اختيار شريك الحياة من أهم القرارات الحياتية، فقد تتغير حياتك وشخصيتك بعد الزواج، واليوم الكثير من الشباب والفتيات يرفعون شعار "هذا قراري"، والعديد من الفتيات أصبحن يفكرن بهذه الطريقة، ولا يشركن الأبوين في اتخاذ القرار بالرفض أو القبول، بالرغم من عدم درايتهن من أن هذا القرار مصيري، وتبنى عليه أشياء كثيرة.
موضوعات مقترحة
وقد أثبتت العديد من التجارب أن هذه الفكرة خاطئة، وكانت النتيجة سيئة، وهي الحالات التي نرصدها في التحقيق التالي:
النهاية التعيسة
في البداية تحكي منى محمد صفوت- 27 سنة خريجة كلية الآداب بجامعة الزقازيق- حكايتها وتقول: تعرفت على أحد الأصدقاء في الجامعة، وجذبني بكلامه في البداية، حتى أصبحت لا أستطيع التوقف عن محادثته، وبعد التخرج تقدم لأهلي، وحينها كان والدي غير مقتنع به، لعدة أسباب منها أنه كان يرى أنه يخدعني، ولكني أصررت على الارتباط به، وضغطت على أسرتي، بالرغم من عدم اقتناعهم به، وتم عقد القران وتزوجنا، ومع أول سنة زواج بدأت معاملته تتغير معي، على عكس تعودي عليه، وبدأ يضربني باستمرار، وكنت أرى محادثات بينه وبين فتيات أخريات، وواجهته بذلك، ولكنه أكد لي أنهن زميلاته في العمل، وأصبحت الحياة معه مملة ومتعبة ومهينة، وفوجئت به ومعه المأذون وطلقني، واكتشفت بعدها بشهور قليلة أنه تزوج بأخرى.
أما سارة محمد صبحي - خريجة كلية التربية بجامعة الزقازيق - فكانت مصيبتها أكبر، حيث تقول: أثناء تحضيري للماجستير تعرفت على شاب بعد إلحاح منه، وكنت لا أعرفه جيدا، ومع مرور الوقت تعودت عليه، ووعدني بالزواج، ووقتها كنت سعيدة بهذا الخبر، وجاء بالفعل ليتقدم، وبعدها قالت لي والدتي إن قلبها غير مرتاح لهذا الشاب، على عكس والدي، وتمت الخطبة، وبعدها بسنة عقدنا القران وتزوجنا، ولكني فوجئت بتغير حالته معي تماما، على عكس فترة الخطوبة، وكنت أدرس في إحدى المدارس بالحصة، وكنت لا أرى مرتبي بسببه، حيث كان يأخذه مني بالقوة، واكتشفت أنه يتعاطى الحشيش، وبعدها طلبت الطلاق، وطلقني بالفعل، وندمت على ضغطي على والدتي من أجل الزواج منه.
كيفية اتخاذ قرار الزواج
توضح الدكتورة أمل عطوة- استشاري العلاقات الأسرية والتنمية البشرية- كيفية اتخاذ قرار الزواج، وتقول: هذا القرار هو أهم قرار في حياتنا، ويترتب عليه الارتباط بشخص طوال العمر، فلابد من التفكير فيه جيدا قبل الاختيار، ومن المهم الاستعانة بأحد المقربين أصحاب الخبرة في الحياة والحكمة وخاصة الأب والأم في اتخاذ هذا القرار، فقرار الأبوين على شريك الحياة يكون حكيما، وهذا لاينفي أن هناك أسرا تفكيرهم قديم، ويريدون زواج الفتاة من أحد الأقارب أو المعارف، وهنا نستعين بأحد من الأقارب أو المعارف أو متخصص، لكني تكون وجهات النظر واضحة، ونصل إلى أفضل حل، لكن إهمال رأي الأب أو الأم أو الفتاة نفسها يؤدي إلى الفشل.
وتضيف: هناك شيء اسمه تحول العاطفة السلبي، وهذا يحدث للشاب إذا حدث تقارب مع فتاة قبل الزواج، ويجعله بعد ذلك يشعر بأنه لم يعد يحبها مثل السابق، وهناك من يترك الفتاة بسبب ذلك، أو يكمل الزواج لإحساسه بالذنب ناحيتها، وهذا لا يجعل الزواج يكتمل لفترة طويلة.
أما عن المقاييس التي يجب أن يختار الشاب أو الفتاة شريك الحياة على أساسها فتقول الدكتورة أمل: هناك من يرى أن يكون الزواج متجانسا، ويكون هناك توافق في الطباع، وهذا أهم عامل يتوقف عليه نجاح الزواج أو فشله، ولكن الحقيقة أنه لا يوجد أي استراتيجية تقول لأي طرف أن هذا الزواج ناجح 100%، ولكننا نأخذ بالأسباب ونستخير ربنا، وربنا يكتب لنا النجاح.
أسس وعلاقات اجتماعية
يؤكد الدكتور جمال فرويز- أستاذ الطب النفسي- أن اختيار الزوج يجب أن يتم على أسس وعلاقات اجتماعية، مثل التكافؤ المادي والتعليمي والاجتماعي، ويقول: في ظل غياب الوعي نجد الشاب يضحك على الفتاة بكلمة الحب، وبالتالي عندما يتم الزواج مع وجود تفاوت أو تباين في تلك الأسس يحدث الصدام، ويؤدي ذلك إلى الطلاق، ولذلك يفضل الكثيرون زواج الصالونات على زواج المصاحبة أو الزواج عن حب، لأنه يتم عن طريق موافقة الوالد والوالدة، ونسبة الطلاق فيه أقل من الزواج عن حب، لأن زواج الحب كل طرف يحتاج إلى أن يظهر المثالية، ويجب على الفتاة التأني، فلا تستعجل على فكرة الارتباط بمجرد دخولها الحياة الجامعية، ولابد من مشاركة الوالدين في هذا القرار، لأن نظرتهم للشاب تختلف تماما عن الفتاة، التي تعتمد على العاطفة والتجاذب النفسي المتبادل.
سهولة التعارف
وتوضح الدكتورة سامية خضر- أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس- أن الفتاة اليوم أصبحت مستقلة عن الأهل في اختيار شريك حياتها، بحكم الذهاب إلى الجامعة، أو التعرف على شخص في العمل، وأيضا في ظل التطور الهائل في السوشيال ميديا أًصبح التعارف سهلا جدا، على عكس الماضي كان الاختيار عن طريق الأهل، الذين يميلون إلى زواج الأقارب، أو يكون المتقدم في نفس المكانة والطبقة الاجتماعية، أما الآن أصبح الفتيات يتصورن أن الزواج بين اثنين فقط، ولا دخل للأهل، فلابد من تغيير بعض الفتيات هذا التصور، والاهتمام بأن تكون الثقافة بين الأسرة والثانية متقاربة ومعقولة لحد ما، وننظر إلى الأخلاق.