Close ad

تجربة الإمارات ترسخ الحداثة والتصالح مع الذات والعالم.. محمد بن زايد «سر أبيه» من التمكين إلى الاستقرار

22-5-2022 | 16:10
تجربة الإمارات ترسخ الحداثة والتصالح مع الذات والعالم محمد بن زايد ;سر أبيه; من التمكين إلى الاستقرارالشيخ محمد بن زايد
نبيل شرف الدين
الأهرام العربي نقلاً عن

قاد سفينة بلاده خلال مرض أخيه دون تجاوز لنهجه أو أى مساس بمكانته بل ظل وفياً لتوجيهاته ومنفذًا لسياساته

موضوعات مقترحة

تبنى بشجاعة.. تحسب له تاريخياً.. منهج إطلاق المبادرات الإنسانية عبر الإمارات

سعى لتعظيم دور بلاده فى ساحات السياسة الدولية فلا تخفى الإمارات مساعيها بأن تصبح قوة إقليمية ذات ثقل سياسى واقتصادي

يجمع بين «الثقافة والعلم» من خلال المحاضرات التى تعقد فى مجلسه منذ أعوام حيث يحتل فيها العلم والتطبيقات التكنولوجية موقعاً بارزاً

تُنسب لأبى فراس الحمدانى مقولة »الشعر ديوان العرب«، وبالفعل للشعر مع العرب ألف ديوان وديوان، ففيه جلاء همومهم ومجال فخرهم وموضع فرحهم ووسيلة تعبيرهم عن أحزانهم وأفراحهم وأشواقهم .. جسدت هذه المقولة قريحة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، فبعدما نعى رئيس الدولة الفقيد الكبير الشيخ خليفة بن زايد فى قصيدة باللهجة الدارجة، تصدرت آلة الأخبار المتلاحقة والبيانات والتحليلات السياسية، وهكذا كان ولم يزل الشعر توثيقاً للمواقف السياسية اختزلتها قصيدة »موقف» التى استهلها قائلاً :

أنعى إلى الشَّعبْ منْ باسمه يعيشْ الشَّعبْ .. وأنعى إلى الكونْ عضدى ريِّسْ الدولِهْ

خليفهْ اللِّى مثِلْ مايْ السَّحابْ العَذبْ .. وريثْ عرشْ العلا يمناهْ مبذولِة

ثم انتقل الشيخ محمد بن راشد من النعى، ليؤكد الإرث العربى الراسخ، فبايع الشيخ محمد بن زايد قبل الإجراءات الرسمية والبروتوكولات، وأى إعلانٍ رسمي، قائلاً:

اجعلْ خليفهْ بجنَّاتْ النِّعيمْ .. وصِبْ عليهْ منْ مَغفِرَة بالعفوْ مشمولِهْ

وصبِّرْ محمدْ ونوِّرْ لهْ يا رَبْ الدَّربْ .. نعمْ الخَلَفْ للسَلَفْ ريِّسْ علىَ الدُّولِة

لى لهْ نبايعْ علىَ الطَّاعَة بصدقْ وحبْ .. وطاعَةْ وليْ الأمرْ بالحَقْ مكفولِة

بين الرثاء والمبايعة يحضرنا فى هذا السياق مثل عربى آخر هو: «الولد سر أبيه» وأيضًا «من شابه أباه ما ظلم» فى دلالة على توريث الصفات الجسدية والنفسية، وحتى الطباع بين الأجيال، خصوصا عندما يمضى الابن على درب أبيه، بل ويطور مسيرته ويهضم مستجدات عصره ويتفاعل معها لحد التناغم، فيسعى لتشكيل بصمته المتفردة فى البناء على الأسس الراسخة التى وضعها الآباء والجدود، فهذا «ناموس الحياة» منذ بدء الخليقة، حتى يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، هكذا فعل الفقيد الراحل الشيخ خليفة بن زايد، حين رسخ «تمكين الدولة» بعدما وحدها والده المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة وبانى نهضتها، والذى اتسم بكثير من الصفات والخصال الحميدة التى شكلت محور شخصيته، وجعلت منه قائداً ملهماً للكثير من الأجيال داخل الدولة وخارجها، وأسست للكثير من الإنجازات التى حققتها الدولة بمختلف المجالات إقليمياً وعالمياً.


