التأمل لبعض المشاهد المحيطة؛ كفيل بمعرفة تفاصيل مهمة للغاية؛ تفاصيل تخص الناس البسطاء؛ فمثلا يكفي أن تقترب من أحد بائعي الخضراوات أو الفاكهة؛ لدقائق معدودة؛ فترى من يأخذ أوزان صغيرة تمامًا؛ تكفي أسرة صغيرة لوجبة بسيطة؛ لأٌناس؛ لا يدل مظهرهم على قلة ذات اليد؛ بل يومئ المظهر بالعكس تمامًا؛ دون أن تشعر منهم بأي درجة من درجات الحرج.
فما بالك بمن يدل مظهره على تواضع دخله؛ من المؤكد أن أوضاعه ليست في أفضل أحوالها؛ أمر آخر قد يؤشر لشيء مهم؛ يتعلق بمشاهدة بعض المحال التي تقدم الطعام؛ أو تبيع الملابس؛ على سبيل المثال؛ تجد الإقبال عليها أقل كثيرًا مما سبق بشكل واضح.
ما سبق؛ يدل على أننا في أزمة لا محال؛ أزمة تحتاج لعناية وهدوء للتعامل معها؛ فلا يمكن اعتبارها عابرة؛ ستمر مرورًا بسيطًا؛ لأن التعامل بتلك الكيفية من شأنه أن يترك أثرًا سيئًا للغاية على عدد لا بأس به من المواطنين البسطاء.
وكما ذكرت سابقًا؛ هؤلاء هم أشد الناس احتياجًا للرعاية والعناية؛ لأن الأزمة التي يشكو منها القادرون؛ بكل تأكيد سيتألم منها الفقراء؛ بل يمكن أن يزداد الأمر سوءًا معهم؛ إذا لم نضع في الحسبان ظروفهم؛ فلا شك أن مشروع حياة كريمة يؤسس لحياة مغايرة لما سبق وشاهده أهلنا في الريف الذي ظل يعاني لسنوات كثيرة من الإهمال والتسيب؛ ولكن في ظل الأزمة العالمية الحالية؛ لابد من التفكير في حلول خارج الصندوق؛ تراعي تلك الحالات المشار إليها.
والحديث خاص بالنفقات الضرورية الحياتية اليومية؛ ولم نتطرق لنفقات الحياة الطارئة مثل العلاج وما شابه.
كل ذلك يدعونا لاتباع سياسة الترشيد؛ ليس فقط لمواجهة الأزمة الاقتصادية؛ ولكن لمعاونة الطبقات الأقل دخلًا في مواجهة احتياجاتهم ومتطلباتهم؛ لاسيما بعد الزيادات الغريبة والعجيبة في أسعار السلع بشكل يفوق قدرات الكثيرين.
وبناء عليه لابد أن يكون الترشيد نموذجًا يحتذي به الجميع؛ بشكل يراه العامة بوضوح؛ بما يعود بالنفع على تحسن الإنفاق العام؛ فيتم توفير بدائل لذوي الدخول المنخفضة.
يجب الترشيد في الكهرباء؛ فليس من المقبول مشاهدة أي أنواع من الإضاءة ليلا في أماكن حكومية؛ أغلقت أبوابها؛ وكذلك الحال في أي قطاع حكومي انصرف موظفوه؛ لانتهاء عملهم؛ ويمكن إسقاط هذا القياس على صنابير المياه إلى تعمل ليل نهار؛ إما لأنها معطوبة؛ أو لوجود إهمال ما؛ مما يكلف موازنة الدولة مبالغ طائلة.
العودة مرة أخرى للتعامل مع العدادات الكودية التي تقيم بشكل عادل قيمة استهلاك الكهرباء؛ فليس من المقبول العمل حتى اليوم بنظام المقايسة؛ الذي يهدر قيمًا كبيرة جدًا من الكهرباء بدون وجه حق؛ والأمثلة في هذا الشأن كثيرة ومحبطة؛ خاصة أن نظام التعامل بتلك العدادات توقف دون معرفة السبب؛ رغم إعلان وزارة الكهرباء عن توافر عدد كبير منهم؛ ولكن دون استعمال؛ وأصبح الأمر يمثل لغزًا محيرًا يحتاج لإجابة.
يجب التوسع في عمل أسواق الجملة، كما أشار الرئيس مؤخرًا؛ وهي بكل تأكيد فكرة رائعة؛ تنفيذها بالعناية المتوقعة من شأنه أن يعود بالنفع على عموم الناس؛ لأنها ستكون عاملًا مؤثرًا في ضبط إيقاع الارتفاع الجنوني للأسعار.
الأفكار السابقة كانت نماذج للاقتراحات؛ يمكن البناء عليها؛ بغرض تقليل النفقات بشكل فاعل؛ ليعود بالنفع على الأكثر احتياجًا؛ لنضرب بتلك الإجراءات الترشيدية عدة أهداف.
علي رأسها؛ احتواء البسطاء وتقليل ضغوط الظروف الراهنة عليهم بطريقة منظمة؛ وثانيها؛ مجابهة الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية من خلال عمل شبكة حماية اجتماعية للمحتاجين؛ مع الاستفادة من المعلومات المتاحة على قواعد بيانات بطاقات الدعم؛ والتي بينت فيها الحكومة ما بذلته من جهد رائع؛ أكد حرفية الحكومة في إنشاء تلك القواعد.
،،،، والله من وراء القصد
[email protected]