تعزيز دور القطاع الخاص ودعم وتوطين الصناعة المحلية
برنامج لمشاركة القطاع الخاص فى الأصول المملوكة للدولة لمدة 4 سنوات بإجمالى 40 مليار دولار
النهوض بالبورصة المصرية لتعظيم دورها فى الاقتصاد.. والبعد الاجتماعى والاستمرار فى حماية محدودى الدخل
130 مليار جنيه تأثير مباشر على الاقتصاد المصرى مليار جنيه فى موازنة العام المقبل لامتصاص جزء من الأعباء عن المواطن المصرى
رئيس الوزراء.. لا يمكن توقف هذه المشروعات الكبرى كونها لمست مباشرة تحسين حياة المصريين فى مختلف المجالات
نسب التضخم العالمى وصلت فى بعض الدول لـ 25% ومصر فى متوسط من 6 إلى 10%
12 تريليون دولار خسائر الناتج الإجمالى العالمى يمثل 5 أضعاف الناتج المحلى الإجمالى لقارة إفريقيا وتعادل الناتج لأكبر أربع دول فى قارة أوروبا وتساوى الناتج لـ 6 من الدول المتقدمة فى آسيا...
العالم يشهد واحدة من أسوأ الأزمات المالية العالمية.. هذه حقيقة لا يستطيع أحد ان ينكرها، يكفى فقط متابعة ما تبثه وكالات الأنباء العالمية فضلا على الوكالات والهيئات والمؤسسات المالية الدولية لتعرف حجم الأزمة.. فضلا على انه لا يوجد احد يستطيع ان يحدد متى تنتهى هذه الأزمة المالية المركبة والمعقدة..
بدأ العالم يشهد الأزمة المالية مع بدء انتشار وباء كوفيد 19 – كورونا – وما تبعها من إجراءات معقدة لحصار الوباء كان منها اغلاق كامل لمدن بل لدول الأمر الذى ادى الى تباطؤ كبير فى حركة الإنتاج العالمى فضلا عن تباطؤ شديد فى التجارة العالمية وقيود ضخمة على حركة نقل السلع والبضائع وغيرها.. وعندما أوشك العالم على الاستفاقة من هذه الأزمة دخلنا فى أزمة اخرى أشد تعقيدا تمثلت فى النزاع المسلح بين روسيا وأوكرانيا.. هذا النزاع الذى أعاد الى الأذهان صور اشد قتامة من الحرب الباردة بين المعسكرين الغربى بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا، والشرقى بقيادة روسيا والصين.. هذا النزاع الذى تم توجيهه الى نزاع اقتصادى وحصار متبادل بين المعسكرين وتعامل بالروبل ام تعامل بالدولار ومن ليس معى فهو عدوى، اثر أيضا فى سلال توريد السلع بداية من القمح والحبوب وصولا الى الطاقة، واثر ايضا فى حلقات الإمداد وطرق النقل اللوجيستية، ودول توقف تصدير واخرى تضع ضوابط على تصدير السلع للدول الصديقة وتمنع الدول غير الصديقة..
والعديد من الخبراء يؤكدون ان هذه الأزمة هى واحدة وان لم تكن أسوأ أزمة مالية عالمية مر ويمر بها العالم منذ عشرينيات القرن الماضى والبعض ذهب ليؤكد انها أزمة لم تحدث منذ الجفاف الذى اصاب العالم او لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية..
ويقدر البعض الخسائر المالية العالمية بما يقرب من 12 تريليون دولار فى الناتج الإجمالى العالمى وهذا الرقم يمثل 5 أضعاف الناتج المحلى الإجمالى لقارة افريقيا بأسرها ويعادل الناتج المحلى الإجمالى لأكبر أربع دول فى قارة اوروبا ويساوى الناتج المحلى الإجمالى لـ 6 من الدول المتقدمة فى آسيا..
فهذه الأزمة أثرت مباشرة على حركة التجارة العالمية وتوقف انتقال السلع وتم تحديد حجم خسائر التجارة العالمية نتيجة لهذه الأزمة بنحو 300 مليار دولار.. ووصل حجم المديونية على الحكومات على مستوى العالم 303 تريليونات دولار وذكرت بعض التقارير ان 60 % من دول العالم الأشد فقرا أصبحت فى حالة مديونية حرجة، وأعلنت بعض الدول بالفعل عدم قدرتها على سداد التزاماتها.