الشيخ محمد بن زايد مع والده الشيخ زايد آل نهيان

حكيم العرب، رجل الاتحاد، الحاكم الإنسان، ضمير الأمة، الرجل الوحدوي، الوالد والمؤسس، الصبور، زايد العطاء، جميعها من صفات الشيخ زايد رحمه الله، التى جعلت منه قائداً فريداً على مستوى العالم، وهاهو ابنه الثالث الشيخ محمد بن زايد يحمل الراية رسميًا، بعد رحيل شقيقه مُستلهمًا الدروس منذ نشأته فى «العين» مرافقًا لوالده، وهو يشجع المواطنين فى الإمارات على العمل معًا لبناء دولة متحدة،  وصبت تلك الجهود الدؤوبة فى بوتقة المصالح المشتركة ، التى توحد أكثر مما تفرق، فهذه الرسالة ظلت تتصدر كل أحاديثه للأجهزة الرسمية كالمجلس الوطنى الاتحادي، وفى لقاءاته مع وسائل الإعلام، وعلى غرار ذلك، فى أحاديثه غير الرسمية مع المواطنين، التى تمثل ملمحًا فريدًا فى نهجه السياسى والإنساني، فكان أكثر ما يُسعده حين يقتنص فرصة بعيدًا عن العمل الرسمى، ليتفقد مواطنيه فى الصحراء والجبال والجزر البحرية، محافظًا على تقاليد تراثية عريقة وأصيلة ، وفى الوقت ذاته يشى بأنه يتلمس بقوة نبض الشعب ورأيه، ومثل هذا الأسلوب يكتسب أهميته، لأنه طريق ذو اتجاهين، كما كان ومازال دائمًا.

ولعلنا لا نذيع سرًا، حين نشير إلى دور الشيخ محمد بن زايد الجوهرى فى قيادة سفينة بلاده خلال مرض أخيه، الذى امتد زهاء ثمانية أعوام، دون تجاوز لنهجه أو أى مساس بمكانته، لكن فى ظل الأجواء المحتقنة التى يشهدها العالم على كل الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، لم يكن هناك مفر من تحمل أعباء مسئولية الحفاظ على وطنه وشعبه وأمته وأمانة أبيه وأخيه، بل ويسعى بكل جدية لتطوير منظومة الحكم الرشيد داخليًا وخارجيًا.

 وبالفعل شهدت دولة الإمارات نقلة نوعية تجاوزت مرحلتى الوحدة والتمكين، إلى آفاق أوسع وأكثر حضورًا ورحابة، ولعل تسابق ملوك ورؤساء الدول على تهنئته بتوليه رسميًا رئاسة البلاد، أبرز المؤشرات الفريدة وضوحًا على المكانة الرفيعة التى باتت تتسم بها دولة الإمارات، وأجمع المختلفون فى سياساتهم من قادة الدول على حقيقة ناصعة مفادها باختصار شديد، أن هذه الدولة أضحت تشكل رقمًا صعبًا فى السياسة الدولية، وتجتمع لديها كل مصالح الغرب والشرق برغم تنوعها وتباينها، ففى حسابات أقدار الدول لا مجال للعواطف والعواصف، بل للمصالح التى كانت ولم تزل وستبقى هدف جميع الأمم والشعوب، وهو ما حققته دولة الإمارات على يد رئيسها الثالث الشيخ محمد بن زايد، الذى لا يراه المراقب المدقق مجرد «ظل أبيه»، بل هو «سر أبيه» وامتداد عطائه وأحدث أجياله.

وتجدر الإشارة إلى أنه منذ إقرار الإمارات عام 2019 «عام التسامح»، تصدر الشيخ محمد بن زايد المشهد بمواقفه، ولعل أبرزها استقباله اثنين من أهم القادة الدينيين فى العالم، وهما: قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وتمخض ذلك اللقاء العالمى فى أبو ظبى على توقيع «وثيقة الأخوة الإنسانية»؛ لتكون دليلاً على تعزيز ثقافة الاحترام المتبادل وتفعيل الحوار حول التعايش والتآخى بين البشر.

