن لو عندنا ثقافة العمل الجماعى فالأمور مختلفة وأكبر دليل الرياضة مثلا الألعاب الفردية تحصد ميداليات ولكن الألعاب الجماعية متأخرة، لذلك ثقافة العمل الجماعى فى مصر ضعيفة ولذلك منظمات العمل المدنى تكون نشطة لو بها رئيس نشيط يحب العمل تكون متقدمة ونحتاج لبث روح التعاون بين الناس والثقافة التعاونية التى تجعلنا ننجز ونحقق أهدافنا.
فى فترة من الفترات كان هناك جمعيات لديها سينما تعاونية وشاطئ وغيرها فلماذا تقوقع العمل التعاونى قى قطاعات محدودة الان بالرغم من حاجة المجتمع للكثير؟
نحن نحاول بقدر الامكان التوسع فى القطاعات التعاونية واختراق مجالات جديدة وقد خاطب الاتحاد العام للتعاونيات وزير التربية والتعليم بأن هناك جمعيات أنشأت مدارس ولها قانون وحدها القانون 1 لسنة 1990 بشأن الجمعيات التعاونية التعليمية قلنا فى الخطاب باعتبارك مسئولا عنها نأمل ان تشكل اتحادا لها وينضم الى الاتحاد العام للتعاونيات والحركة التعاونية حتى تستطيع المساهمة فى التوسع فى انشاء المدارس وتقديم الخدمة بأسعار تختلف كليا عن المدارس الخاصة الان وهذا ممكن يتم فى الجمعيات الخدمية الصحية لإنشاء مستشفيات حتى تستطيع التوسع فى هذه المجالات خاصة انها موجودة ومتميزة فى دول كثيرة ايضا البنك التعاونى ليس لدينا بالرغم من وجودة فى العديد من الدول الإفريقية.