وارتفع مؤشر أسعار السلع والخدمات فى متوالية لم يشهد لها العلم مثيلا وارتفعت معدلات التضخم لتصل الى 9 % ولم تستثنى دولة عالمية من هذه الظاهرة فهناك دول متقدمة باقتصاد مستقر لم يكن التضخم بها يصل الى 1 % او 2 % وصل بها الى 9 % وهناك دولا تجاوزت نسبة التضخم بها 25 % ووصل فى دول اخرى 50 %،60 %.. ومصر تقع فى الفئة المتوسطة بمستوى تضخم ما بين 6 الى 10%..
واتخذت العديد من الدول إجراءات اقتصادية متشددة لأول مرة وتابعنا القرارات التى اتخذها البنك الفيدرالى الأمريكى برفع معدلات الفائدة فى خطوة لم تحدث لمدة قاربت الـ 20 عاما وحذت حذو الفيدرالى الأمريكى عدد من الدول..
هذا ما حدث ويحدث على مستوى العالم.. والذى مما لا شك فيه ستكون له آثاره على كل دولة ومصر ليست بمعزل عن العالم..
وأكد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي فى أكثر من لقاء اهمية توضيح الصورة وشرح أبعادها ووجه الحكومة المصرية فى حفل إفطار الأسرة المصرية فى نهاية رمضان الماضى بعقد مؤتمر صحفى عالمى لتشرح فيه الإجراءات التى ستقوم بها لمواجهة هذه الأزمة..
وبالفعل عقد المهندس مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء مؤتمرا صحفيا عالميا الأسبوع الماضى شهده عدد كبير من مراسلى الصحف العالمية. وبحضور كل من الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، والسيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والسيدة نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، وأحمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية، والمستشار محمد عبد الوهاب الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار.
كما حضر المؤتمر الاستاذ كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والمهندس عبدالصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة وحسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، والدكتور ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات.
وأكد المهندس مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء فى المؤتمر وطبقا لما جاء فى كلمته المنشورة على المواقع الرسمية لمجلس الوزراء.. أن هذه الأزمة كان لها بلا شك تداعيات كبيرة يشعر بها المصريون جميعاً.
حيث كنا نستورد 42 % من احتياجاتنا من الحبوب من دولتي، روسيا وأوكرانيا، وكان 31 % من عدد السياح الوافدين إلى مصر من هذين البلدين، وكل ذلك سيكون له تداعياته الكبيرة التى كان ينبغى أن تتسبب فى اضطراب شديد لنا، كحكومة ودولة، فى التعامل مع هذه التداعيات، ولكننا تحركنا على الفور وبدأنا فى توفير أسواق بديلة للقمح، وكذلك أسواق بديلة للسياحة، ولم نستسلم لتلك التداعيات التى فرضتها الأزمة، وسعينا خلال أسابيع لأن نعوض هذه التداعيات التى حدثت.
وشدد «مدبولي» على ضرورة أن ندرك كمصريين أن تداعيات الحرب فرضت علينا أعباء مالية ضخمة جداً، حيث أصبح هناك 130 مليار جنيه، تم رصدها كتأثير مباشر، نتيجة لزيادة أسعار السلع الاستراتيجية، مثل القمح والبترول، وكذا أسعار الفائدة التى زادت، وذلك إلى جانب 335 مليارا أخرى كتأثيرات غير مباشرة، وقد أخذنا إجراءات حماية اجتماعية حيث تم تبكير موعد صرف زيادات المرتبات والمعاشات، وإجراءات أخرى كانت ستبدأ من أول يوليو، بدأت أول أبريل، وهى إجراءات تتحملها الدولة، وذلك من أجل تخفيف وطأة هذه الأزمة على المواطن المصري.
وأضاف رئيس الوزراء أنه كان لدينا بالطبع تحديات كبيرة جداً، حيث حدث نتيجة هذه الأزمة خروج لرؤوس الأموال الساخنة، واستثمارات كانت موجودة، ولكن الحمد لله نتيجة لجهد الدولة والقيادة السياسية، تحركنا لتعويض خروج هذه الأموال، موجهاً الشكر والتقدير فى هذا الصدد إلى الأشقاء فى الدول الخليجية التى وقفت بجانب مصر خلال الشهرين الماضيين، وضخت أرقاما معينة، بما مكننا من الحفاظ على الاستقرار النقدى للعملة الأجنبية فى مصر.