وتبنى الشيخ محمد بن زايد بشجاعة تحسب له تاريخيًا، منهج إطلاق المبادرات الإنسانية عبر دولة الإمارات، وأبرزها توجيهه بتشييد «بيت العائلة الإبراهيمية» فى أبو ظبى تخليدًا لذكرى الزيارة التاريخية المشتركة لبابا الفاتيكان وشيخ الأزهر، وتعبيراً عن حتمية التعايش السلمى والتآخى الإنسانى، الذى يتبناه المجتمع الإماراتى عن قناعة راسخة، وإطلاق «صندوق زايد العالمى للتعايش» دعما لجهود تعزيز ثقافة التعايش والأخوة الإنسانية بين شتى شعوب العالم على تنوع مشاربها ومعتقداتها وثقافاتها، فهذا قدر البشرية فى ظل التحديات والمخاطر والأوبئة التى تحاصرها ولا تستثنى أحدًا.


الشيخ محمد بن زايد مع أخيه الراحل الشيخ خليفة بن زايد

«سر أبيه»

يحظى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرئيس الثالث لدولة الإمارات العربية المتحدة، باحترامٍ كبير وراسخ من قبل مواطنيه الإماراتيين، كما يتمتع بعلاقاتٍ وثيقة للغاية على الساحتين الإقليمية والدولية، أما فى سيرته الذاتية التى بات يعرفها القاصى والداني، فقد وُلد فى 11 مارس عام 1961، وهو الابن الثالث للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وكان فى العاشرة من عمره، حين جمع والده اتحاداً من ست عشائر رئيسية أخرى لتشكيل الإمارات العربية المتحدة، وتلقى تعليمه فى المدارس المحلية بمسقط رأس أسرة آل نهيان فى مدينة "العين" ثم العاصمة "أبو ظبي"، حتى التحق بأكاديمية «ساند هيرست» العسكرية الملكية البريطانية، وتخرج فيها عام 1979 بعدما اجتاز خلال فترة دراسته عدة دورات فى المدرعات والطيران والمظليين، وتدريبات على الطائرات التعبوية والعمودية، بما فيها طائرات جازيل، وفقًا لسيرته المنشورة على الموقع الرسمى لديوانه الرسمي.

وشغل الشيخ محمد بن زايد عدة وظائف فى الجيش الإماراتي، بدءاً من ضابطٍ فى الحرس الأميرى - وهو قوة النخبة بالإمارات - ثم طيار فى سلاح الجو، وصولاً إلى منصب نائبٍ للقائد الأعلى للقوات المسلحة، وساهم بنقلة نوعية فى تطوير القوات المسلحة لدولة الإمارات بالتخطيط الإستراتيجى والتدريب والهيكل التنظيمى وتعزيز القدرات الدفاعية للدولة، وتحت قيادته المباشرة صارت القوات المسلحة الإماراتية مؤسسة مرموقة تحظى بتقدير عدد كبير من المؤسسات العسكرية الدولية، كما شغل الشيخ محمد بن زايد أيضًا عددًا من المناصب السياسية، والتشريعية والاقتصادية للدولة.

وتحفل مسيرة الشيخ محمد بن زايد التى انطلقت قبل عقود من توليه منصب رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة رسميًا بالكثير من الإنجازات، ففى غضون أعوام قليلة، تمكنت الإمارات من قطع أشواط كبيرة فى العديد من المجالات الريادية والاستثنائية، كان أبرزها التوجه نحو صياغة إستراتيجيات وبرامج خاصة باستشراف المستقبل على جميع الأصعدة ؛ لإعداد قاعدة عمل راسخة فى تحقيق أهدافها المستقبلية، من خلال بناء نماذج تستشرف مستقبل القطاعات الحيوية، واعتماد سياسات رشيدة تواكب أى سيناريوهات للتغيرات المحتملة فى تلك القطاعات، والاهتمام ببناء القدرات الوطنية فى مجال استشراف المستقبل، وتمكينها من المعارف والخبرات والمهارات اللازمة لذلك، بالإضافة إلى عقد شراكات دولية وتطوير مختبرات تخصصية خاصة باستشراف آفاق المستقبل؛ الأمر الذى أسهم فى تحويل العمل الحكومى من مجرد روتين يومي، إلى مجال واسع من التطوير وابتكار الحلول القائمة على أسس علمية ورؤية واضحة، قطعت من خلالها مراحل مهمة فى مسيرة صناعة المستقبل.