وطرح رئيس الوزراء روشتة الحكومة لمواجهة هذه الأزمة العالمية من خلال عدد من المحاور، منها تعزيز دور القطاع الخاص ودعم وتوطين الصناعة المحلية لتعظيم الاعتماد على المنتج المحلى، وبرنامج لمشاركة القطاع الخاص فى الأصول المملوكة للدولة لمدة 4 سنوات بإجمالى 40 مليار دولار، والنهوض بالبورصة المصرية لتعظيم دورها فى الاقتصاد، وأهم محور فى هذه المحاور هو البعد الاجتماعى والاستمرار فى حماية محدودى الدخل..
هذه هى المحاور العريضة لروشتة الحكومة لمواجهة الأزمة وكل محور من هذه المحاور يتضمن العديد والعديد من الإجراءات التنفيذة التى على الحكومة والقطاع الخاص بل وكل مواطن بالدولة تنفيذها.. وذلك بهدف واحد فقط هو الحفاظ على ما تحقق خلال السنوات الأخيرة.. ويكفى ان نعلم ان ما تم من برنامج اصلاح اقتصادى مبكر تم تنفيذه بعد ثورة يونيو 2013 وما تبعه من مشروعات عملاقة فى مجال الإنتاج الزراعى حافظ على قدرة الدولة فى التماسك وسط هذه الأزمات الدولية المتتالية..
وحول ما أثاره البعض من ضرورة إبطاء وتيرة المشروعات القومية وأنها فرضت أعباء كبيرة.. قال: لندرك أهمية هذه المشروعات التى نفذتها وتنفذها الدولة ولا يمكن الاستغناء عنها يجب ان نعود بالذاكرة الى الوضع قبل 2014 كيف كان وكيف سيصبح اذا لم تتم هذه المشروعات..
وعلى رأسها الكهرباء، متسائلا: كيف كان وضع الكهرباء فى مصر فى عام 2014، والغاز الذى كانت تستورده مصر، ولولا الاستثمارات الهائلة فى هذا القطاع لما كان لدينا الآن اكتفاء ذاتى وفائض للتصدير.
كما أشار رئيس الوزراء إلى مشروعات المياه والصرف الصحى التى مكنتنا من معالجة واعادة استخدام المياه للاستفادة بكل نقطة مياه نحتاجها حالياً، وكذا قطاع الاتصالات الذى شهد طفرة كبيرة جداً.
كما اشار مدبولى الى شبكة الطرق والنقل، مؤكداً أنه كخبير تخطيط عمرانى قبل أن يكون رئيسا للوزراء، يدرك أنه لولاها لكانت شوارع مصر ستغدو عبارة عن «جراج»، ولم تكن لحركة السيارات أن تتجاوز سرعة 8 كيلو/ساعة، لافتاً إلى أن ذلك ما كانت تؤكده المؤسسات الدولية فى هذا الخصوص، التى قالت فى عام 2010 أن مصر فى عام 2020 ستتحول الى جراجات.
لا يمكن إيقاف هذه المشروعات التى لمست وتلامس الحياة اليومية للمواطن المصرى.. وعلى قمة هذه المشروعات مشروع حياة كريمة..
وفى هذا الاتجاه قال رئيس الوزراء.. ان مشروع حياة كريمة من المشروعات العظيمة. لم يكن للدولة أن تتأخر عنه، فهو مطلب أهالينا فى الريف كله، وهذه المشروعات لا يمكن إبطاؤها حيث تلامس الاحتياجات الاساسية للمواطن المصري، للحاضر والمستقبل، وتناول مشروعات المدن الجديدة التى تنفذ، مشيراً إلى أن ما يثار بشأن أولويتها، حيث دعا رئيس الوزراء إلى الرجوع إلى مضبطة مجلس الشعب فى بداية الثمانينيات، حيث استدعى أعضاء المجلس وزير الإسكان فى هذا الوقت، الوزير المرحوم حسب الله الكفراوي، وسألوه عن جدوى أن تنفذ الحكومة مدن: العاشر من رمضان، و6 أكتوبر، والسادات، وبرج العرب، تلك المدن التى تستوعب الآن نحو 10 ملايين مواطن مصري، وبها كافة الصناعات، وتساءل رئيس الوزراء: لو لم تكن تلك المدن الجديدة قد نفذت، كيف كان سيكون شكل مصر؟ كان الـ 10 ملايين مواطن الذين يقطنونها حالياً سيسكنون على الأراضى الزراعية.