وفى سياق سعى الشيخ محمد بن زايد لتعظيم دور بلاده فى ساحات السياسة الدولية، فلا تخفى الإمارات مساعيها بأن تصبح قوة إقليمية ذات ثقل سياسى واقتصادي، ولاشك أن النهضة الاقتصادية الكبيرة التى شهدتها دولة الإمارات والمشاريع التنموية والعمرانية والسياحية الضخمة التى أنجزتها البلاد، وتركيزها على تنويع الاقتصاد واستخدام أحدث التقنيات فى مختلف المجالات، كان لها دور كبير فى تعزيز ثقلها الإقليمي.

ولم تشغله التحديات الجسام على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية عن مواصلة الدور الإنساني، الذى بدأه والده وعززه شقيقه الراحل، بل ابتكر مبادرات إنسانية تحمل بصمته الخاصة المتفردة، إذ أسهم فى تعزيز الجهود الدولية لاستئصال الأمراض المعدية، مثل الملاريا ودودة غينيا، وغيرها من الأوبئة الفتّاكة، ووفقا لما تم الإعلان عنه، فقد بلغت تبرعات الشيخ محمد بن زايد لدعم جهود الصحة العالمية الموجّهة أساسًا للأطفال، خلال أقل من خمس سنوات نحو 235 مليون دولار، خُصص منها 167 مليون دولار دعمًا لجهود استئصال مرض شلل الأطفال، و30 مليون دولار لدعم جهود القضاء على مرض الملاريا، كما عززت مبادرات الشيخ محمد بن زايد قدرات هيئة الهلال الأحمر الإماراتى، حتى أصبحت واحدة من المنظمات الإنسانية الفاعلة والمؤثرة إقليميًا ودوليًا ومكنتها من ترقية وتطوير أنشطتها وتعزيز مسيرتها الإنسانية.


الشيخ محمد بن زايد يولى اهتماماً كبيراً بالثقافة والعلوم كأداة رئيسية للنهوض بالمجتمع

وبالإضافة إلى ما سبق، فقد التزم الشيخ محمد بن زايد أيضًا بمكافحة الاتجار بالبشر، من خلال تبرعه بمبلغ 55 مليون درهم، لمبادرة الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الاتجار بالبشر، وفى عام 2011 تعهد الشيخ محمد بن زايد مع "مؤسسة جيتس الخيرية" بدفع مبلغ 50 مليون دولار، لكلٍ منهما لتمويل شراء وتسليم اللقاحات للأطفال فى أفغانستان وباكستان، حيث تتضاءل الخدمات الطبية هناك، بسبب الصراعات والحروب وعدم الاستقرار.

وفضلاً عن مواقفه الداعمة دون مواربة للدولة المصرية، وتصديها لتحديات جسام ضد أجواء الفوضى وممارسات المنظمات الإرهابية، فقد منحهً المصريون لقب صاحب أسرع رد فعل إنسانى عالمي، عقب مبادرته السريعة بالتبرع بمبلغ 50 مليون جنيه مصرى، لصالح معهد الأورام الذى كان قد تعرض لخسائر جراء الحادث الإرهابى، الذى وقع فى أغسطس 2019 بمنطقة وسط القاهرة.

ومازلنا بعيداً عن السياسة، حيث يرأس صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية - وهو وقف خيرى أسس لتقديم المنح للمبادرات الفردية فى مجال حفظ الأنواع - وتكريم رواد الحفظ والبحث العلمي، وتسليط الأضواء على قضية حفظ الأنواع، ورفع مستوى الوعى بشأنها فى مجتمعات ومحافل صون موارد الطبيعة الإحيائية، كما كان للشيخ محمد بن زايد دور محورى فى تأسيس هيئة البيئة بأبو ظبي، وأعلن فى مستهل 2008 عن منح حكومة أبو ظبى 15 مليار دولار، لمصلحة مبادرة «مصدر» الرائدة عالمياً فى مجال الطاقة البديلة والمتجددة، والمطور الأول لهذه المدينة المتكاملة والخالية تماماً من النفايات والانبعاثات الكربونية.