وحول القضية الأولى والتى يتاجر بها البعض وهى ارتفاع الأسعار.. اكد رئيس الوزراء انه ومع كل تلك الضغوطات الاقتصادية وتبعاتها وارتفاع الأسعار والتضخم خصصت الدولة 130 مليار جنيه فى موازنة العام المقبل للعمل على امتصاص جزء من هذه الأعباء عن المواطن المصري؛ لأن الدولة تعى تماماً أن مستوى دخل الفرد فى مصر يختلف عن باقى الدول.. لافتاً إلى أن هناك توجيهات من السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية بإضافة 450 ألف أسرة جديدة للمستفيدين من برنامج «تكافل وكرامة»، فضلاً عن زيادة الإعفاء الضريبى الشخصى بـ 25 %. وفيما يتعلق بالمعاشات، أشار رئيس الوزراء إلى أن هناك 10 ملايين مواطن مصرى مستفيد، كما قامت بتعجيل زيادة الأجور اعتباراً من شهر إبريل الماضي.
مشيرا الى ما قامت به الدولة طوال شهر رمضان وتحركها بكافة مؤسساتها لتوفير السلع فى المنافذ بأسعار أقل من قيمتها فى السوق العادي، فضلاً عن توزيع «شنط رمضانية» على المواطنين.
وعن لقمة العيش وأساسها القمح.. أكد رئيس الوزراء أن هذا الملف مهم ويجب علينا كمصريين أن نكون على دراية بما يتم فى بلدنا فى هذا الشأن، موضحاً أن المساحة المزروعة من القمح خلال المشروعات القومية، كمشروع استصلاح وزيادة الرقعة الزراعية فى توشكى وشرق العوينات والدلتا الجديدة وسيناء وغرب المينا، هى التى مكنتنا من زيادة الرقعة الزراعية وبالتالى زيادة مساحة القمح، مشيراً إلى أن هذا العام، وللمرة الأولى فى تاريخ مصر، سيشهد إنتاج نحو 10 ملايين طن قمح، بزيادة مليون طن عن العام الماضي.
وأوضح رئيس الوزراء أن الدولة اتخذت إجراءات كلفتها 36 مليار جنيه، تضمنت زيادة ثمن توريد طن القمح المحلى حيث كان العام الماضى نحو 710 جنيهات للأردب، والذى تم زيادته إلى 810 جنيهات للأردب، وبتوجيهات من السيد الرئيس تم زيادة حافز التوريد وقدره 65 جنيهاً فأصبح متوسط سعره 875 جنيهاً للأردب، هذا بالإضافة إلى استيعاب الزيادة التى حدثت فى سعر القمح الأجنبي.
وأشار مدبولى إلى أن أحد أهم المشروعات التى قامت بها الدولة هو تطوير الصوامع والشون الترابية الذى أتاح سعات تخزينية وصلت إلى 5.5 مليون طن، والذى كان 1.4 مليون طن قبل عام 2014، لافتاً إلى أنه يتم توجيه الـ 5.5 مليون طن إلى الخبز المدعم، والذى حافظت الدولة على سعره رغماً عن الضغوط والزيادات خلال الفترة الماضية، مضيفاً أن الدولة اتخذت خطوة شديدة الأهمية وانفقت عليها وهى تأمين احتياطى استراتيجى من السلع لا يقل عن 4 أشهر، وفى بعض الأحيان يزيد عن ستة أشهر، معلناً أن الدولة اليوم لديها احتياطات من القمح بما فى ذلك المحصول المحلى تكفى لمدة 4 أشهر، ومع نهاية التوريد سيكون لدينا ما يكفى لنهاية العام الميلادي، وبالتالى لن يكون لدينا أزمة فى القمح، بالإضافة إلى 6 أشهر احتياطى من الزيت، فضلاً عن احتياطات كافية من الأرز والدواجن واللحوم.
وأضاف أن الأسمدة وصل سعر الطن فيها إلى 14 ألف جنيه، إلا أنه يباع بـ 4.5 ألف جنيه فقط، فلازال هناك 10 آلاف جنيه دعم لطن الأسمدة، وأكثر من نصف الإنتاج المحلى من السماد يذهب إلى أصحاب الحيازات الصغيرة وهم من يحصلون على الدعم، لافتاً إلى أن الفترة القادمة ستشهد توسعا فى المناطق اللوجستية، لزيادة حركة التجارة المحلية وضمان أفضل طرق للتوسع فى توريد المواد الخام والسلع التموينية وإتاحتها للمواطنين..
هذه هى باختصار روشتة الحكومة لمواجهة الأزمة المالية العالمية..