واشتهر الشيخ محمد بن زايد عالميًا بشغفه بتربية وتدريب وحماية الصقور، وهى الهواية التى ورثها أيضًا عن والده، فضلاً عن الأنواع الأخرى، بما فى ذلك حيوانات المها وطيور الحبارى فى شبه الجزيرة العربية، وتماشياً مع تفانيه لحماية البيئة، تولى أيضاً زمام المبادرة فى مشاريع الطاقة البديلة بإمارة أبو ظبي، ومع مطلع الألفية الثانية، سعى الشيخ محمد بن زايد إلى تعظيم مكانة بلاده فى مجالات الطيران المدنى والطاقة المتجددة.

وفى مضمار الثقافة دعم الشيخ محمد زايد التطور الهائل الذى شهده العمل الثقافى فى دولة الإمارات، والمشروعات الثقافية الكبرى التى جعلت من الدولة وعاصمتها مركز الثقل فى العمل الثقافى العربي، وصاحبة التأثير الأبرز فيه، وأصبحت الدولة قبلة المثقفين والمفكرين والمبدعين العرب فى كل المجالات، حيث يجدون مجالا رحبًا وأرضًا خصبة تسمح للأفكار الخلاقة بالنمو والنجاح، ويلقون فيها الاهتمام والحفاوة والتقدير.

كما سعى الشيخ محمد بن زايد بآليات عملية جادة إلى إحياء قيم الدين الإنسانية النبيلة، عبر تعزيز روح الأخوة بين جميع البشر، وبرؤيته الثاقبة، وعزيمته القوية، وحكمته الرصينة وشجاعته النادرة، نجح فى مد جسور التواصل مع كل قيادات وشعوب العالم، ونشر ثقافة التسامح ونزع فتيل عدد من الأزمات المستعصية، وبناء حائط صد لمواجهة ظاهرة تفشى الأفكار المتطرفة، وجميع أنماط الإرهاب الفكرى المتنطعة.

ولعل المراقب المنصف لرؤية الشيخ محمد بن زايد الثقافية، سيكتشف أنه يجمع بين «الثقافة والعلم» ويمكن أن نرى ذلك واضحًا فى المحاضرات التى تُعقد فى مجلسه منذ أعوام، حيث يحتل فيها العلم والتطبيقات التكنولوجية موقعاً بارزًا، وبقدر ما نجد فيها مناقشات لقضايا فكرية، سنلحظ حضورًا لقضايا الطب والكيمياء والفيزياء والهندسة الحيوية والطاقة المتجددة وعلوم الحاسوب والذكاء الاصطناعى .. وهذا التصور يُعيد الثقافة إلى جوهرها الحقيقي، الذى يشمل شتى مجالات المعرفة والوعي، ولا يقتصر على الإبداع الأدبى والفنى فحسب على النحو النمطى الشائع، الذى تجاوزته تطورات العلم وإنجازاته الهائلة، وتشابك مختلف قضايا الحياة ومعارفها واتساع آفاقها الرحبة لتتجاوز حدود الأزمان والأمكنة والثقافات.

هكذا خاض الشيخ محمد بن زايد مسيرته، ومازال يواصل ترسيخ الانطلاقة الثالثة لتجربة دولة الإمارات الملهمة، التى تحولت بفضل رؤيته وعزيمته إلى مركز ثقل حقيقى لصناعة القرارات المصيرية وإطلاق المبادرات تجاه كل التحديات التى شهدتها المنطقة والعالم خلال العقود الماضية، وتحفل المسيرة بالمواقف التاريخية التى صبت فى مصلحة تعزيز التعاون والتضامن مع الدول الشقيقة والصديقة والوقوف بجانبها، كما لم يتوان عن دعم الاستقرار الإقليمى والتصدى لكل التحديات، التى تمسّ أمن المنطقة وفى مقدمتها الإرهاب والتطرف، ودولياً فقد كان ومازال قابضًا على زمام المبادرات الشجاعة لمحاصرة الصراعات الدولية، والسعى لعقد مصالحات جادة وتفاهمات عميقة، لترسيخ السلام العالمي، وحفظ حياة الإنسان وصون كرامته.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: